المقدّمة


الحمدُ لله ربّ العالمين، بارئ الخلائق أجمعين، والصلاة والسّلام على خير مدعوٍّ ومجيب، ورسول وحبيب، علم التقى، وبدر الدجى، محمّد المصطفى (صلى الله عليه وآله)، وعلى عترته أُولي الحجى وذوي النهى، والعروة الوثقى، وسفينة النجاة، التي أمن مَن ركبها، وغرق مَن تركها، وعلى صحبهم والتابعين لهم بإحسان، الحافظين للوديعة، ومَن أحبّوا الشريعة، واللعنة الدائمة على مَن نازعهم ونصب لهم.

وبعد،

تعرّفنا في ما مضى على عدّة جوانب من حياة المحقّق الكركي: الشخصيّة، والسياسيّة، والعلميّة، وآرائه وفوائده.

ففي البحث عن حياته الشخصيّة تحدّثنا عن اسمه، ومولده وموطنه، وأُسرته، وأخلاقه وسجاياه، وآثاره ومآثره، وكراماته، ومراحل حياته المختلفة، ثمّ مدحه وإطرائه، وأخيراً وفاته ومدفنه.

وفي حياته السياسيّة تعرّضنا لعدّة مواضيع لها صلة بالكركي وعصره: كالتصوّف والصوفيّة، وموقف العلماء من الحكّام، ونشوء الدولة الصفويّة وكيفيّة تعامل العلماء معها، ثمّ تحدّثنا بشكل مفصّل عن علاقة الكركي بهذه الدولة ابتداءً من تأسيسها حتّى سنة 940 هـ، حيث عاصر الكركي حاكمين من حكّامها هما الشاه إسماعيل وابنه الشاه طهماسب.


الصفحة 2
وفي حياته العلميّة سلّطنا الضوء على بعض المجالات التي كان للكركي دور فعّال فيها، فتحدّثنا عن عصره ومعاصريه، وأساتذته وشيوخه، والروايات التي حصل عليها والتي منحها، ومؤلّفاته، والكتب التي قرأها والتي قُرئت عليه، ومكانته العلميّة، ونشاطه العلميّ، والمحاورات والردود العلميّة التي جرت بينه وبين بعض الأعلام.

ثمّ أفردنا بحثاً مستقلاًّ وكاملاً لآرائه ونظريّاته المودعة في مؤلّفاته، والتي لم يُفرد لها تصنيفاً مستقلاً، حيث أجرينا عمليّة استقصاء كامل لكافّة مؤلّفاته، واستخرجنا منها هذه الآراء والنظريّات، وهي آراؤه الكلاميّة، والأُصوليّة، والرجاليّة، وفوائده التأريخيّة، وملاحظاته عن بعض المؤلّفات، وشواهده الشعريّة، والجداول والرسوم التي استعملها.

وفي نهاية كلّ بحث أفردنا فصلاً خاصّاً بعنوان " الملاحظات "، سجّلنا فيه الملابسات التي حصلت في حياته، والاشتباهات التي وقع فيها بعض المؤلّفين عند ترجمتهم للكركي.

والآن تعال معي عزيزي القارئ لنطلّ على جانب آخر من جوانب عظمة هذا الرجل، حيث نتعرّف على بعض آرائه ونظرياته التي استطاع أن يصهرها في بودقة التأليف عبر كتبه المختلفة من حيث مواضيعها وحجمها وأسباب تأليفها.

إنّ الوقوف على مؤلّفات المحقّق الكركي، ودراستها بشكل مفصّل ودقيق، يكشف لنا ـ من جانب ـ المستوى العلمي الذي تمتّع به هذا العالم، ومن جانب آخر يُظهر لنا المنزلة الاجتماعيّة الكبيرة التي كان يحتلّها آنذاك، ليس في أوساط الناس عموماً، بل حتّى عند كبار رجال الدولة، وعلى رأسهم الشاه إسماعيل وابنه الشاه طهماسب، وقد تعرّضنا لهذه النقاط بشكل مفصّل

الصفحة 3
في ما مضى من الكتاب عند حديثنا عن حياته.

والملاحظ أنّ مؤلّفات الكركي تنقسم إلى ثلاثة أقسام:

الأوّل:

الرسائل، والتي تتناول عادةً البحث عن موضوع معيّن، أو مسألة فقهيّة واحدة. وهذه الرسائل يختلف حجمها، فبعضها يقع في أربعين أو خمسين صفحة، والبعض الآخر يقع في عدّة صفحات.

