المقدّمة


الحمدُ لله ربّ العالمين، بارئ الخلائق أجمعين، والصلاة والسّلام على خير مدعوٍّ ومجيب، ورسول وحبيب، علم التقى، وبدر الدجى، محمّد المصطفى (صلى الله عليه وآله)، وعلى عترته أُولي الحجى وذوي النهى، والعروة الوثقى، وسفينة النجاة، التي أمن مَن ركبها، وغرق مَن تركها، وعلى صحبهم والتابعين لهم بإحسان، الحافظين للوديعة، ومَن أحبّوا الشريعة، واللعنة الدائمة على مَن نازعهم ونصب لهم.

وبعد،

تعرّفنا في ما مضى على عدّة جوانب من حياة المحقّق الكركي: الشخصيّة، والسياسيّة، والعلميّة، وآرائه وفوائده.

ففي البحث عن حياته الشخصيّة تحدّثنا عن اسمه، ومولده وموطنه، وأُسرته، وأخلاقه وسجاياه، وآثاره ومآثره، وكراماته، ومراحل حياته المختلفة، ثمّ مدحه وإطرائه، وأخيراً وفاته ومدفنه.

وفي حياته السياسيّة تعرّضنا لعدّة مواضيع لها صلة بالكركي وعصره: كالتصوّف والصوفيّة، وموقف العلماء من الحكّام، ونشوء الدولة الصفويّة وكيفيّة تعامل العلماء معها، ثمّ تحدّثنا بشكل مفصّل عن علاقة الكركي بهذه الدولة ابتداءً من تأسيسها حتّى سنة 940 هـ، حيث عاصر الكركي حاكمين من حكّامها هما الشاه إسماعيل وابنه الشاه طهماسب.


الصفحة 2
وفي حياته العلميّة سلّطنا الضوء على بعض المجالات التي كان للكركي دور فعّال فيها، فتحدّثنا عن عصره ومعاصريه، وأساتذته وشيوخه، والروايات التي حصل عليها والتي منحها، ومؤلّفاته، والكتب التي قرأها والتي قُرئت عليه، ومكانته العلميّة، ونشاطه العلميّ، والمحاورات والردود العلميّة التي جرت بينه وبين بعض الأعلام.

ثمّ أفردنا بحثاً مستقلاًّ وكاملاً لآرائه ونظريّاته المودعة في مؤلّفاته، والتي لم يُفرد لها تصنيفاً مستقلاً، حيث أجرينا عمليّة استقصاء كامل لكافّة مؤلّفاته، واستخرجنا منها هذه الآراء والنظريّات، وهي آراؤه الكلاميّة، والأُصوليّة، والرجاليّة، وفوائده التأريخيّة، وملاحظاته عن بعض المؤلّفات، وشواهده الشعريّة، والجداول والرسوم التي استعملها.

وفي نهاية كلّ بحث أفردنا فصلاً خاصّاً بعنوان " الملاحظات "، سجّلنا فيه الملابسات التي حصلت في حياته، والاشتباهات التي وقع فيها بعض المؤلّفين عند ترجمتهم للكركي.

والآن تعال معي عزيزي القارئ لنطلّ على جانب آخر من جوانب عظمة هذا الرجل، حيث نتعرّف على بعض آرائه ونظرياته التي استطاع أن يصهرها في بودقة التأليف عبر كتبه المختلفة من حيث مواضيعها وحجمها وأسباب تأليفها.

إنّ الوقوف على مؤلّفات المحقّق الكركي، ودراستها بشكل مفصّل ودقيق، يكشف لنا ـ من جانب ـ المستوى العلمي الذي تمتّع به هذا العالم، ومن جانب آخر يُظهر لنا المنزلة الاجتماعيّة الكبيرة التي كان يحتلّها آنذاك، ليس في أوساط الناس عموماً، بل حتّى عند كبار رجال الدولة، وعلى رأسهم الشاه إسماعيل وابنه الشاه طهماسب، وقد تعرّضنا لهذه النقاط بشكل مفصّل

الصفحة 3
في ما مضى من الكتاب عند حديثنا عن حياته.

