الصفحة 42

قوله: (وقيل: أقلّه ثلاث أصابع)(1).

القائل بذلك هو الشيخ(2)، وهو ضعيف. نعم يُستحب، والمراد بالاستحباب كونه أفضل أفراد الواجب المخيّر، فلا يقع إلاّ واجباً على أصح القولين للاُصوليين، وقيل: ما زاد على ما صدق عليه الاسم موصوف بالاستحباب.

وليس المراد فعله بثلاث أصابع، بل المراد مسح مقدار ثلاث في عرض الرأس، أمّا في طوله فيعتبر ما يسمّى به ماسحاً.

قوله: (ولو استقبل فالأشبه الكراهيّة)(3).

أي لو استقبل الشعر فمسح إلى فوق فنكس المسح، والكراهيّة أصح القولين(4).

قوله: (ويجوز على الشعر أو البشرة)(5).

بشرط كون الشعر مختصّاً بالمقدّم، فلو جمع عليه شعراً من غيره، أو مسح على ما طال من شعره بحيث خرج بالمدّ عنه، لم يصح. والأنزع يجزئه المسح على موضع الصلع ; لأنّه من الرأس ; نظراً إلى مستوي الخلقة، دون موضع الغمّ من الأغمّ.

____________

1- ص 47 س 12.

2- النهاية: 14.

3- ص 47 س 12.

4- ذهب إلى الكراهيّة الشيخ الطوسي في المبسوط 1: 26، وابن ادريس في السرائر1: 103.

وذهب إلى المنع الشيخ الصدوق في الفقيه 1: 28، وابن حمزة في الوسيلة: 50.

5- ص 47 س 13.


الصفحة 43

قوله: (ولا يجزىء على حائل كالعمامة)(1).

وإن وصل البلل إلى الرأس، إذ لابُدَّ من كون المسح بباطن اليد، ولابُدَّ من إلصاقه بالمحلّ.

قوله: (وهما قُبَّتا القدم)(2).

المراد بهما العظمان الناتئان في ظهر القدم أمام الساق، في كلّ رجل كعب واحدة. وهذا هو المعروف بين الإماميّة، لا المفصل بين الساق والقدم(3)، ولا العظمان الناتئان عن يمين القدم وشماله، في كلّ رجل اثنان(4).

والأولى ادخال الكعبين في محلّ الفرض، فيمسح جزءاً ممّا ورائهما من باب المقدّمة.

قوله: (ويجوز منكوساً)(5).

على أصح القولين مع الكراهيّة.

قوله: (ولا يجوز على حائل من خفٍّ وغيره إلاّ للضرورة)(6).

كالتقيّة والمرض، وكون الحائل جبيرة على كسر، أو لصوقاً على جرح ونحوه، أو طلاة، ولا يجب الاعادة بزوال السبب على أصح القولين.

قوله: (ثمّ بالرجلين ولا ترتيب فيهما)(7).

____________

1- ص 47 س 13.

2- ص 47 س 14.

3- كما ذهب إليه العلاّمة في معظم كتبه كقواعد الإحكام 1: 11 ومختلف الشيعة 1: 125 المسألة 78.

4- كماقاله العامّة، انظر المغني لابن قدامة 1: 155، والشرح الكبير 3: 173، والمجموع 1: 422، تهذيب الأسماء واللغات 4: 116.

5- ص 47 س 14.

6- ص 47 س 14 ـ 15.

7- ص 48 س 2.


الصفحة 44
هذا أحد قولي الأصحاب(1)، والأصح وجوب الترتيب، فيمسح اليمنى أوّلاً ثمّ اليسرى.

قوله: (والموالاة: وهي أنّ يُكْمِل طهارته قبل الجفاف)(2).

أي قبل جفاف جميع ما تقدّم، على ما يتبادر من العبارة باعتبار إطلاق الجفاف، وهو الأصح.

وقيل: المعتبر جفاف العضو السابق على ما هو فيه(3).

وقيل: إنّ المولاة في المتابعة بين الأعضاء(4)، فلو فصل بينها أثم وإن لم يجف شيء مّما تقدّم. ويسقط اعتبارها مع تعذّرها، فيستأنف للمسحين إن تعذّر المسح بالبلل وإن كان جمع التيمّم مع هذا الوضوء أبلغ في الاحتياط.

