الصفحة 23
وروى ابن بابويه بإسناده: " أنّ عليّاً ـ (عليه السلام) ـ نكح بالكوفة امرأة من بني نهشل متعة "(1).

وبأسانيد كثيرة إلى عبد الرحمان بن أبي ليلى(2) قال: سألت عليّاً (عليه السلام)(3)هل نسخَ آية المتعة شيء؟ فقال: " لا، ولولا ما نهى عنها عمر ما زنى إلاّ شقيّ "(4)(5).

ذكر أسانيدها الشيخ في التهذيب(6).

وبإسناد آخر إلى الحسين بن علي (عليهما السلام)(7) قال: كان علي (عليه السلام) يقول:

____________

1- الوسائل 21/10 ح26378 نقلاً عن رسالة المتعة للمفيد. ولم ينقله في الفقيه، ومن المحتمل أنّه ذكره في كتاب " إثبات المتعة " حيث يقول في الفقيه 3/292: " وقد أخرجت الحجج على منكريها في كتاب إثبات المتعة ". راجع أيضاً: المتعة ص 83.

2- في الوسائل " أبي عبد الرحمن بن أبي ليلى " وهو خطأ، وما أثبتناه هوالصحيح كما في النسخ، راجع: ميزان الإعتدال 2/584، تهذيب التهذيب 6/ 234، جامع الرواة 1/443 ـ 444، معجم رجال الحديث 9/299.

3- في الوسائل " سألت أباعبدالله "، الظاهر أنّ ما أثبتناه هو الصحيح كما في النسخ راجع: معجم رجال الحديث 9/9 ـ 298.

4- في النسخ والمآخذ " إلاّ شقيّ " ولكن الأصح " إلاّ شفىً " أي إلاّ قليل من الناس. راجع النهاية 2/488، كنز العمال 16/522 ـ 523، وفي تهذيب اللغة 11/424: " قوله إلاّ شفا " أي إلاّ خطيئة من الناس لا يجدون شيئاً قليلاً يستحلون به الفرج... وعن ابن السكيت، قال: الشفا مقصور: بقيّة الهلال وبقيّة البصر وبقيّة النهار وما أشبهه ".

5- الوسائل 21/11 ح26379 نقلاً عن رسالة المتعة للمفيد.

6- راجع التهذيب 7/250: الاستبصار 3/141، الكافي 5/448، الوسائل 21/5 ح26357.

7- في التهذيب: "... قال سمعت أبا جعفر ـ (عليه السلام) ـ يقول كان علي ـ (عليه السلام) ـ يقول... " وأيضاً في الشافي 4/198، تلخيص الشافي 4/32، شرح نهج البلاغة 12/253.


الصفحة 24
" لولا ما سبقني به ابن الخطاب ما زنى مؤمن "(1).

وروى إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم، عن عبدالله ابن مسعود، قال: كنّا نغزو مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ليس لنا نساء، فقلنا: يا رسول الله ألا نستخصي؟(2) فنهانا عن ذلك، وأمرنا أن ننكح المرأة بالثوب(3).

ب ـ ما رواه عمرو بن دينار، عن الحسن بن محمّد، عن جابر، قال: خرج منادي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال: " إنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قد أذن لكم فتمتّعوا، يعني نكاح المتعة "(4).

وهذا الحديث في صحاح البخاري(5) ومسلم(6).

ج ـ ما رواه يونس، عن الزهري، عن عروة بن الزبير، قال: قال ابن عباس: كانت المتعة تُفعل على عهد إمام المتّقين رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)(7).

د ـ ما رواه ابن أبي ذئب(8) عن إياس بن سلمة بن الأكوع، عن

____________

1- الوسائل 21/11 ح26380 نقلاً عن رسالة المتعة للمفيد ـ (رحمه الله) ـ وفيه " وباسناد آخر عن عليّ ـ (عليه السلام) ـ " وراجع تفسير العياشي 1/233.

2- وفي الوسائل: " الا نستحصن هنا بأجر " وما أثبتناه من المآخذ.

3- الوسائل 21/11 ح26381 نقلاً عن رسالة المتعة للمفيد، الإيضاح ص 198، بحار الأنوار 8/272 ط الحجري، صحيح مسلم 9/182، مصنّف عبد الرزاق 7/502، مسند عبدالله بن الزبير 1/55 ح100، السنن الكبرى 7/200، تفسير القرطبي 5/86، الدر المنثور 2/485، التبيان 3/167، الغدير 6/220.

