المقدّمة


الحمدُ لله ربّ العالمين، بارئ الخلائق أجمعين، والصلاة والسّلام على خير مدعوٍّ ومجيب، ورسول وحبيب، علم التقى، وبدر الدجى، محمّد المصطفى (صلى الله عليه وآله)، وعلى عترته أُولي الحجى وذوي النهى، والعروة الوثقى، وسفينة النجاة، التي أمن مَن ركبها، وغرق مَن تركها، وعلى صحبهم والتابعين لهم بإحسان، الحافظين للوديعة، ومَن أحبّوا الشريعة، واللعنة الدائمة على مَن نازعهم ونصب لهم.

وبعد،

تعرّفنا في ما مضى على عدّة جوانب من حياة المحقّق الكركي: الشخصيّة، والسياسيّة، والعلميّة، وآرائه وفوائده.

ففي البحث عن حياته الشخصيّة تحدّثنا عن اسمه، ومولده وموطنه، وأُسرته، وأخلاقه وسجاياه، وآثاره ومآثره، وكراماته، ومراحل حياته المختلفة، ثمّ مدحه وإطرائه، وأخيراً وفاته ومدفنه.

وفي حياته السياسيّة تعرّضنا لعدّة مواضيع لها صلة بالكركي وعصره: كالتصوّف والصوفيّة، وموقف العلماء من الحكّام، ونشوء الدولة الصفويّة وكيفيّة تعامل العلماء معها، ثمّ تحدّثنا بشكل مفصّل عن علاقة الكركي بهذه الدولة ابتداءً من تأسيسها حتّى سنة 940 هـ، حيث عاصر الكركي حاكمين من حكّامها هما الشاه إسماعيل وابنه الشاه طهماسب.


الصفحة 2
وفي حياته العلميّة سلّطنا الضوء على بعض المجالات التي كان للكركي دور فعّال فيها، فتحدّثنا عن عصره ومعاصريه، وأساتذته وشيوخه، والروايات التي حصل عليها والتي منحها، ومؤلّفاته، والكتب التي قرأها والتي قُرئت عليه، ومكانته العلميّة، ونشاطه العلميّ، والمحاورات والردود العلميّة التي جرت بينه وبين بعض الأعلام.

ثمّ أفردنا بحثاً مستقلاًّ وكاملاً لآرائه ونظريّاته المودعة في مؤلّفاته، والتي لم يُفرد لها تصنيفاً مستقلاً، حيث أجرينا عمليّة استقصاء كامل لكافّة مؤلّفاته، واستخرجنا منها هذه الآراء والنظريّات، وهي آراؤه الكلاميّة، والأُصوليّة، والرجاليّة، وفوائده التأريخيّة، وملاحظاته عن بعض المؤلّفات، وشواهده الشعريّة، والجداول والرسوم التي استعملها.

وفي نهاية كلّ بحث أفردنا فصلاً خاصّاً بعنوان " الملاحظات "، سجّلنا فيه الملابسات التي حصلت في حياته، والاشتباهات التي وقع فيها بعض المؤلّفين عند ترجمتهم للكركي.

والآن تعال معي عزيزي القارئ لنطلّ على جانب آخر من جوانب عظمة هذا الرجل، حيث نتعرّف على بعض آرائه ونظرياته التي استطاع أن يصهرها في بودقة التأليف عبر كتبه المختلفة من حيث مواضيعها وحجمها وأسباب تأليفها.

إنّ الوقوف على مؤلّفات المحقّق الكركي، ودراستها بشكل مفصّل ودقيق، يكشف لنا ـ من جانب ـ المستوى العلمي الذي تمتّع به هذا العالم، ومن جانب آخر يُظهر لنا المنزلة الاجتماعيّة الكبيرة التي كان يحتلّها آنذاك، ليس في أوساط الناس عموماً، بل حتّى عند كبار رجال الدولة، وعلى رأسهم الشاه إسماعيل وابنه الشاه طهماسب، وقد تعرّضنا لهذه النقاط بشكل مفصّل

الصفحة 3
في ما مضى من الكتاب عند حديثنا عن حياته.

والملاحظ أنّ مؤلّفات الكركي تنقسم إلى ثلاثة أقسام:

الأوّل:

الرسائل، والتي تتناول عادةً البحث عن موضوع معيّن، أو مسألة فقهيّة واحدة. وهذه الرسائل يختلف حجمها، فبعضها يقع في أربعين أو خمسين صفحة، والبعض الآخر يقع في عدّة صفحات.

