الصفحة 28
صالحاً له: فإن كان الخروج منه ممّا يُعدّ فصلاً طويلاً بطلت إن كان الوقت واسعاً ولو بركعة، وإن ضاق عنها أتمّها خارجاً مومئاً ; ليكون جامعاً بين الحقّين.

الثانية: لو ذكرَ في أثناء اُخرى فرضاً أو نفلاً وتطاول الفصل صحّت الثانية، وأعاد الاُولى بعدها أداءً في الوقت، وإلاّ قضى الثانية. وإن لم يطل أتمّ الاُولى وبطلت الثانية، ويحتمل أن يبني الثانية على الاُولى، فينوي بما أتى به منها أنّه تمام الاُولى. والوجه المنع ; لإتيانه في الثانية بركنين مغايرين لهيئة الصلاة، فلا يصلح أن يكون تماماً.

الثالثة: لو سها عن سجدتي الرابعة ولم يذكر حتى سلّم وتكلّم: فإن طال الفصل عُرفاً بطلت، وإلاّ فأقوى الاحتمالات السجود واعادة التشهّد والتسليم وسجود السهو، وليس كذلك السجدة الواحدة ; للفرق بين الركن وجزئه في الحكم.

الصورة الثانية:

لو زادَ على العدد الواجب ركعة سهواً، كما لو صلّى الظهر خمساً: فإن لم يجلس عقيب الرابعة، أو جلس دون زمان التشهّد بطلت إجماعاً. وإن جلس بقدره قال الشيخ والمرتضى يُعيد(1) ; لأنّ زيادة ركن من ركعة مُبطل، فزيادة الركعة المشتملة على ركنين مُبطل بطريق أولى.

والوجه الصحة ; لأنّ نسيان التشهّد غير مُبطل، فإذا جلس بقدره يكون قد فصل به بين الفرض والزيادة، ولما رواه زرارة بن أعين في

____________

1- المبسوط 1: 121، الناصريات (ضمن الجوامع الفقهية): 236.


الصفحة 29
الصحيح عن الباقر (عليه السلام): في رجل صلّى الظهر خمساً قال: " إن كان جلس في الرابعة بقدر التشهّد فقد تمّت صلاته "(1).

ومثله في رواية جميل بن درّاج عن الصادق (عليه السلام)(2).

ولما رواه محمّد بن مسلم عن الصادق (عليه السلام) قال: سألته عن رجل صلّى الظهر خمساً فقال: " إن كان جلس في الرابعة فليجعل أربعَ ركعات منها للظهر، ويضيف إلى الخامسة ركعة لتكون نافلة "(3).

ومثله في روايته عن الباقر (عليه السلام)(4).

فحينئذ يجب عليه قضاء التشهّد والسجود له، وكذا الحكم لو ذكرها بعد السجود قبل التسليم، أو ذكرها قبل الركوع مُطلقاً ; لأنّه لم يأتِ بركن مغيّر لهيئة الصلاة، فيجلس ويتمّ.

أمّا لو ذكرها بين الركوع والسجود فاشكال ينشأ: من جوازها بعد إكمال الركعة، فبعد بعضها أولى، ومن حيث تلبّسه من الخامسة بمعظم أركانها، ولم يرد النصّ إلاّ بعد إكمالها، فيبقى ما عداه على أصل المنع.

____________

1- التهذيب 2: 149 حديث 766، الاستبصار 1: 377 حديث 1431، وسائل الشيعة 8: 232 باب 19 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث 4.

2- الفقيه 1: 229 حديث 1016، وسائل الشيعة 8: 232 ـ 233 باب 19 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث 6.

3- كذا وردت في الرواية ناقصة في كافة النسخ الخطيّة، وتمامها في الفقيه 1: 229 حديث 1017، ووسائل الشيعة 8: 233 باب 19 من أبواب الخل الواقع في الصلاة حديث 7 " إن كان لا يدري جلس في الرابعة أم لم يجلس فليجعل أربع ركعات منها الظهر ويجلس ويتشهد ثم يّصلي وهو جالس ركعتين وأربع سجدات فيضيفهما إلى الخامسة فتكون نافلة ".

4- التهذيب 2: 194 حديث 765، الاستبصار 1: 377 حديث 1430، وسائل الشيعة 8: 232 باب 19 من أبواب الخل الواقع في الصلاة حديث 7.


الصفحة 30

تفريع:

الأقوى عند أصحابنا تعدية الحكم إلى غير هذه الصلاة من الرباعيّات ; لاشتراكهما في العلّة المنصوص عليها. وكذا في بقيّة اليوميّة على رأي طرد العلّة في سائر أقسام معلولها. وحينئذ هل يتعدّى الحكم إلى السادسة؟ فيه نظر، وعلى التقديرين هل ينسحب إلى القضاء وإلى غير اليوميّة؟ فيه نظر.

الصورة الثالثة:

إذا شكّ في الركوع وهو قائم وجبَ أن يركع ; لأنّه في محلّه، فإن ذَكَرَ في حال ركوعه أنّ قيامه عن ركوع قال الشيخ: يُرسل نفسه إلى السجود ولا يرفع رأسه، فإن رفعه بطلت(1).

والحقُّ البطلان مطلقاً ; للزيادة المُبطلة، لأنّ الركوع عبارة عن الانحناء بنيّة الركوع فقط(2)، ورفع الرأس أمر زائد عليه.