4- الوسائل 21/11 ح26382 نقلاً عن رسالة المتعة للمفيد، بحار الأنوار 8/272 ط الحجري.

5- صحيح البخاري 19/89 (بشرح الكرماني).

6- صحيح مسلم 9/182 (بشرح النووي).

7- الوسائل 21/11 ح26383 نقلاً عن رسالة المتعة للمفيد، مصنّف عبد الرزاق 7/502 ح14033، الدر المنثور 2/487.

8- في الوسائل " ابن أبي وهب " وما أثبتناه هو الصحيح كما في بعض نسخنا وفي صحيح البخاري وصحيح مسلم وهامش المخطوط من الوسائل.


الصفحة 25
أبيه(1)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): " أيّ رجل تمتّع بامراة ما بينهما ثلاثة أيام فإن أحبّا أن يزدادا إزدادا، وإن أحبّا أن يتتاركا تتاركا "(2).

هـ ـ ما رواه شعبة، عن مسلم القُرّي(3)، قال: دخلنا على أسماء بنت أبي بكر، فسألناها عن المتعة، فقالت: فعلناها على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)(4).

وأمّا الإجماع: فأمّا من الطائفة فظاهر، وأمّا بين الكلّ فبالاتفاق على شرعيّتها وأصالة عدم النسخ، إذ ليس الحديث متواتراً قطعاً، وخبر الواحد لا ينسخ به الكتاب.

وأمّا الأثر: فروى عمرو(5) بن سعد الهمداني، عن حنش بن المعتمر(6) قال: قال [عليّ](7) (عليه السلام): " لولا سبقني به ابن الخطاب في المتعة

____________

1- في النسخ والوسائل: " عن اياس بن مسلم عن أبيه عن سلمة بن الأكوع " وهو ارتباك وزيادة، وما أثبتناه هو الصحيح كما في صحيح البخاري ومسلم.

2- الوسائل 21/11 ح26384 نقلاً عن رسالة المتعة للمفيد. وأيضاً صحيح البخاري 19/89، صحيح مسلم 9/184، كنز العمال 16/526.

3- في الوسائل: " عن شعبة بن مسلم " وهو خطأ، والصحيح ما أثبتناه من النسخ وكتب الرجال والتراجم، وهو مسلم بن مخراق العبدي القُرّي، روى عن أسماء بنت أبي بكر، وروى عنه شعبة، راجع تهذيب التهذيب 10/123 ـ 124.

4- الوسائل 21/12 ح26385 نقلاً عن رسالة المتعة للمفيد، راجع: ابن عباس وأموال البصرة ص53.

5- لم نعثر على ترجمة " عمرو بن سعد الهمداني "، وفي الشافي وتلخيص الشافي وشرح نهج البلاغة: " عمر بن سعد الهمداني ".

6- في النسخ "حبس المعتم" أو " حبس بن المعتم"، وفي الشافي وتلخيصه وشرح نهج البلاغة: "جيش بن المعتمر" أو "حُبيش بن المعتمر" وهما أيضاً تصحيف، وما أثبتناه هو الصحيح كما في الطبقات الكبرى 6/225، تهذيب التهذيب 3/51، وفيهما: "حَنَش بن المُعْتَمِر الكِناني، ويكنى أبا المعتمر، روى عن عليّ بن أبي طالب (رضي الله عنه).

7- أثبتناه من المآخذ وفيها: "... قال: سمعت أمير المؤمنين ـ (عليه السلام) ـ يقول:... ".


الصفحة 26
ما زنى إلاّ شقيّ "(1).

وهذا عندنا نصّ كما سلف.

وقال ابن عباس: ما كانت المتعة إلاّ رحمةً رحِمَ اللهُ بها هذه الأُمّة، ولولا ما ينهى عنها ابن الخطاب ما زنى إلاّ شقيّ(2)(3).

وأورده أيضاً محمّد بن جرير الطبري في تفسيره(4).

