الصفحة 25

قوله: (وفي طهارة محلّ الخبث به قولان، أصحّهما المنع)(1).

القائل بطهارة محلّ الخبث به هو السيّد المرتضى(2) ; تعويلاً على دلائل كلّها ضعيفة(3)، والأصح العدم.

قوله: (وكلّ ما يمازج المطلق ولم يسلبه الإطلاق لا يخرجه عن إفادة التطهير وإن غيّر أحد أوصافه)(4).

أراد بذلك ما يمازجه ممّا ليس بعين نجاسة ; لأنّه قد سبق أنّ الكثير إذا تغيّر بالنجاسة نجس. فبهذا الاعتبار تحقّق الرّد على الشيخ في قوله إنّ المضاف المتنجّس إذا تغيّر به المطلق الكثير ينجس(5) ولاشكّ أنّه قول ضعيف ; لأنّ الإنقهار حينئذ ليس بالنجاسة، فتنجيس الكثير منحصر في ذلك.

قوله: (وما يُرفع به الأكبر طاهر، وفي رفع الحدث به ثانياً قولان(6)، المروي المنع)(7).

المراد بـ (ما يُرفع به الأكبر) هنا: القليل المنفصل عن أعضاء الطهارة، دون ما يفضل في الإناء ; لأنّ الكثير لا ينفعل بالنجاسة العينيّة إلاّ إذا تغيّر بها، فكيف ينفعل برفع الحدث به؟!

____________

1- ص 44 س 2 ـ 3.

2- المسائل الناصريّة (ضمن الجوامع الفقهيّة): 219 المسألة 22.

3- حكاها وردّها العلاّمة الحلّي في مختلف الشيعة 1: 59 المسألة 30.

4- ص 44 س 4 ـ 5.

5- المبسوط 1: 8.

6- القول بالمنع ذهب إليه الشيخ المفيد في المقنعة: 64، والشيخ الطوسي في المبسوط 1: 11، وابن بابويه في الفقيه 1: 10.

والقول بالجواز ذهب إليه السيّد المرتضى في جمل العلم والعمل: 51، وابن ادريس في السرائر 1: 61، والعلاّمة الحلّي في مختلف الشيعة 1: 68 المسألة 36.

7- ص 44 س 6 ـ 7. وفي الطبعة المحقّقة من المتن: الحدث الأكبر.


الصفحة 26
وأشار بقوله: (المروي المنع) إلى الرواية الضعيفة الواردة بذلك عن الكاظم(عليه السلام)(1).

والأصح جواز الرفع به ثانياً وما زاد ; لبقاء طهوريّته ; لظاهر الكتاب والسنّة.

ويفهم من قوله: (وفي رفع الحدث به ثانياً قولان) أنّ إزالة النجاسة به ليست محلاًّ للقولين، وليس كذلك، ولعلّه حاول بذلك تطبيق قوله: (والمروي المنع) عليه، فإنّ الرواية بالمنع وردت في رفع الحدث به.

قوله: (وفي ما يُزال به الخبث إذا لم تغيّره النجاسة قولان، أشبههما التنجيس)(2).

المراد بـ(ما يُزال به الخبث): الماء القليل المنفصل عن المحلّ النجس من ثوب وبدن وإناء وغيرها، ولا ريب أن تغيّره بالنجاسة موجب لتنجيسه. إنّما الخلاف في ما إذا لم يتغيّر بها، وللأصحاب فيه ثلاثة أقوال:

الأوّل: نجاسة ماء الغسلات المعتبرة في التطهير كلّها(3).

الثاني: نجاسة ما عدا ماء الأخيرة(4).

الثالث: طهارة الجميع(5).

والمشهور بين الأصحاب الأوّل، وهو الأصح.

____________

1- التهذيب 1: 221 حديث 630، الاستبصار 1: 27.

2- ص 44 س 8.

3- ذهب إليه الشيخ الطوسي ـ في أحد قوليه ـ في المبسوط 1: 92، والماتن المحقّق الحلّي في المعتبر 1: 90 وشرائع الإسلام 1: 8، والعلاّمة الحلّي في قواعد الأحكام 1: 5 ومنتهى المطلب 1: 24 وتحرير الأحكام 1: 5 ومختلف الشيعة 1: 71 المسألة 37.

