المقدّمة


الحمدُ لله ربّ العالمين، بارئ الخلائق أجمعين، والصلاة والسّلام على خير مدعوٍّ ومجيب، ورسول وحبيب، علم التقى، وبدر الدجى، محمّد المصطفى (صلى الله عليه وآله)، وعلى عترته أُولي الحجى وذوي النهى، والعروة الوثقى، وسفينة النجاة، التي أمن مَن ركبها، وغرق مَن تركها، وعلى صحبهم والتابعين لهم بإحسان، الحافظين للوديعة، ومَن أحبّوا الشريعة، واللعنة الدائمة على مَن نازعهم ونصب لهم.

وبعد،

تعرّفنا في ما مضى على عدّة جوانب من حياة المحقّق الكركي: الشخصيّة، والسياسيّة، والعلميّة، وآرائه وفوائده.

ففي البحث عن حياته الشخصيّة تحدّثنا عن اسمه، ومولده وموطنه، وأُسرته، وأخلاقه وسجاياه، وآثاره ومآثره، وكراماته، ومراحل حياته المختلفة، ثمّ مدحه وإطرائه، وأخيراً وفاته ومدفنه.

وفي حياته السياسيّة تعرّضنا لعدّة مواضيع لها صلة بالكركي وعصره: كالتصوّف والصوفيّة، وموقف العلماء من الحكّام، ونشوء الدولة الصفويّة وكيفيّة تعامل العلماء معها، ثمّ تحدّثنا بشكل مفصّل عن علاقة الكركي بهذه الدولة ابتداءً من تأسيسها حتّى سنة 940 هـ، حيث عاصر الكركي حاكمين من حكّامها هما الشاه إسماعيل وابنه الشاه طهماسب.


الصفحة 2
وفي حياته العلميّة سلّطنا الضوء على بعض المجالات التي كان للكركي دور فعّال فيها، فتحدّثنا عن عصره ومعاصريه، وأساتذته وشيوخه، والروايات التي حصل عليها والتي منحها، ومؤلّفاته، والكتب التي قرأها والتي قُرئت عليه، ومكانته العلميّة، ونشاطه العلميّ، والمحاورات والردود العلميّة التي جرت بينه وبين بعض الأعلام.

ثمّ أفردنا بحثاً مستقلاًّ وكاملاً لآرائه ونظريّاته المودعة في مؤلّفاته، والتي لم يُفرد لها تصنيفاً مستقلاً، حيث أجرينا عمليّة استقصاء كامل لكافّة مؤلّفاته، واستخرجنا منها هذه الآراء والنظريّات، وهي آراؤه الكلاميّة، والأُصوليّة، والرجاليّة، وفوائده التأريخيّة، وملاحظاته عن بعض المؤلّفات، وشواهده الشعريّة، والجداول والرسوم التي استعملها.

وفي نهاية كلّ بحث أفردنا فصلاً خاصّاً بعنوان " الملاحظات "، سجّلنا فيه الملابسات التي حصلت في حياته، والاشتباهات التي وقع فيها بعض المؤلّفين عند ترجمتهم للكركي.

والآن تعال معي عزيزي القارئ لنطلّ على جانب آخر من جوانب عظمة هذا الرجل، حيث نتعرّف على بعض آرائه ونظرياته التي استطاع أن يصهرها في بودقة التأليف عبر كتبه المختلفة من حيث مواضيعها وحجمها وأسباب تأليفها.

إنّ الوقوف على مؤلّفات المحقّق الكركي، ودراستها بشكل مفصّل ودقيق، يكشف لنا ـ من جانب ـ المستوى العلمي الذي تمتّع به هذا العالم، ومن جانب آخر يُظهر لنا المنزلة الاجتماعيّة الكبيرة التي كان يحتلّها آنذاك، ليس في أوساط الناس عموماً، بل حتّى عند كبار رجال الدولة، وعلى رأسهم الشاه إسماعيل وابنه الشاه طهماسب، وقد تعرّضنا لهذه النقاط بشكل مفصّل

الصفحة 3
في ما مضى من الكتاب عند حديثنا عن حياته.