وهل يعذر في الهواء المفرط الرطوبة جفاف البلل لو كان الهواء معتدلاً، بحيث يُعدّ ذلك اخلالاً بالموالاة؟ فيه احتمال.

قوله: (والفرض في الغسلات مرّة)(5).

أي في غسلات الوضوء، والمراد بالغسلة: ما تستوعب العضو وإن تعدّد

____________

1- ذهب إلى عدم وجوب الترتيب الماتن المحقّق الحلّي في شرائع الإسلام 1: 22 والمعتبر 1: 155، وفخر الإسلام على ما ذكره السيّد العاملي في مفتاح الكرامة 1: 260.

وذهب إلى وجوب الترتيب الشيخ الصدوق في الفقيه 1: 28، وسلاّر في المراسم: 28، والشهيدان كما في الروضة 1: 75.

2- ص 48 س 3.

3- قال به السيّد المرتضى في الناصريات (الجوامع الفقهيّة): 221، وسلاّر في المراسم: 38، وابن البرّاج في المهذّب 1: 45.

4- قال به الشيخ المفيد في المقنعة: 47، والشيخ الطوسي في المبسوط 1: 23، والماتن المحقّق الحلّي في المعتبر 1: 157، والشهيد في الذكرى: 92.

5- ص 48 س 5.


الصفحة 45
أخذ الماء ووضعه، ولا عبرة بكون كفّ واحد أو كفيّن مثلاً كافياً لو أجراه على العضو.

قوله: (والثالثة بدعة)(1).

أي محرّمة، وهو الأصح. ولا يجوز المسح بمائها، ولو استوعب أعضاء الغسل بطل الوضوء ; لتعذّر المسح.

قوله: (والجبائر تُنزع إن أمكن، وإلاّ مسح عليها ولو في موضع الغسل)(2).

هذه العبارة لا تخلو من مناقشة، وتحرير المسألة بأنّ الجبيرة: إمّا أن تكون في موضع الغسل، أو المسح.

وفي الأوّل: إمّا أن يمكن نزعها، أو لا.

وعلى التقديرين: إمّا أن يمكن ايصال الماء إلى البشرة، أو لا.

وعلى التقديرات: إمّا أن يكون تحتها طاهراً، أو لا.

فإن أمكن ايصال الماء إلى البشرة بحيث تنغسل، وكان ما تحتها طاهراً، كفى امرار الماء بحيث يحصل الغسل، ولا يجب النزع وإن أمكن.

وإن كان ما تحتها نجساً، فإن أمكن النزع ولم يضرّ وصول الماء إلى البشرة، فلابدّ منه ليطهر المحلّ إن لم يمكن تطهيره بدون النزع، وإلاّ مسح على ظاهرها مع طهارته، ولو كان نجساً جعل فوقه طاهراً يمسح عليه.

وإن كانت في موضع المسح ـ وهو الثاني ـ يجب نزعها ومسح ما تحتها إن أمكن النزع ولم يضرّ ايصال الماء إلى البشرة ; لوجوب إلصاق اليد بمحلّ المسح. وإن تعذّر النزع مسح عليها مع طهارة ظاهرها. وهل تجب المبالغة

____________

1- ص 48 س 5.

2- ص 48 س 8.


الصفحة 46
ليصل الماء إلى البشرة إذا كان ما تحتها طاهراً، ولم يتضرّر من وصول الماء إليه؟ فيه احتمال قويّ ; إذ لا يسقط الميسور بالمعسور.

ومن هذا يُعلم أنّ قوله: (والجبائر تُنزع) لا يستقيم على إطلاقه، وكذا قوله: (وإلاّ مسح عليها ولو في موضع الغسل) أيضاً لا يستقيم على إطلاقه، ويظهر ذلك بأدنى تأمّل.

قوله: (ولا يجوز أن يولّي وضوءه غيره اختياراً)(1).

ويجوز مع الضرورة، ولو لم يجد من يتبّرع وجب الاستئجار، ويتولّى هو النيّة وجوباً ; لإمكانها منه، وكون الغسل لا تدخله النيابة. ولو نويا معاً كان حسناً، ولابدّ أن يراعي مقارنة النيّة لأوّل الفعل كالصحيح.