الثاني:

الحواشي والشروح لبعض الكتب المعتمدة عندنا، كالشرائع والمختصر النافع للمحقّق الحلّي، والقواعد والإرشاد والمختلف للعلاّمة الحلّي، والألفيّة الشهيديّة.

الثالث:

جواب الأسئلة والاستفتاءات التي كانت ترد عليه من مختلف أنحاء العالم الإسلامي، وبمستويات مختلفة في التعبير، وقد قام بعض تلامذته وبعض العلماء القريبين من عصره بجمعها وترتيبها.

وقد استطعتُ بحمد الله تعالى وتوفيقه طيلة سنوات عديدة، أن أجمع وأُحقّق من مؤلّفات هذا العالم الجليل أربعة وخمسين مؤلّفاً، معتمداً على مائة وعشرين نسخة خطيّة موجودة في عدّة مكتبات في الجمهوريّة الإسلاميّة الإيرانيّة: قم المقدّسة، مشهد المقدّسة، طهران، همدان، يزد، خوانسار، أصفهان. وقد عانيت الكثير من المصاعب في جمع هذه النسخ الخطيّة، فإنّ الحصول على نسخة خطيّة واحدة من أقرب المكتبات إلينا في مدينة قم المقدّسة لا يخلو من مصاعب جمّة، فكيف بهذا الكمّ الهائل من النسخ الخطيّة.


الصفحة 4

منهجيّة التحقيق


اعتمدت في تحقيقي لهذه المجموعة من رسائل الكركي وحواشيه على طريقة واحدة، أُلخّصها بعدّة نقاط:

(1) اتّبعت طريقة التلفيق بين النسخ الخطيّة، وذلك لعدم عثوري على نُسخ الأصل التي كتبها الكركي بيده. نعم، بعض الرسائل عثرتُ لها على نُسخ مقروءة على الكركي، إلاّ أنّي لم أكتف بها وأضفتُ لها نُسخاً أُخرى.

(2) عند حصولي على عدّة نسخ خطيّة لإحدى هذه المؤلّفات، أقوم بمقابلة بعضها مع البعض الآخر، وإثبات الصحيح أو الأصح في المتن وما قابلهما في الهامش.

وعند عدم حصولي إلاّ على نسخة واحدة، فإنّي أجعلها الأصل في عملي، وأُشير في الهامش إلى ملاحظاتنا واستظهاراتنا عليها.

(3) استخراج كلّ ما يحتاج إلى تخريج من آيات قرآنيّة كريمة، وأحاديث شريفة، وأقوال العلماء في شتى العلوم، وشواهد شعريّة، وأماكن وبقاع. وحاولت قدر المستطاع أن أعتمد على المصادر الرئيسيّة في كافة الاستخراجات، إلاّ تلك المصادر المفقودة أساساً أو التي لم أُوفّق للحصول عليها، فقد استعنتُ في الحصول على أقوالها بواسطة مصادر أُخرى ميسّرة.

(4) لم أُترجم كافة الأعلام الّذين وردت أسماؤهم، بل ترجمتُ لبعضهم حسب الضرورة التي رأيتها.

(5) عند شروعي في تحقيق الحواشي والشروح وضعتُ متن الكتاب المشروح في أعلى كلّ صفحة، ويتلوه الشرح أو الحاشية التي كتبها الكركي.


الصفحة 5
ثمّ قمتُ بحذف المتن واكتفيت بالإشارة إليه ; رعاية للاختصار، وتلبيةً لاقتراح بعض الإخوة الأفاضل من المحقّقين.

(6) رتّبتُ الرسائل حسب مواضعيها، فوضعتُ أوّلاً الرسالة النجميّة التي جمع فيها الكركي بين علمي الكلام والفقه وأدرج فيها أيسر ما يجب على المكلّفين معرفته في الأُصول والفروع، ثمّ رسالة استنباط الأحكام التي تعبّر عن المنهج العلمي للكركي، ثمّ الرسائل الفقهيّة مرتّبة بترتيب كتب الفقه ابتداءً من الطهارة وانتهاءً بالقضاء، ثمّ الرسائل المتفرّقة وجوابات المسائل الفقهيّة التي وردت عليه.

(7) نظّمتُ فهارس فنيّة كاملة، تعميماً للفائدة واتّباعاً للمنهج الحديث في التحقيق.


