المقدّمة


الحمدُ لله ربّ العالمين، بارئ الخلائق أجمعين، والصلاة والسّلام على خير مدعوٍّ ومجيب، ورسول وحبيب، علم التقى، وبدر الدجى، محمّد المصطفى (صلى الله عليه وآله)، وعلى عترته أُولي الحجى وذوي النهى، والعروة الوثقى، وسفينة النجاة، التي أمن مَن ركبها، وغرق مَن تركها، وعلى صحبهم والتابعين لهم بإحسان، الحافظين للوديعة، ومَن أحبّوا الشريعة، واللعنة الدائمة على مَن نازعهم ونصب لهم.

وبعد،

تعرّفنا في ما مضى على عدّة جوانب من حياة المحقّق الكركي: الشخصيّة، والسياسيّة، والعلميّة، وآرائه وفوائده.

ففي البحث عن حياته الشخصيّة تحدّثنا عن اسمه، ومولده وموطنه، وأُسرته، وأخلاقه وسجاياه، وآثاره ومآثره، وكراماته، ومراحل حياته المختلفة، ثمّ مدحه وإطرائه، وأخيراً وفاته ومدفنه.

وفي حياته السياسيّة تعرّضنا لعدّة مواضيع لها صلة بالكركي وعصره: كالتصوّف والصوفيّة، وموقف العلماء من الحكّام، ونشوء الدولة الصفويّة وكيفيّة تعامل العلماء معها، ثمّ تحدّثنا بشكل مفصّل عن علاقة الكركي بهذه الدولة ابتداءً من تأسيسها حتّى سنة 940 هـ، حيث عاصر الكركي حاكمين من حكّامها هما الشاه إسماعيل وابنه الشاه طهماسب.


الصفحة 2
وفي حياته العلميّة سلّطنا الضوء على بعض المجالات التي كان للكركي دور فعّال فيها، فتحدّثنا عن عصره ومعاصريه، وأساتذته وشيوخه، والروايات التي حصل عليها والتي منحها، ومؤلّفاته، والكتب التي قرأها والتي قُرئت عليه، ومكانته العلميّة، ونشاطه العلميّ، والمحاورات والردود العلميّة التي جرت بينه وبين بعض الأعلام.

ثمّ أفردنا بحثاً مستقلاًّ وكاملاً لآرائه ونظريّاته المودعة في مؤلّفاته، والتي لم يُفرد لها تصنيفاً مستقلاً، حيث أجرينا عمليّة استقصاء كامل لكافّة مؤلّفاته، واستخرجنا منها هذه الآراء والنظريّات، وهي آراؤه الكلاميّة، والأُصوليّة، والرجاليّة، وفوائده التأريخيّة، وملاحظاته عن بعض المؤلّفات، وشواهده الشعريّة، والجداول والرسوم التي استعملها.

وفي نهاية كلّ بحث أفردنا فصلاً خاصّاً بعنوان " الملاحظات "، سجّلنا فيه الملابسات التي حصلت في حياته، والاشتباهات التي وقع فيها بعض المؤلّفين عند ترجمتهم للكركي.

والآن تعال معي عزيزي القارئ لنطلّ على جانب آخر من جوانب عظمة هذا الرجل، حيث نتعرّف على بعض آرائه ونظرياته التي استطاع أن يصهرها في بودقة التأليف عبر كتبه المختلفة من حيث مواضيعها وحجمها وأسباب تأليفها.

إنّ الوقوف على مؤلّفات المحقّق الكركي، ودراستها بشكل مفصّل ودقيق، يكشف لنا ـ من جانب ـ المستوى العلمي الذي تمتّع به هذا العالم، ومن جانب آخر يُظهر لنا المنزلة الاجتماعيّة الكبيرة التي كان يحتلّها آنذاك، ليس في أوساط الناس عموماً، بل حتّى عند كبار رجال الدولة، وعلى رأسهم الشاه إسماعيل وابنه الشاه طهماسب، وقد تعرّضنا لهذه النقاط بشكل مفصّل

الصفحة 3
في ما مضى من الكتاب عند حديثنا عن حياته.

والملاحظ أنّ مؤلّفات الكركي تنقسم إلى ثلاثة أقسام:

الأوّل:

الرسائل، والتي تتناول عادةً البحث عن موضوع معيّن، أو مسألة فقهيّة واحدة. وهذه الرسائل يختلف حجمها، فبعضها يقع في أربعين أو خمسين صفحة، والبعض الآخر يقع في عدّة صفحات.