أمّا لو عكسنا الفرض فظنّ أنّه ركع أو نسيه فهوى ليسجد، فلمّا بلغ حدّ الراكع ذَكَرَ أنّه لم يركع، لم يجز أن يجعله ركوعاً ; لأنّه قصد به غيره، والقصد به إليه شرط في الصحة هنا وفي البطلان في المتقدّمة، فيقوم ثم يركع ويُغتفر ذلك الهوي ويسجد له.

____________

1- المبسوط 1: 122، النهاية: 92.

2- فقط: لم ترد في " ش1 " و" ش3 ".


الصفحة 31

الصورة الرابعة:

لو صلّى الاُولى مُتيقّناً للطهارة شاكّاً في نقيضها، وصلّى اُختها بطهارة ثانية عن حدث، ثم تيقّن أنّه صلّى الاُولى وهو مُحدث، صحّت الثانية وأتى بالاُولى أداءً إن كان الوقت باق، وكذا لو صلاّهما وذَكَرَ أنّه صلّى الاُولى خمساً ولم يكن جلسَ بعد الرابعة بقدر التشهّد.

الصورة الخامسة:

لو قدّم المتأخّر من الصلاتين على الاُولى ظانّاً أنّه صلاّها، فإن ذكَرَ ولو قبل التسليم عدل بنيّته إليها مُطلقاً، وإن ذَكَرَ بعده وكان في المُختص بالاُولى أعادهما مُرتّباً، وإن كان في المختص بها وقعت موقعها ولا عدول مُطلقاً وقضى المرتّبة، وإن كان بينهما صحّت الثانية، ثم إن كان قد بقي من الوقت مقدار خمس وهو حاضر، أو ثلاث وهو مسافر صلّى الاُولى أداءً، والاُخرى(1) قضاء، وهل يتعيّن عليه قضاؤها قبل خروج الوقت أو يجوز التأخّر؟ إشكال.

وعلى القول بالمبادرة هل يترتّب عليه القضاء لو كان؟ فيه تردّد. وهل يُعتبر وقت الاختصاص، وتقدير الخمس(2) والثلاث بأخفّ صلاة تكون، أو يُحال على حال هذا المصلّي؟ فيه نظر. وهل يُلحق الناسي بالظانّ هنا؟ فيه وجهان.

ولو صلّى أكثر الثانية في المُختص وأقلّها في المشترك صحّت،

____________

1- في "ش2" و"ش4": وإلاّ.

2- في " ش1 " و" ش3 ": ويُقدّر للخمس.


الصفحة 32
ولو عكسنا الفرض، فصلّى الاُولى في المُختص بالثانية ساهياً عدل إليها وقضى الاُولى، وإن ذكر بعد الفراغ من الاُولى بطلت وقضاهما. والبحث في العشاءين كذلك، إلاّ أنّ العدول يفوت بركوع الرابعة لا قبله.

الصورة السادسة:

لو ظنّ اتّساع الوقت للخمس فأتى بالاُولى، ثم ظهر كذب الظن بعد الفراغ، صحّت المأتي بها وإن كان قد أوقعها بالمُختص بالثانية وقضى المتأخّرة. أمّا لو ظنّ أنّه لم يبق عن الغروب إلاّ مقدار أربع فاشتغل بالعصر، فقبل التسليم تبيّن له السعة لأربع اُخرى، عدل بنيّته إلى الظهر ثم أتى بالعصر ; لأنّه في وقتها. وإن تبيّن له السعة للأربع بعد الفراغ من العصر صحّت وأتى بالظهر قضاءً. وإن اتّسع لخمس أتى بهما أداء، وبالعكس.

ومن هذا لو ظنّ بقاء الوقت للصلاتين، فبعد دخوله في الاُولى تيقّن خروج الوقت قبل التسليم أو قبل الركعة، وجب أن يعدل إلى المتأخّرة ; لاختصاصها بهذا الوقت، وإن تبيّن له ذلك بعد الفراغ صحّت وقضى المتأخّرة لا غير.

فائدة:

العدول واجب، ومعناه نقل أفعال الثانية وأذكارها إلى المعدول إليها بنيّة معتبرة، ولا يجوز أن يفعل شيئاً قبل العدول فتبطل صلاته.


الصفحة 33

القسم الثاني: في الشكّ


وحدّه سلب الاعتقادين عن اثبات فعلِ شيء أو تركه، والنظر في مقدّماته، وسببه، وأحكامه، وبيانه في فصول:

الأوّل
في المقدّمات وهي ثلاث:

الاُولى:

الشكّ في العدد إنّما يتحقّق في الرباعيّات بعد إكمال سجدتي الثانية منها، فلو شكّ في عدد الثنائيّة أو الثلاثيّة أو الاُوليين من الرباعيّة مُطلقاً، أو لم يدرِ كم صلّى بطلت ; لأنّ الصلاة في الذمّة بيقين، فلا يبرأ منها إلاّ بتعيّن مثله، أمّا الاجزاء من هذه المواضع فانّه غير مبطل، خلافاً للشيخين(1).

تنبيه:

لا يظنّ أنّ تيقّن الشكّ في عدد الثنائيّة أو الثلاثيّة يبطل بالحال، بل لو شكّ في عدد إحداهما ثم ذَكَرَ أو غلب على ظنّه قبل فعل المُبطل أنّه صلّى ركعة، أتمّهما.

ويجوز أن يتذكّر في طرفي شكه ما لم يطل الزمان، ويرجع فيه إلى العرف.