وآخر دعوانا أن الحمدُ لله ربّ العالمين

محمّد الحسّون


الصفحة 6


الدعوات والفوائد





الصفحة 7

الصفحة 8

بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين

الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على رسوله المبعوث بالحقّ، نبيّنا وهادينا محمّد، وعلى آله الطاهرين.

وبعد،

هذه رسالة (الدعوات والفوائد) التي تشتمل على مجموعة من الأدعية والفوائد المتفرّقة، التي جمعها الكركي وعلّق على بعضها.

وقد جُمعت في نسخة خطيّة كبيرة تحتوي إضافة لهذه الرسالة على عدّة رسائل للكركي كالعدالة، وطلاق الغائب، والأرض المندرسة، وصيغ العقود والإيقاعات.

وهذه النسخة الخطيّة محفوظة الآن في مكتبة الفاضل الخوانساري في مدينة خوانسار برقم 239، مذكورة في فهرس هذه المكتبة 1: 199. وبعض هذه الأدعية والفوائد قد نقلت من خطّ الكركي.


والحمد لله ربّ العالمين


الصفحة 9


الصفحة الاُولى من النسخة المحفوظة في مكتبة الفاضل الخوانساري

الصفحة 10

الصفحة الأخيرة من النسخة المحفوظة في مكتبة الفاضل الخوانساري

الصفحة 11

الصفحة 12

[1: دعاء يُقرأ بعد كلّ فريضة]

يستحب أن يقول بعد كلّ فريضة: لا إله إلاّ الله إلهاً واحداً ونحن له مسلمون، لا إله إلاّ الله لا نعبد إلاّ إيّاه مخلصين له الدين ولو كره المشركون، لا إله إلاّ الله ربنا وربّ أبائنا الأولين، لا إله إلاّ الله وحده وحده، صدق وعده ونصر عبده وأعزّ جنده وهزم الأحزاب وحده، فله الملك وله الحمد يحي ويميت وهو حي لا يموت، بيده الخير وهو على كل شي قدير.

استغفر الله الذي لا إله إلاّ هو الحي القيوم وأتوب إليه، اللّهم أهدني من عندك، وأفِضْ عَلَيّ من فضلك، وأنشر عَلَيّ من رحمتك، وأنزل عليّ من بركاتك. سبحانك لا إله إلاّ أنت اغفر لي ذنوبي كلّها جميعاً، فإنه لا يغفر الذنوب جميعاً إلاّ أنت. اللهم إنّي أسئلك من كلّ خير أحاط به علمك، وأعوذ بك من كلّ سوء أحاط به علمك. اللهمّ إني أسئلك عافيتك في اُموري كلّها، وأعوذ بك من خزي الدنيا وعذاب الآخرة، وأعوذ بوجهك الكريم وعزّتك التي لا ترام، وقدرتك التي لا يمتنع منها شيء من شر الدنيا والآخرة وشر الأوجاع كلّها، ولا حول ولا قوة إلاّ بالله العلي العظيم، توكلّت على الله الحيّ القيّوم الذي لا يموت، والحمد لله الذي لم يتخذ ولداً، ولم يكن له شريك في الملك، ولم يكن له ولي من الذلّ وكبره تكبيراً.

ثم يسبح تسبيح الزهراء ثم يقول: لا إله إلاّ الله، إن الله وملائكته يصلّون على النبيّ، يا أيها الّذى آمنوا صلّوا عليه وسلّموا تسليما. لبيك وسعديك، اللهم صلّ على محمّد وآل محمّد، وأهل بيت محمّد، وعلى ذرية محمّد عليه وعليهم السلام ورحمة الله وبركاته. وأشهد أنّ التسليم منّا لهم

الصفحة 13
والائتمام بهم والتصديق لهم، ربّنا آمنّا بك وصدّقنا رسولك وسلّمنا تسليما، ربّنا آمنّا بما أنزلت واتبعنا الرسول وآل الرسول فاكتبنا مع الشاهدين.

اللهم إني أسألك أن تصلّيّ على محمّد وآل محمّد وأسألك من خير ما أرجو ومن خير ما لا أرجو، وأعوذ بك من سوء ما أحذر وما لا أحذر سبحان ربّ العزّة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.

اللهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد واجعل لي من أمري فرجاً ومخرجاً وارزقني من حيث أحتَسِبُ ومن حيث لا أحْتَسب، ياربّ محمّد وآل محمّد صلّ على محمّد وآل محمّد، وعجّل فرج محمّد وآل محمّد، واعتق رقبتي من النار.