قوله: (ومَن دام به السلس يُصلّي كذلك)(2).

أي يصلّي وهو كذلك، فلا يضرّه دوام الحدث ما لو يحدث حدثاً آخر ; لأنّ دوام السلس ـ وهو تواتر خروج البول ـ أخرجه عن كونه حدثاً في حقّه ; لامتناع التكليف بحكمه حينئذ.

قوله: (وقيل: يتوضأ لكلّ صلاة، وهو حسن)(3).

لأنّ زمان الطهارة والصلاة وإن سقط اعتبار الحدث الخارج فيه، إلاّ أنّ مازاد على ذلك لا دليل على سقوط اعتبار الحدث الخارج فيه، فيجب اجراء حكم الحدث عليه، فيلزمه الوضوء لكلّ صلاة، وهذا هو مختار الشيخ في (الخلاف)(4)، وهو الأصح، والأوّل مختاره في المبسوط(5). لكن يجب عليه

____________

1- ص 48 س 9.

2- ص 48 س10.

3- ص 48 س 10.

4- الخلاف 1: 249 مسألة 221.

5- المبسوط 1: 68.


الصفحة 47
تحرّي زمان انقطاع الحدث بمقدار الطهارة والصلاة إن رجاه، ويجب الاجتهاد في منع النجاسة من التعدّي كالمستحاضة.

قوله: (وكذا المبطون)(1).

أي يُصلّي وهو كذلك كغيره، والمراد بعلّة البطن بريح أو غائط.

قوله: (ولو فجأه الحدث في الصلاة توضّأ وبنى)(2).

هذا هو المشهور بين الأصحاب، وبه نصّ صحيح(3)، والأقرب إلحاقه بالسلس فيما سبق، فإن أمكنه فعل الصلاة بطهارة، بأن يتحرّى زمان انقطاع الحدث وجب، وإن تعذّر ذلك توضّأ لكلّ صلاة، ولو طرأ الحدث في الصلاة لم يقطعها.

قوله: (وضع الإناء على اليمين)(4).

هذا إذا كان ممّا يغترف منه باليد، وإلاّ جعله على اليسار ويصبّ الماء في اليمين.

قوله: (والتسميّة)(5).

وهي بسم الله وبالله، ويُستحب الدعاء أيضاً.

قوله: (وغَسل اليدين مرّة للنوم والبول، ومرّتين للغائط قبل الاغتراف)(6).

ولو اجتمعت تداخلت، وإنّما يستحب الغَسل المذكور إذا كان الإناء واسع

____________

1- ص 48 س 10ـ 11.

2- ص 48 س 11.

3- الفقيه 1: 38 حديث 146، التهذيب 1: 348 حديث 1021.

4- ص 48 س 12.

5- ص 48 س 12.

6- ص 48 س 12 ـ 13.


الصفحة 48
الرأس يمكن الاغتراف منه، وهو دون الكر، ولم يكن هناك مانع من نجاسة اليد أو خوف قصور الماء. وموضع ابتداء هذا الغَسل مفصل الزند، واحتمل في (الذكرى) استحباب الغَسل إذا كان الإناء ضيّق الرأس بحصول مقصود الغسل بالإضافة إلى باقي الأعضاء(1).

قوله: (والمضمضة والاستنشاق)(2).

ثلاثاً ثلاثاً.

قوله: (وأن يبدأ الرجل بظاهر ذراعيه)(3).

والمراد بظاهرهما في الغسلة الاُولى، أمّا في الغسلة الثانية فبالعكس فيهما.

قوله: (والوضوء بمُدٍّ)(4).

ليحصل كمال الإسباغ، واحتمل في (الذكرى) كون ماء الاستنجاء منه ; لأنّ إسباغ الوضوء لا يبلغ المدّ(5).

قوله: (والسواك عنده)(6).

أي قبله.

____________

1- الذكرى: 80.

2- ص 48 س 13.

3- ص 48 س 14.

4- ص 48 س 15.

5- الذكرى: 95.

6- ص 48 س 15.


الصفحة 49

قوله: (فَمن تيقَّن الحدث وشكّ في الطهارة، أو تيقّنهما وجهل المتأخّر تطهّر)(1).