والملاحظ أنّ مؤلّفات الكركي تنقسم إلى ثلاثة أقسام:

الأوّل:

الرسائل، والتي تتناول عادةً البحث عن موضوع معيّن، أو مسألة فقهيّة واحدة. وهذه الرسائل يختلف حجمها، فبعضها يقع في أربعين أو خمسين صفحة، والبعض الآخر يقع في عدّة صفحات.

الثاني:

الحواشي والشروح لبعض الكتب المعتمدة عندنا، كالشرائع والمختصر النافع للمحقّق الحلّي، والقواعد والإرشاد والمختلف للعلاّمة الحلّي، والألفيّة الشهيديّة.

الثالث:

جواب الأسئلة والاستفتاءات التي كانت ترد عليه من مختلف أنحاء العالم الإسلامي، وبمستويات مختلفة في التعبير، وقد قام بعض تلامذته وبعض العلماء القريبين من عصره بجمعها وترتيبها.

وقد استطعتُ بحمد الله تعالى وتوفيقه طيلة سنوات عديدة، أن أجمع وأُحقّق من مؤلّفات هذا العالم الجليل أربعة وخمسين مؤلّفاً، معتمداً على مائة وعشرين نسخة خطيّة موجودة في عدّة مكتبات في الجمهوريّة الإسلاميّة الإيرانيّة: قم المقدّسة، مشهد المقدّسة، طهران، همدان، يزد، خوانسار، أصفهان. وقد عانيت الكثير من المصاعب في جمع هذه النسخ الخطيّة، فإنّ الحصول على نسخة خطيّة واحدة من أقرب المكتبات إلينا في مدينة قم المقدّسة لا يخلو من مصاعب جمّة، فكيف بهذا الكمّ الهائل من النسخ الخطيّة.


الصفحة 4

منهجيّة التحقيق


اعتمدت في تحقيقي لهذه المجموعة من رسائل الكركي وحواشيه على طريقة واحدة، أُلخّصها بعدّة نقاط:

(1) اتّبعت طريقة التلفيق بين النسخ الخطيّة، وذلك لعدم عثوري على نُسخ الأصل التي كتبها الكركي بيده. نعم، بعض الرسائل عثرتُ لها على نُسخ مقروءة على الكركي، إلاّ أنّي لم أكتف بها وأضفتُ لها نُسخاً أُخرى.

(2) عند حصولي على عدّة نسخ خطيّة لإحدى هذه المؤلّفات، أقوم بمقابلة بعضها مع البعض الآخر، وإثبات الصحيح أو الأصح في المتن وما قابلهما في الهامش.

وعند عدم حصولي إلاّ على نسخة واحدة، فإنّي أجعلها الأصل في عملي، وأُشير في الهامش إلى ملاحظاتنا واستظهاراتنا عليها.

(3) استخراج كلّ ما يحتاج إلى تخريج من آيات قرآنيّة كريمة، وأحاديث شريفة، وأقوال العلماء في شتى العلوم، وشواهد شعريّة، وأماكن وبقاع. وحاولت قدر المستطاع أن أعتمد على المصادر الرئيسيّة في كافة الاستخراجات، إلاّ تلك المصادر المفقودة أساساً أو التي لم أُوفّق للحصول عليها، فقد استعنتُ في الحصول على أقوالها بواسطة مصادر أُخرى ميسّرة.

(4) لم أُترجم كافة الأعلام الّذين وردت أسماؤهم، بل ترجمتُ لبعضهم حسب الضرورة التي رأيتها.

(5) عند شروعي في تحقيق الحواشي والشروح وضعتُ متن الكتاب المشروح في أعلى كلّ صفحة، ويتلوه الشرح أو الحاشية التي كتبها الكركي.


الصفحة 5
ثمّ قمتُ بحذف المتن واكتفيت بالإشارة إليه ; رعاية للاختصار، وتلبيةً لاقتراح بعض الإخوة الأفاضل من المحقّقين.