والملاحظ أنّ مؤلّفات الكركي تنقسم إلى ثلاثة أقسام:

الأوّل:

الرسائل، والتي تتناول عادةً البحث عن موضوع معيّن، أو مسألة فقهيّة واحدة. وهذه الرسائل يختلف حجمها، فبعضها يقع في أربعين أو خمسين صفحة، والبعض الآخر يقع في عدّة صفحات.

الثاني:

الحواشي والشروح لبعض الكتب المعتمدة عندنا، كالشرائع والمختصر النافع للمحقّق الحلّي، والقواعد والإرشاد والمختلف للعلاّمة الحلّي، والألفيّة الشهيديّة.

الثالث:

جواب الأسئلة والاستفتاءات التي كانت ترد عليه من مختلف أنحاء العالم الإسلامي، وبمستويات مختلفة في التعبير، وقد قام بعض تلامذته وبعض العلماء القريبين من عصره بجمعها وترتيبها.

وقد استطعتُ بحمد الله تعالى وتوفيقه طيلة سنوات عديدة، أن أجمع وأُحقّق من مؤلّفات هذا العالم الجليل أربعة وخمسين مؤلّفاً، معتمداً على مائة وعشرين نسخة خطيّة موجودة في عدّة مكتبات في الجمهوريّة الإسلاميّة الإيرانيّة: قم المقدّسة، مشهد المقدّسة، طهران، همدان، يزد، خوانسار، أصفهان. وقد عانيت الكثير من المصاعب في جمع هذه النسخ الخطيّة، فإنّ الحصول على نسخة خطيّة واحدة من أقرب المكتبات إلينا في مدينة قم المقدّسة لا يخلو من مصاعب جمّة، فكيف بهذا الكمّ الهائل من النسخ الخطيّة.


الصفحة 4

منهجيّة التحقيق


اعتمدت في تحقيقي لهذه المجموعة من رسائل الكركي وحواشيه على طريقة واحدة، أُلخّصها بعدّة نقاط:

(1) اتّبعت طريقة التلفيق بين النسخ الخطيّة، وذلك لعدم عثوري على نُسخ الأصل التي كتبها الكركي بيده. نعم، بعض الرسائل عثرتُ لها على نُسخ مقروءة على الكركي، إلاّ أنّي لم أكتف بها وأضفتُ لها نُسخاً أُخرى.

(2) عند حصولي على عدّة نسخ خطيّة لإحدى هذه المؤلّفات، أقوم بمقابلة بعضها مع البعض الآخر، وإثبات الصحيح أو الأصح في المتن وما قابلهما في الهامش.

وعند عدم حصولي إلاّ على نسخة واحدة، فإنّي أجعلها الأصل في عملي، وأُشير في الهامش إلى ملاحظاتنا واستظهاراتنا عليها.

(3) استخراج كلّ ما يحتاج إلى تخريج من آيات قرآنيّة كريمة، وأحاديث شريفة، وأقوال العلماء في شتى العلوم، وشواهد شعريّة، وأماكن وبقاع. وحاولت قدر المستطاع أن أعتمد على المصادر الرئيسيّة في كافة الاستخراجات، إلاّ تلك المصادر المفقودة أساساً أو التي لم أُوفّق للحصول عليها، فقد استعنتُ في الحصول على أقوالها بواسطة مصادر أُخرى ميسّرة.

(4) لم أُترجم كافة الأعلام الّذين وردت أسماؤهم، بل ترجمتُ لبعضهم حسب الضرورة التي رأيتها.

(5) عند شروعي في تحقيق الحواشي والشروح وضعتُ متن الكتاب المشروح في أعلى كلّ صفحة، ويتلوه الشرح أو الحاشية التي كتبها الكركي.