الثاني:

الحواشي والشروح لبعض الكتب المعتمدة عندنا، كالشرائع والمختصر النافع للمحقّق الحلّي، والقواعد والإرشاد والمختلف للعلاّمة الحلّي، والألفيّة الشهيديّة.

الثالث:

جواب الأسئلة والاستفتاءات التي كانت ترد عليه من مختلف أنحاء العالم الإسلامي، وبمستويات مختلفة في التعبير، وقد قام بعض تلامذته وبعض العلماء القريبين من عصره بجمعها وترتيبها.

وقد استطعتُ بحمد الله تعالى وتوفيقه طيلة سنوات عديدة، أن أجمع وأُحقّق من مؤلّفات هذا العالم الجليل أربعة وخمسين مؤلّفاً، معتمداً على مائة وعشرين نسخة خطيّة موجودة في عدّة مكتبات في الجمهوريّة الإسلاميّة الإيرانيّة: قم المقدّسة، مشهد المقدّسة، طهران، همدان، يزد، خوانسار، أصفهان. وقد عانيت الكثير من المصاعب في جمع هذه النسخ الخطيّة، فإنّ الحصول على نسخة خطيّة واحدة من أقرب المكتبات إلينا في مدينة قم المقدّسة لا يخلو من مصاعب جمّة، فكيف بهذا الكمّ الهائل من النسخ الخطيّة.


الصفحة 4

منهجيّة التحقيق


اعتمدت في تحقيقي لهذه المجموعة من رسائل الكركي وحواشيه على طريقة واحدة، أُلخّصها بعدّة نقاط:

(1) اتّبعت طريقة التلفيق بين النسخ الخطيّة، وذلك لعدم عثوري على نُسخ الأصل التي كتبها الكركي بيده. نعم، بعض الرسائل عثرتُ لها على نُسخ مقروءة على الكركي، إلاّ أنّي لم أكتف بها وأضفتُ لها نُسخاً أُخرى.

(2) عند حصولي على عدّة نسخ خطيّة لإحدى هذه المؤلّفات، أقوم بمقابلة بعضها مع البعض الآخر، وإثبات الصحيح أو الأصح في المتن وما قابلهما في الهامش.

وعند عدم حصولي إلاّ على نسخة واحدة، فإنّي أجعلها الأصل في عملي، وأُشير في الهامش إلى ملاحظاتنا واستظهاراتنا عليها.

(3) استخراج كلّ ما يحتاج إلى تخريج من آيات قرآنيّة كريمة، وأحاديث شريفة، وأقوال العلماء في شتى العلوم، وشواهد شعريّة، وأماكن وبقاع. وحاولت قدر المستطاع أن أعتمد على المصادر الرئيسيّة في كافة الاستخراجات، إلاّ تلك المصادر المفقودة أساساً أو التي لم أُوفّق للحصول عليها، فقد استعنتُ في الحصول على أقوالها بواسطة مصادر أُخرى ميسّرة.

(4) لم أُترجم كافة الأعلام الّذين وردت أسماؤهم، بل ترجمتُ لبعضهم حسب الضرورة التي رأيتها.

(5) عند شروعي في تحقيق الحواشي والشروح وضعتُ متن الكتاب المشروح في أعلى كلّ صفحة، ويتلوه الشرح أو الحاشية التي كتبها الكركي.


الصفحة 5
ثمّ قمتُ بحذف المتن واكتفيت بالإشارة إليه ; رعاية للاختصار، وتلبيةً لاقتراح بعض الإخوة الأفاضل من المحقّقين.

(6) رتّبتُ الرسائل حسب مواضعيها، فوضعتُ أوّلاً الرسالة النجميّة التي جمع فيها الكركي بين علمي الكلام والفقه وأدرج فيها أيسر ما يجب على المكلّفين معرفته في الأُصول والفروع، ثمّ رسالة استنباط الأحكام التي تعبّر عن المنهج العلمي للكركي، ثمّ الرسائل الفقهيّة مرتّبة بترتيب كتب الفقه ابتداءً من الطهارة وانتهاءً بالقضاء، ثمّ الرسائل المتفرّقة وجوابات المسائل الفقهيّة التي وردت عليه.

(7) نظّمتُ فهارس فنيّة كاملة، تعميماً للفائدة واتّباعاً للمنهج الحديث في التحقيق.