(6) رتّبتُ الرسائل حسب مواضعيها، فوضعتُ أوّلاً الرسالة النجميّة التي جمع فيها الكركي بين علمي الكلام والفقه وأدرج فيها أيسر ما يجب على المكلّفين معرفته في الأُصول والفروع، ثمّ رسالة استنباط الأحكام التي تعبّر عن المنهج العلمي للكركي، ثمّ الرسائل الفقهيّة مرتّبة بترتيب كتب الفقه ابتداءً من الطهارة وانتهاءً بالقضاء، ثمّ الرسائل المتفرّقة وجوابات المسائل الفقهيّة التي وردت عليه.

(7) نظّمتُ فهارس فنيّة كاملة، تعميماً للفائدة واتّباعاً للمنهج الحديث في التحقيق.


وآخر دعوانا أن الحمدُ لله ربّ العالمين

محمّد الحسّون


الصفحة 6


حاشية
المختصر النافع





الصفحة 7

الصفحة 8

بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين

الحمدُ لله الذي صغُرت في عظمته عبادة العابدين، وحَصِرت عن شُكر نعمته ألسنةُ الحامدين، وقَصرت عن وصف كماله أفكار العالمين. والصلاة والسّلام على أكرم المرسلين، وسيّد الأولين والآخرين، محمّد خاتم النبيّين، وآله الطيّبين الطاهرين.

وبعد،

بين يديكَ عزيزي القارىء حاشية المحقّق الكركيّ على المختصر النافع للمحقّق الحلّي الشيخ نجم الدين أبي القاسم جعفر بن الحسن بن يحيى بن الحسن بن سعيد الهذلي ت 676 هـ.

وهي حاشية مختصرة أوضح فيها مصنّفها العبارات الغامضة في المتن، مع بعض الاستدلالات العلميّة، وقد ضمّنها آراءه التي يعتمد عليها في الفتوى، كما هو واضح من مقدّمتها.

وبما أنّ منهجنا في هذه الحواشي عدم وضع المتن في أعلى الصفحات، والإشارة في الهامش إلى مكان كلّ قول بِذِكْرِ رقم الصفحة والسطر، لذلك فقد اعتمدتُ في استخراجات المتن على الطبعة المحقّقة في قسم الدراسات الإسلاميّة في مؤسسة البعثة في مدينة قم المقدّسة سنة 1413 هـ.

وقد اعتمدتُ في تحقيق هذه الحاشية على نسختين خطيّتين هما:

الاُولى: النسخة الخطيّة المحفوظة في مكتبة مجلس

الصفحة 9
الشورى الإسلامي في طهران ضمن المجموعة المرقمة 5340، والمذكورة في فهرس مخطوطات المكتبة 16: 251، كتبها بدرالدين خليل الله رستمداري في جمادي الاُولى سنة 1026هـ. وتقع هذه النسخة في سبعين ورقة بحجم 5/5× 11سم، وكلّ ورقة تحتوي على ثمانية عشر سطراً، وقد رمزنا لها بالحرف " م ".

الثانية: النسخة الخطيّة المحفوظة في المكتبة المرعشيّة العامّة في مدينة قم المقدّسة ضمن المجموعة المرقمة 4079، والمذكورة في فهرس مخطوطات المكتبة 11: 91، وهي مجهولة التأريخ، كتبها محمّد بن نصرالله. وتقع هذه النسخة في أربعين ورقة بحجم 5/17× 12سم، وكلّ ورقة تحتوي على خمسة عشر سطراً، وقد رمزنا لها بالحرف " ش ".


والحمد لله ربّ العالمين


الصفحة 10


الصفحة الاُولى من النسخة الخطيّة المحفوظة في مكتبة مجلس الشورى الاسلامي "م"

الصفحة 11

الصفحة الأخيرة من النسخة الخطيّة المحفوظة في مكتبة مجلس الشورى الاسلامي "م"

الصفحة 12

الصفحة الاُولى من النسخة الخطيّة المحفوظة في المكتبة المرعشيّة " ش "

الصفحة 13

الصفحة الأخيرة من النسخة الخطيّة المحفوظة في المكتبة المرعشيّة " ش "

الصفحة 14
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدُ لله، والصلاة على رسوله محمّد وآله.