المقدّمة الثانية:

في قاعدة كليّة يجب العمل بها في كلّ شكّ يرد عليك في هذا الباب، وهي: أنّ كلّ شاك في فعل من أفعال الصلاة، ركناً

____________

1- المقنعة: 145، المبسوط 1: 121، النهاية: 90.


الصفحة 34
كان أو غيره، فإن كان في موضعه أتى به إجماعاً ; لأصالة عدم الاتيان به.

وإن انتقل عنه مضى ; بناءً على أصالة عدم الاخلال به بعد تجاوزه، إذ الظاهر من حال المكلّف عدم الانصراف عن شيء إلاّ بعد استيفائه، إلاّ في النادر، كمن شكّ في النيّة وقد كبّر، أو فيه وقد قرأ، أو في القراءة وقد ركع، أو فيه وقد سجد، أو في السجدتين وقد ركع. أمّا قبل الركوع فالواجب العود إليهما ; لأنّ القيام في تلك الركعة ليس بركن، فلا يقال: إنّه دخل في آخر، بل قيامه داخل تحت ركن السجود.

أمّا السجدة الواحدة والتشّهد، فإنْ لم يستوف قيامه عادَ إليه إجماعاً ; لأنّه حالة الجلوس، وإن دخل في القراءة مضى. وكذا قبل القراءة بعد استيفاء القيام على تردّد.

ولو شكّ في القراءة بعد شروعه في القنوت تداركها وأبعاضها، وفي تدارك السجدة الواحدة بعد شروعه في التشهّد اشكال.

فروع:

الأوّل: لو شكّ في إيقاع النيّة:

فإن كان في المحل أعاد، بناءً على أصالة العدم، وإن انتقل عنه مضى ; بناءً على صحة أفعال المكلّف بعد الانصراف عنها. أمّا لو تيقّن أنّه نوى لكنّه شك هل نوى ظهراً أو عصراً أو نفلاً أو فرضاً أداء أو قضاء، فان كان في محلّها جدّدها أيضاً، وإن انتقل قال الشيخ: استأنف الصلاة(1)، وهو حقّ ان لم يعلم ماذا قام لأجله ; لعدم الأولّوية بأحد وجهي ما شكّ فيه إلاّ بمرجّح، وإن علم أنّه قام لأحدهما بنى

____________

1- المبسوط 1: 122.


الصفحة 35
عليه لرجحانه.

الثاني:

لو هوى إلى السجود ولمّا يسجد، ثم شكّ في رفع رأسه من الركوع، قال الشيخ: لا يلتفت ; لانتقاله إلى حالة اُخرى(1). والوجه العود إليه ; لأنّه في محلّه، بخلاف الطُمأنينة فيه، فإن ذكر بعد العود إليه أنّه كان قد رفع منه صحت ويسجد له(2).

الثالث:

قد بيّنا أنّه لو شكّ في سجدة، أو في التشهّد بعد دخوله في القراءة لم يلتفت، فإن شكّ حينئذ ورجع عامداً بطلت صلاته بنفس الجلوس ; لأنّه فعل منهي عنه، والنهي في العبادة يقتضي الفساد. وإن كان ساهياً لم تبطل، وهل يجب أن يأتي بما شكّ فيه لتحقّق كونه في محلّه؟ نظر، أقربه المنع ويسجد له.

أمّا لو جلس ساهياً فتجدّد له بعد جلوسه الشكّ في ذلك، احتمل هنا أن يأتي به ; للفرق بينهما، لأنّ ذلك أمر بعدم العود وهو فرضه، فإذا أعاد ساهياً لم يتغيّر ذلك الفرض عن حكمه، وفي الوجه الثاني يشبه ما لو شكّ في السجدة قبل قيامه، فيصير كما لو شكّ في محلّه. أمّا لو عاد جاهلاً بتحريم العود فكالعامد ; لتقصيره بترك التعلم، فإن تيقّن الخلل بعد جلوسه ساهياً: فإن كان قبل الركوع أتى به، وإن كان بعده استمر على حاله.

الرابع:

لو قال: لا أدري قيامي هذا عن ركوع ركعة معيّنة أو عن سجودها، بنى على أنّه بعد ركوعها ; لأنّه المتيقّن وما زاد مشكوك فيه، ثم يسجد ويتمّ. فإن ذَكَرَ قبل أن يسجد أنّ قيامه عن سجود نهض مُتمّاً

____________

1- المبسوط 1: 121.

2- في " ش1 " و" ش3 ": لزيادة الرفع.


الصفحة 36
ويسجد له، وإن ذَكَرَ بعد السجود بطلت ; لزيادة ركن عقيب مثله، وإن كان بعد سجدة فالأقرب الصحة ويسجد للسهو.

أمّا لو وقع له هذا الشكّ من ركعتين، كما لو قال: لا أدري قيامي هذا من ركوعِ الثالثة أو سجود الرابعة أو بالعكس، فإنّه يبني على الثالثة ; لترتّبها على الرابعة، فيتمّها ويأتي بما بقي عليه، ولا احتياط هنا. ويُحتمل أنّه كالشك بين الثلاث والأربع فيكون حكمه حكمه، فإن كان للثانية مدخل في هذا الشكّ أعاد في الفرض الأوّل دون فرض العكس.

الخامس:

لو شكّ بعد قيامه من التشهّد هل كان تشهّده بعد الاُولى أو الثانية، فإن رجّح أحد الطرفين ظنّاً عملَ بمقتضاه، وإن تساويا بطلت، سواء شرع في القراءة أو لا ; لأنّه شكّ في الاُوليين. أمّا لو حصل له هذا الشكّ بعد جلوسه في الرابعة فإنّه يكون كالشكّ بين الثلاث والأربع، فيحتاط بما يحتاطه به ويقضي التشهد.