وآخر دعوانا أن الحمدُ لله ربّ العالمين

محمّد الحسّون


الصفحة 6


فتاوى المحقّق الكركي





الصفحة 7

الصفحة 8

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدُ لله ربّ العالمين، والصلاة والسّلام على خير خلقه وأفضل بريّته النبيّ المصطفى محمّد، وعلى آله الطيّبين الطاهرين.

وبعد،

هذه فتاوى المحقّق الكركي التي كتبها جواباً لأسئلة وردت عليه من أماكن مختلفة في العالم الإسلامي، جمعها ورتّبها لطف الله أحمد الكربالي، وهي تحتوي على إحدى وثمانين مسألة في شتى أبواب الفقه كالمعاملات والعبادات، وقليل من الاعتقادات، علماً بأنّ أربع مسائل منها وردت بدون جواب، وهي المرقّمة 19، 54، 57، 62.

اعتمدت في تحقيق هذه المجموعة على النسخة الخطيّة المحفوظة في المكتبة الوطنيّة في طهران برقم 297، تأريخ كتابتها في ربيع الأوّل سنة 1178 هـ، مذكورة في فهرس مخطوطات المكتبة 1: 200، وتقع هذه النسخة في ثلاث عشرة ورقة بحجم 18 × 19 سم، كل ورقة تحتوي على عشرين سطراً.


والحمد لله ربّ العالمين


الصفحة 9


الصفحة الاُولى من النسخة المحفوظة في المكتبة الوطنيّة في طهران

الصفحة 10

الصفحة الأخيرة من النسخة المحفوظة في المكتبة الوطنيّة في طهران

الصفحة 11

الصفحة 12
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين

صورة الفتاوى من الشيخ الفهّامة العلاّمة، قدوة المتأخّرين، اُسوة المتقدّمين، خاتم المجتهدين، شيخ علي بن عبدالعالي (قدس سره) ونوّر قبره.

مسألة [1]:

فيما لو ادّعى زيد على ورثة عمرو بأنّ الدار المعيّنة التي في تصرّفهم حقّ وملك له وفي تصرّفهم بغير الحقّ، ويلزم عليهم التسليم إليه. فأجابوا بأنّ الدار المذكورة انتقلت إليهم بالإرث من مورّثهم ولا يلزم التسليم، وأورد زيد المدّعي على مدّعاه شاهدين غير معلومي العدالة، فهل يثبت ذلك بمجرّد شهادتهما، أم لا؟

وعلى تقدير أن يثبت بالشياع، فهل له انتزاع المذكورة منهم بتلك الاثبات، أم لا؟

الجواب:

الثقة بالله وحده، لا تثبت الدعوى المذكورة بشهادة مَن ليس بعدل ولا غيره بالشياع المفيد للظّن في ثبوت ذلك، والله أعلم. علي بن عبدالعالي.

مسألة [2]:

فيما لو ادّعى زيدٌ على عمرو بأنّ الملك المعيّن المذكور الذي في يد

الصفحة 13
عمرو المذكور كان حقّاً لمورّث زيد المزبور، وانتقل إليه بالارث الشرعيّ. وأجاب المدّعى عليه أنّ الملك المدّعى به المذكور كان لمورّثك وانتقل إليّ من عمّك، فهل يكون هذا اقراراً، ويلزم عمراً بيان انتقال الملك المذكور من مورّث زيد المذكور، ولا يكفيه الانتقال من عمّ زيد المذكور أم لا؟

وما قولهم فيما لو أنكر عمرو هذا الجواب بعد الدعوى، فهل لزيد [أنْ] (1) يحلّفه على صدور هذا لجواب منه، أم لا؟

الجواب:

الثقة بالله وحده، نعم الجواب الصادر من عمرو المذكور إقرار، ويلزمه بيان طريق الانتقال المدّعى به إليه. ولو أنكر هذا الجواب المتضمّن للاقرار توجّهت اليمين عليه; لنفيه مع عدم البيّنة الشرعيّة، والله أعلم. علي ابن عبدالعالي.