وممّا يناسب ما قاله مولانا الباقر ـ (عليه السلام) ـ في جواب سؤال عبدالله [بن] عمير(5) النهي عن المتعة: أحلّ الله تعالى في كتابه وعلى لسان نبيّه (صلى الله عليه وآله وسلم)فهي حلال إلى يوم القيامة، فقال: أمثلك(6) يقول هذا وقد حرّمها عمر؟

____________

1- الشافي 4/198، تلخيص الشافي 4/32، شرح نهج البلاغة 12/253.

2- في النسخ وأكثر المآخذ " إلاّ شقىً " والأصح " إلاّ شفىّ " كما صرّح به ابن إدريس في السرائر 2/626 ـ 627: " قال محمد بن إدريس: يروي في بعض أخبارنا في باب المتعة عن أمير المؤمنين ـ (عليه السلام) ـ لولا ما... إلاّ شفا " بالشين المعجمة والفاء: ومعناه إلاّ قليل، والدليل عليه حديث ابن عباس، ذكره الهروي في الغريبين... قد أورده الهروي في باب الشين والفاء ; لأنّ الشفا عند أهل اللغة القليل بلا خلاف بينهم، وبعض أصحابنا ربّما صحّف ذلك وقاله وتكلم به بالقاف والياء المشددة، وما ذكرناه هو وضع أهل اللغة وإليهم المرجع. وعليهم المعوّل في أمثال ذلك " وأيضاً راجع: مرآة العقول 20/227.

3- بحار الأنوار 8/273 ط الحجري، تهذيب اللغة 11/424، النهاية 2/488، الإيضاح ص198، بداية المجتهد 2/58، الفائق 1/331، تفسير القرطبي 5/86، الدر المنثور 2/487، السرائر 2/626، ومصنّف عبدالرزاق 7/497 وفيه "... ما كانت المتعة إلاّ رخصةً من الله عزّ وجلّ " وفي النهاية 2/488: " إلاّ شفىً، أي إلاّ قليل من الناس، من قولهم غابت الشمس إلاّ شفىً، أي إلاّ قليلاً من ضوئها عند غروبها ".

4- راجع: تفسير الطبري 5/9 وتفسير الفخر الرازي 10/50، الدر المنثور 2/487، بحار الأنوار 8/273 ط الحجري.

5- في النسخ " عبدالله بن عمر " وما أثبتناه هو الصحيح.

6- " أحلك " خ ل.


الصفحة 27
فقال ـ (عليه السلام) ـ: أنّا على قول رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وأنت على قول صاحبك، فهلمّ اُلاعِنُكَ إنّ القول ما قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وإنّ الباطل ما قال صاحبك "(1).

وسأل أبو حنيفة مولانا الصادق ـ (عليه السلام) ـ عن المتعة؟ فقال: " أي المتعتين تسأل "؟ فقال: عن متعة النساء، أحقّ هي؟ فقال ـ (عليه السلام) ـ: " سبحان الله! أما تقرأ: {فَمَا استَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَاتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَريضَةً}(2)؟ فقال أبو حنيفة: لكأنّها آية لم أقرأها قط(3).

وما اشتهر عن ابن عباس من مناظرة ابن الزبير فيها ; وقوله: سل أُمّك عن بردي عوسجة(4)، ولا شتهاره اشتهر هذان البيتان:


أقول للشيخ إذا طال الثواء بهيا شيخ هل لك في فتوى ابن عباس
هل لك في رَخصة الأطراف ناعمةتكون مثواك حتى مصدر(5) الناس(6)

____________

1- الكافي 5/449، التهذيب 7/250، الوسائل 21/6 ح26356، نوادر أحمد بن محمّد بن عيسى ص 86 ح194، بحار الأنوار 100 أو 103/317، مستدرك الوسائل 14/449.

2- النساء 4: 24.

3- الكافي 5/449، الوسائل 21/7 ح26361، ومثله راجع: كنز الفوائد 2/36 ـ 37.

4- قال أبو القاسم الكوفي في الاستغاثة ص 74: "... ومن ذلك أنّ علماء أهل البيت ـ عليهم السّلام ـ ذكروا عن ابن عباس أنّه دخل مكّة وعبدالله بن الزبير على المنبر يخطب، فوقع نظره على ابن عباس وكان قد أضرّ... وانّك من متعة فإذا نزلت عن عودك هذا، فاسأل أُمّك عن بردي عوسجة... " مستدرك الوسائل 14/451 ح17253، مروج الذهب 3/81، السرائر 2/619، الخلاف 2/226، جامع بيان العلم وفضله 2/236، محاضرات الراغب 2/94، زاد المعاد 1/219، ابن عباس وأموال البصرة ص 49 ـ 52.