وبعد، فهذه فوائد علّقتها على كتاب " النافع في مختصرالشرائع " لبيان ما يُعتمد عليه في الفتوى ممّا تردّد فيه صاحب الكتاب أو أفتى فيه بخلاف ما يقتضيه الدليل، وإيضاح ما قد يخفى من العبارة أو مقصود المسألة، مُعتمداً فيه غاية الاختصار، والله حسبي ونعم الوكيل.

قوله: (أمّا المطلق... إلى آخره)(1).

لم يتعرّض لتعريف المطلق هاهنا، والكاشف لحقيقته أنّه الّذي يقع عليه إطلاق اسم الماء عرفاً، معرّاً عن القيود والإضافات وإن كان قد يقيّد بقيد جائز الإنفكاك، كالتقييد بكونه ماء بئر وماء فرات ونحو ذلك. ومن خواصّه عدم جواز سلب اسم الماء عنه، ومبادرته إلى الفهم عند إطلاق اللفظ.

قوله: (فهو في الأصل طاهر ومطهّر يرفع الحدث ويزيل الخبث)(2).

أي في أصل خلقته حيث لم يعرض له عارض آخر، وقوله: (يرفع الحدث... إلى آخره) تفسير لـ (مطهّر).

والحدث: نجاسة حكميّة معنويّة تحتاج في إزالتها إلى النيّة، ولا يتعدّى حكم التنجيس عن محلّها إلى محلّ آخر مع الرطوبة.

والخبث: نجاسة عينيّة تتعدّى مع الرطوبة ولا يتوقّف زوالها على النيّة.

____________

1- المختصر النافع الصفحة 41 السطر 5. علماً بأنّنا سوف لا نُكرّر اسم المختصر النافع في استخراجات المتن، بل نذكر رقم الصفحة والسطر فقط.

2- ص 41 س 5.


الصفحة 15
وقد لاحظَ المصنّف الفرق بينهما بقوله: (يرفع الحدث ويزيل الخبث)، فإنّ الرفع لا يكون إلاّ بالنيّة، بخلاف الإزالة. واعلم أنّ الحدث يطلق حقيقة على معنى آخر، وهو الأسباب الموجبة للطهارة.

قوله: (وكلّه ينجس باستيلاء النجاسة...إلى آخره)(1).

أي كلّ المطلق بجميع أنواعه ينجس بذلك.

والاستيلاء: الغَلبة والقهر.

والمراد بالأوصاف: اللون والطعم والرائحة، فإنّها الأوصاف المعنويّة للماء التي مقهوريّته دائرة مع تغيّرها وجوداً وعدماً، دون باقي الأوصاف كالحرارة والبرودة.

قوله: (ولا ينجس الجاري منه بالملاقاة)(2).

أي من المطلق، والمراد بالجاري: هو النابع من الأرض غير البئر.

أمّا الجاري على وجه الأرض غير النابع فإنّه ينجس بالملاقاة إذا نقص عن الكرّ واستوى سطوحه، وإن سفل موضع الملاقاة اختصّ بالتنجيس، ولا يشترط فيه الكريّة على الأصح، ويرشد إليه في العبارة إطلاق الجاري وتخصيص الكريّة من الراكد.

قوله: (وحكم ماء الحمّام حكمه...إلى آخره)(3).

المراد بـ(ماء الحمّام): هو ما في حياضه التي لا تبلغ الكرّ، فإنّه يلحق بالجاري في عدم تنجّسه من دون التغيير إذا كان له مادّة من ماء آخر واقف. ويشترط في المادة الكريّة على الأصح، وإنّما قيّدنا بكونه واقفاً ; لأنّه لو كان

____________

1- ص 41 س 5 ـ 6.

2- ص 41 س 6.

3- ص 41 س 9.


الصفحة 16
جارياً لكان اسم الجاري واقفاً على الجميع، وإنّما يشترط الكريّة في المادّة، لأنّ هذا الحكم من أصله إنّما هو مع عدم استواء سطوح الماءين، أمّا مع الاستواء فإنّهما في الحقيقة ماء واحد، فيكفي بلوغ المجموع الكريّة.