ويقول أربعين مرة سبحان الله والحمد لله، ولا إله إلاّ الله والله أكبر.

ثم يقول: اللّهم صلّ على محمّد وآل محمّد، وأسالك خير الخير ورضوانك والجنة، وأعوذ بك من شرّ الشرّ وسخطك والنار. اللّهمّ أنت ثقتي في كلّ كربة، وأنت رجائي في كلّ شدّة، وأنت لي في كلّ أمر نزل بي ثقة وعدّة، فاغفر لي ذنوبي كلّها، واكشف غمّي، وفرّج همّي وعافني من خزي الدنيا وعذاب الأخرة.

أعوذ بك من شرّ نفسي، ومن شرّ غيري، وشرّ السلطان، وشر الشيطان، وفسقة الجن والإنس، وفسقة العرب والعجم، وركوب المحارم كلّها، وممن نصب لأولياء إلله. اُجير نفسي بالله من كلّ سوء، عليه توكلّت وهو ربّ العرش العظيم.

ثم يقول: استودع الله نفسي وديني و أهلي ومالي وولدي واخواني المؤمنين وجميع من رزقني ربّي وجميع من يُعنيني امره. أستودع الله المرهوب المخوف المتضعضِع لعظمته كلّ شيء، ديني ونفسي وأهلي ومالي

الصفحة 14
وولدي واخواني المؤمنين وجميع ما رزقني ربّي وجميع من يُعنيني امره.

ثم يقول: اللهمّ إني أسألك باسمك المكنون المخزون الطاهر الطهر المبارك، وأسألك بأسمك العظيم وسلطانك القديم، يا واهب العطايا ويا مطلق الاُسارى ويا فكاك الرقاب من النار، أسألك أن تصلّ على محمّد وآل محمّد وأن تُعْتِقَ رقبتي من النار، وأخْرجني من الدنيا سالماً وأدخلني الجنّة آمناً، واجعل دعائي أوّلَه فلاحاً وأوسَطَه نجاحاً وآخره صلاحاً إنك أنت علاّم الغيوب.

ثم يقول: لا إله إلاّ الله العظيم الحليم، لا إله إلاّ الله ربّ العرش العظيم، الحمد لله رب العالمين. اللهمّ إني أسئلك موجبات رحمتك وعزائم مغفرتك، والغنيمة من كلّ برٍّ، والسلامة من كلّ إثم. اللهّم لا تدع لي ذنباً إلاّ غفرته، ولا همّاً إلاّ فرّجته، ولا سقماً إلاّ شفيته، ولا عيباً إلاّ سترته، ولا رزقاً إلاّ بسطته، ولا خوفاً إلاّ آمَنتَه، ولا سوءاً إلاّ صرفته، ولا حاجة هي لك رضىً ولي فيها صلاح إلاّ قضيتها يا أرحم الراحمين آمين رب العالمين.

ومما يدعو به بعد كل فريضة هذا الدعاء: يا من أظهر الجميل وستر القبيح، يا مَنْ لَمْ يُؤاخِذْ بِالْجَريرَةِ وَلَمْ يَهْتِكِ السِّتْرِ، يا عَظيمَ الْعَفْوِ، يا حَسَنَ التَّجاوُزِ، يا باسط اليدين بالرحمة، يا صاحِبَ كُلِّ نَجْوى ومُنْتَهى كُلِّ شَكْوى، يا كَريمَ الصَّفْحِ، يا عَظيمَ الْمَنِّ، يا مُبْتَدِئ اِلنِّعَمِ قَبْلَ اسْتِحْقاقِها، يا ربنا وسيدَنا ويا مولانا ويا غاية رغبتنا أسألك يا الله أن لا تُشوّه خلقي بالنار.

ويختص الصبح بالاكثار من سبحان الله العظيم وبحمده استغفر الله وأتوب إليه وأسأله من فضله(1).

____________

1- انظر المصباح للكفعمي 1: 73 وما بعدها.


الصفحة 15

[2: دعاء للخلاص من الشدائد]

هكذا نُقِلَ من خطّ خاتم المجتهدين:

الحمد لله، دعاء شريف يُدعى به للخلاص من الشدائد:

يَا سامِعَ كُلِّ صَوْت، ويا سابِقَ كُلِّ فَوْت، ويا مُحْيِيَ العظام وهي رميم بعد المَوْتِ، بخلدك الأبدي ودوامك السرمدي وحياتك التي لا تموت صلّ على محمّد وآل محمّد واَغثْني وفرّجْ عني ما أنا فيه بلا إله إلاّ أنت عليك توكلّت وأنت ربّ العرش العظيم.