5- في النسخ والخلاف " يصدر " وما أثبتناه من المآخذ، وفي بعضها " مَرجع ".

6- مصنّف عبد الرزاق 7/503، المغني 7/573، الدر المنثور 2/487، السنن الكبرى 7/205، السرائر 2/619، تفسير القرطبي 5/88، الخلاف 2/226، الاعتبار ص180، نيل الأوطار 6/135، الزواج المؤقت في الإسلام ص 101، الغدير 6/231، وفي بعضها بأنحاء اُخر نذكرها:


أقول للرّكب إذا طال الثواء بنايا صاح هل لك في فتيا ابن عباس
في بضّة رخصة الأطراف ناعمةتكون مثواك حتّى مرجع الناس

أو
أقول للشيخ لمّا طال مجلسهيا صاح هل لك في فتيا ابن عباس
يا صاح هل لك في بيضاء بهكنةتكون مثواك حتى مصدر الناس


الصفحة 28
ومنه ما رواه أبو نضرة قال: قلت لجابر بن عبدالله: إنَّ ابن الزبير ينهى عن المتعة وابن عباس يأمر بها، فقال: على يديَّ جرى هذا الحديث، تمتّعنا مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأبي بكر فلمّا ولي عمر ـ الحديث ـ وقال: ما زلنا نتمتّع بالنساء حتى نهى عنها عمر(1).

واعلم أنّ فخر الدين الرازي ذكر في مفاتيح الغيب في الجواب عن الآية: " إنّ المراد بالتحليل في قوله تعالى: { وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَراءَ ذَلِكُمْ}(2)ما هو المراد في {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُم}(3) لكن المراد بالتحريم هناك هو النكاح المؤبّد ; ولأنّه تعالى قال: {مُحْصِنينَ}(4) ولا إحصان في المتعة ; ولقوله: {غَيْرَ مُسافِحِينَ}(5) والمتعة لا يراد منها [إلاّ](6) سفح الماء، ولا يطلب فيها الولد. ونقل هذا الجواب عن أبي بكرالرازي.

____________

1- الوسائل 21/12 ح26386 نقلاً عن رسالة المتعة للمفيد، بحار الأنوار 8/273 ط الحجري، صحيح مسلم 8/168 و9/184، مسند أحمد بن حنبل 1/52، 3/298 و356 و363، كنز العمال 16/521.

2- النساء 4: 24.

3- النساء 4: 23.

4- النساء 4: 24.

5- النساء 4: 24.

6- أثبتناه من تفسير الفخر الرازي، وفي النسخ: " لا يراد بها سفح الماء " بدون كلمة " إلاّ ".


الصفحة 29
وأجاب عنه بأنّ المراد: أُحلّ ما وراء هذه الأصناف المذكورة، وهو شامل للمتعة ولا تلازم بينه وبين مورد التحريم هناك، ولم يقم دليل على أنّ الإحصان لايكون إلاّ بالمؤبّد والمقصود من المتعة سفح الماء بطريق شرعيّ مأذون فيه، فلو قلتم: إنّ المتعة ليس مأذوناً فيها [فنقول: هذا أوّل البحث](1).

ثمّ قال: فظهر أنّ الكلام رخو والمعتمد فعل عمر "(2).

احتجوا بوجوه:

أ ـ ما رواه يحيى بن سعيد، عن الحسن بن محمّد، عن أبيه، عن أمير المؤمنين ـ (عليه السلام) ـ قال: " حرّم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) المُتعة "(3).

ومثله رواية محمّد بن مسلم، عن الحسن وعبدالله ابني محمّد عن أبيهما(4).

ومثله رواية مالك، عن ابن شهاب، عن عبدالله والحسن(5).

وروى الزهري عن محمّد بن عقيل، عن أبيه، عن أمير المؤمنين (عليه السلام): " أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) نهى عن نكاح المُتعة في غزاة تبوك "(6).

والجواب: أنّ يحيى أرسله عن الحسن، والمرسل لا حجة فيه.