الثاني:

الحواشي والشروح لبعض الكتب المعتمدة عندنا، كالشرائع والمختصر النافع للمحقّق الحلّي، والقواعد والإرشاد والمختلف للعلاّمة الحلّي، والألفيّة الشهيديّة.

الثالث:

جواب الأسئلة والاستفتاءات التي كانت ترد عليه من مختلف أنحاء العالم الإسلامي، وبمستويات مختلفة في التعبير، وقد قام بعض تلامذته وبعض العلماء القريبين من عصره بجمعها وترتيبها.

وقد استطعتُ بحمد الله تعالى وتوفيقه طيلة سنوات عديدة، أن أجمع وأُحقّق من مؤلّفات هذا العالم الجليل أربعة وخمسين مؤلّفاً، معتمداً على مائة وعشرين نسخة خطيّة موجودة في عدّة مكتبات في الجمهوريّة الإسلاميّة الإيرانيّة: قم المقدّسة، مشهد المقدّسة، طهران، همدان، يزد، خوانسار، أصفهان. وقد عانيت الكثير من المصاعب في جمع هذه النسخ الخطيّة، فإنّ الحصول على نسخة خطيّة واحدة من أقرب المكتبات إلينا في مدينة قم المقدّسة لا يخلو من مصاعب جمّة، فكيف بهذا الكمّ الهائل من النسخ الخطيّة.


الصفحة 4

منهجيّة التحقيق


اعتمدت في تحقيقي لهذه المجموعة من رسائل الكركي وحواشيه على طريقة واحدة، أُلخّصها بعدّة نقاط:

(1) اتّبعت طريقة التلفيق بين النسخ الخطيّة، وذلك لعدم عثوري على نُسخ الأصل التي كتبها الكركي بيده. نعم، بعض الرسائل عثرتُ لها على نُسخ مقروءة على الكركي، إلاّ أنّي لم أكتف بها وأضفتُ لها نُسخاً أُخرى.

(2) عند حصولي على عدّة نسخ خطيّة لإحدى هذه المؤلّفات، أقوم بمقابلة بعضها مع البعض الآخر، وإثبات الصحيح أو الأصح في المتن وما قابلهما في الهامش.

وعند عدم حصولي إلاّ على نسخة واحدة، فإنّي أجعلها الأصل في عملي، وأُشير في الهامش إلى ملاحظاتنا واستظهاراتنا عليها.

(3) استخراج كلّ ما يحتاج إلى تخريج من آيات قرآنيّة كريمة، وأحاديث شريفة، وأقوال العلماء في شتى العلوم، وشواهد شعريّة، وأماكن وبقاع. وحاولت قدر المستطاع أن أعتمد على المصادر الرئيسيّة في كافة الاستخراجات، إلاّ تلك المصادر المفقودة أساساً أو التي لم أُوفّق للحصول عليها، فقد استعنتُ في الحصول على أقوالها بواسطة مصادر أُخرى ميسّرة.

(4) لم أُترجم كافة الأعلام الّذين وردت أسماؤهم، بل ترجمتُ لبعضهم حسب الضرورة التي رأيتها.

(5) عند شروعي في تحقيق الحواشي والشروح وضعتُ متن الكتاب المشروح في أعلى كلّ صفحة، ويتلوه الشرح أو الحاشية التي كتبها الكركي.


الصفحة 5
ثمّ قمتُ بحذف المتن واكتفيت بالإشارة إليه ; رعاية للاختصار، وتلبيةً لاقتراح بعض الإخوة الأفاضل من المحقّقين.

(6) رتّبتُ الرسائل حسب مواضعيها، فوضعتُ أوّلاً الرسالة النجميّة التي جمع فيها الكركي بين علمي الكلام والفقه وأدرج فيها أيسر ما يجب على المكلّفين معرفته في الأُصول والفروع، ثمّ رسالة استنباط الأحكام التي تعبّر عن المنهج العلمي للكركي، ثمّ الرسائل الفقهيّة مرتّبة بترتيب كتب الفقه ابتداءً من الطهارة وانتهاءً بالقضاء، ثمّ الرسائل المتفرّقة وجوابات المسائل الفقهيّة التي وردت عليه.

(7) نظّمتُ فهارس فنيّة كاملة، تعميماً للفائدة واتّباعاً للمنهج الحديث في التحقيق.