مسألة [3]:

فيما إذا ترافع خصمان أو خصوم عند قاض من القضاة مُستجمع للشرائط أو غير مستجمع لها، ووقع الفصل بينهم في تلك القضية بوجه من الوجوه الشرعيّة، فهل يحلّ لقاض آخر مستجمع للشرائط استئناف الأمر في تلك القضيّة والقضاء فيها واجراء الحكم على أحد الخصوم، موافقاً أو مخالفاً لما وقع سابقاً عند القاضي السالف، أم لا؟

وهل له تكليف الخصوم أو أحدهم وخبير عن الحضور عنده فحكم عليه من عامة، فهل ينفذ حكمه عليه، أم لا؟

____________

1- أثبتناها لاقتضاء السياق لها.


الصفحة 14

الجواب:

الثقة بالله وحده، لا يحلّ للقاضي الآخر المذكور المدخول في تلك القضيّة بما ليس له رتبته وأهليّته شرعاً، وليس له تكليف الخصوم ولا أحدهم على الحضور عنده لذلك، وللخصم الامتناع من ذلك، وحينئذ فلو حكم عليه في غيبة لم حكمه، والله أعلم. علي بن عبدالعالي.

مسألة [4]:

فيما لو اعترف على أنّ الأموال المعيّنة التي في يده وتحت تصرّفه حقٌّ وملك لعمرو الأجنبي، وانتقلت إليه بناقل شرعي، ثم مات زيد المذكور، قيل لورثة زيد المذكور أو خال الأموال المذكورة في تركة زيد المذكور ومنع عمرو من التصرف فيها أم لا؟(1).

الجواب:

الثقة بالله وحده، ليس للورثة المذكورين ذلك والحال ما ذكر، والله أعلم. علي بن عبدالعالي.

مسألة [5]:

فيما لو وقف زيد أملاكاً معيّنة وقفاً أولاديّاً مقبوضاً مؤبّداً كما هو طريقه شرعاً، ثم ادّعى عمرو على الواقف المذكور بأنّ بعض الأملاك الموقوفة ملكه، وبعد المنازعة صالح الواقف المذكور المدّعي المزبور على الأملاك ببعضها، فهل يكون الصلح صحيحاً والحال ما ذكر، أم لا؟

____________

1- هكذا ورد في النسخة الخطيّة.


الصفحة 15
وعلى تقدير عدم الصحة فلو باع الواقف المذكور الأملاك بغير وجود الشرائط المجوّزة للبيع، فهل يكون البيع صحيحاً، أم لا؟

الجواب:

الثقة بالله وحده، الصلح والبيع المذكوران غير صحيحين والحال ما ذكر، والله أعلم. علي بن عبدالعالي.

مسألة [6]:

وما قولهم فيما لو مات زيد عن ابن وبنت لا غير، ثم مات الابن عن الاُخت لا غير، فباعت بعض ما ورثته من أبيها وأخيها مع عدم المانع من البيع، وماتت عن بنت لا غير، فهل لها أن تبيع ما تخلّف عن اُمها من تركة جدها مع عدم المانع الشرعي؟

الجواب:

الثقة بالله وحده، لها التصرّف بالبيع وغيره والحال ما ذكر، والله أعلم. علي بن عبدالعالي.

مسألة [7]:

فيما لو كان لزيد شجرة في ملكه وتطاولت فروعها إلى هواء المسجد، فهل للمتولّي المذكور إلزام زيد بإزالة الفروع المذكورة من هواء المسجد المذكور، أم لا؟

الجواب:

الثقة بالله وحده، نعم له ذلك والحال ما ذكر، والله أعلم. علي بن عبدالعالي.


الصفحة 16

مسألة [8]:

فيما لو ادّعى المولى عتقَ المملوك قبل النكاح، فقالت الزوجة: إنمّا يُريد منعي من الفسخ والرجوع عليه بالمهر، ولم تكن بيّنة جيّدة، فهل يصدق المولى باليمين، أم لابّد من البيّنة؟

وهل له أن يحلّفها على عدم العلم بالعتق، أم على البيّنة؟ بيّنوا تؤجروا.

الجواب:

الثقة بالله وحده، لا يُقبل قول المولى في ذلك إلاّ بالبيّنة، لكن لو ادّعى على المرأة العلم بما ادّعاه فأنكرت، كان له تحليفها على عدم العلم، والله أعلم. علي بن عبدالعالي.