4- ذهب إليه الشيخ الطوسي ـ في قوله الثاني ـ في الخلاف 1: 179 المسألة 135، والشهيد في الذكرى: 9.

5- ذهب إليه ابن حمزة المشهدي في الوسيلة: 74، وابن أبي عقيل كما حكاه عنه الصيمري في كشف الالتباس 1: 104.


الصفحة 27

قوله: (عدا ماء الاستنجاء)(1).

أجمع الأصحاب على أنّ ماء الاستنجاء طاهر لا ينجس به مايلاقيه وإن كان قليلاً، إلاّ في نجاسة ; للرواية عن الصادق (عليه السلام)(2). وصرّح جمع بأنّه طاهر، وبعضهم حكم بالعفو وجعل الفائدة عدم جواز استعماله ثانياً، ولا محصّل لذلك ; إذ لم يعهد من الشرع نجس لا يتنجّس به الملاقي.

وكيف كان فذلك إنّما هو من الحدثين خاصّة دون المني ونحوه، بشرط عدم التغيّر، وعدم انفصال شيء من النجاسة متميّز، وعدم الوقوع على نجاسة خارجيّة. ولا يخفى أنّ ماء الاستنجاء يطهّر المخرجين من نجاسة الحدث، ولا عبرة بزيادة الوزن، ولا بسبق اليد الماء.

قوله: (ولا يُغتسل بغُسالة الحمّام إلاّ أن يُعلم خلوّها من النجاسة)(3).

هذا هو المطابق للمروي(4)، وصرّح جمع من الأصحاب بنجاستها(5) ; عملاً بالظاهر. والطهارة أقوى ; للنصّ(6)، وهو مختار ابن ادريس(7) وإن كان الأحوط الاجتناب.

____________

1- ص 44 س 8 ـ 9.

2- الكافي 3: 13 حديث 5، الفقيه 1: 41 حديث 162.

3- ص 44 س 10.

4- الكافي 6: 498 و503 حديث 10و 38، علل الشرائع: 292 حديث 1، التهذيب 1: 373 حديث 1143.

5- كالماتن المحقّق الحلّي في المعتبر1: 92.

6- الكافي 3: 15 حديث 4، الفقيه 1: 10 حديث 17، التهذيب 1: 379 حديث 1176.

7- السرائر ا: 90.


الصفحة 28

قوله: (وتكره الطهارة بماء اُسخن بالشمس في الآنية)(1).

لما روي من أنّه يورث البرص(2).

ولا فرق بين كون الآنية منطبعة(3) كالنحاس والحديد، أو لا كالخزف. ولا بين كون القطر شديد الحرارة وعدمه، ولا بين القصد إلى التشميس وتشميس الماء لمصادفة وقوع الشمس عليه بكونه في الإناء وإن كان ظاهر قوله: (اُسخن) إنّما يقع على ما أسخنته.

وكذا لا فرق بين بقاء السخونة وزوالها ; لإطلاق النصّ.

وكما تُكره الطهارة به يكره العجن به، بل ينبغي أن تكره جميع استعمالاته التي يُخاف منها تولّد المحذور.

وتقييد الشيخين بكونه في الآنية(4) يُفهم منه عدم كراهيّة المسخن في الحوض الصغير والساقية ونحوهما.

ولا يخفى أنّ الكراهيّة حيث يوجد ماء آخر للطهارة، فإنّه مع فقد ماء آخر يتعيّن استعماله.

قوله: (وبماء اُسخن بالنار في غَسل الأموات)(5).

____________

1- ص 44 س 11.

2- الكافي 3: 15 حديث 5، علل الشرائع: 280 حديث 2، التهذيب 1: 379 حديث 1177.

3- الأواني المنطبعة: هي الأواني المصنوعة من الفلزات كالحديد والرصاص والنحاس وغيرها، عدا الذهب والفضّة ; لأنّ الشمس إذا أثّرت فيها استخرجت منها زهومة تعلو الماء، ومنها يتولّد المحذور، أمّا الذهب والفضّة فلصفاء معدنهما لا تؤثّر فيهما الشمس هذا التأثير.