قوله: (وكذا ماء الغيث حال نزوله)(1).

أي حكمه كالجاري فيما قلناه، ولا يشترط كونه بحيث يجري من ميزاب، نعم يشترط أن تكون له قوّة، فلا عبرة بنحو القطرات والطلُّ(2) اليسير.

قوله: (وينجس القليل بالملاقاة على الأصح)(3).

هذا هو المفتى به، ويكاد يكون إجماعيّاً للأصحاب، خلافاً لابن أبي عقيل(4).

قوله: (وفي تقدير الكثرة روايات، أشهرها ألف ومائتا رطل)(5).

وفي بعضها ستمائة(6)، وفي بعضها ألف، والمذهب هو ما وردت به الرواية المشهورة.

قوله: (وفسّره الشيخان بالعراقي)(7).

وقال المرتضى: إنّه المدني(8)، وهو رطل ونصف بالعراقي، والأصح الأوّل.

والرطل العراقي مائة وثلاثون درهماً، أوثمانية وعشرون، أو بإضافة أربعة

____________

1- ص 41 س 9.

2- الطلُّ: أضعف المطر، والجمع الطلال. الصحاح 5: 1752 " طلل ".

3- ص 41 س 8. وفي النسخة المطبوعة المحقّقة من المتن: القليل من الراكد.

4- حكاه عنه الماتن المحقّق الحلّي في المعتبر1: 48، والفاضل الآبي في كشف الرموز 1: 46، والعلاّمة الحلّي في مختلف الشيعة 1: 14.

5- ص 41 س 10. والرواية في الكافي 3: 3 حديث 6، والتهذيب 1: 41 حديث 113، والاستبصار 1: 10 حديث 15.

6- التهذيب 1: 43 حديث 119 و 1: 414 حديث 1308، الاستبصار 1: 11 حديث 16 و 17.

7- ص 41 ـ 42 س10 ـ 1. وانظر المقنعة: 64، المبسوط 1: 6، النهاية: 30.

8- المسائل الناصرية (ضمن الجوامع الفقهيّة): 214.


الصفحة 17
أسباع، وسيأتي تحقيقه في باب الزكاة إن شاء الله.

قوله: (وفي نجاسة البئر بالملاقاة قولان، أظهرهما التنجيس)(1).

هنا أقوال:

أحدها: عدم التنجيس مع وجوب النزح تعبّداً(2).

الثاني: عدم التنجيس واستحباب النزح(3).

الثالث: القول بالتنجيس(4).

الرابع: إن كان ماؤه كرّاً لم ينجس بالملاقاة.

والأصح الثاني.

قوله: (وانصباب الخمر)(5).

ذهب بعض الأصحاب إلى الفرق بين القطرة والقطرات من الخمر وانصبابها، ما وجب للانصباب نزح جميع الماء في القطرة والقطرات عشرون دلواً(6)، والأصحّ عدم الفرق(7)، وعبارة المصنّف يلوح منها الفرق ; نظراً إلى أنّ

____________

1- ص 42 س 2.

2- ذهب اليه الشيخ الطوسي في التهذيب 1: 232، وابن فهد في الموجز الحاوي (المطبوع مع كشف الالتباس) 1: 50، وقوّاه في المقتصر: 33.

3- ذهب إليه ابن أبي عقيل ـ كما حكاه عنه العلاّمة الحلّي في مختلف الشيعة 1: 25 المسألة 7 ـ والعلاّمة الحلّي في قواعد الأحكام 1: 5 ومختلف الشيعة 1: 35 المسألة 7، وابنه فخر المحقّيقن في إيضاح الفوائد 1: 17.

4- ذهب إليه الشيخ المفيد في المقنعة: 64، والشيخ الطوسي في المبسوط 1: 11 والنهاية: 6، وسلاّر في المراسم: 34، وابن ادريس في السرائر 1: 69، والماتن المحقّق الحلّي في شرائع الإسلام 1: 5 والمعتبر 1: 54، وقال الشهيد في غاية المراد ا: 66: وكاد أن يكون إجماعاً على الفتوى بالنجاسة.

5- ص 42 س 4.