وآخر دعوانا أن الحمدُ لله ربّ العالمين

محمّد الحسّون


الصفحة 6


خلاصة الإيجاز في
المتعة





الصفحة 7

الصفحة 8

بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين

الحمدُ لله أوّلاً وآخراً، والصلاة والسّلام على نبيّنا وحبيب قلوبنا أبي القاسم محمّد، وعلى آله الأطهار.

وبعد،

بين يديكَ عزيزي القارئ رسالة " خلاصة الإيجاز في المتعة " للمحقّق الكركي، وهي عبارة عن تلخيص لإحدى الرسائل الثلاث التي كتبها الشيخ المفيد في موضوع المتعة.

وبما أنّ هذه الرسالة قد حقّقها سابقاً زميلنا الفاضل المحقّق علي أكبر زماني نژاد، وطُبعت في المؤتمر العالمي للشيخ المفيد، الذي اُقيم في مدينة قم المقدّسة سنة 1413 هـ. لذلك فإننا وجدنا عدم الحاجة إلى إعادة تحقيقها، بل اكتفينا بمراجعتها وإجراء بعض التصحيحات عليها، وأدرجناها في مجموعتنا هذه تعميماً للفائدة واتماماً لعملنا الشامل لكافة مؤلّفات المحقّق الكركي.

وقد اعتمد الأخ زماني نژاد في تحقيقه لها على خمس نسخ خطيّة، هي:

(1) النسخة الخطيّة المحفوظة في مكتبة الإمام الرضا (عليه السلام) في مدينة قم المقدّسة ضمن المجموعة المرقّمة 14652، والمذكورة في الفهرس الألفبائي للمكتبة: 744، تأريخ كتابتها سنة 966 هـ، مخرومة الأوّل.

(2) النسخة الخطيّة المحفوظة في المكتبة المرعشيّة العامّة في مدينة

الصفحة 9
قم المقدّسة، ضمن المجموعة المرقّمة 3212، والمذكورة في فهرس مخطوطات المكتبة 9: 15، تأريخ كتابتها سنة 1097 هـ.

(3) النسخة الخطيّة المحفوظة في مكتبة ملك في طهران ضمن المجموعة المرقّمة 804، والمذكورة في فهرس مخطوطات المكتبة 5: 182، تأريخ كتابتها في القرن الحادي عشر.

(4) النسخة الخطيّة المحفوظة في مكتبة جامعة طهران ضمن المجموعة المرقّمة 2888، والمذكورة في فهرس مخطوطات المكتبة 10: 1732، تأريخ كتابتها في القرن الحادي عشر.

(5) النسخة الخطيّة المحفوظة في مكتبة الفاتيكان ضمن المجموعة المرقّمة 720، والمذكورة في فهرس مخطوطات المكتبة 1: 68، مجهولة التأريخ.


والحمد لله ربّ العالمين


الصفحة 10


الصفحة الاُولى من النسخة المحفوظة في مكتبة الإمام الرضا (عليه السلام) في مشهد

الصفحة 11

الصفحة الاُولى من النسخة المحفوظة في مكتبة آية الله المرعشي النجفي في قم

الصفحة 12

الصفحة الأخيرة من النسخة المحفوظة في مكتبة ملك في طهران

الصفحة 13

الصفحة الاُولى من النسخة المحفوظة في مكتبة جامعة طهران

الصفحة 14

الصفحة الأخيرة من النسخة المحفوظة من مكتبة الفاتيكان

الصفحة 15

الصفحة 16
بسم الله الرحمن الرحيم

أمّا بعد حَمد الله الذي متّعنا بإنعامه، وحبانا بجزيل إكرامه، وصلاته على سيّدنا محمّد، هادينا إلى شرائع أحكامه، وعلى آله الكاشفين عن حلاله وحرامه.

فهذه الأوراق " خلاصة الإيجاز في المتعة " لشيخنا الإمام أبي عبدالله محمد بن محمّد بن النعمان ـ قدّس الله روحه ـ تقرّباً إلى الرحمن وتقريباً للأذهان(1)، مع زيادات يسيرة اقتضاها الحال، وهو حسبي ونعم الوكيل.

وقد رتّبتها على ثلاثة أبواب وخاتمة:

الأوّل: في مشروعيّتها.

والثاني: في فضيلتها.

والثالث: في كيفيّتها وأحكامها.

والخاتمة: في أشياء متفرّقة.

____________

1- في النسخ " تقرّ بها حسبي الأذهان " وما أثبتناه هو الصحيح كما في مرآة الكتب 2 / 209.


الصفحة 17

الباب الأوّل
في مشروعيّتها


نكاح المتعة: هو نكاح إلى أجل مسمّى بعوض معلوم.