[3: دعاء للخلاص من الأمراض]

ونقل أيضاً من خطّه الشريف:

يا من كَبَسَ الأرض على الماء، وسَدّ الهواءَ بالسماء، واختار لنفسه أحسَنَ الأسماء، صَلّ على محمّد وآل محمّد واصرف عني هذا الداء

[4: أربعة أحاديث]

قال النبي صلى الله عليه وآله: "من تكلّم بكلام الدنيا في خمسة مواضع أبطل الله تعالى عمله خمسة وعشرين سنة: الأوّل في المسجد، والثاني عند قراءة القران، والثالث عند الأذان، والرابع عند خلف الجنايز، والخامس في المقابر"(1) صدق رسول الله.

من "كشف الغمة" عن الإمام محمّد الباقر عليه السلام: ومن كلامه عليه السلام "كفى بالمرء عيباً أن يبصر من الناس ما يعمى عنه من نفسه،

____________

1- انظر الأسرار المرفوعة: 338، تذكرة الموضوعات: 36، كشف الخفاء 2: 433.


الصفحة 16
وأن يأمر الناس بما لا يفعله، وأن ينهى الناس عمّا لا يستطيع التحوّل عنه، وأن يوذي جليسه بما لا يعنيه"(1).

ثلاثة اُقسم بالله أنّها الحقّ: "ما نقص مالٌ من صدقة ولا زكاة، ولا ظلم أحد فقدر عليه أن يُكافئ بها فكظمها إلاّ أبدله الله تعالى مكانه عزّاً، ولا فتح عبد على نفسه باب مسألة إلاّ فتح عليه باب فقر"(2).

وعنه عليه السلام: "أربعة أشياء القليل منها كثير: النار، والعداوة، والفقر، والمرض"(3).

[5] طريقة الاستخارة بالرقاع

روي عن الصادق عليه السلام أنّه قال: "إذا أردت أمراً فخذ ستّ رقاع فاكتب في ثلاث منها: بسم الله الرحمن الرحيم خيرة من الله العزيز الحكيم لفلان ابن فلانه افعل، وفي ثلاث منها: بسم الله الرحمن الرحيم خيرة من الله العزيز الحكيم لفلان بن فلانة لا تفعل. ثم ضعها تحت مصلاّك، ثم صلّ ركعتين، فإذا فرغت فاسجد سجدة وقل في سجودك: أستخير الله برحمته خيرة في عافية مائة مرّة، ثم استو جالساً وقل: اللّهمّ خر لي واختر لي في جميع اموري في يسر منك وعافية، ثم اضرب بيدك على الرقاع فشوشها واخرجها واحدة واحدة فان خرجت ثلث، متواليات افعل فافعل ما تريد، وان خرجت ثلاث متواليات لا تفعل فلا تفعله، وان خرجت واحدة افعل والاُخرى لا تفعل فاخرج من الرقاع إلى خمس فانظر أكثرها فاعمل به ودع السادسة لا يحتاج اليها "(4).

____________

1- كشف الغمّة 2: 146.

2- انظر كنز العمال 3: 206 حديث 6189 و15: 813 حديث 43232.

3- انظر الخصال 1: 238 حديث 84 باب الأربعة.

4- انظر فتح الأبواب: 286.


الصفحة 17

[6: منزلة علي (عليه السلام) من النبي (صلى الله عليه وآله)]

بسمه سبحانه، هذا ما نُقِلَ من خطّ شيخ الإسلام والمسلمين علي بن عبدالعالي أسكنه الله فراديس الجنان: نقل الشيخ عزالدين عبدالحميد بن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة عن أمير المؤمنين صلوات الله عليه ما صورته:

" أنا من رسول الله صلّى الله عليه كالعضد من المنكب، وكالذراع من العضد، وكالكفّ من الذراع. ربّاني صغيراً، وآخاني كبيراً. ولقد علمتم أنّي كان لي منه مجلس سرّ لا يطلّع عليه غيري، وأنّه أوصى إليّ دون أصحابه وأهل بيته، ولأقولُنّ ما لم أقله لأحد قبل هذا اليوم: سألته مرّة أن يدعو لي بالمغفرة فقال: أفْعَلُ، ثم قام فصلّى فلما رفع يديه في الدعاء استمعت اليه فاذا هو قائل اللّهمّ بحق عليّ عندك اغفر لعليّ، فقلت يارسول الله ما هذا؟! فقال أو أحدٌ أكرم منك عليه فاستشفِعُ به إليه(1).