الصفحة 5
ثمّ قمتُ بحذف المتن واكتفيت بالإشارة إليه ; رعاية للاختصار، وتلبيةً لاقتراح بعض الإخوة الأفاضل من المحقّقين.

(6) رتّبتُ الرسائل حسب مواضعيها، فوضعتُ أوّلاً الرسالة النجميّة التي جمع فيها الكركي بين علمي الكلام والفقه وأدرج فيها أيسر ما يجب على المكلّفين معرفته في الأُصول والفروع، ثمّ رسالة استنباط الأحكام التي تعبّر عن المنهج العلمي للكركي، ثمّ الرسائل الفقهيّة مرتّبة بترتيب كتب الفقه ابتداءً من الطهارة وانتهاءً بالقضاء، ثمّ الرسائل المتفرّقة وجوابات المسائل الفقهيّة التي وردت عليه.

(7) نظّمتُ فهارس فنيّة كاملة، تعميماً للفائدة واتّباعاً للمنهج الحديث في التحقيق.


وآخر دعوانا أن الحمدُ لله ربّ العالمين

محمّد الحسّون


الصفحة 6


جوابات المسائل
الفقهيّة الثانية





الصفحة 7

الصفحة 8

بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين

الحمدُ لله ربّ العالمين، والصلاة والسّلام على خير البشر النبي الاُمّي العربي محمّد، وعلى آله الطيبيّن الطاهرين.

وبعد،

هذه مجموعة اُخرى من المسائل الفقهية التي وردت على المحقّق الكركي من أماكن مختلفة في العالم الإسلامي، جمعها ورتّبها السيد أحمد الحسيني في سنة 994 هـ وهي حاوية على مائة وخمس مسائل في مختلف أبواب الفقه، والمسألة رقم 4 وردت بدون جواب،وكتب الناسخ عليها عبارة: مالها جواب. علماً بأنّ بعض هذه المسائل تكرّر في مجاميع اُخرى من المسائل الفقهيّة، بلفظ متّحد أو مختلف.

وقد اعتمدتُ في تحقيق هذه المجموعة على النسخة الخطيّة المحفوظة في مكتبة الإمام الرضا (عليه السلام) في مدينة مشهد المقدّسة، ضمن المجموعة المرقّمة 2333، والمذكورة في فهرس مخطوطات المكتبة 2: 36 تأريخها سنة 994 هـ تقع هذه النسخة في تسع عشرة ورقة بحجم 21 × 15 سم، وكلّ ورقة تحتوي على خمس عشرة ورقة.


والحمد لله ربّ العالمين


الصفحة 9


الصفحة الاُولى من النسخة المحفوظة في المكتبة الرضويّة

الصفحة 10

الصفحة الأخيرة من النسخة المحفوظة في المكتبة الرضويّة

الصفحة 11

الصفحة 12
بسم الله الرحمن الرحيم
ربّ وفّق يا كريم

لا زالَ محروساً عن كلّ محذور، مؤيّداً بالتوفيق في كلّ الاُمور، أعني ذا الجناب العالي والعلوم الباهرة، أسأل الله تعالى أن يصل سعادة الدنيا بسعادة الآخرة، آمين ربّ العالمين.

وبعد،

مسألة [1]:

ما قول الإمام الفقيه ـ أعانه الله على الطاعات ـ فيما لو كان على أعضاء الوضوء عرق كثير، فغسلَ الأعضاء بماء يجزم أو يظن بأنّه لولا العرق لما كفاه ذلك الماء، هل يصح الوضوء مع ذلك، أم لا؟

وكذا نقول في البدن نظراً إلى الغسل، أفتنا مأجوراً، الحمد لله والصلاة على محمّد وآله الطاهرين.

الجواب:

لا يصح الوضوء ولا الغُسل على هذه الحالة، والله أعلم.