مسألة [9]:

فيما لو شهد رجلان غير عدلين بأنّ زينب وكلّت زيداً في تزويجها من عمرو، ثمّ عقد عليها زيد المذكور، بناءً على هذا التوكيل من عمرو، عقداً مشتملاً على الإيجاب والقبول الشرعيين بمحضر جمع كثير، ثم غاب عمرو المذكور قبل أن يتصرّف في زينب المذكورة، ثمّ ادّعت زينب المذكورة بأنّها لم توكّل زيداً في تزويجها، ولم ترضَ بذلك التزويج، فهل تكون زينب المذكورة في هذه الدعوى مصدّقة باليمين، أم لا؟

الجواب:

الثقة بالله وحده، نعم القول قول زينب في ذلك بيمينها والحال ما ذكر، والله أعلم. علي بن عبدالعالي.


الصفحة 17

مسألة [10]:

فيما لو سلّم زيد إلى عمرو قريته، وسلّم إليه البذر وجميع المصالح وآلات الزراعة، فزرع القرية المذكورة ببذره، ويعطيه كلّ سنة مقداراً معيّناً من محصولها، وتراضيا على ذلك، فهل هذه الصورة مزراعة فاسدة وليست بإجارة شرعيّة، ويكون محصول القرية المذكورة لزيد المذكور، ولعمرو المذكور اُجرة عمله اُجرة المثل، أم لا؟

وعلى تقدير أن يعترف عمرو المذكور بأنّ الصورة المذكورة إجارة شرعيّة مقبوضة بمقدار معيّن من محصول القرية المذكورة، فهل هذا الاعتراف معتبر شرعاً والحال ما ذكر، أم لا؟ بيّنوا تؤجروا.

الجواب:

الثقة بالله وحده، إذا زرع عمرو البذر في القرية المذكورة فالمحصول كلّه لزيد، ولعمرو اُجرة مثل عمله، وهذا واضح شرعاً، إنّ مستند عمرو في الاعتراف بالإجارة إنّما هو الصورة فلا عبرة له شرعاً، والله أعلم. علي بن عبدالعالي.

مسألة [11]:

فيما لو شرط زيدٌ لزوجته في عقد نكاحها أن لا يُخرجها من بيتها، وأن لا يخرجها من عند أهلها، فهل يلزمه هذا الشرط، أم لا؟

الجواب:

الثقة بالله وحده، الشرط المذكور غير لازم، وخصوصاً إذا كان اشتراطه خارج العقد، والله أعلم. علي بن عبدالعالي.


الصفحة 18

مسألة [12]:

في أرض لا تكون في يد أحد يتصرّف فيها تصرفاً شرعياً، ولكن يدّعي ملكيتها جماعة لا يثبت مدّعاهم بالشياع ولا بالشهود العدول، أيجوز التصرّف فيها بالزراعة والغرس، أم لا؟

الجواب:

الثقة بالله وحده، إن كان على هذه الأرض آثار العمارة فهي من قبيل ما جهل مالكه، وحكمه معلوم، والله أعلم. علي بن عبدالعالي.

مسألة [13]:

وما قولهم فيما لو تصرّف فيها أحد، يجب عليه بيّنة إذا طسقها المالك إذا ثبت بالوصية، أم لا؟

الجواب:

نعم، عليه ذلك.

مسألة [14]:

وما قولهم فيما لو تصرّف فيها منفذ التصرّف إن أراد أن يحلّها، لكن يعلم أنّه جائز التصرّف فيها بحيث إذا ثبت لها مالك لا يؤدّي طسقها إليه ولا يسلّم الأرض أيضاً، أيجوز ترك التصرّف، أم لا؟

الجواب:

الثقة بالله وحده، لا يجوز ذلك إلاّ إذا سلّمها المتصرف إلى الحاكم الشرعي المتمكّن من الدفع عنها، أو مَن يقوم مقامه إن كان المتصرّف ليس

الصفحة 19
واحداً منها، والله أعلم. علي بن عبدالعالي.

مسألة [15]:

هل يُحبى أكبر الأولاد الذكور بثياب الميّت وخاتمه وسيفه ومصحفه، مع وجود تركة غير الحبوة، أم لا؟

الجواب:

الثقة بالله وحده، نعم يُحبى الولد المزبور الأكبر بما ذكر بشرطه، والله أعلم. علي بن عبدالعالي

مسألة [16]:

فيما لو ادّعى زيدٌ على عمرو، أو تخاصم وكيلاهما من قبلهما وكانوا مسلمين، فهل يجب على الحاكم التسوية بينهما، أو بين وكيليهما في المجلس، والتمكين من الدعوى والجواب، وإقامة البيّنة والتحليف، وما يتعلّق بالدعوى الجارية بينهما، أم لا؟

الجواب:

الثقة بالله وحده، نعم يجب على الحاكم الشرعي ذلك والحال ما ذكر، والله أعلم. علي بن عبدالعالي.