وأسنده الزهري، وقد طعن ابن عزف(7) [كذا] في الزهري، وقال

____________

1- ما بين المعقوفين أثبتناه من مفاتيح الغيب.

2- مفاتيح الغيب (تفسير الفخر الرازي) 10/53.

3- مصنّف عبد الرزاق 7/501 ـ 502، مسند عبدالله بن الزبير 1/22 ح37.

4- صحيح البخاري 19/88، صحيح مسلم 9/189، سنن ابن ماجة 1/630 ح1961، سنن الترمذي 3/430 ح1121، مفاتيح الغيب 10/51.

5- موطأ مالك 2/542، كتاب النكاح باب 18، الأمّ 5/79.

6- صحيح مسلم 9/190، مفاتيح الغيب 10/51 نقلاً عن الواحدي في البسيط.

7- في النسخ " ابن عرف " أو " ابن عزف " ولم نعثر على ترجمتهما.


الصفحة 30
نافع: الزهري ساقط الحديث وكان عند نقّاد الأثر(1) شديد التدليس(2).

والراوي عن محمّد بن مسلم، إسماعيل بن يونس(3)، وهو ضعيف عند أصحاب الحديث، وقال ابن مَعين: ليس بحجّة.

والحسن بن محمّد [ابن الحنفية] معروف عندهم بآراء قبيحة كالإرجاء(4)، على أنّا قد نقلنا عنه القول بها والقراءة بأجل مسمّى.

ثمّ إنّ الأحاديث مضطربة بين عام حنين وتبوك والفتح(5).

ويضعّفه رواية عروة بن الزبير: أنّ خولة بنت الحكيم [ظ: حكيم ]دخلت على عمر بن الخطاب، فقالت: إنّ ربيعة بن أُمّية تمتّع بامرأة فحملت منه، فخرج عمر بن الخطاب، فقال: هذه المتعة ولو كنت تقدمتُ فيها لرجمتُ(6).

____________

1- نقاد الآثار أو نقلة الآثار ظ.

2- راجع ترجمته في تهذيب التهذيب 1/17، سير أعلام النبلاء 11/436.

3- في النسخ " إسماعيل بن يونس " ولم نعثر على ترجمته في كتب الرجال والتراجم، والظاهر أنّه تصحيف " إسرائيل بن يونس " كما نقل عنه عبد الرزاق في المصنّف 7/506: " سمعت عمر ينهى عن متعة النساء " راجع ترجمته في ميزان الاعتدال 1/208 ـ 209، تهذيب التهذيب 1/229 ـ 231.

4- هو الحسن بن محمّد بن الحنفية، راجع: تهذيب التهذيب 2/276 ـ 277، وفيه: " أوّل من تكلّم في الارجاء... قلت المراد بالارجاء الذي تكلّم الحسن بن محمّد فيه غير الإرجاء الذي يعيبه أهل السنّة المتعلّق بالإيمان، وذلك أنّي وقفت على كتاب الحسن بن محمّد المذكور أخرجه... ".

5- صحيح مسلم 9/179، السنن الكبرى 7/201، تفسير القرطبي 5/86 ـ 87، كنز العمّال 16/524 ـ 525، الإيضاح ص 199 ـ 200، التبيان 3/166، الغدير 6/225.

6- السنن الكبرى 7/206، الأُمّ 5/235، الموطأ 2/542، المبسوط 5/152، كنزالعمّال 16/520 ح45717، الدر المنثور 2/486، الإيضاح ص 199.


الصفحة 31
وهو إنكار لتقدّم النهي وبعد انخفائه عن أكابر الصحابة وإضافة التحريم إلى نفسه في قوله: " أنا أنهى عنهما وأُعاقب عليهما " مع إقراره " أنّهما كانتا على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) "(1).

ب ـ نهى عنها عمر ولم ينكر عليه.

والجواب بمنع عدم النكير، وقد بيّناه. سلّمنا، لكن يلزمه البدعة في متعة الحجّ، ويجب الرجم على المتمتع لقوله: " لا أقدر على أحد زوّج متعة إلاّ عذبته بالحجارة "(2) فإنّ عدم التنكير عندكم حاصل في الكلّ.

قالوا: لو صحّ الإنكار لعُلم ضرورة، كما علم انتفاؤه عن ابن عمر وابن الزبير(3).