وأجمع المسلمون(1) على مشروعية هذا النكاح بإذن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وأمر مناديه أن ينادي بها، وعمل الصحابة بها.

وأما الخلاف بينهم في تجدد نسخها، فقالت الإمامية ـ رضي الله عنهم ـ: إنّها ثابتة لم تفسخ ولم تنسخ، وبه قال من الصحابة: أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) والحسن والحسين عليهما السلام، وحبر الأُمّة(2) عبدالله بن العبّاس الذي دعا له النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم): " بأن يفقّهه في الدين ويعلمّه التأويل "(3)، وعبدالله بن مسعود، وجابر بن عبدالله، وأبو سعيد الخدري، وسلمة بن الأكوع، والمغيرة بن شعبة، وأسماء بنت أبي بكر(4).

____________

1- راجع المغني 7 / 571 ـ 573، المحلّى 9 / 591 ـ 520، المبسوط 5 / 152 ـ 153، تفسير الفخر الرازي 10 / 49،تفسير القرطبي5 / 86.

2- عن ابن عمر قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): "... وانّ حبر هذه الأُمة الله بن عباس " مستدرك الصحيحين 3 / 535، وأيضاً راجع: صحيح البخاري 23 / 162، مسند أحمد بن حنبل 1 / 464، موطأ مالك 2 / 607، سير أعلام النبلاء 3 / 331 ـ 339.

3- صحيح البخاري 2 / 46 و186، أنساب الأشراف 3 / 37، مستدرك الصحيحين 3 / 537، سير أعلام النبلاء 3 / 339.

4- راجع: المحلّى 9 / 519، الانتصار ص 109، الخلاف 2 / 226، كنز العرفان 2 / 150.


الصفحة 18
وزاد محمد بن حبيب النحوي في كتابه " المحبَّر "(1): عمران بن الحصين الخزاعي، وزيد بن ثابت، وأنس بن مالك.

وزاد مسلم في" صحيحه "(2) وأبو علي الحسين بن علي بن يزيد(3)كتاب " الأقضية "(4) معاوية بن أبي سفيان، و [ عبدالله بن ] عمر بن الخطاب، وعمرو بن حُرَيث(5)، وربيعة بن أُمّية، وسلمة بن أُمّية المخزومي، وصفوان بن أُمّية، والبرّاء بن عازب(6)، ويعلى بن أُمّية، وربيع بن ميسرة، وسهل بن سعد الساعدي.

____________

1- " من كان يرى المتعة من أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): خالد بن عبدالله الأنصاري، وزيد ابن ثابت الأنصاري، وسلمة بن الأكوع الأسلمي، وعمران بن الحصين الخزاعي، وعبدالله بن العباس بن عبد المطلب ـ رضي الله عنه ـ " المحبّر ص 289 ; في النسخ " المحبّرة " وهو تصحيف. راجع الفهرست ص 119 وتأريخ بغداد 2 / 277.

2- صحيح مسلم 9 / 179 ـ 190.

3- في النسخ والجواهر والإعلام " علي بن زيد " وما أثبتناه هو الصحيح كما في مستدرك الوسائل والمسائل الصاغانيّة وكتب التراجم والرجال والظاهر هو أبو علي الحسين بن علي ابن يزيد الكرابيسي البغدادي، وله مصنّفات كثيرة نحو مائتي جزء، ولكن مترجميه لم يذكروا في عداد مؤلّفاته كتاب الأقضية. راجع: الفهرست ص 230، تأريخ بغداد 8 / 64، ميزان الاعتدال 1 / 544، تهذيب التهذيب 2 / 618، سير أعلام النبلاء 12 / 80، طبقات الشافعية 2 / 117 ـ 126، الوافي بالوفيات 12 / 430، الأعلام 2 / 244.

4- في الجواهر 30/150: "كتاب الاُلفة" وهو تصحيف.

5- في النسخ " عمر بن حريث "، وفي الجواهر " عمر بن جويدة " وما أثبتناه هو الصحيح.

6- في النسخ " والد بن عازب " ولكن الصحيح " البراء بن عازب " كما في الجواهر 30 / 150، وهو " البراء بن عازب بن الحارث...الأوسي أبو عمارة " راجع: تهذيب التهذيب 1 / 373.


الصفحة 19
وأكثرهم رواها عن النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم)(1).