مسألة [17]:

فيما إذا رهن زيدٌ عقاراً عند خالد بدينه عليه، فمات الراهن، فباع الحاكم للشرع الشريف بإذن مَن حضر مِن ورثة زيد الراهن لتوفية ما على المرهون بالشرائط الشرعيّة، فهل لمن غاب مِن الورثة بعد الحضور أن يبطل

الصفحة 20
البيع المذكور بمجرّد زعم أنّه لم يكن البيع بإذنه، أم لا؟ بيّنوا تؤجروا.

الجواب:

الثقة بالله وحده، ليس لمن كان غائباً من الورثة إبطال البيع المذكور بالسبب المذكور، والله أعلم. علي بن عبدالعالي.

مسألة [18]:

فيما إذا وقف بيرجين(1) القرية التي هي ملكه ومتصرّفه مع المزراعة المتعلّقة بالقرية المزبورة على ابنيه المسمّين محمّد وأحمد، وعلى أولادهما نسلاً بعد نسل، فإن انقرضوا فعلى الأقرب إلى الواقف المسفور نسلاً بعد نسل، فإن انقرضوا فعلى الفقراء والمساكين، وكان للواقف المزبور ابنان وثلاث بنات محمود وأبو القاسم وزبيدة وفاطمة ومريم، وصدر الوقف المزبور عن الواقف المسفور مشتملاً على جميع الشرائط والأركان سيما القبض والاقباض الشرعيين في الموقوف، فهل يكون للأولاد الغير الموقوف عليهم المزبورين حظّ ونصيب شرعي بحسب الإرث في القرية والمزرعة الموقوفين المذكورين؟

الجواب:

الثقة بالله وحده، ليس للموقوف عليهم من الأولاد حظّ ولا نصيب والحال ما ذكر، والله أعلم. علي بن عبدالعالي.

مسألة [19]:

وما قوله أيّد الله ظلّه العالي في أنّه إذا مات محمّد المزبور ضمناً ولم

____________

1- هكذا وردت في النسخة الخطيّة. وپرچين: كلمة فارسيّة، وهي البستان مع الجدار الذي يعمل له من القصب والشوك حوله. لغت نامه دهخدا 11: 170.


الصفحة 21
يكن له عقب، فهل لأحمد المذكور التصرّف في الوقف المسفور على وجه يقتضي الوقف المزبور فقط، أم لا؟

الجواب:

الثقة بالله وحده. علي بن عبدالعالي(1).

مسألة [20]:

وما قوله أيّد الله ظلّه السامي في أنّه إذا ثبت الوقف المسفور على النسق المزبور، وأقرّ أحمد الموقوف عليه المسطور ضمناً بأنّ أباه الواقف المذكور وقف العقار الموقوف المذكور على ذكور أولاده، فهل يصير الابنان الغير الموقوف عليهما شريكين في العقار الموقوف المذكور بمجرّد الاقرار المزبور مع أنّه بوجهه وبوقفه عليهما، أم لا؟

الجواب:

الثقة بالله وحده، إذا أوضحت الصورة التي صدر عليهما الوقف، وكان اقرار أحمد مخالفاً لها، لم يلتفت إلى اقراره، والله أعلم. علي بن عبدالعالي.

مسألة [21]:

فيما لو كان مالاً مشتركاً بالاشاعة بين أخوين، فمات أحدهما وخلّف طفلاً لا ولي له شرعاً إلاّ الحاكم، فهل يجوز لأخيه الموجود إخراج الزكاة والخمس وأداء الحج، وما جرى مجراها من الحقوق الواجبة عليه بسبب ذلك الحال منه من غير أن يأذن له الحاكم ويتميّز حقّه، أم لا؟

____________

1- هكذا في النسخة الخطية.


الصفحة 22

الجواب:

الثقة بالله وحده، ليس له ذلك بدون القسمة الشرعيّة، والله أعلم. علي بن عبدالعالي.