قالوا: تقرير الدليل يحتاج إلى [العلم] الضروري باتّفاق الجماعة، فإذا لم يحصل(4) لنا الاستدلال الصحيح على اتّفاقهم على عدم الرضى، يعدم العلم بالنكير.

قلنا: استقراره بأنّا لا نحتاج إلى علم الاضطرار بنكير، بل إذا حصل لنا الدليل الصحيح على عدم اتّفاقهم يعدم علم الضروري برضاهم.

قالوا: النكير ظاهر، فلو وقع لنقل ضرورة بخلاف الرضى، فإنّه عبارة عن عدم الإنكار.

____________

1- تقدم ذكر مآخذها.

2- تقدّم ذكر مآخذها وهي ذيل جملة " وأنا أنهى عنهما وأُعاقب عليهما "، السنن الكبر 7/206 وفيه " إلاّ غيّبته " بدل " إلاّ عذبته " وأيضاً راجع: تلخيص الشافي 4/31.

3- في النسخ " عن أبي عمران الزهر " أو " عن أبي عمر ابن الزهر " وما أثبتناه هو الصحيح كما سيأتي.

4- في النسخ: إذا حصل.


الصفحة 32
قلنا: بقلبه(1)، فإنّ الرضى لا يكون إلاّ ظاهراً، فلو وقع لنقل ضرورة، بخلاف الإنكار، فإنّه عبارة عن عدم ظهور الرضى، والمؤمن [كذا ]عليهم أنّ الرضى لو كان عبارة عن عدم الإنكار لعلم رضى باقي الصحابة ضرورةً، كما علم رضى أتباع عمر كابنه وابن الزبير.

وهذا جواب ما يوردونه في رضى أمير المؤمنين ـ (عليه السلام) ـ بالتقدّم عليه، ولأنّه لو كان إجماعاً لكفر مخالفه كابن عباس، وهو باطل بالإجماع.

قالوا: يجب على الصحابة إذاً الإنكار في الحال.

قلنا: ترك خوف الفتنة مع معارضته بعدم إنكارهم عليه وجوب الرجم وتحريم مُتعة الحجّ، ولأنّه ليس بأبلغ من سماع علي ـ (عليه السلام) ـ فتواهم في الجنين وإلحاح عمر عليه في الاستفتاء وابائه عن الجواب مراراً. وكون الجنين اجتهادياً لو سلّمناه والمتعة نصّاً لا يضرنا لوجود منكر في الجملة وعدم منكر فيها على أنّ الإنكار في الاجتهاد أولى ; لإحالة المنصوص على النصّ، والعذر بعدم النكير في الاجتهاد بتصوّر المجتهد باطل ; لقول عليّ ـ (عليه السلام) ـ: " إن كان القوم قد قاربوك(2) فقد غشّوك، وإن كانوا اجتهدوا فقد أخطأوا "(3).

ثمّ يعارضون بما تواتر من وضع الخراج، وإحداث الديوان، وحظر نكاح الموالي في العربيّات، ومن المصادرات، وتحويل المقام، وفتح

____________

1- لعلّ الصحيح: قلنا نقلبه.

2- فارقوك. كذا في بعض النسخ.

3- " عن الحسن " قال: أرسل عمر بن الخطاب إلى امرأة مغيبة كان يدخل عليها، فأنكر ذلك، فأرسل إليها فقيل لها: أجيبي عمر، فقالت: يا ويلها ما لها ولعمر... وصمت عليّ فأقبل على عليّ فقال: ما تقول؟ قال: إن كانوا قالوا برأيهم فقد أخطأ رأيهم، وإن كانوا قالوا في هواك فلم ينصحوا لك... " كنز العمال 15/84 ـ 85 ح40201.


الصفحة 33
الباب الذي سدّه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وقتل الجماعة بالواحد، وغير ذلك(1) ممّا يخالفون فيه أو بعضهم مع عدم المنكر، فإن أعاد الإنكار منع وساغ لنا مثله، وإن ترك صلاحاً فكذا، وبأنّه سبّ عليّاً ـ (عليه السلام) ـ وأهل بيت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)في زمن معاوية منه ومن أتباعه ولم ينكر عليه مع اعترافهم بأنّه فسق أو كفر، وسكت عن السلاطين الجوائر في سائر الزمان.