المراد أنّ مَن تيقّن حصول الحدث منه في الزمان الماضي وشكّ في طروء الطهارة بعده في زمان آخر، فإنّ الشكّ واليقين يمنع اجتماعهما في وجود أمرين متنافيين في زمان واحد ; لأنّ تيقّن وجود أحدهمايقتضي تيقّن عدم الآخر، والشكّ في أحدهما يقتضي الشكّ في الآخر. وإنّما حكم بوجوب التطهير ; لأنّ التفات الذهن إلى الأمر المتيقّن الوجود يقتضي ظنّ بقائه إذا لم ينتقل عنه إلى يقين وجود منافيه، وهذا الحكم مجمع عليه.

أمّا مَن تيقّنهما ـ أي الحدث والطهارة ـ وشكّ في المتأخّر، بأن علم وجودهما في الجملة ولم يعلم المتقدّم والمتأخّر منهما، فقد أطلق المصنّف وجوب التطهير أيضاً، وهو قول متقدّمين الأصحاب.

والأصح أنّ ذلك إن لم يعلم حاله قبل زمان الطهارة والحدث المشكوك فيهما بالتقدّم والتأخّر، فإن علمه، وعلم التعاقب بين الطهارة والحدث بحيث قطع بعدم توالي حدثين وطهارتين، فإنّه يأخذ بمثل ما قبلهما، وإلاّ أخذ بضدّه على أصح الأقوال وأمتنها حجّة.

قوله: (أو شكّ في شيء من أفعال الوضوء بعد انصرافه بنى على الطهارة)(2).

أي بعد انصرافه من الطهارة، أي فراغه منها مجازاً، سواء بقي في موضعه الذي توضّأ فيه أم لا. وفي (الدروس) لمّا حمل الانصراف على حقيقته زاد قوله: ولو تقديراً(3) ; ليشمل مَن بقي بعد الوضوء في موضعه(4) بحيث لو أراد الانصراف لأمكنه.

____________

1- ص 49 س 12.

2- ص 49 س 3 ـ 4.

3- الدروس 1: 94.

4- في " م ": موضع الوضوء.


الصفحة 50
والحاصل أنّ شكّه بعد الفراغ من الوضوء لا يلتفت إليه ; للنصّ الوارد في ذلك(1)، ولظاهر الحال من أنّه لم يفرغ من الوضوء إلاّ وقد أكمل أفعاله.

قوله: (ولو لم تبقَ على أعضائه نداوة أخذ من لحيته وأجفانه)(2).

سواء كان غسل ذلك واجباً أو مندوباً ; لأنّه بلل الوضوء، وبذلك ورد النصّ(3)، وفيه دلالة على بقاء الموالاة ما بقي شيء من البلل.

قوله: (ويُعيد الصلاة لو تركَ غَسل أحد المخرجين)(4).

لأنّه صلّى بنجاسة عامداً أو ناسياً أو جاهلاً، ويجب الإعادة في الوقت وخارجه على الناسي والعامد والجاهل في الوقت خاصّة على الأصح.

فإن قيل: المصنّف لا يرى إعادة الجاهل أصلاً.

قلنا: لعلّه اعتمد على أنّ قوله: (ترك) يُشعر بالقصد إلى الترك، وهو لا يكون إلاّ مع العلم بالنجاسة وعدم إزالتها، سواء نسيها حال الصلاة أم لا.

قوله: (ولا يُعيد الوضوء)(5).

لعدم الحدث، وأوجب ابن بابويه إعادته لو كان الخارج بولاً دون ما إذا كان غائطاً(6) ; تعويلاً على بعض الأخبار(7)، وهي ضعيفة.

قوله: (وفي لمس كتابة المصحف للمُحدث قولان، أصحّهما

____________

1- التهذيب 2: 352 حديث 1459.

2- ص 49 س 6.

3- الفقيه 1: 36 حديث 134، التهذيب 2: 201 حديث 788.

4- ص 49 س 8.

5- ص 49 س 8.

6- المقنع: 4، الفقيه 1: 21.

7- الكافي 3: 19 حديث 17، التهذيب 1: 45 حديث 127، الاستبصار 1: 52 حديث 149.


الصفحة 51
المنع)(1).

وهو الأصح ; لظاهر قوله تعالى: {لا يمسّه إلاّ المطهرّون}(2)، وقال ابن ادريس: يكره(3)، وهو ضعيف.