مسألة [22]:

ما تقول والمسألة بحالها، هل يجوز للأخ المذكور التصرّف في المال المذكور بالتجارة، ويحسب ممّا يحصل به الاستمتاع والأخذ منه ليتعيّش به وضروريات الطفل المذكور عند تعذّر القسمة والتمييز والاحتياج إليه بفقدان ما أخذ له، أم لا؟

الجواب:

الثقة بالله وحده، ليس للأخ المذكور ذلك، وإنّما ولاية الطفل لحاكم الشرع الشريف، والتصرّف فيه بدون اذنه غير جائز. وكذا في حصّة الأخ، أعني عمّ الطفل قبل القسمة الشرعيّة، والله أعلم. علي بن عبدالعالي.

مسألة [23]:

فيما إذا ادّعى زيد على زينب البالغة العاقلة بأنّ أباها زوجّها منه وهي صغيرة بولاية الاُبوّة، وأنكرت هي وأبوها ذلك، ومضى على ذلك مدّة بينهما مشاحة ومنازعة، ولم يثبت ذلك شرعاً، فهل لزينب أن تتزوّج بغيره، أم لا؟

الجواب:

الثقة بالله وحده، نعم للمذكورة التزوّج بغير زيد والحال ما ذكر، والله أعلم. علي بن عبدالعالي.


الصفحة 23

مسألة [24]:

فيما لو باع زيد الأرض المعيّنة المشتركة بينه وبين أخيه عمرو بغير اذن عمرو المذكور، ولم يمض عمرو المذكور البيع المذكور، فهل يكون هذا البيع باطلاً في حصّة عمرو المذكور دون حصّة زيد المذكور، أم لا؟

الجواب:

الثقة بالله وحده، نعم البيع باطل في حصّة عمرو دون حصة زيد المذكور، والله أعلم. علي بن عبدالعالي.

مسألة [25]:

فيما إذا استقرض زيد من عمرو مبلغاً معيّناً ورهن عنده بذلك المبلغ شِقصاً، ثم تصرّف المقرض الدائن المذكور في الشِقص المرهون مدّة، فهل تكون منافع الشقص المرهون التي تصرّف بها المقرض في هذه المدّة محسوبة من أصل الدين والحال هذه، أم لا؟

الجواب:

الثقة بالله وحده، نعم المنافع المذكورة محسوبة على المقرض المتصرّف بها المذكور، حيث إنّه لم يثبت له استحقاقها بطريق شرعي. علي بن عبدالعالي.

مسألة [26]:

فيما لو تلف مال الأمانة والبضاعة بأن أخذه قطّاع الطريق قهراً، فهل يضمن المتصرّف مع عدم التعدّي والتفريط، أم لا؟


الصفحة 24

الجواب:

الثقة بالله وحده، حيث إنّه لم يحصل من الأمين تعدٍّ ولا تفريط وحصل التلف لتلك الأموال فلا ضمان عليه.

مسألة [27]:

المسألة بحالها وادّعى خالد أخذ المال منه قهراً، ولم يتمكّن من الدفع، ولم يقصّر ولم يفرّط، ولم يترك سبباً من أسباب المحافظة والاحتياط، والمنزل الذي نزل في خارج القرية المعتاد النزول فيه من أمثاله، ولم يعلم بأحوال قطّاع الطريق، فعرضوا عليه فجأة. وادّعى زيد بأنّه لابدّ أن ينزل في بيوت أهل القرية، وأن يضع ماله عند أهل القرية، فهل القول قول الأمين في جميع المذكور، أم لا؟

الجواب:

الثقة بالله وحده، متى حصل الاختلاف بين الأمين وصاحب المال في التعدّي والتفريط، ولم يكن الحال معلوماً، ولا بيّنة، فالقول قول الأمين بيمينه، ولو علم ووضح أنّه تعدّى الحّد شرعاً فهو ضامن. ونزول الأمين خارج القرية المذكورة وحراسته يرجع فيه إلى العادات والقرائن المعتبرة شرعاً، والله أعلم. علي بن عبدالعالي.

مسألة [28]:

هل تُصرف الزكاة الواجبة في بلد مُستحق أهل البلدة المذكورة مع الشرائط، أم تنقل إلى بلد آخر؟ بيّنوا تؤجروا.

الجواب:

الثقة بالله وحده، لا يجوز نقل الزكاة الواجبة عن البلد مع وجود

الصفحة 25
المستحق فيه، والله أعلم. علي بن عبدالعالي.