ج ـ قوله تعالى: {إلاّ عَلى أَزْواجِهِمْ أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ ـ إلى: ـ العادُونَ}(2) وليست زوجة وإلاّ لورثت، واعتدت بالوفاة بالأربعة والعشرة، وطلّقت ولو عنت وظوهرت وأُولي منها، ولكان وطؤها محلّلاً، ولكان لها سكنى في العدّة.

والجواب: ينتقض الأوّل بعد تسليم عدم الإرث بالذمّية والأمة والقاتلة، وخروجهن بالإجماع معارض به لوقوع الإجماع المركّب على عدم إرثها. أمّا عندكم فلعدم الزوجيّة، وأمّا عندنا فلعدم الدوام، ولأنّ التخصيص جائز بدليل غير الإجماع وهو موجود لتواتر الروايات من الشيعة بعدم الإرث، والمطالبة بعلّة عدم الإرث في المتعة بوجودها في المذكورات لمانع الكفر والقتل والرق باطلة لبطلان القياس، ولذا العلّة موجودة قبل الشرع ولا حكم، ويستحيل حصول العلّة من دون المعلول.

و إن عنى به المعرّف(3) قلنا: اشتراط عقدها بأجل ومهر، فإن طلبت

____________

1- راجع للزيادة: شرح نهج البلاغة 12/281 ـ 289، تلخيص الشافي 4/50، بحار الأنوار 8/287 ط الحجري.

2- المؤمنون 23: 6 ـ 7: {إلاّ على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنّهم غير ملومين * فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون}.

3- راجع للزيادة: مسألة في نكاح المتعة ضمن رسائل الشريف المرتضى 4/ 303ـ305.


الصفحة 34
علّتها طولبوا بها، وإن كان للمصلحة فهو معتمدنا.

وكان الداركي(1) حضر مجلس النقيب أبي الحسن المحمّدي(2)، فسأل عن دليل تحريم المتعة فأورد الآية(3)، فأُجيب بما سلف، فعدل باختلاف أحكام المرأة عند لفظ المتعة والتزويج، وعدم وقوع واحد منهما بالآخر.

فأجابه ـ (رحمه الله) ـ بعدم الاختلاف بمجرّد اللفظ بل بالأجل، وتجويز وقوع كلّ منهما بالآخر ; فبهت(4).

وينتقض الثاني بعدّة الذمّية والخروج بدليل يتعارض به.

ويعارض الثالث بفرقة اللعان، والردّة، وفسخ مشتري الأمة، والمتعة، والمالكة لزوجها، والمرضعة فإنّه ليس بطلاق مع تحقّق الزوجيّة.

والتحقيق قوله تعالى: {إذَا طَلَّقْتُمْ النِّساء} الآية(5)، ليس فيه دليل على انتفاء الزوجيّة من غير المطلّقة، بل هو ذكر شرائط الطلاق الواقع بقرينة {إذَا} المتضمّنة لمعنى الشرط، فإنّه لا يلزم من قوله: " إذا دخلت مدينة فأقم بها يوماً " انتفاء المدينة عمّا لم يقم بها، والمتعة غنيّة عن الطلاق بغيره كالمذكورات، والاعتذار بعروض مانع(6) غير الطلاق معارض بجوابه في أصل العقد، بل هو أولى.

____________

1- في العيون والمحاسن ص 125: " أبو القاسم الداركي ".

2- في العيون والمحاسن ص 125: " أبو الحسن أحمد بن القاسم المحمدي... ".

3- تقدم آنفاً.

4- راجع العيون والمحاسن ص 125 ـ 126، المتعة ص 117.

5- البقرة 2: 231 و232.

6- في النسخ: مانع ان غير.


الصفحة 35
ويعارض الرابع بعدم لعان الذمّية والأمة، وبعدم لعان الحرّة ـ عند قوم ـ تحت العبد والأخرس الحرّ مع أنّ مذهبنا وقوع اللعان بها.

وأمّا الظهار فإنّه واقع، والنقل عن الشيعة بعدمه تخرّص، وفرقهم بينه وبين الإيلاء بحلّ اليمين بمضيّ المدّة.