[7: الاستخارة بالعدد]

وأيضاً نقل هذا من خطّه الاستخارة بالعدد، ومنقولة من كتاب (الذكرى) لشيخنا الإمام السعيد الشهيد قدّس الله روحه، رواها باسناده إلى صاحب الأمر عليه السلام، وصفتها: أن يقرأ الفاتحة عشراً ثم يقول هذا الدعاء ثلاثاً: اللّهمّ اني أستخيرك لعلمك بعاقبة الاُمور وأستشيروك لحسن ظني بك في المأمون والمحذور، اللّهمّ إن كان الأمر الفلاني ممّا قد نيطت

____________

1- شرح نهج البلاغة 3: 111.


الصفحة 18
بالبركة اعجازه وبواديه وحُفّت بالكرامة أيامه ولياليه فخرْ لي اللهم فيه خيرةً تَرّد شموسه ذلولاً وتقْعصُ أيامه سروراً اللّهمّ إمّا أمرٌ فأتِمه، وإمّا نهي فأنتهي. اللّهمّ اني استخيرك برحمتك خيرة في عافية.

قم تقبض على قطعة من السبحة وتضمر حاجتك إن كان عدد تلك القطعة زوجاً فهو افعل وإن كان فرداً لا تفعل، أو بالعكس(1).

[8: أركان الدعاء وأجنحته وأسبابه وأوقاته]

قال ابن عطاء: للدعاء أركان، وأجنحة، وأسباب، وأوقات. فإن وافق أركانه قوي، وإن وافق أجنحته طار في السماء، وإن وافق مواقيته فاز، وإن وافق أسبابه اُنحج.

فأركانه حضور القلب، والرقة، والاستكانة، والخشوغ، وتعلق القلب بالله، وقطعه من الأسباب.

وأجنحته الصدق.

ومواقيته الأسحار.

وأسبابه الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم.

منقول من كتاب النشر للشيخ الجزري(2).

____________

1- الذكرى: 252.

2- النشر في القراءات العشر 2: 454.


الصفحة 19

[9: الدعاء الذي يُقرأ عند الأكل
من تربة الحسين (عليه السلام) للاستشفاء]

فإذا احتاج أحدكم للأكل من تربة الحسين (عليه السلام) يقرأ هذا الدعاء ثم يأكل.

"بسم الله وبالله، اللّهمّ ربّ هذه التربة المباركة الطاهرة، وربّ النور الذي اُنْزِلَ فيه، وربّ الجَسَدِ الذى سَكَنَ فيه وربّ الملائِكَةِ الموكّلين به، اجعله لي شفاءً من داءِ كذا أو كذا".

واجرع من الماء جرعة خلفه وقل: "اللّهمّ اجعله رزقاً واسعاً وعلماً نافعاً، وشفاءً من كلّ داء وسقم". فإن الله تعالى يرفع ما يجد من السقم والهمّ والغمّ إن شاء الله تعالى(1).

[10] بيان الألِفات الخارقة القرآنية اثباتاً وحذفاً

اعلم أنّ المصاحف اتّفقت على إثبات الألف بعد الواو الأصليّة التي هي لام الفعل حيث وقع في القرآن، سواء كان منصوباً أو مرفوعاً، نحو {يرجوا}(2) و{ويربوا}(3) و{أشكوا}(4) و{ليعفوا}(5) و{ليبلوا}(6)

____________

1- مصباح المتهجد: 510، الدعوات: 187، حديث 517، بحار الانوار 101: 134 حديث 71 و72، مستدرك الوسائل 10: 342 حديث 12141.

2- في قوله تعالى: (فمن كان يرجوا لقاء ربّه فليعمل عملاً صالحاً) الكهف: 110.

و(من كان يرجوا لقاء الله فإنّ أجل الله لآت) العنكبوت: 5.

و(لقد كان لكم في رسول الله اسوة حسنة لمن كان يرجوا الله واليوم الآخر)الأحزاب: 21.

و(يحذر الآخرة ويرجوا رحمّة ربّه) الزمر: 9.