والأواني غير المنطبعة: هي الأواني الاُخرى المصنوعة من الخزف أو الخشب وغيرهما.

انظر: نهاية الإحكام 1: 226، الحدائق الناضرة 2: 409.

4- المقنعة: 64، النهاية: 9.

5- ص 44 س 11 ـ 12.


الصفحة 29
أي يكره تغسيل الميّت بالماء المسخن بالنار وإن كانت العبارة ربما أوهمت خلاف ذلك، وتقديرها: تكره الطهارة بماء اُسخن بالنار، وذلك في غسل الأموات خاصّة، دون سائر الطهارات ; لأنّه يرخي البدن فيُعدّه لخروج النجاسات منه، ولأنّ فيه تفاؤلاً بالحميم.

قوله: (وأمّا الأسآر... إلى آخره)(1).

الأسآر، جمع سؤر: وهو ماء قليل لا قاه فيه جسم حيوان.

ولا ريب أنّه تابع للحيوان في الطهارة والنجاسة والكراهة.

قوله: (وفي سؤر ما لا يؤكل لحمه قولان)(2).

أحدهما النجاسة، وهو قول الشيخ(3)، والأصح الطهارة.

قوله: (وكذا في سؤر المسوخ)(4).

هي جمع مسخ، والمراد بها: الحيوانات المخلوقة على صور المسوخ من بني آدم، وقد رويّ أنّها ثلاثة عشر صنفاً. وإطلاق المسوخ عليها بالمجاز ; للمساواة في الصور، فإنّ المسوخ قد روي أنّها هلكت بعد ثلاثة أيام ولم تتوالد. وهي وإن كانت داخلة في ما لا يؤكل لحمه، فيكون الخلاف فيه بالطهارة والنجاسة شاملاً لها، إلاّ أنّه قد وقع الخلاف فيها بخصوصها، فلذلك أفردها بالذكر، وكذا كلّ ما بعدها.

____________

1- ص 44 س 13.

2- ص 44 س 14.

3- التهذيب 1: 224 ذيل الحديث 642، الاستبصار 1: 26.

4- ص 44 س 14.


الصفحة 30

قوله: (وكذا ما أكل الجيف مع خلّو موضع الملاقاة من عين النجاسة)(1).

المراد ما من شأنه أن يأكلها، فلا ريب في أنّ احتمال الطهارة فيه إنّما هو مع خلّو موضع الملاقاة من عين النجاسة، وينبغي أن يراد به عدم العلم بوجودها، إذ لو وُجدت النجاسة فيه لكان نجساً قطعاً.

قوله: (والطهارة في الكلّ أظهر)(2).

هذا هو الأصح ; لرواية أبي العباس البقباق عن الصادق(عليه السلام)، وغيرها من الدلائل.

قوله: (وفي نجاسة الماء بما لا يُدركه الطرف من الدم قولان، أحوطهما النجاسة)(3).

المراد كون الدم قليلاً جدّاً بحيث لا يكاد يدركه الطرف، أو كونه لا يدركه في غالب الأحوال الثلاثة، إذ المشتمل على لون إذا وقع عليه حسّ البصر أدركه، فلم يبق إلاّ إرادة المجاز. والقول بعدم النجاسة للشيخ(رحمه الله)(4)، ومستنده رواية علي بن جعفر عن أخيه موسى الكاظم(عليه السلام)(5)، ولادلالة فيها على ما ادّعاه، والأصح النجاسة.

قوله: (ولو نجس أحد الإناءين ولم يتعيّن اجتنب ماؤهما)(6).

الوجوب اجتناب النجس، ولا يتمّ إلاّ باجتنابهما.

قوله: (ولو اضطرّ معه إلى الطهارة تيمّم)(7).

أي لو اضطر المكلّف إلى الطهارة مع هذا الماء تيمّم ; لأنّ هذا الماء

____________

1- ص 44 س 14 ـ 15.

2- ص 44 س 15.

3- ص 44 س 16.

4- المبسوط 1: 7، الاستبصار 1: 23 ذيل الحديث 57.