وفي التابعين الإمام زين العابدين، والباقر، والصادق [عليهم السّلام]، ومجاهد، وعطاء بن أبي رباح، وطاووس(2)، وأبو الزبير بن مُطرف(3) [كذا]، ومحمّد بن سري(4)، وذكر أبو الحسن علي بن الحسين الحافظ في كتاب " سير العباد " أنّ الحسن البصري، وإبراهيم النخعي يقولون به، وسعيد بن جبير ـ حتّى قال: إنّها أحلّ من ماء الفرات ـ(5)، وجابر بن يزيد الجعفي، وابن جريج، والحسن بن محمّد بن علي بن الحنفيّة، وعمرو بن دينار.

ومن الفقهاء مالك بن أنس على ما ذكره الحافظ وابن شُبرمة نقل عنه الميل إليها(6).

وعليها إجماع بقية العترة الطاهرة(7) من الكاظم، والرضا، والجواد، والهادي، والعسكري (عليهم السلام).

____________

1- راجع صحيح مسلم 9 / 179 ـ 190.

2- راجع: المغني 7 / 571، المبسوط 5 / 152، الأُمّ 5 / 79.

3- في بعض النسخ " أبو الزبير بن مطرف " وفي بعضها " أبو الزهير بن مطرف " والظاهر أنّهما تصحيف ; وأبو الزبير المكّي اسمه محمّد بن مسلم بن تدرس الأسدي، راجع: تهذيب التهذيب 9 / 390، سير أعلام النبلاء 5 / 380.

4- في النسخ " محمّد بن سري " وفي الجواهر " محمّد بن سدي "، راجع: تهذيب التهذيب 9 / 160 و376 و387.

5- "... أخبرني أنّ سعيد بن جبير قال: المتعة أحّل من شرب الماء " الإيضاح ص 198، مصنّف عبد الرزاق 7 / 496.

6- راجع: الإيضاح ص 200، المسائل الصاغانيّة ص 235 ـ 240 وإعلام ص 326 ـ 327 (عدّة رسائل للمفيد)، الجواهر 30 / 150، نيل الأوطار 6 / 135، مستدرك الوسائل 14 / 485.

7- في "بعض النسخ" " العترة الشريفة الطاهرة ". وفي بعضها: هذه العترة.


الصفحة 20
وعليها خلق كثير تُرك ذكرهم لبعضهم غنىً بمن (كذا) ذكر وإيجازاً.

وقالت الناصبيّة(1): هي منسوخة موافقة لعمر بن الخطاب في اجتهاده(2) ومعاندة لأمير المؤمنين ـ (عليه السلام) ـ.

لنا العقل، والكتاب، والسنّة، والإجماع، والأثر.

أمّا العقل: فلأنّها خالية عن أمارات المفسدة والضرر، فوجب إباحتها وهوالتي قدّمها (كذا ظ: الذي قدّمه) المرتضى(3).

وأمّا الكتاب: فقوله تعالى: {أَنْ تَبْتَغُوا بأموالِكُمْ مُحْصِنينَ غَيْرَ مُسافِحينَ}(4) والابتغاء يتناول من ابتغى المؤقّت كالمؤبّد، بل هو أشبه بالمراد، لأنّه علّقه على مجرّد الابتغاء، والمؤبّد لا يحلّ عندكم إلاّ بوليّ وشهود(5).

وقوله تعالى: {فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةَ ولا جُناحَ عَلَيكُمْ فِيما تَراضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعدِ الفَريضةِ}(6) الآية.

وتقريرها من خمسة أوجه:

____________

1- تفسير الفخر الرازي 10 / 49، تفسير القرطبي 5 / 133.

2- ما روي عن عمر أنّه قال: "متعتان كانتا على عهد رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) وأنا أنهي عنهما وأُعاقب عليهما" إنّ نهي عمر عن المتعتين أصبح من المتواتر بين الفريقين في كتبهم، منهم: السنن الكبرى 7/206، مسند أحمد بن حنبل 1/52، كنز العمال 16/519، الاستغاثة ص72، الإيضاح ص199، شرح نهج البلاغة 12/252، التبيان 3/166، تلخيص الشافي 4/29 و3/153، الشافي 4/195.

3- " والحجّة لنا سوى إجماع الطائفة على إباحتها أشياء، منها أنّه قد ثبت بالأدلة الصحيحة أنّ كلّ منفعة لا ضرر فيها في عاجل ولا في آجل مباحة بضرورة العقل، وهذه صفة نكاح المتعة، فيجب إباحته بأصل العقل " الانتصار ص 109.

4- النساء 4: 24.