والجواب عن الإيلاء كالطلاق، ويؤيده قوله تعالى: {وَإِنْ عَزمُوا الطَّلاق}(1)، وأنّ الإيلاء لا يقع عندنا إلاّ في الأحرار، وهو مذهب بعضهم ولا تخصيص في المتعة، ويمكن الفرق قياسيّاً إلزاميّاً باختصاص المتعة بمدّة قد يقصر عن زمان الإيلاء، وشرط الإيلاء أن لا يمكن الحلّ بل لها لعنة والكفّارة أو الطلاق.

ويعارض التحليل بعدم تحليل العبد، والصبي، والوطء في الدبر مع صدق الزوجيّة.

والسكنى للمطلّقة، وقد سلف انتفاء الطلاق.

وربّما قال بعضهم: إنّ الشبهة لا يلحق بها، وهو غلط ; لإجماعهم على تبعيّة الولد.

د ـ قوله (صلى الله عليه وآله وسلم): " لا نكاح إلاّ بوليّ وشاهدين "(2)، وقوله (عليه السلام)(3).

____________

1- البقرة 2: 227.

2- مصنف عبد الرزاق 6/196 ـ 200، صحيح البخاري 19/95 و11/169، الأُم 7/222، مسند أحمد بن حنبل 1/250 و4/394، 413، 418 و6/260، سنن أبي داود 2/229، ح 2085، سنن الترمذي 3/407 السنن الكبرى 7/125، سنن ابن ماجة 1/605، كنز العمال 16/528 ـ 531، الخلاف 2/207، وفي التهذيب 7/255 ح 1101 والاستبصار 3/146 ح 529: "...كتب إلى أبي الحسن (عليه السلام)... فكتب (عليه السلام): التزويج الدائم لا يكون إلاّ بولىّ وشاهدين " الوسائل 21/34 ح26457.

3- ورد في النسخ جملة " (عليه السلام) " ولكن لم نجدها في كتب الأحاديث عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أوالأئمة ـ عليهم السّلام ـ.


الصفحة 36
" الزانية التي تنكح نفسها بغير شهود "(1).

والجواب: إنّهما خبر واحد فلا يعارض القطعيّ، مع نقض الأوّل بالموطوءة بملك اليمين ; فإنّه يصدق النكاح مع عدم الفقر إلى الشاهدين ; ومعارض بقوله (صلى الله عليه وآله وسلم): " الأيّمُ(2) أحقُ بنفسها "(3)، ولأنّ المنفيّ هنا الفضل والكمال، كالمنفي في قوله (صلى الله عليه وآله وسلم): " لا صلاة لجار المسجد إلاّ في المسجد "(4).

والثاني متروك الظاهر فإن المتمتّعة ليست زانية بالإجماع.

[على](5) أنّ هذه الوجوه لو صحّت لمنعنا (كذا) أصل شرعيّة المتعة، ولم يقل به أحد.

____________

1- السنن الكبرى 7/125، مصنّف عبد الرزاق 6/200: "... عن أبي هريرة قال: لا تنكح المرأة نفسها،، فإنّ الزانية تنكح نفسها". وفي كنز العمال 16/530: "عن ابن عباس قال: البغي التي تزوّج نفسها بغير وليّ".

2- الأيّم: في الأصل من لا زوج لها، بكراً كانت أو ثيّباً، والمراد ههنا الثيّب.

3- "... عن ابن عباس أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: الأيَّمُ أحقّ بنفسها من وليّها، والبكر تستأذن في نفسها وإذنها صُماتها؟ قال: نعم " راجع: صحيح مسلم 9/204، الموطأ 2/525، السنن الكبرى 7/118، الاُمّ 7/222، سنن أبي داود 2/232 ح2098، مسند أحمد بن حنبل 1/219 و...، سنن الترمذي 3/416 ح1108، سنن ابن ماجة 1/601 ح1870.

4- التهذيب 1/92 ح244 مرسلاً عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، الوسائل 5/194 ح6310 وفيهما " في مسجده " بدل " في المسجد ". ورواه في دعائم الإسلام 1/148 عن عليّ ـ (عليه السلام) ـ أنّه قال: " لا صلاة لجار المسجد إلاّ في المسجد... "، راجع، مستدرك الوسائل 3/356 ح3767 ـ 3768.

5- في النسخ: إن قيل.