5- الكافي 3: 74 حديث 16، التهذيب 1: 412 حديث 1299، الاستبصار 1: 23 حديث 57.

6- ص 44 س 16 ـ 17.

7- ص 44 س 17.


الصفحة 31
بالنسبة إلى الطهارة كالمعدوم، إذ لا أثر له في رفع الحدث. ولا يتصوّر استعمال أحدهما ثمّ غسل ما أصابه ماؤه بماء الثاني، ثمّ الطهارة بالثاني، فيكون قد تطهرّ بماء طاهر قطعاً ; للنهي عن استعمال كلّ واحد منهما الدال على الفساد، كالمُجزم بالتنجيس بالنجس والشاكّ في حصول المطهّر، فيحصل مانع آخر من الصلاة وإزالة النجاسة، والتيمّم مقدّم على الطهارة المائيّة.

قوله: (والركن الثاني...إلى آخره)(1).

أي أنّ بيان الوضوء يستدعي بيان اُمور، وإنّما اقتضى ذلك ; لأنّ كون الوضوء رافعاً للحدث يستدعي معرفة الحدث، وذلك ينجر إلى آداب الخلوة والموجبات والأسباب المعرّفة لوجوب الوضوء.

ولا يرد أنّ ايجابها الوضوء متوقّف على شغل ذمّة المكلّف بمشروط بالطهارة ; لأنّ كون الشيء سبباً ومعرّفاً لحكم شرعي لاينافيه توقّف ذلك على شرط، فإنّ الدلوك سبب لوجوب الصلاة، مع أنّه مشروط بخلّو المكلّف من مانع صحّتها، نعم لو اعتبرنا كلا الأمرين سبباً لكان كلّ منهما سبباً ناقصاً.

قوله: (وهي خروج البول والغائط والريح من الموضع المعتاد)(2).

لا يخفى أنّ الجار متعلّق بالمصدر، فيكون الخروج من الموضع المعتاد معتبراً في كلّ من الثلاثة، ليكون موجباً للوضوء، فلو خرج أحدها من غير المعتاد لم يجب به الوضوء بمجرّد خروجه.

والمعتاد في العبارة يمكن أن يراد به المعتاد خلق مثله مصرفاً للفضلة المعلومة، وهو الطبيعي، وأن يراد به ما تكرّر خروج الفضلة منه بحيث صار معتاداً لذلك.

____________

1- ص 45 س 1 ـ 4.

2- ص 45 س 5.


الصفحة 32
فإن اُريد الأوّل، ورد عليه غير الطبيعي، فإنّ الخروج منه ينقض إذا صار معتاداً. ويتحقّق ذلك بصدق الاسم عليه عرفاً، وربّما اكتفى فيه بحصول مرّتين متواليتين عادة كالحيض، وفيه نظر، هذا إذا لم ينسدّ الطبيعي.

فإنّ انسدّ أثرّ الخارج بأوّل مرّة قطعاً، ولا فرق في ذلك كلّه بين كونه تحت المعدة أو فوقها(1).

وإن اُريد الثاني، أوهم كون الطبيعي لابدّ فيه من العادة، وورد عليه غير الطبيعي إذا انسدّ الطبيعي، فإنّ الخارج منه موجب للوضوء وإن لم يصر معتاداً كما عرفت.

ولا يخفى أنّ خروج أحد الثلاثة من المعتاد يقتضي انفصاله عن محلّه ; لأنّه المتبادر، فلو خرجت المقعدة ملوّثة بالغائط ثمّ عادت فلا نقض، وهو أصح القولين.

قوله: (والنوم الغالب على الحاستين)(2).

المراد به: المبطل للإدراك بهما، فلا تنقض السِنه: وهي مبادىء النوم.

ولا يخفى أنّ المراد بالحاستين: حاستا السمع والبصر. واختصاصهما بالذكر لأنّهما أعمّ الحواس الخمس ادراكاً، وفاقدهما يقدّر وجودهما ثم يعتمد ما يغلب ظنّه.

قوله: (والاستحاضة القليلة)(3).

أورد أنّ المتوسطة في غير الصبح من موجبات الوضوء، فكان عدّهما في جملة الموجبات لازماً(4).