6- ذهب إله ابن بابويه في المقنع: 11، وأطلق في كتابه الآخر من لا يحضره الفقيه 1: 12 ـ 13 نزح الماء بانصباب الخمر.

7- ذهب أكثر علمائنا إلى عدم الفرق بين قليل الخمر وكثيره، كالشيخ الطوسي في المبسوط 1: 11 والجمل والعقود (ضمن الرسائل العشر): 170، وسلاّر في المراسم: 35، والقاضي ابن البرّاج في المهذب 1: 21، وأبي الصلاح الحلبي في الكافي في الفقه: 130، وابن حمزة فى الوسيلة: 74، وابن إدريس في السرائر 1: 69 ـ 70، والماتن المحقّق الحلّي في شرائع الإسلام 1: 5، والعلاّمة الحلّي في مختلف الشيعة 1: 33 المسألة 13.


الصفحة 18
المتبادّر من الانصباب ما يكون كثيراً دون نحو القطرة والقطرات(1)، مع احتمال إرادة عدمه نظراً إلى أنّ الانصباب المائع صادق في القليل والكثير.

قوله: (وكذا قال الثلاثة في المسكرات)(2).

المائعة بالأصالة دون الحشيشة، والمراد بـ(الثلاثة) الشيختان(3) والمرتضى(4).

وهذا القول هو المشهور وعليه الفتوى ; لمشاركتها الخمر في الأحكام.

قوله: (وألحق الشيخ الفقاع)(5).

وهو المشهور بين المتأخّرين، وعليه الفتوى(6) ; لأنّه " خمر مجهول "(7).

قوله: (والمنيّ)(8).

نُقل عن الشيخ أبي علي أنّ المّراد به منيّ الإنسان، وأمّا غيره فمّما لا نصّ فيه.

____________

1- في " م ": والقطرتين.

2- ص 42 س 4 ـ 5.

3- المقنعة: 67، المبسوط 1: 11، النهاية: 6.

4- حكاه عنه الماتن المحقّق الحلّي في المعتبر 1: 58.

5- ص 42 س 5. وانظر المبسوط 1: 11، النهاية: 6.

6- وعليه الفتوى: لم ترد في " ش ".

7- الكافي 6: 423 حديث 7، التهذيب 1: 282 حديث 828.

8- ص 42 س 5.


الصفحة 19

قوله: (فإن غلب الماء تراوح عليها قوم اثنين اثنين)(1).

أي حال كونهم اثنين اثنين، أحدهما في أعلى البئر والآخر في أسفلها، فيكونون أربعة فصاعداً، إلاّ أن تؤدّي الكثرة إلى البطء والتراخي في الصعود والنزول.

والمفهوم من لفظ(القوم) الرجال، فلا تجزىء النساء ولا الخناثى، وكذا الصبيان.

والمراد باليوم: يوم الصوم من طلوع الفجر إلى الغروب، لا اليوم العرفي(2): وهو ما يعمل فيه عادة.

ولا بأس باجتماعهم في الأكل والصلاة، ولا يجزىء الواحد النائب، ولا التراوح ليلاً.

قوله: (وكذا قال الثلاثة في الفرس والبقرة)(3).

وعليه الفتوى.

قوله: (ولموت الإنسان...إلى آخره)(4).

لا فرق في الإنسان بين المسلم والكافر، والصغير والكبير، والذكر والانثى. لكن إذا وقع الكافر حيّاً ثمّ عرض له الموت، وقلنا بالنجاسة التي لا نصّ فيها، يجب لها نزح جميع الماء، وهو الأصح، فوجب هنا نزح الجميع.

والمراد بالدلو: المعتادة على ذلك البئر، أو الغالبة إن تعدّدت دلاؤها.

____________

1- ص 42 س 6.

2- في " ش ": عرفاً.

3- ص 42 س 8. وانظر: المقنعة: 66، المبسوط 1: 11. وحكى الماتن المحقّق الحلّي في المعتبر 1: 58 قول السيّد عن مصباحه.

4- ص 42 س 9.


الصفحة 20

قوله: (وللعذرة عشر)(1)

وذلك في اليابسة.