و(لقد كان لكم فيهم اسوة حسنة لمن كان يرجوا الله واليوم الآخر) الممتحنة: 6.

3- في قوله تعالى: (فلا يربوا عند الله) الروم: 39.

4- في قوله تعالى: (قال إنّما أشكوا بثي وحزني إلى الله) يوسف: 86.

5- في قوله تعالى: (وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم) النور: 22.

6- في قوله تعالى: (ولو يشاء الله لانتصر منهم ولكن ليبلوا بعضكم ببعض) محمّد: 4.


الصفحة 20
و{ليربوا}(1) إلاّ في قوله تعالى {أن يعفو عنهم}(2) في سورة النساء.

وكذا اُثبتت بعد واو الجمع نحو {آمنوا}(3) و{عملوا}(4)و{نسوا}(5) و {لا تدعوا}(6) و{أدعوا}(7) و{اشتروا}(8) و{آووا ونصروا}(9) و{لووا}(10) إلاّ في كلمتين وهما {جاءو}(11) و{باءو}(12) حيث

____________

1- في قوله تعالى: (وما آتيتم من ربا ليربوا في أموال الناس) النور: 39.

2- النساء: 99.

3- في قوله تعالى: (أفأمنوا مكر الله) الأعراف: 99.

و(أفأمنوا أن تأتيهم غاشية من عذاب الله) يوسف: 107.

4- وذلك في موارد كثيرة من القرآن الكريم، ولعلها تصل إلى ثلاثة وسبعين مورداً.

5- وذلك في تسعة موارد من القرآن الكريم، منها قوله تعالى: (يحرّفون الكلم عن مواضعه ونسوا حظاً مّما ذكروا به) المائدة: 13.

6- في قوله تعالى: (أيّاً ما تدعوا فله الأسماء الحسنى) الإسراء: 110.

و(ولا تدعوا اليوم ثبوراً واحداً وادعوا ثبوراً كثيراً) الفرقان: 14.

و(فلا تهنوا وتدعوا إلى السلّم وأنتم الأعلون والله معكم) محمّد: 35.

و(تدعوا من أدبر وتولّى) المعارج: 17.

و(فلا تدعوا مع الله أحداً) الجن: 18.

7- في قوله تعالى: (قل هذا سبيلي أدعوا إلى الله) يوسف: 108.

و(إليه أدعوا وإليه مآب) الرعد: 36.

و(أعتزلكم وما تدعون من دون الله وأدعوا ربّي) مريم: 48.

و(قل إنّما أدعوا ربّي ولا أشرك به أحداً) الجن: 20.

8- وذلك في سبعة موارد من القرآن الكريم منها في قوله تعالى: (اُولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى) البقرة: 16.

9- في قوله تعالى: (والذين آووا ونصروا أولئك بعضهم أولياء بعض) الأنفال: 72.

و(والذين آووا ونصروا أولئك هم المؤمنون حقّاً) الأنفال: 74.

10- في قوله تعالى: (وإذا قيل لهم تعالوا يستغفر لكم رسول الله لووا رؤوسهم) المنافقون: 5.

11- وذلك في تسعة موارد في القرآن الكريم، منها قوله تعالى (وجاءو أباهم عشاء يبكون)يوسف: 16.

12- في قوله تعالى: (وباءو بغضب من الله وضربت عليهم المسكنة) آل عمران: 112.


الصفحة 21
وقعا، وفي البقرة {فإن فاءو}(1) وفي الفرقان {عتو عتواً}(2) وفي سبأ {والذين سعو}(3) وفي الحشر {والذين تبوءو}(4) لا غير.

وكذا أثبت الألف بعد الواو التي هي علامة الرفع نحو قوله تعالى {اُولوا الألباب}(5) و{اُولوا العزم}(6) و{اُولوا بقية}(7) وشبهه.

وكذا في نحو {ملقوا الله وملقوا ربهم}(8) و{مرسلوا الناقة}(9)و{بنوا اسرائيل}(10) في يونس لوقوع الواو طرفاً في الجميع.

____________

1- في قوله تعالى: (فإن فاءو فإنّ الله غفور رحيم) البقرة: 226.

2- في قوله تعالى: (لقد استكبروا في أنفسهم وعتو عتواً كبيراً) الفرقان: 21.

3- في قوله تعالى: (والذين سعو في آياتنا معاجزين) سبأ: 5.