____________

1- خصّ الشيخ الطوسي في المبسوط 1: 27 النقضَ بالخارج من تحت المعدة.

2- ص 45 س 5 ـ 6.

3- ص 45 س 6.

4- أورد ذلك الشهيد في الذكرى: 25.


الصفحة 33

قوله: (وفي مسّ باطن الدبر وباطن الإحليل قولان، أظهرهما أنّه لا ينقض)(1).

الإحليل: هو الثقبة التي في الذكر، والقول بالنقض بذلك قول ابن بابويه(2)، وهو ضعيف.

قوله: (الثاني: في آداب الخلوة)(3).

أراد بالآداب: ما يعمّ الواجبات والمندوبات والمكروهات، كما لا يخفى.

قوله: (والواجب ستر العورة)(4).

المراد أنّه يجب جلوس المتخلّي بحيث لا تُرى عورته، ومعلوم أنّ ذلك إنّما تجب مراعاته إذا كان النظر محرّماً، فالزوجة، والمملوكة التي يباح وطؤها، ومَن حضوره وغيبته سواء من الحيوان والطفل، لا يجب الستر عنهم.

قوله: (ويحرم استقبال القبلة واستدبارها ولو كان في الأبنية على الأشبه)(5).

وقال المفيد: يكره الاستقبال والاستدبار مطلقاً(6)، وخصّ سلاّر التحريم بالصحارى من دون الأبنية(7). والأصح التحريم مطلقاً ; للنصّ الصريح في ذلك(8).

____________

1- ص 45 س 7.

2- الفقيه 1: 39 ذيل الحديث 148.

والقول بعدم النقض ذهب إليه أكثر علمائنا كالشيخ المفيد في المقنعة: 38، والشيخ الطوسي في المبسوط 1: 36 والنهاية: 19، وسلاّر في المراسم: 31، وابن حمزة في الوسيلة: 53، وأبي الصلاح الحلبي في الكافي في الفقه: 136.

3- ص 45 س 8.

4- ص 45 س 9.

5- ص 45 س 10.

6- المقنعة: 39.

7- المراسم: 32.

8- التهذيب 1: 25 حديث 64، الاستبصار 1: 47 حديث 130.


الصفحة 34
ولابدّ من الانحراف عن القبلة ببدنه، فلا يكفي انحراف عورته(1).

قوله: (وأقلّ ما يجزىء مثلاً ما على الحشفة)(2).

والمراد أنّ أقلّ ما يجزئ في الاستنجاء من البول غسله مرّتين، فإنّ غسل البول عن الثوب والبدن يجب فيه الغسلتان، وأقلّ ما تحصل الغسلتان بقطرتين هما مثلا ما يتخلّف على رأس الحَشَفَة غالباً، لكن لابدّ من ورود أحدهما بعد انفصال الاُخرى ; ليتحقّق تعدّد الغسل، وهذا هو الأصح، وقيل: يجزىء الغسل مرّة واحدة(3).

قوله: (وحدّه الإنقاء)(4).

يتحقّق الإنقاء بزوال العين والأثر.

قوله: (ولا يجُزىء أقلّ من الثلاثة ولو نقى بما دونهما)(5).

الظاهر إطلاق النصوص(6)، والطهارة وازالة النجاسة حكم شرعي، فيتوقّف على النصّ، ولا نصّ على الطهارة بدون ذلك. وقيل بإجزاء الأقل مع النقاء به(7)، وهو ضعيف.

وعلى ما قرّرناه فلو ترك استعمال ما بعد النقاء لم يحكم بطهره، ولا تصح صلاته.

____________

1- كما قاله الشهيد في الألفيّة: 37.

2- ص 45 س 11.

3- قاله السيّد المرتضى في الانتصار: 16 وجمل العلم والعمل: 50، وأبو الصلاح الحلبي في الكافي في الفقه: 127.

4- ص 45 س 12.

5- ص 45 س 14.

6- انظر التهذيب 1: 46 حديث 129 ـ 130.

7- قاله الشيخ الطوسي في النهاية: 10، وابن حمزة في الوسيلة: 35.


الصفحة 35

قوله: (ويُستعمل الخَزَف بدل الأحجار)(1).