السادس:

لو تيقّن المانع وشكّ في الرافع، ثم ذَكَرَ في الأثناء أو بعد الفراغ حصول الثاني، أعاد على الأصح ; لأنّه دخل فيها مع الشكّ المنهي عنه.

السابع:

لو وجب عليه المرغمتان وشكّ هل أتى بهما أو لا، وجب أن يسجد ; لأصالة العدم. ولو شكّ هل أتى بهما أو باحداهما تخيّر في البناء على اليقين، أو البناء على الشكّ ; لقوله (عليه السلام): " لا سهو في سهو "(1).

____________

1- الكافي 3: 358 حديث 5، الفقيه 1: 231 حديث 1028، التهذيب 3: 54 حديث 187، وسائل الشيعة 8: 243 باب 25 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث 2 و 3.


الصفحة 37

الثامن:

لو شكّ في عدد الكسوف أعاد، وفي ركوعاته يبني على الأقل ; لأصالة عدم الزائد، وفي سجوده يرجع ما لم يقم أو يسلّم، ويحتمل ما لم يقرأ.

التاسع:

الشكّ في القصد إلى سورة كالشكّ في أصلها، فلو قرأ سورةً وشكّ في قصده إليها أعادها أو غيرها ما لم يركع ; بناءً على القاعدة الكليّة التي قدّمناها.

العاشر:

لو قصد إلى سورة فقرأ بعضها، ثم شكّ في الحمد فافتتحها، ثم ذَكَرَ أنّه كان قد قرأها، جاز أن يقرأ من حيث قطع من السورة ويسجد للزيادة، وفي جواز إعادتها من أوّلها احتمال.

الحادي عشر:

لو عجزَ فصلّى من جلوس فقرأ للثالثة، ثمّ شكّ في التشهّد، احتمل التدارك ; لسقوط اعتبار القيام في هذه الصلاة، فهو شكّ في محلّه، ويُحتمل المنع ; لأنّ الجلوس في هذه الركعة بمثابة القيام في غيرها، فهو شكّ في شيء بعد تجاوزه.

المقدّمة الثالثة:

إذا حصل الشكّ في الزائد على الاثنين من الرباعيّات، فإن غلب على ظنّه أحد طرفي ما شكّ فيه بنى عليه ; لأنّ أحكام الخلل منوطة به، لقيامه مقام العلم. ولا يجوز العدول إلى طرف الوهم ; لأنّه مرجوح بالنسبة إلى الاُولى، فالعدول عن الراجح إلى المرجوحُ مبطل، وإن تساويا أو كان محضاً، بنى على الأكثر، واحتاط بعد التسليم بما شكّ فيه.


الصفحة 38

الفصل الثاني
في السبب الموجب له، ومسائله سبع:

الاُولى:

بين الاثنتين والثلاث، فيصح جالساً بعد السجود، فيبني على الأكثر ويتمّها باُخرى ويحتاط قائماً بركعة أو بركعتين جالساً.

الثانية:

بين الاثنتين والأربع، فيصح جالساً بعد السجود، فيبني على الأكثر ويتّم ويحتاط بركعتين قائماً.

الثالثة:

بين الثلاث والأربع مُطلقاً، فيبني على الأكثر، فإن كان قائماً قرأ أو سبّح وأكمل، وإن كان في أثنائها أتمّها وأكمل، وإن كان رافعاً أو راكعاً أو ساجداً أتمّ ركعته، ويحتاط في هذه إمّا بركعة أو بركعتين.

الرابعة:

بين الاثنتين والثلاث والأربع جالساً بعد السجود، فيبني على الأكثر ويتمّ ويحتاط بركعتين قائماً ومثلهما جالساً مُخيّراً في التقديم، ويجوز ثلاثاً من قيام بتسليمتين ; لأنّ الاحتياط يقع عوض الفائت من الصلاة وهو من قيام فكذا هنا.

فائدة:

البناء المشار إليه هنا هو ترجيح الأكثر في نفسه، فإنْ فعل شيئاً من صلاته قبل البناء على الأكثر بطلت صلاته.

الخامسة:

بين الأربع والخمس قبل الركوع، فيبني على الأقل ويهدم ويتمّ، ويحتاط بركعة أو ركعتين ويسجد له، وجالساً بعد السجود يبني كالأوّل ويتمّ ويسجد له لا غير ; لاحتمال الزيادة. أمّا لو كان راكعاً أو ساجداً أو بينهما بطلت ; للتردّد بين محذورين، إذ مع الأمر بالإتمام تحتمل الزيادة

الصفحة 39
المُبطلة، وبعدمه يحتمل النقصان المُبطل.

السادسة:

الشكّ بين الثلاث والخمس مُبطل في جميع حالاته، إلاّ قائماً قبل الركوع فيجلس ويتمّ ويحتاط بركعتين من قيام ويسجد له.

السابعة:

بين الثلاث والأربع والخمس قبل الركوع، يبني على الأربع ثمّ يهدم ويتمّ، ويحتاط بركعتين جالساً ومثلهما قائماً، أو بثلاث من قيام ويسجد له. وفي صحتها بعد السجود قولان: أحدهما الصحة كالأربع والخمس، والآخر البطلان أخذاً بالاحتياط، وللفرق. ولا خلاف في بطلانها في غير هذين الصورتين.