4- في قوله تعالى (والذين تبوءو الدار والإيمان من قبلهم يحبّون من هاجر إليهم)الحشر: 9.

5- في قوله تعالى (وما يذكر إلاّ اُولوا الألباب) البقرة: 269.

و(يقولون آمنا به كلّ من عند ربنا وما يذكر إلاّ اُولوا الألباب) آل عمران: 7.

و(إنّما يتذكر اُولوا الألباب) الرعد: 19.

و(وليعلموا إنّما هو إله واحد وليذكر اُولوا الألباب) إبراهيم: 52.

و(ليدبّروا آياته وليتذكر اولوا الألباب) ص: 29.

و(انّما يتذكر اُولوا الألباب) الزمر: 9.

6- في قوله تعالى: (فَاصبِر كما صبر اُولوا العزم من الرسل) الأحقاف: 35.

7- في قوله تعالى: (فلولا كان من القرون من قبلكم اُولوا بقيّة ينهون عن الفساد في الأرض إلاّ قليلاً ممّن أنجينا منهم) هود: 116.

8- في قوله تعالى: (الذين يظنون أنّهم مُلقُوا ربهم وأنّهم إليه راجعون) البقرة: 46.

و(قال الذين يظنون أنّهم مُلقُوا الله) البقرة: 249.

و(أنّهم مُلقُوا ربّهم) هود: 29.

9- في قوله تعالى: (إنّا مرسلوا الناقة فتنة لهم) القمر: 27.

10- في قوله تعالى: (حتّى إذا أدركه الغرق قال آمنت أنّه لا إله إلاّ الذي آمنت به بنوا اسرائيل وأنا من المسلمين) يونس: 90.


الصفحة 22
وكذلك زيدت بعدها في قوله تعالى {الربوا}(1) في سائر القرآن، وفي النساء {إن امرؤا هلك}(2) وكذا في {يعبؤا}(3) و{تفتؤا}(4)و{تظمؤا}(5) و{يدرؤا}(6) و{يتفيؤا}(7) و{يبدؤا}(8) و{ينشؤا}(9) و{ينبؤا}(10) و{مانشؤا}(11) في سورة هود و{الضعفؤا}(12) و{العلمؤا}(13) و{شفعؤا}(14) و{برءاوا}(15) و{البلؤُا}(16) و{الملؤا}(17)

____________

1- وذلك في سبعة موارد من القرآن الكريم، منها قوله تعالى: (الذين يأكلون الربوا)البقرة: 275.

2- في قوله تعالى: (يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة إن امرؤا هلك ليس له ولد وله اُخت) النساء: 176.

3- في قوله تعالى: (قل ما يعبؤا بكم ربي لولا دعاؤكم) الفرقان: 77.

4- في قوله تعالى: (قالوا تالله تفتؤا تذكر يوسف حتى تكون حرضاً) يوسف: 85.

5- في قوله تعالى: (وأنك لا تظمؤا فيها ولا تضحى) طه: 119.

6- في قوله تعالى: (ويدرؤا عنها العذاب أن تشهد أربع شهادات بالله) النور: 8.

7- في قوله تعالى: (يتفيؤا ظلاله عن اليمين والشمائل) النحل: 48.

8- في قوله تعالى: (أمّن يبدؤا الخلق ثمّ يعيده) النمل: 64.

9- في قوله تعالى: (أومن ينشؤا في الحلية وهو في الخصام غير مبين) الزخرف: 18 10) في قوله تعالى: (ينبؤا الإنسان يومئذ بما قدّم وأخّر) القيامة: 13.

11- في قوله تعالى: (أو أن نفعل في أموالنا ما نشؤا) هود: 87.

12- في قوله تعالى: (فقال الضعفؤا للّذين استكبروا انّا كنا لكم تبعاً) ابراهيم: 21.

13- في قوله تعالى: (إنما يخشى الله من عبادة العُلَمؤا) فاطر: 28.

14- في قوله تعالى: (ولم يكن لهم من شركائهم شفعؤا وكانوا بشركائهم كافرين) الروم: 13.

15- في قوله تعالى: (انّا بُرءؤا منكم وممّا تعبدون) الممتحنة: 4.

16- في قوله تعالى: (إنّ هذا لهو البلؤا المبين) الصافات: 106.

17- في قوله تعالى: (فقال الملؤا الذين كفروا من قومه ما هذا إلاّ بشر مثلكم)المؤمنون: 24.