وكذا يستعمل كلّ طاهر جاف قالع.

قوله: (ولا يُستعمل العظم ولا الروث)(2).

للنهي عن استعمالهما معلّلاً بكونهما طعام الجنّ ودوابهم(3)، فتحريم استعمال مطعوم الإنس بطريق أولى. فلو فعل أثم وأجزأ على أصح القولين، كما لو استجمر بحجر مغصوب.

قولة: (ولا الحجر المستعمل)(4).

إلاّ مع طهارته.

قوله: (وسنّنها تغطيّة الرأس عند الدخول والتسمية)(5).

وهي قول: بسم الله وبالله.

قوله: (وتقديم الرجل اليسرى)(6).

أي عند دخوله إلى الخلاء، وذلك في البناء ظاهراً، وأمّا في الصحراء فيمكن أن يراد تقديمها في موضع الجلوس.

قوله: (والاقتصار على الماء إن لم يتعدّ)(7).

أي الاقتصار على الماء دون الاقتصار على الأحجار، فإنّ الجمع بينهما

____________

1- ص 45 س 15.

2- ص 46 س 1.

3- الفقيه 1: 20 حديث 58، التهذيب 1: 354 حديث 1053.

4- ص 46 س 1.

5- ص 46 س 2 ـ 3.

6- ص 46 س 3.

7- ص 46 س 5.


الصفحة 36
أفضل على كلّ حال. وإنّما قيّد بقوله: (إن لم يتعدّ) ; لأنّ المتعدّي لا يجوز الاقتصار فيه على الأحجار.

قوله: (ويكره الجلوس في الشوارع والمشارع)(1).

الشوارع، جمع شارع: وهو الطريق.

والمشارع، جمع مشرعة: وهي طريق الماء للواردة.

قوله: (ومواضع اللعن)(2).

عن زيد العابدين(عليه السلام): أنّها أبواب الدور(3)، وقيل: مجمع النادي(4) ; للتعّرض للعنهم.

قوله: (وتحت الأشجار المثمرة)(5).

أي التي من شأنها أن يكون لها ثمرة وإن لم تكن مثمرة في الحال، ولا يخفى أنّ فعل ذلك في ملك الغير بغير إذن محرّم.

قوله: (وَفَيْء النُّزَّالِ)(6).

أي الظلّ الذي يلجأ المسافرون إليه، فينزلون تحته.

قوله: (واستقبال الشمس والقمر)(7).

أي نفس قرصهما دون جهتهما، والمراد استقبالهما بنفس الفرج بحيث يكون بادياً لهما، كما دلّ عليه الخبر(8)، فلو استتر عنهما بشيء فلا بأس.

____________

1- ص 46 س 7.

2- ص 46 س 7.

3- الكافي 3: 15 حديث 2، الفقيه 1: 18 حديث 44، التهذيب 1: 30 حديث 78.

4- مجمع النادي: مجلس القوم ومتحدَّثهم. الصحاح 6: 2505 " ندا ".

5- ص 46 س 7 ـ 8.

6- ص 46 س 8.

7- ص 46 س 8.

8- التهديب 1: 34 حديث 92.


الصفحة 37

قوله: (البول في الصُلبة)(1).

أي في الأرض الصُلبة ; لئلا يعود عليه. وكذا ما في معناها كالجلوس في أسفل المنحدرة، ويشهد لذلك قول الرضا(عليه السلام): " مِن فقه الرجل أن يرتاد لبوله "(2)، أي يتخيّر موضعاً مناسباً، كالمرتفع أو كثير التراب.

قوله: (وفي مواطن الهَوَامّ)(3).

هي جمع هامّة: وهي الحشرات(4) ; لأنّه يؤذيها، ولا يأمن أن يلسعه شيء منها. وربّما قيل: إنّها مواطن الجنّ.

ولا فرق بين البول والغائط.

قوله: (وفي الماء جارياً وساكناً)(5).

والساكن أشدّ كراهيّة، والغائط أغلظ.

والمراد من الحدث في الماء: ما يعمّ الحدث على الشاطىء فيجري إلى الماء. وقد عُلّل بأنّ للماء أهلاً(6)، وبأنّ ذلك يُفسد الماء. ولا يبعد أن يُستثنى من ذلك الماء الجاري في نفس بيوت الخلاء المعدّ لاكتناف النجاسة(7).