مسألة [2]:

لو حصل ما يوجب الطهارة في الجملة، لكن وقع الاشتباه في كونه من موجبات الوضوء، أو الغسل، أو هما، ما حكمه؟

وفي أي شيء تبرأ ذمته؟


الصفحة 13

الجواب:

ليس ببعيد من الصواب إيجاب الطهارتين معاً ; لتوقّف يقين براءة الذمّة عليه، والله أعلم.

مسألة [3]:

لو دُفع مال إلى شخص في الاستئجار على الصلاة عن الميّت بناءً على عدالته، ثم بعد ذلك ظهر عدم عدالة المدفوع إليه، أو طريان ما ينافي العدالة، هل يبطل العقد أم لا؟

وبتقدير أن لا يبطل، هل يقبل قوله بإتيان ما استؤجر عليه أم لا، فيحتاج إلى اليمين؟

الجواب:

متى ظهر أنّه في وقت الاستئجار كان فاسقاً، فالّذي يقتضيه صحيح النظر بطلان العقد، والظاهر أنّه لا يُقبل قوله في صدور الفعل منه على الوجه الشرعي، فيجب ردّ الاُجرة على المتولّي للاستئجار بها. ولو تجدّد فسقه بعد أن كان عدلاً وقت الاستئجار وثبت ذلك، فليس ببعيد القول بانفساخ العقد وعدم الاعتداد بما يفعله.

مسألة [4]:

لو اشترى نخلة من بستان مثلاً، أو كانت وحدها في مكان، هل له المدخل إليها والمخرج، كما لو باع نخلاً واستثنى نخلة لذلك؟

وكذا نقول: لو كان المشترى غير النخلة، أو كان استثناء البائع غير

الصفحة 14
النخلة كالشجر والقطعة من الأرض، أو كان الشراء أو الاستثناء في غير عقد البيع كالصلح والهبة والتملّك وغير ذلك من العقود، أفتنا في جميع ذلك على التفصيل لكلّ شيء بعينه سيزول عنّا اللبس ; لقصور فهمنا، آجرك الله تعالى.

مالها جواب(1).

مسألة [5]:

لو كان في يد إنسان شيء من المال، نقداً كان أو عَرضاً(2) أو غيرهما، فأخبر أنّه ليس له، ولم ينسبه إلى شخص معيّن، ثم بعد ذلك ادّعى أنّه له، هل تُقبل دعواه بعد ذلك، أم لا؟

الجواب:

الظاهر القبول.

مسألة [6]:

لو قال الغاصب للمالك: ما اُسلّمك أرضك ـ إن كان المغصوب أرضاً، وكذا نقول في غير الأرض ـ ولكن أشتريها منك بمائة مثلاً ـ والفرض أنّ المائة هذه تساوي ثلث القيمة مثلاً ـ وإن لم ترضَ ما اُعطيك شيئاً، فباع المالك والحال هذه بالثمن المذكور ; لحاجته إلى الثمن حيث لم يحصل له غيره، هل يصح البيع حينئذ، فيملك المشتري ـ الذي هو

____________

1- هكذا وردت هذه المسألة بدون جواب.

2- في النسخة الخطية: عروضاً (خ ل).


الصفحة 15
الغاصب ـ ذلك، أم لا؟ وحكى بعض الناس الجواز.

الجواب:

لا يصح هذا البيع، إلاّ أن يعلم أنّ الذي صدر منه وقع بقصده واختياره ورضاه، وبدون ذلك لا يحكم بصحّته.

مسألة [7]:

لو قالتْ: وهبتكَ الشيء الفلاني بشرط أن تطلّقني، وقصدتْ اشتراط الطلاق في الهبة، هل تلزم الهبة؟

الجواب:

لا يبطل، لكن للواهب الفسخ والرجوع بالموهوب.