5- لقوله (صلى الله عليه وآله وسلم): " لا نكاح إلاّ بوليّ وشاهدين " ستأتي مآخذه.

6- النساء 4: 24.


الصفحة 21
أ ـ المتعة حقيقة شرعيّة في المدّعى ; لمبادرة الفهم والاستعمال.

ب ـ أنّه تعالى وصفه بالأجر، وفي الدائم بالفريضة والنحلة والصداق.

وردّه المرتضى(1) والشيخ في التبيان(2) لقوله تعالى: {لا جُنْاحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ إذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجورَهُنَّ}(3)، وقوله: {فانْكِحُوهُنَّ بِإذْنِ أهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ}(4).

والتزم الشيخ أبو عبدالله محمّد بن هبة الله بن جعفر الطرابلسي(5) في كتابه بحمل الآيتين أيضاً على المتعة وقصرها على الدوام، إذ تشريكهما فيه غير معلوم.

ج ـ وصفه تعالى بالتراضي لزيادة الأجل.

د ـ قراءة أمير المؤمنين ـ (عليه السلام) ـ، وابن عباس(6)، وابن مسعود، وزين العابدين، والباقر، والصادق ـ عليهم السّلام ـ، وعطاء ومجاهد: {إلى أَجَل مُسَمَّى} ; وهم منزّهون عن زيادة القرآن، فيحمل على المُتعة(7).

____________

1- الانتصار ص 112.

2- التبيان 3 / 166.

3- الممتحنة 60: 10.

4- النساء 4: 25.

5- " هو أبو عبدالله محمد بن هبة الله بن جعفر الورّاق الطرابلسي، قرأ على أبي جعفر الطوسي كتبه وتصانيفه، وله كتب منها: الواسطة بين النفي والاثبات... الزهرة في أحكام الحج والعمرة " راجع: فهرست منتجب الدين ص 155، معالم العلماء ص134، طبقات أعلام الشيعة ص 189 (القرن الخامس)، معجم رجال الحديث 17 / 320، معجم المؤلفين 12 / 90.

6- راجع: الفقيه 3 / 292، وسائل الشيعة 21 / 8 ح26368، مجمع البيان 2 / 32، التبيان 3 / 165 ـ 166، الكشّاف 1 / 498، الدر المنثور 2 / 484، تفسير القرطبي 5 / 86.

7- راجع للزيادة: المسائل الصاغانيّة ص 237 (عدّة رسائل)، الفقيه 3 / 292، الإيضاح ص 98، الانتصار ص 109، التبيان 3 / 165 ـ 166، تفسير ابن كثير 2 / 244.


الصفحة 22
هـ ـ إنّ حملها على المُتنازع تأسيس، وحملها على الدوام تكرار لقوله تعالى: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ}(1) الآية.

قالوا: الاستمتاع: التلذّذ، والأصل عدم النقل(2).

قلنا: استعمله الشارع، والأصل فيه الحقيقة. ولو سلّم المجاز صير إليه للقرائن السالفة(3).

وقوله تعالى: { لا تُحَرّمُوا طَيّباتِ ما أَحَلَّ اللهُ لَكُمْ }(4) الآية، وهي حجّة ابن مسعود حيث بلغه عن عمر النهي عنها.

وقوله: {فَانْكِحُوا مَا طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساء}(5).

وقوله تعالى: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زينَةَ اللهِ التي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ}(6).

وقوله تعالى: {وَأُحِلَّ لَكُمْ ما وَراءَ ذَلِكُمْ}(7).

وأمّا السنّة: فأحاديث:

أ ـ يروي الفضل الشيباني بإسناده إلى الباقر ـ (عليه السلام) ـ: أنّ عبدالله بن عطاء المكّي سأله عن قوله تعالى: {وَإذْ اَسَرَّ النَبيُّ}(8) الآية، قال: " إنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) تزوّج بالحرّة مُتعة، فاطّلع عليه بعض نسائه فاتّهمته بالفاحشة، فقال لها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): إنّها لي حلال، إنّه نكاح بأجل مُسمّى فاكتميه، فأطلعت عليه بعض نسائه "(9).

____________

1- النساء 4: 3.

2- تفسير القرطبي 5 / 85.

3- الانتصار ص 110.

4- المائدة 5: 87.

5- النساء 4: 3.

6- الأعراف 7: 32.

7- النساء 4: 24.

8- التحريم 66: 3.

9- الوسائل 21/10 ح26377 نقلاً عن رسالة المتعة للمفيد.