قوله: (واستقبال الريح به)(8).

أي بالبول ; حذراً من إعادته عليه، وفي (الذكرى): استدباره أيضاً ; لنهي

____________

1- ص 46 س 8. وفي الطبعة المحقّقة من المتن: في الأرض الصُلبة.

2- الكافي 3: 15 حديث 1، التهذيب 1: 33 حديث 86.

3- ص 46 س 9.

4- في المصباح المنير: 641: الهوامّ، واحدتها هامّة: أي ما له سمّ يقتل كالحيّة، وقد تُطلق على الحشرات.

5- ص 46 س 9.

6- التهذيب 1: 34 حديث 90، الاستبصار 1: 13 حديث 25.

7- كما في الشام وما جرى مجراها من البلاد الكثيرة الماء. جامع المقاصد 1: 103.

8- ص 46 س 9.


الصفحة 38
الحسن(عليه السلام) عنه(1).

قوله: (والاستنجاء باليمين)(2).

لثبوت النهي عنه(3).

قوله: (وباليسار وفيها خاتم عليه اسم الله تعالى)(4).

أي يكره الاستنجاء باليسار في هذه الحالة، واستئناف الجار للإشعار بأنّ الجملة الحاليّة مختصّة باليسار، فإنّه لا يكره الاستنجاء بها مطلقاً.

ويلحق باسم الله تعالى أسماء أنبيائه وأئمته (عليهم السلام)، والظاهر أنّ اسم فاطمة (عليها السلام) كذلك.

قوله: (والكلام إلاّ بذكر الله أو للضرورة)(5).

ويُستثنى أيضاً قراءة آية الكرسي، وحكاية الأذان، والصلاة على النبيّ (صلى الله عليه وآله)عند ذكره.

قوله: (النيّة مقارنة لغَسل الوجه)(6).

لم يذكر المصنّف هنا كيفيّة النيّة، وللأصحاب في كيّفيتها أقوال(7)، أصحّها أنّه لا بدّ مع قصد القربة من قصد إيقاعه لوجوبه إن كان واجباً، وإلاّ فلندبة.

وكذا لا بدّ من قصد الرفع أو الاستباحة، ولو جمعهما كان أكمل. وهذا في

____________

1- الذكرى: 20، الفقيه 1: 18 حديث 47.

2- ص 46 س 10.

3- الخصال 1: 54، صحيح البخاري 1: 50، صحيح مسلم 1: 225، سنن ابن ماجة 1: 13 حديث 310، سنن النسائي 1: 43.

4- ص 46 س 10.

5- ص 46 س 10ـ 11.

6- ص 47 س 3.

7- بيّنها بشكل مفصل المصنّف في جامع المقاصد 1: 200 ـ 201.


الصفحة 39
غير دائم الحدث، فإنّه لا يجزئه الاقتصار على نيّة رفع الحدث، لا أن يقصد رفع ما مضى خاصّة، فإنّه في معنى الاستباحة والحدث الطارىء، وقد أسقط الشارع اعتباره شرعاً.

ولابدّ في صحّة الوضوء من مقارنة النيّة لغسل الوجه إن لم يفعل عند غسل اليدين ; لأنّه أوّل واجبات الوضوء. ولا بدّ من مقارنتها لأعلاه ; لوجوب الغسل من الأعلى على أصح القولين، فلو غسل من غيره ناوياً لم يعتد بشيء منها.

قوله: (من قُصاص الشعر إلى الذَقَن)(1).

قُصاص الشعر هنا: هو آخر منابته في مقدّم الرأس.

والذَقَن، محركة: مجمع اللحيين.

والمراد بهذا التحديد الغالب ; نظراً إلى أنّه منزّل على مستوي الخلقة. أمّا غيره ـ وهو الأنزع والأغمّ ـ فإنّه لا يغسل من القصاص، بل يحال على مستوي الخلقة، فيغسل ما يغسله.