مسألة [8]:

قد قلتم: إنّ الشرط في العقد اللازم يلزم، لكن هل يفرّق في اللزوم بين اللازم من الطرفين واللازم من طرف واحد كالرهن، أم لا؟

الجواب:

لا يفرّق، ويكون ذلك العقد من طرف اللزوم على ما قدّمناه، فلو اشترط الراهن شرطاً لم يلزم الرهن من طرفه إلاّ بفعل الشرط إذا كان سائغاً، وبدون ذلك له الفسخ.

مسألة [9]:

لو نذر لشخص مائة دهنيم(1) مثلاً، فانعقد النذر، فلم يدفع الناذر

____________

1- دهنيم: عمله فارسية قديمة، أي عشر النصف. انظر لفت نامه دهخذا 23: 484.


الصفحة 16
النذر إلى المنذور له، هل للمنذور له أخذ ذلك القدر المنذور من الناذر قهراً أو خفية كغيره من الحقوق، أم لا؟ وهل تبرأ ذمّة الناذر لو أبرأه، أم لا؟

الجواب:

نعم له أخذ ذلك كسائر الحقوق، وتبرأ ذمّته بالمنذور له.

مسألة [10]:

المشروط بالعقد اللازم ـ أي مشروط كان، وأي عقد لازم كان ـ لو امتنع المشروط عليه عن فعل ما شرط، ما يكون الحكم، وما يلحقه من الأحكام؟

الجواب:

يثبت الخيار للمشروط له، فيفسخ العقد إن شاء، وإن شاء أبقاه بحاله، والله أعلم.

مسألة [11]:

لو شرطتْ تزويجها لشخص معيّن في عقد لازم، هل يلزم هذا الشرط أم لا؟

الجواب:

قد سبق ما يُستفاد منه هذا الحكم(1).

مسألة [12]:

النذر للحمل ـ كما لو نُذر للحمل شيء معيّن ـ هل يلزم النذر، أم لا؟

____________

1- في النسخة الخطيّة: من حكم هذا.


الصفحة 17

الجواب:

نعم يلزم.

مسألة [13]:

لو كان مال الميّت يَقصر عن الاُجرة من البلد مع تعيّن الحج عليه، وكان فيه سعة من الاستئجار من أقرب الأماكن، بحيث يفضل منه لو استؤجر من أقرب، بحيث يسع لثلتي الاُجرة من البلد، ما يكون [الحكم] (1) حينئذ، فمن أين يُستأجر له؟

الجواب:

يجب الاستئجار من أي موضع أمكن زيادة على الميقات، والله أعلم.

مسألة [14]:

لو علم أنّ الميّت ملك مالاً يتمكّن مثله فيه من الحج، والغرض أنّه لم يَحج، ومضى عليه سنوات وهو على تلك الحالة، لكن لم يُسمع منه الاقرار بثبوت الحج في ذمته، حيث يمكن سقوط الحج عنه باُمور لا نعلمها، فإنّ كل أحد أبصر بنفسه، ما يكون الحكم حينئذ؟

الجواب:

إن عُلم من أحواله أنّه لو أراد الحج لفعله لم يتوقّف وجوب الاستئجار على الاقرار بالوجوب، وإن لم يُعلم ذلك ولم يُقرّ لم يجب

____________

1- أضفناها لاقتضاء السياق لها.


الصفحة 18
الاستئجار، خصوصاً إذا كان من أهل التقوى لا يقدم على ترك الحج لو كان واجباً، والله أعلم.

مسألة [15]:

لو مات الواسطة بين المقلِّد والمجتهد، أو بينه وبين مَن قلّد المجتهد، هل يبطل العمل بما نُقل عن ذلك الميّت؟

الجواب:

لا يبطل.

مسألة [16]:

لو أوصى إلى شخص غير عدل، وجعل عليه ناظراً عدلاً، فمات أحدهما، هل يبطل حكم الآخر، أم يضم الحاكم إلى الباقي من يقوم مقام الميّت، أم لا؟

الجواب:

في صحة الوصية إلى غير العدل في هذه الصورة عندي نظر، فإن قلنا بالصحة فمات العدل فلا شكّ في وجوب الضميمة، وكذا ينبغي أن يكون الحكم بالعكس.