قوله: (فإن ذابت فأربعون...إلى آخره)(2).

المراد بكونها ذائبة: تأثير الماء في جميع(3) أجزائها وتخليله إياها وإن لم تتلاش، والمعتمد وجوب خمسين.

قوله: (وفي الدم أقوال، والمروي في دم ذبح الشاة من ثلاثين إلى أربعين)(4).

المعتمد وجوب أربعين.

قوله: (وفي القليل دلاء يسيرة)(5).

الأصح أنّها عشرة.

قوله: (ولموت الكلب وشبهه أربعون)(6).

المراد بشبه الكلب ما في حجمه، كابن آوى ونحوه.

قوله: (وألحق الشيخان بالكلب موت الثعلب والأرنب والشاة)(7).

الفتوى على ذلك.

قوله: (وروي في الشاة تسع أو عشر)(8).

لا عمل على الرواية.

____________

1- ص 42 س 10.

2- ص 42 س 10.

3- جميع: لم ترد في " ش ".

4- ص 42 س 11. التهذيب 1: 409 حديث 1288.

5- ص 42 ـ 43 س 11 ـ 1.

6- ص 43 س 2.

7- ص 42 س 3. وانظر: المقنعة: 66، المبسوط 1: 11، النهاية: 6.

8- ص 43 س 4. التهذيب 1: 237 حديث 683، الاستبصار 1: 38 حديث 105.


الصفحة 21

قوله: (وللسنّور أربعون(1)، وفي رواية سبع)(2).

الأصح أربعون.

قوله: (ولموت الطير واغتسال الجنب سبع)(3).

المراد بالطير من الحمامة فما زاد، وفي وجوب النزح لاغتسال الجنب إشكال ; لأنّ الفرض خلّو بدنه من نجاسة عينيّة، ولا يُعقل تنجس الماء من غير منّجس.

وربما حُمل على أنّ النزح لعود الطهوريّة ; بناءً على أنّ المستعمل غير طهور كما هو عند الشيخين(4) وجماعة(5)، والبئر كالقليل في الانفعال.

واُورد عليه أنّ شرط تحقّق الاستعمال حصول رفع الحدث بالاغتسال، وقد صرّح الشيخ وجماعة بعدمه ; للنهي الدالّ على الفساد، فلا يتحقّق الاستعمال حينئذ. على أنّ الوارد في الأخبار النزح بدخول الجنب البئر(6)ونزوله(7) ووقوعه فيها(8)، ولا دلالة في ذلك على الاغتسال.

قوله: (وللفأرة إن تفسّخت)(9).

وكذا لو انتفخت.

____________

1- التهذيب 1: 235 حديث 680، الاستبصار 1: 36 حديث 97.

2- ص 43 س 4. التهذيب 1: 235 حديث 679، الاستبصار 1: 34 حديث 91.

3- ص 43 س 5.

4- المقنعة: 64، المبسوط 1: 11 والنهاية: 4.

5- كالصدوق في الفقيه 1: 10 ذيل الحديث 17، وابن حمزة في الوسيلة: 74.

6- التهذيب 1: 244 حديث 702 و 703.

7- التهذيب 1: 241 حديث 695، الاستبصار 1: 34 ـ 35 حديث 93.

8- الكافي 3: 6 حديث 7، التهذيب 1: 240 حديث 694، الاستبصار 1: 34 حديث 92.

9- ص 43 س 5 ـ 6.


الصفحة 22

قوله: (وقيل دلو)(1).

وهو قول ضعيف.

قوله: (ولبول الصبيّ سبع)(2).

المراد الفطيم الذي لم يبلغ.

قوله: (وفي رواية ثلاث)(3).

لا عمل عليها.

قوله: (ولو كان رضيعاً فدلو واحد)(4).

المراد به مَن يغلب عليه الاغتذاء باللبن في مدّة الرضاع، فلو غلب عليه غيره أو ساواه فليس برضيع، وكذا لو خرجت مدّة الرضاع.

قوله: (وكذا في العصفور وشبهه)(5).

شبه العصفور ما تحت الحمام.

قوله: (ولو غيّرت النجاسة ماءها نُزح)(6).