ولابدّ من ادخال جزء من غير محلّ الفرض فيه من باب المقدّمة، وكذا القول في سائر ما يجب غسله ومسحه وستره إذا اتّصل بغير محلّ الفرض حيث لم يكن بينهما مفصل محسوس.

واعلم أنّ النزعتين، وهما البياضان المكتنفان للناصية، وكذا الناصية، خارجة عن الوجه، وكذا الصدغان. أمّا موضع التحذيف ـ وهو الذي بين الناصية والصدغ ـ فوجوب غسله أقرب ; لدخوله في حدّ الوجه. وإنّما سمّي موضع التحذيف ; لاعتياد حذف الشعر منه كثيراً.

____________

1- ص 47 س 5. وفي الطبعة المحقّقة من المتن: قُصاص شعر الرأس.


الصفحة 40

قوله: (وعرضه ما اشتملت عليه الإبهام والوسطى)(1).

وهذا أيضاً منزّل على مستوي الخلقة.

وينبغي غسل العذار: وهو المحاذي للاذن، يتّصل أعلاه بالصدغ وأسفله بالعارض. ويجب غسل العارضين: وهو الشعر على اللحيين: وهما العظمان الّلذان عليهما الأسنان السُفلى.

والواجب غسل ما يستر البشرة من ذلك دون ما يخرج بطوله عنه.

قوله: (ولا يجب غسل ما استرسل من اللحيّة)(2).

هو يفتح التاء: ما طال فخرج عن حدّ الوجه.

قوله: (ولا تخليلها)(3).

أي لا يجب تخليل اللحية، وظاهر إطلاق العبارة يتناول الكثيفة والخفيفة، وهو أصح القولين في الحقيقة، وكذا سائر شعور الوجه ; لأنّ المواجهة إنّما تقع بالشعر الخفيف، فإنّ سترَ ما تحته فيجب تخليله خاصّة ; لأنّ الوجه ما تقع به المواجهة.

قوله: (غسل اليدين مع المرفقين)(4).

تعبيره بـ(مع) يقتضي كون المرفقين جزء من محلّ الفرض، وهو الأقرب، فيجب حينئذ غسل جزء من العضد من باب المقدّمة.

____________

1- ص 47 س 5 ـ 6.

2- ص 47 س 7.

3- ص 47 س 7.

4- ص 47 س 8.


الصفحة 41

قوله: (ولو نكس فقولان، أشبههما أنّه لا يجزىء)(1).

هذا هو المشهور والأصح، وبالإجزاء قال المرتضى(2) وابن ادريس(3)، وهو ضعيف.

قوله: (وأقلّ الغَسل ما يحصل به مسمّاه ولو دهناً)(4).

المراد حصول مسمّى الغسل عرفاً، ويتحقّق باجراء جزء من الماء على جزءين من البشرة مع وقوع الاسم عليه.

وأراد بقوله: (ولو دهناً): لو لم يجرِ الماء بنفسه، بل أجراه المكلّف بيده ونحوه كما يفعل بالدهن، لا يخرج بذلك عن كونه غسلاً مع وقوع الاسم عليه عرفاً.

قوله: (ببقيّة البلل)(5).

أي ببقيّة بلل الوضوء، والمراد به ما كان على أعضاء الوضوء، سواء كان غسلها واجباً أو مستحباً، دون ما تقاطر عنها، فإنّ ذلك بتقاطره خرج عن كونه بلل الوضوء. ولا ريب أنّه لا يجوز استئناف الماء الجديد، فإن فعل ومسح به بطل مسحه ووضؤه إن تعذّر المسح ببلّة الوضوء، وإلاّ فلا.

قوله: (بما يُسمّى مسحاً)(6).

أي عُرفاً، فلا يتقدّر بثلاث شعرات، ولا باصبع.

ولا يخفى أنّ العبارة لا تخلو من شيء ; لأنّ الجار متعلّق بالمسح، ولا يحصل مسح الرأس بما يسمّى مسحاً، ولو قال بدله: مقدار مايقع عليه الاسم، كان أحسن.

____________

1- ص 47 س 9.

2- الانتصار: 16.

3- السرائر 1: 100.

4- ص 47 س 10.

5- ص 47 س 11.

6- ص 47 س 11.