مسألة [17]:

هل يصح احتساب الأرض المجهولة المقدار ـ بعد الاحاطة بحدودها عرضاً وطولاً ـ عمّا في ذمّة المالك من الخمس، أو من مال العالم المجهول المالك؟


الصفحة 19
وكذا احتساب جزء منها كالنصف، واحتساب جريب(1) منها مع القطع بزيادتها عن الجريب، هل يجوز شيء من ذلك، أم لا؟

الجواب:

يجوز ذلك كلّه إذا علم مكافأته لما في الذمة، أو علم بنسبة أحدهما إلى الآخر، والله أعلم.

مسألة [18]:

هل يجب التحرّز عن قوع العرق في الماء المشروب في الطعام، بحيث لا يُعفى إلاّ عمّا يقع بغير الاختيار، أم لا؟

الجواب:

ينبغي ذلك مع احتمال العفو عمّا يقع بالاختيار إذا صار مستهلكاً.

مسألة [19]:

لو اتفق وقوع لعاب حيوان طاهر في الماء الذي في إناء، هل يحرم ذلك الماء، أم لا؟

وكذا نقول لو وقع في مائع غير الماء؟

الجواب:

إن بقي اللعاب متميّزاً عن المائع لم يحرم سوى اللعاب دون المائع، وإن استهلك ولم يبق إلاّ المائع فقط ففي حلّه وجه ليس ببعيد.

____________

1- جريب من الطعام والأرض: مقدار معلوم، والجمع أجربة وجربان. لسان العرب 1: 98 " جرب ".


الصفحة 20

مسألة [20]:

لو اشترى شيئاً كالدار(1) مثلاً بثمن يتعلّق به الخمس أو الزكاة، هل يتعلّق الحقّ في عين الشيء المبتاع، أم في الذمة؟

الجواب:

الحقّ في العين، لكن إن قصد الأداء من غيرها جاز، والله أعلم.

مسألة [21]:

المماطل لو أخذ صاحب الحقّ منه شيئاً من المال، هل لذي الحقّ الخيرة في تملّك ذلك بالقيمة عن ماله، وبين تبقيته في يده، أم يتعيّن تملّكه؟

الجواب:

هذا أقوى.

مسألة [22]:

وعلى كلا التقديرين لو تلفت العين قبل احتسابه على نفسه عن ماله هل يضمن أم لا؟

ولو كان فيه زياة عن الحقّ هل الزائد مضمون، أم لا؟

الجواب:

الضمان قوي.

____________

1- في النسخة الخطيّة كالدابة (خ ل).


الصفحة 21

مسألة [23]:

لو قال لشخص: هذا أزيد من الفلاني، فقال له آخر: ما يلزمك فلا تفعله، فقال: لو قال لي صاحب الزمان، أو لو قال لي محمّد بن الحسن، أو الإمام المعصوم (عليه السلام) ذلك القول.. ما تطيب نفسي حتى أفعله، ما حال القائل والحال هذه؟

الجواب:

هذا قول شنيع قبيح يحتمل أن يكفر به قائله.

مسألة [24]:

لو وقع الصلح أو البيع على أرض، بناءً على أنها ثلاثة أجربة بإخبار المالك، بثمن، ثم احتسب المالك الثمن الذي وقع عليه الصلح على المشتري عمّا في ذمّته من الخمس، أو التبعة، أو غير ذلك من الحقوق، ثمّ ظهر نقص الأرض عن المقدار الذي وقع عليه الصلح أو البيع، ما الحكم حينئذ؟

الجواب:

يثبت الخيار، فإذاً له الفسخ.