وأمّا الشّك بين الاثنتين والخمس، أو بين الاثنتين والثلاث والخمس، أو بين الاثنتين والأربع والخمس فمبُطل مُطلقاً.

ضابطه:

لا تجب المرغمتان بشيء من الشكّ، إلاّ للشكّ بين التمام والزيادة كما مرّ.

فروع:

الأوّل: الشكّ بين الاثنتين والثلاث جالساً لا يجوز فيه التشهّد ولا القيام حتى يغلب على ظنّة أحدهما، أو يبني على الأكثر إن لم يكن ; لأنّه قبل ذلك متحيّر لا قصد له. أمّا لو حصل له ذلك في الثلاثيّة ولم يغلب عنده أحد الوجهين فلم يبطلها وتمّم الصلاة، ثم يتقّن أنّه ما أتى به صحيح، فأقوى الاحتمالين البطلان ما لم يتمسّك بظنّ راجح قبل استمراره.


الصفحة 40
الثاني: لو شكّ بين الاثنتين والثلاث جالساً وغلب على ظنّه الأكثر، فقام إلى الرابعة فعاد شكّه الأولّ وقال: لا أدري كان جلوس ذلك لثانية أو لثالثة، وتساوى ظنّاه، فإنّه يبني على أنّه لثالثة ويتمّ الرابعة ويحتاط.

وإن كان شكّه الأوّل وهو غير جالس بطلت ; لأنّ هذا الشكّ مُقرّر للشكّ الأوّل وكاشف عنه، وهو قد حصل منه قبل إكمال الاُوليين. أمّا لو لم يعد شكّة الأوّل، لكنّه بعد قيامه إلى الرابعة غلب على ظنّه عكس ظنّه الأوّل وكان راجحاً عنده، فإنّه يعمل بالأخير ; لطريانه على الأوّل، فيجعل قيامه ذلك للثالثة.

وإن كان شكّه الأوّل وهو قائم، فغلب على ظنّه الثلاث فسبّح، ثم غلب عنده العكس راجحاً، فإنّه يعمل بالراجح ويقرأ للثانية ويتم. ولو كان الثاني غير راجح تساقطا لا إلى بدل، وصحّت إن كان جالساً، وإلاّ فلا.

الثالث: لو شكّ بين الثلاث والأربع، فغلب على ظنّه الثلاث فأتى بالرابعة، فلمّا سلّم تيقّن أو غلب على ظنّه ظناً، نَسَخَ به الأوّل إن كان شكّه على أربع، فإن كان جلس حالة شكه بقدر التشهّد صحّت، وإلاّ فلا ; للزيادة المُبطلة، وكذا الحكم لو حصل ذلك قبل التسليم.

الرابع: لو شكّ بين الاثنتين والثلاث في موضع يصح فيه، فبنى على الأكثر، وقام ليأتي بتمامها، فشكّ بين الثلاث والأربع، بنى على الأكثر وتمّم وأتى بالاحتياطين ; لحصول موجبهما. ويُحتمل قويّاً احتياط واحد إذ به يحصل الإكمال، فإن شكّ بعد بنائه على الرابعة بين التمام والزائد بنى على الاقل وأكمل وأتى باحتياطهما ; لأصالة عدم التداخل، وسجد للأخير، وفي بلوغه حدّ الكثرة نظر.

الخامس: المصلّي في أحدِ أماكن التخيير إذا شكّ بين الاثنتين

الصفحة 41
والأربع جالساً لم يجب عليه الاحتياط مطلقاً، أمّا لو شكّ بين الاثنتين والثلاث وقد اختار الأكثر فإنّه يحتاط كغيره، وان اختار الأقل قيل: بطلت، وفيه نظر. فإن شكّ في الاثناء هل نوى الاتمام أو لا، فإن تجاوز محلّ التقصير أتمّها أربعاً تغليباً لجانب المأتي به ; لجواز وقوعه عن قصد منه، فلا يُعارضه الشكّ الحاصل بعده، وإن لم يتجاوزه يتخيّر ; لجوازه ابتداءً فكذا الاستدامة.

السادس: لو شكّ المسافر في الأثناء هل كان نوى الاقامة أم لا، لزم التقصير ; لأصالته، فوجب استصحاب حكمه.

السابع: الشاكّ بين الأربع والخمس قائماً إذا هدم تلك الركعة وذَكَرَ حال جلوسه قبل التسليم أنّه نسى سجدةً من الركعة الواقعة قبل المهدوم وجب عليه تلافيها اجماعاً، وإن لم يدرِ مِنْ أي الركعات هي أو كان شاكاً ففي وجوب تداركها والحال هذه وجهان.

الثامن: إذا حصل الشكّ في موضع يجب به الاحتياط لم يجز له ابطال الصلاة ; لأنّها أفضل الأعمال، وابطالها منهي عنه للآية(1)، فإن فعله أثم وبرئ من الاحتياط.

ضابطة:

كلّ مَن أتى في صلاته بما لم يشرع مُعتقداً وجوبه أو ندبيّته فقد أبطل صلاته، فعلاً كان أو ذكراً ; لأنّه أدخل في صلاته ما ليس منها فيكون مردوداً، وإن لم يعتقد أحدهما فكذلك، وفيه قول(2) بالتفصيل قوي.

____________

1- محمّد: 33.

2- في " ش1 " و" ش3 ": وجه.


الصفحة 42

الفصل الثالث
في الأحكام، وفيه بحثان:

الأوّل: في كيفيّة الاحتياط، وفيه مسائل:

الاُولى: إنّما يجب الاحتياط بعد الاكمال ; لأنّه في معرض الزيادة.