مسألة [29]:

فيما لو أحدث زيدٌ ممرَ ماء في طريق مزروعة بغير إذن أربابها، وأجرى الماء في ذلك الممر، فهل يكون هذا الإحداث والإجراء جائزين شرعاً والحال ما ذكر، أم لا؟

وعلى تقدير عدم الجواز هل لأرباب الطريق المذكورة منع زيد المذكور في الاحداث المذكورة، وتكليفه بإزالة ما أحدث من القساطل والأحجار وطمّ الحفُر، واصلاح الفاسد بفعله في الطريق المذكور، أم لا؟ بيّنوا تؤجروا.

الجواب:

الثقة بالله وحده، الاحداث والاجراء المذكورات غير جائزين شرعاً، ولأرباب الطريق منع زيد المذكور من ذلك، وتكليفه الإزالة والطمّ والاصلاح، والله أعلم. علي بن عبدالعالي.

مسألة [30]:

فيما لو امتنع من إزالة القساطل والأحجار وطمّ الحفر وإصلاح الفاسد، فهل لأرباب الطريق المذكور أن يتولّوا ذلك وعليه اُجرة العمل في ذلك، إن أدّى ذلك الفعل إلى تلف مصالح زيد من القساطل والأحجار بغير قصد، أم لا؟ بيّنوا تؤجروا.

الجواب:

نعم لأرباب الطريق ذلك، ورفع الأمر إلى الحاكم الشرعي أولى ليلزمه

الصفحة 26
بالإزالة، أو يأخذ منه الاُجرة إذا امتنع فأمر الحاكم بالإزالة وتوابعها فاُزيلت بأمره، والله أعلم. علي بن عبدالعالي.

كَتَبَ ثانياً وأجاب دام ظلّه العالي بهذه الجواب:

الثقة بالله وحده، ينبغي رفع الأمر إلى حاكم الشرع الشريف ليجبره على الإزالة، أو يستأجر عليها من مال المحدث، فإن لم يوجد تولّوا ذلك بأنفسهم وأشهدوا على عدم تبرّعهم بمايغرمونه ورجعوا عليه به، والله أعلم. علي بن عبدالعالي.

مسألة [31]:

فيما لو طلب زيد المذكور من الحاكم الجائر أن يأخذ الديّة من الجماعة المذكورة بغير إثبات شرع مع العلم بالصلح المذكور بمجرّد الطلب المذكور مبلغاً معيّناً بالإكراه والإجبار، فهل للجماعة المذكورة أن يرجعوا على زيد المذكور بالمبلغ المذكور والحال ما ذكر، أم لا؟

الجواب:

الثقة بالله وحده، ليس لهم ذلك والحال ما ذكر، والله أعلم. علي بن عبدالعالي.

مسألة [32]:

فيما لو كانت بنتان في سنّ الحضانة، ولهما أخوان بالغان من الأبوين، وأخ من الاُم غير بالغ، وأخ آخر من الأب بالغ فقط، فهل تكون الحضانة لأحد الأخوين من الأبوين بالقرعة مع عدم الأبوين والأجداد، أم لا؟ بيّنوا تؤجروا.


الصفحة 27

الجواب:

الثقة بالله وحده، نعم الحضانة لأحد الأخوين المذكورين بالقرعة مع فقد مَن هو أقرب منهما.

مسألة [33]:

وما قولهم خلّد الله ظلّهم في البنتين المذكورتين، هل تكون كفالتهما لأحد الأخوين من الأبوين المذكورين بعد زمان الحضانة إلى حين البلوغ والحال ما ذكر، أم لا؟

الجواب:

نعم الأمر كذلك، والله أعلم. علي بن عبدالعالي.

مسألة [34]:

فيما لو مات زيد عن زينب زوجته وابنين، ثم تزوّجت زينب بعمرو، وماتت هي وعمرو عن بنتين بينهما في سنّ الحضانة، وابن منهما غير بالغ، وابن لعمرو من زوجة اُخرى بالغ، فهل تكون الحضانة بين الاُخوة من الاُم البلاّغ بالقرعة، وليس للأخ من الاُم نصيب في الحضانة، أم تكون الحضانة بين الاُخوة من الاُم والأخ من الأب بالقرعة؟

وكذا الكفالة إلى وقت البلوغ مع عدم الأبوين والأجداد، أم لا؟ أفتونا مأجورين.

الجواب:

الثقة بالله وحده. الأخ من الأب أحقّ إلى حين البلوغ في الصورة المذكورة، والله أعلم. علي بن عبدالعالي.