مسألة [25]:

الغبن في الإجارة والمزارعة والمساقاة والمضاربة يثبت، أم لا؟

الجواب:

الثبوت قوي.


الصفحة 22

مسألة [26]:

لو وقع عقد الصلح أو البيع على عين بعشرة مثلاً، ثم بعد ذلك احتسب البائع تلك العشرة التي هي الثمن على المشتري عن شيء من الحقوق كالخمس والزكاة والتبعة، ثم بعد الاحتساب ظهر فساد العقد بشيء من الأسباب، ما الحكم حينئذ في الثمن المُحتسب؟

الجواب:

لا ثمن هناك; لفساد العقد، فلا احتساب، والله أعلم.

مسألة [27]:

لو حصل الصلح أوالبيع على أربعة أجربة مثلاً بمائتي دهنيم مثلاً، ثم وقع احتساب الثمن على المشتري عمّا في ذمة البائع من مال العالم المجهول المالك أو غيره من الحقوق، ثم بعد موت المالك ـ الذي هو البائع الذي منه الاحتساب ـ ظهر بطلان العقد، وبقيّة الأرض في يد المشتري، ولا يعلم أنّ الوارث يأذن لو سلّم الأرض إليهم، ما يكون حكمه؟ أفتنا مأجوراً، آجرك الله.

الجواب:

يجب تسليم الأرض إلى الورثة; لفساد العقد، وإنّها باقية على ملك البائع، والمال المجهول المالك باق في ذمّته، وعدم العلم بأنّ الورثة لا يؤدّون أو عدمه لا يمنع من وجوب التسليم إليهم.

مسألة [28]:

أحوال الميّت غير الغُسل والتكفين والحنوط وغيرها، هل يجب لها

الصفحة 23
نيّة كما يجب للغُسل، أم لا يجب؟

الجواب:

لا يجب، إذ لا تجب النيّة إلاّ فيما يثبت شرعاً وجوب فعله على جهة القربة، أمّا غيره فلا يلزم، وما ذُكر من هذا القبيل، ومنه لبس ثوبي الإحرام، وكشف الرأس والقدم في الرجل، والوجه في المرأة.

مسألة [29]:

لو اشترى دابة للقنية فزادت قيمتها، إمّا زيادة في العين أو الصفة، هل يجب خمس الزيادة، أم لا؟

الجواب:

إذا كانت من المستثنيات كفرس الركوب، لمن هو من أهلها، لم يجب التخميس; للأصل، ولا للزيادة، وإلاّ وجب.

مسألة [30]:

هل يجب بيع الأرض المجهولة المقدار لكن بعد الاحاطة بجميع حدودها، فيكفي هذا عن اعتبارها بالذرع، أم لا؟

الجواب:

يصح ذلك.

مسألة [31]:

وبتقدير ألاّ يصح البيع، هل يصح الصلح والحالة هذه، أم لا؟

والصلح على المغصوب إذا لم يقدر المشتري على انتزاعه هل

الصفحة 24
يصح، أم لا؟

الجواب:

يصح ذلك.

مسألة [32]:

ولو اشترى داراً وصالح عليه مع عدم العلم بكونه مغصوباً حال العقد، هل يصح أم لا؟

الجواب:

لا يصح البيع.

مسألة [33]:

لو كان المُحيل والمُحتال لا يدري بأنّ الحوالة لازمة، هل تبطل الحوالة حينئذ، أم لا؟

الجواب:

لا تبطل بذلك.

مسألة [34]:

وبتقدير البطلان، لو لم يعلم منه هذا قبل، لكن قال بعد الحوالة: ما كنتُ أدري أنّ الحوالة تلزمني، بل عندي أنّها اذن في الرجوع فيه، هل يقبل قوله، أم لا؟

وكذا نقول في غير الحوالة من العقود.


الصفحة 25

الجواب:

لا أثر لهذا القول.