الثانية: يجب في الاحتياط والنيّة والتكبيرة والأداء في الوقت والقضاء بعده، وقراءة الفاتحة خاصّة على الأقوى إخفاتاً. ونيّته: اُصلّي ركعة قائماً مثلاً احتياطاً في صلاتي هذه أو صلاة الظهر مثلاً أداءً لوجوبها قربة إلى الله، ولو كان احتياط فائتة نوى احتياطها ولا يتعرّض للقضاء.

الثالثة: إذا أحدث قبل الاحتياط قيل: بطلت الصلاة وسقط الاحتياط ; لقيامها مقام ركعة من الصلاة. والمختار الصحة ; لأنّها صلاة منفردة، ولا يلزم من كونها بدلاً للصلاة مساواتها لها في كلّ الأحكام.

الرابعة: يجب ايقاعه في الوقت، فإن أهمل حتى خرج بنى على القولين في تخلّل الحدث، والوجه الصحة وإن أثم، وإن كان سهواً قضاه ولا أثم.

فائدة:

لو غلب على ظنّه وهو قائم أنّه لم يركع، ثم غلب على ظنّه أنّه كان قد ركع، فإن رجّح أحد الظنّين على الآخر بأن نسخه وقوي عنده، عمل عليه ; لأنّ غلبة الظنّ كالعلم هنا، وإن تساويا من غير رجحان تعارضا، وبقي العمل بالأصل وهو عدم الوقوع(1).

____________

1- وهو عدم الوقوع: لم ترد في " ش2 " و" ش4 ".


الصفحة 43

فروع:

الأوّل: لو ذَكَرَ قبل الاحتياط النقصانَ: فإن أحدث أو طال الفصل عُرفاً أعاد، وإلاّ أتى بالنقيصة وأكمل صلاته وسجد له، وإن ذكره بعده لم يلتفت مُطلقاً ; لامتثاله ما أمر به على وجهه، فيخرج به عن عهدة التكليف. وإن كان في أثنائه أعاد ; لأنّه ذَكَرَ النقصان بعد فعل كثير قبل خروجه من العهدة.

أمّا لو ذَكَرَ التمامَ: فإن كان قبله سقط، وبعده تُكتب له نافلة، وفي أثنائه يتخيّر بين ابطاله واتمامه نافلة إن لم يكن مشغولاً.

الثاني: لو أعادَ صلاته مَنْ وجب عليه الاحتياط لم تصح ; لأنّه غير المأمور به، فلا يخرج عن العهدة به.

الثالث: إذا تيقّن بعد الصلاة أنّه نسي سجدتين، لكنّه شكّ هل هما من ركعة أو ركعتين أعاد ; لأنّ احتمال كونهما من ركعتين معارض بكونهما من ركعة ولا ترجيح، فلا وسيلة إلى البراءة إلاّ بالاعادة.

الرابع: لو وجب في الظهر ركعة الاحتياط، وقد بقي عن وقت الغروب مقدار ركعة، بدأ بالعصر وجوباً، ثم أتى بالاحتياط قضاءً، ولو بقي مقدار ركعتين بدأ بالاحتياط، فإن خالف أثم، وفي صحته تردّد.

الخامس: الشكّ بين الاثنتين والثلاث والأربع إذا بدأ بالركعتين من جلوس ثم ذكر أنّ صلاته ثلاث صحّت ; لأنّه قد أتى بما هو تمامها فسقط عنه الباقي، وإن ذكر أنّها اثنتان بطلت ; لأنّه ذكر النقصان قبل فعل الجبران.

ولو بدأ بالركعتين من قيام وذَكَرَ أنّهما اثنتان صحّت ; لما قلناه. وأين ذَكَرَ أنّها ثلاث بطلت ; لظهور الزيادة المُبطلة. ولو صلّى الاحتياطين لكن

الصفحة 44
بدأ بالركعتين من قيام وذكر انّها اثنتان صحّت، وكان الآخر نافلة، وإن ذكر أنّها ثلاث بطلت للزيادة، وينعكس الحكم مع انعكاس الفرض.

ولو بدأ بالركعتين مِنْ قيام، ثم أتى بركعة من اللتين من جلوس، ثم ذَكَرَ أنّها ركعتان بطلت ; لزيادة ركعة على الواجب، ولو بدأ بالركعتين من جلوس ثم صلّى ركعة من الاُخرى، وذَكَرَ قبل القيام إلى الثانية أنّ صلاته ثلاث بطلت ; لما قلناه.

ولو بدأ بالركعتين من قيام فصلّى منهما ركعة، ثم ذكر وهو جالس فيها أنّ صلاته كانت ثلاثاً احتمل الصحة ; لأنّه قد أتى بما هو تمامها، فيتشهّد ويسلم. والمُعتمد البطلان ; لأنّ التشهّد جزء من الجبران ولم يأتِ به.

السادس: لو شكّ بعد التسليم في العدد لم يلتفت ; لأنّ الشكّ فيه إنّما يؤثّر في الأثناء.

البحث الثاني: في اللواحق، وفيه مسائل:

الاُولى:

لا سهو على مَنْ كَثرَ سهوه، فله البناء على وقوع ما شكّ فيه تخفيفاً عنه، ولما في تداركه من حرج المنفي، ولقول الباقر (عليه السلام): " إذا كثر عليك السهو فامضِ في صلاتك، فإنّه يوشك أن يدعك إنّما هو من(1) الشيطان "(2).