أي جميعه ; للحكم بنجاسته.

____________

1- ص 43 س 6. والقائل هو الشيخ الصدوق في الفقيه 1: 12.

2- ص 43 س 7.

3- ص 43 س 7. وانظر الفقه المنسوب للإمام الرضا(عليه السلام): 94.

4- ص 43 س 8.

5- ص 43 س 8.

6- ص 43 س 9.


الصفحة 23

قوله: (ولو غلب الماء فالأولى أن تنزح حتّى يزول التغيّر ويُستوفى المقدّر)(1).

أي يُستوفى المقدّر بعد زوال التغيير، والأصح أنّه إن كان للنجاسة مقدّر منصوص نُزح أكثر الأمرين من المقدّر وما به يزول التغيّر، وإلاّ نُزح جميع الماء، فإن غلب وجب التراوح.

قوله: (ما لم تتّصل نجاستها)(2).

مع التغيير عندنا، ومطلقاً عند القائلين بالنجاسة بالملاقاة.

قوله: (أو كانت البئر فوقها)(3).

أي قرار البئر فوق قرار البالوعة، وتتحقّق الفوقيّة بالجهة أيضاً بأن يكون البئر في جهة الشمال والبالوعة في جهة الجنوب، لِما ورد في الأخبار من أنّ مجرى العيون مع مهبّ الشمال(4).

قوله: (وأمّا المضاف...إلى آخره)(5).

عرّف المضاف ولم يعرّف المطلق، استغناءً بتعريفه عن تعريف المطلق ; لأنّه يُعرف منه بالمقابلة، ولو عكس لكان أولى ; لأنّ المطلق عمدة الباب.

وأراد بـ (ما لا يتناوله الاسم بإطلاقه) ما كان مائعاً ولا يندرج في اسم الماء عند إطلاقه، أي عند تجريده من القيود والإضافات اللازمة، دون المنفكّة كالبئر والنهر في قولنا: ماء البئر وماء النهر، ولأشكل أنّ المراد عدم التناول عرفاً ولغةً ; لا تّفاقهما في ذلك.

____________

1- ص 43 س 10.

2- ص 43 س 11.

3- ص 43 س 12.

4- التهذيب 1: 410 حديث 1292.

5- ص 43 س 13.


الصفحة 24

قوله: (ويصحّ سلبه عنه)(1).

خاصّة اُخرى للمضاف، وهو أنّه ما يصحّ سلب اسم الماء عنه بحيث لا يخطىء الفاعل لذلك عند أهل العرف واللغة. ولا ريب أنّ المقصود من باقي التعريف المائع وإن كان ظاهر اللفظ العموم، وهو غير ممكن إرادته ; لأنّ ذلك صادق على الحجر وكثير من الأشياء مع أنّها ليست من المضاف.

قوله: (كالمُعتصر من الأجسام، والمُصعَّد، والممزوج بما يسليه الإطلاق)(2).

استوفى بذلك أقسام المضاف.

وأراد بـ (المُعتصر): ما يستخرج لا بتوسط النار كماء العنب والليمون.

وبـ(المُصعَّد): ما يكون للنار مدخل في استخراجه كماء الورد.

والقسم الثالث: هو ما لم يكن في الأصل مضافاً ثمّ عرض له الإضافة بمزجه بما يسليه الاطلاق عرفاً، كالممزوج بكثير الزعفران جدّاً.

قوله: (وكلّه طاهر)(3).

أي قليله وكثيره ; لأنّه من الأعيان الطاهرة في الأصل.

قوله: (لكن لا يرفع حدثاً)(4).

أراد أنّه غير مطهّر، لكنّه أتى بالمفسَّر دون المفسِّر لنكتة حكاية الخلاف. ولم يتعرّض إلى الإشعار بخلاف ابن بابويه القائل بكون المضاف يرفع الحدث(5) ; لشدّة ضعفه عنده.

____________

1- ص 43 س 13.

2- ص 43 ـ 44 س 13 ـ 1.

3- ص 44 س 2.

4- ص 44 س 2.

5- الفقيه 1: 6، الهداية: 13.