مسألة [35]:

لو كانت النجاسة في شيء من آلات الإنسان، كفراش الإنسان وكتابه(1) وسيفه وغير ذلك، هل لها حكم النجاسة على ثوبه أو بدنه، فالحكم بالطهارة في الغيبة أم لا؟

الجواب:

لا فرق.

مسألة [36]:

لو تزوّج بامرأة، وبعد ذلك ادّعى رجل زوجيّتها قبله وأنّه لم يطلّق قبله، أو أنّه لم يطلّق، أو سَلَّمَ الطلاق ويدّعي الرجعة قبل العدّة مع موافقة الزوجة له على جميع ذلك، لكن ادّعت شبهة الخلاص، ومع إنكار الزوج الثاني لأصل النكاح، أو تسليمه وادّعى الطلاق وعدم الرجعة وادّعى تأخير الرجعة عن العدّة، ما الحكم حينئذ؟

الجواب:

موافقة الزوجة بمجرّده لا تؤثّر في نكاح الزوج الثاني، أمّا الزوج الثاني فإنّه إذا أقرّ بالنكاح الأوّل وادّعى الطلاق وأنكره الزوج الأوّل، توقف ثبوته على البيّنة. وإن أقرّ الأوّل بوقوع الطلاق وادعى الرجعة قبل انقضاء

____________

1- في رسالة جوابات المسائل الفقهيّة الاُولى رقم 119: وكِنَانِهِ.

والكِنانُ: الغطاء: الصحاح 6: 2188 "كنى".


الصفحة 26
العدّة وقد انقضت، وأنكر ذلك الثاني، لم يثبت إلاّ بالبيّنة. وإن أنكر الثاني أصل النكاح الأوّل، فهو على نكاحه.

مسألة [37]:

لو رأى جنازة محمولة ولا يَعلم صُلّي عليها أم لا، هل يجب عليه السؤال أم لا؟

وعلى تقدير الوجوب لو اُخبر بالصلاة عليها غير العدل هل يُقبل؟

الجواب:

إن كان الحامل لها مُسلماً مكلّفاً لم يجب، وكذا إن علم أنّه حضرها مسلم مكلّف، وإن لم يكن الحامل مكلّفاً وجب، ويقبل، ويكتفى به عن الصلاة.

مسألة [38]:

وبتقدير القبول، لو اختلف الحاضرون في القول بالصلاة: قال بعضهم: صُلّي عليها، وبعضهم قال: لم يُصلَّ عليها، ما يلزم الإنسان؟

الجواب:

إن كان المُخبر بالصلاة عدلاً اكتفي بقوله، إلاّ أن يخبر العدلان بعدم الصلاة على وجه تكون شهادة النفي لاحقة بالاثبات، فيجب الصلاة.

مسألة [39]:

لو وجد الإنسان عظماً لآدمي، لا يعلم هو عظم امرأة أو رجل، هل يباح النظر له، أم لا؟


الصفحة 27

الجواب:

الأقوى الإباحة.

مسألة [40]:

وعلى كلّ تقدير، هل يجب طمّه تحت الثرى إذا لم يكن عليه لحم، أم لا؟

الجواب:

يجب إن علم أنّه عظم مسلم، ويكفي وجدانه في بلاد الإسلام.

مسألة [41]:

وقف المغصوب يصح أم لا؟

وكذا الصدقة به هل تصح، أم لا؟

الجواب:

يصح إن حصل على الوجه الشرعي، وكذا الصدقة.

مسألة [42]:

إذا وجب على الإنسان الحج وهو في بلده، بمعنى أنّه كملت الشرائط في ذلك البلد، ثم بعد ذلك حصل له الموت في بلد آخر، إمّا البلد الذي فيه أهله أو غيره، فحينئذ من أي بلد يجب الاستئجار عنه؟

الجواب:

إنّما يجب على الإنسان الحج إذا استطاع وإن كان في غيره، وحينئذ فيستأجر عنه من بلده.