____________

1- من: لم ترد في "ش2".

2- الكافي 3: 359 حديث 8 باب: من شك في صلاته كلّها...، الفقيه 1: 224 حديث 989. التهذيب 2: 343 حديث 1424، وسائل الشيعة 8: 227 ـ 228 الباب 16 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث 1.


الصفحة 45
وله أن يغلب على الطرف الآخر ويبني عليه ويتمّ صلاته، ما لم يحصل له هناك مُرجّح من علم أو ما يقوم مقامه.

واختلف في الكثرة، فقيل: هو أن يسهو ثلاثاً في فريضة، وقيل: أن يسهو في أكثر الخمس متوالياً. والحقّ الرجوع إلى العُرف، سواء كان شكّه في العدد أو في الأجزاء في محالّها، وسواء كانت ثنائيّة أو غيرها. أمّا لو تجدّد لكثير الشكّ علم في الأثناء سقط هذا الحكم وعمل على علمه.

الثانية:

لا حكمَ للسهو في السهو، وهو أنْ يشكّ في جبران المشكوك فيه أو في أجزائه. وقيل: أنّ يشكّ في ما يُوجبه السهو، ولا بأس به.

الثالثة:

لا حكمَ لشكّ المأموم إذا حفظ عليه الإمام، بل يعوّل على صلاة الإمام وإنْ كان شكّه في العدد أو في الأجزاء ; لقول الرضا (عليه السلام): " الإمام يحفظ(1) أوهام مَنْ خلفه "(2). وكذا الإمام إذا نَبّهه المأموم عليه، ويجب عليه العمل باشارة المأموم ; لأنّه كالامارة المفُيدة لغلبة الظن.

أمّا لو سهيا معاً في ترك فعل غير مُبطل أو زيادته سجد له ; لوجوب السبب في حقّهما، وكذا في قضاء ما يجب قضاؤه. فإن سها أحدهما وذَكَرَ في محلّه أتى به، وإن تجاوزه وكان السّاهي الإمام عن ركن حتى دخلَ في آخر بطلت إن ذَكَرَهُ، وإن استمر سهوه فلا حرج عليه.

وفي قبول شهادة المأموم الواحد لو أخْبَرَ(3) بالنقيصة نظر، وصلاة

____________

1- كذا في النسخ الخطيّة، وفي الفقيه: يحمل، وفي التهذيب: يتحمّل.

2- الفقيه 1: 264 حديث 1205، التهذيب 3: 277 حديث 812، وسائل الشيعة 8: 240 الباب 24 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث 2.

3- لو أخْبَرَ: لم ترد في " ش1 " و" ش4 ".


الصفحة 46
المأموم صحيحة وإن لم يُتابعه فينفرد عنه حينئذ وجوباً ; لانقطاع رابطة الاقتداء بفعل نقيضها. وإن كان الساهي المأموم عن ركن بطلتْ، كما لو سها عن الركوع وذكره بعد سجوده مع الإمام، وإن كان عن غير ركن أو عنه لكن تداركه قبل الآخر اختصّ بالسجود.

وإن كان السّاهي الإمام نبّهه المأموم بتسبيح أو اشارة، ويجب عليه الرجوع ; لأنّه حفظ عليه كغلبة الظنّ له، وإن لم ينبّهه، أو نبّهه ولم يرجع وجب على المأموم الفعل أو الترك، ويسجد الإمام دون المأموم ; لانتفاء سببه عنه، ولا يجب عليه مفارقة إمامه والحال هذه ; لصحة صلاة الإمام.

الرابعة:

لو اشترك السهو بين الإمام والمأموم جاز أن يقتدى به فيهما، وأن ينفرد عنه. أمّا لو رأى إمامه قد سجدَ ولم يَعرف السبب وجب أن يسجد ; حملاً على أنّه قد سها وإن لم يعلم سهوه، وفي وجوب سؤاله عن السبب وجهان، أقربهما الوجوب.

الخامسة:

لو شكّ الإمام وخلفه اثنان أحدهما ظانّ الفعل والآخر نقيضه، فأشار كلّ منهما بمقتضى ظنّه، فإنْ أفادته اشارة أحدهما الظنّ عملَ به، وإلاّ احتمل العمل بأعدلهما، ويقوى التعويل على الأحكام الشرعيّة.

السادسة:

لو حفظَ على المصلّي عدلٌ منفرد، فإن أفاده الظنّ عملَ بقوله، وإلاّ عمل بالأحكام.

السابعة:

لو قام الإمام إلى الخامسة سهواً، فسبّح المأموم فلم يرجع، وجبَ أنّ ينوي المأموم الانفراد. ويُحتمل قويّاً جواز انتظاره جالساً مُسبّحاً باقياً على الإتمام به إلى أن يجلس للتشهّد فيتشهد معه ; لأنّ صلاة الإمام لا تَبطل بهذه الزيادة بالنسبة إليه، وصلاة المأموم صحيحة بالنسبة إليه ; لعدم اقتدائه به فيها. ويجب عليه إعلامه بها، وإن استمر الاشتباه أجزأه، وإن

الصفحة 47
تيقّنها ولم يكن جلس بعد الرابعة بقدر التشهّد بَطلتْ، وإلاّ صحّت، وصلاة المأموم سائغة على التقديرين.

ويتفرّع على هذه لو دخلَ مسبوق في ثانية الإمام ظنّاً أنّها الاُولى، فقام الإمام إلى الخامسة سهواً فاقتدى به فيها، حُسبت له رابعة ; تعويلاً على الظنّ السليم عن معارض، فإن أخبره عدلان بالزيادة انفرد عنه وجوباً ; تفصّياً من الخلل المفضي إلى البطلان لو بقي.

الثامنة:

لو شكّ المسبوق هل أتى بالركوع الكامل قبل رفع الإمام منه أو بعده، لم يكن مُدركاً للركعة ; لأصالة عدم الادراك. ويُحتمل الادراك ; لأصالة بقاء ما كان، والأوّل أولى ; لأنّ الشكّ في الشرط يستلزم الشك في المشروط.

التاسعة:

لو اشتركا في نسيان التشهّدِ أو سجدة وذكرا قبل الركوع رجعا إليه، فإن ذَكَرَ المأموم خاصة رجعَ، فإن ركعَ مع الإمام قبله بطلت صلاته ; لامتناع إجزاء المنهي عنه عن المأمور به، إذ الأمر بالشيء يستلزم النهي عن ضده، فإن رجعا بعد الركوع مُتعمّدين أعادا مُطلقاً، وإن كانا ساهيين وجلسا ثمّ ذكرا نهضا مُتميّن وجبراها، وإن أتيا بالمنسي فكذلك.

وفي إجزائه عن القضاء نظر، فإنْ رجع الإمام والحال هذه ساهياً وذَكَرَ المأموم، لم يُتابع الإمام عليه، واختصّ الإمام بالجبران دونه، ولا يجب عليه مفارقته حينئذ ; لأنّه رجوع غير مُبطل بالنظر إليه، ولو ركع المأموم قبل الإمام ظانّاً أنّه لم يخل، وذكر الإمام الخلل قبله وجبَ عليه تداركه.

ويجوز للمأموم المتابعة، فيحذف الزائد ويأتي بالفائت، ولا يُعدُّ ذلك زيادة ركن في الحقيقة ; لأنّ فعل المأموم تابع لفعل الإمام وهو واحد،

الصفحة 48
فكذا متابعته.

وله أنْ يستمر على حاله هذه إن نسي سبق ركوعه على ركوع الإمام لو ظنّ أنّ الإمام قد ركع لصوت قد(1) سمعه، وإن تعمّد السبق استمر على ركوعه حتى يلحقه الإمام فيه، ويقضي ذلك الجزء ويسجد له، فإن عاد إلى المتابعة بطلت ; للنص عليه، ويغتفر ذلك للناسي والظانّ للنصّ عليه.

فإن رفع منه قبله، فإن كان بنيّة الانفراد صحّت، وإلاّ فلا ; لأنّ السبق والتأخّر بفعلين متغايرين خروج عن المتابعة التي هي شرط في الصحة، وفي إلحاق الناسي والظانّ لو رفعا منه بالعامد احتمال.

العاشرة: شرط في الأجزاء المنسية النيّة، والطهارة، والاستقبال، والستر، والذِكْر، وعدم العلوّ بالمعتد. والضابط أنّه يجب فيها ما يجب في الصلاة حتى ردّ السّلام، فيبطلها ما يبطلها، ويجب الاداء في الوقت، فإنْ تركها مُتعمّداً حتى خرج قيل: بطلت ; لأنّ شرط الصلاة شرط في أجزائها، وفيه نظر.

ولو كان سهواً لم يبطل وقضاه، أمّا لو أحدث قبله فاشكال ينشأ: مِنْ أنّه جزء منها حقيقة، والصلاة تبطل بتخلّل الحدث بين أجزائها. ومِنْ أنّ الصلاة قد تمّت بالتسليم، فلا يؤثّر الحدث فيها بعد خروجه منها.

والنيّة: أسجد السجدّة المنسيّة، أو أتشهّد التشّهد المنسيّ، أو اُصلّي على النبيّ وآله المنسيتين في صلاتي هذه أو صلاة الظهر مثلاً، أداءً لوجوبها أو لوجوبه قربة إلى الله، ولا تشهّد فيها ولا تسليم.

____________

1- قد: لم ترد في " ش2 " و" ش3 ".


الصفحة 49

تتمّة:

لو سها عن السجدة المنسيّة حتى خرج الوقت أتى بها قضاءً، ويشترط في قضائها أن لا يكون عليه قضاء يوميّة ولا تشهّد ولا سجدة سابقة ; لوجوب الترتيب، وكذا القول في التشهّد. ولو فاتته سجدة من الثانية ونسي تشهدها، ترتّب السجدة عليه، وبالعكس لو تقدّم فواته عليها.

أمّا الاحتياط فيترتّب لو تعدّد بالنسبة إلى المجبورات أو المجبورة، ويترتّب على الفوائت اليوميّة، وبالعكس ; لاشتغال الذمة بالأوّل فالأوّل.

هذا ما حضر من البحث في هذه الرسالة، مع ما أنا عليه من قلّة البضاعة وكثرة الاضاعة، وقد ذكرتُ لك أيها الطالب المُسترشد اُصول هذين البابين وأكثر فروعهما، بعبارة تقرب إلى فهمك وتزيل عنك وهمك ; لأنّ جزئيات فروع الفقه لا تنحصر بِعَدٍّ ولا تنضبط بحَدٍّ ومحصلها ما ذكرناه.

وأنا أسأل الله تعالى العفو عمّا طغى به القلم، أو زلّت به القدم، إنّه وليّ المغفرة ومقيل العثرة. والحمد لله حقّ حمده، والصلاة على سيّد رُسلِه وآلهِ وأصحابه وسلّم تسليماً كثيراً كثيراً.