والمراد بلمسه: إصابته ببعض البدن، والظاهر أنّ الظفر كالبدن وإن كان ما زاد منه محلّ تردّد كالشعر والسنّ.

ولا ريب أنّ المراد بالكتابة: رقوم حروف القرآن، ومنها التشديد والمدّ والهمزة. وفي تحريم لمس الاعراب تردّد، إذ ليس من جملة الكتابة ; لأنّه من الاُمور المحدثة ; ليدّل على صفات الكلمات من الإعراب والبناء. والاعتبار في ذلك بالنيّة، فلو كتبَ كلمة بنيّة أنّها من القرآن، حرم مسّها على مَن علم ذلك. وليس ببعيد قبول قوله في ذلك ; لصحة إخبار المسلم، وأنّه لا يُعلم إلاّ من قِبله.

ولو كتب ما لا يكون إلاّ قرآناً ـ كالآية الطويلة ـ بنيّة عدم القرآن، فهل تؤثّر نيّته، فيخرج المكتوب عن كونه قرآناً؟ فيه تردّد، والتحريم أقوى ; لأنّ اتّصاف ذلك بالإعجاز يقتضي القطع بكونه قرآناً.

قوله: (فالواجب منه ستّة)(4).

على أصح الأقوال وأشهرها بين الأصحاب.

____________

1- ص 49 س 10. واختار المنع الشيخ الطوسي في الخلاف 1: 99 المسألة 46 والتهذيب 1: 126، وأبو الصلاح الحلبي في الكافي في الفقه: 126، والراوندي في فقه القرآن 1: 50، وابن سعيد الحلّي في الجامع للشرائع: 36، والماتن المحقّق الحلّي في المعتبر 1: 175 وشرائع الإسلام 1: 23، والعلاّمة الحلّي في قواعد الأحكام 1: 12 ومنتهى المطلب 1: 76.

2- الواقعة: 79.

3- السرائر 1: 57.

4- ص 49 س 13.


الصفحة 52

قوله: (إنزال الماء يقظةً ونوماً)(1).

أي الماء المعهود الذي هو المني، وذلك إذا علم كون الخارج منيّاً.

قوله: (ولو اشتبه اعتبر بالدَفق وفُتور البَدن)(2).

أي لو اشتبه الماء الخارج فلم يُعلم كونه منيّاً، فالمرجع في ذلك إلى أوصافه الخاصّة به، وقد ذكرَ المصنّف ها هنا ثلاثة:

منها: الدَفق، بفتح الدال: وهو صبٌ فيه دفع.

ومنها: فتور البدن عقيب خروجه ; وذلك لانكسار الشهوة.

ومنها: مقارنة الشهوة لخروجه من التلذّذ به.

ومنها: رائحة الطلع والعجين وبياض البيض جافّاً.

وهذه الصفات متلازمة غالباً، فإن تخلّف بعضها فإنّما يكون لعارض، فيكفي وجود واحدة منها وإن كانت الرائحة كما صرّح به جمع(3).

قوله: (وتكفي في المريض الشهوة)(4).

نبّه على ذلك بأنّ تجرّد منيّه عن الدفق لعارض ـ وهو ضعف القوّة ـ لا يقدح في تعلّق الحكم به، وذلك ثابت بالنصّ(5) والإجماع.

قوله: (ويغتسل المستيقظ إذا وجد منيّاً على جسده أو ثوبه الذي ينفرد به)(6).

____________

1- ص 50 س 1.

2- ص 50 س 1.

3- كالعلاّمة الحلّي في قواعد الأحكام 1: 13 وتذكرة الفقهاء 1: 23، والشهيد في الذكرى: 27 والبيان: 53.

4- ص 50 س 1 ـ 2.

5- الكافي 3: 48 حديث 4، التهذيب 1: 369 حديث 1124، الاستبصار 1: 110 حديث 365.

6- ص 50 س 3.


الصفحة 53
للحكم بكونه جنباً بالنصّ(1) والإجماع، وتعويلاً على ظاهر الحال. ولو كان صبيّاً حكم ببلوغه بذلك مع الإمكان، ويتحقّق باستكماله اثنتي عشرة سنة، كما صرّح به العلاّمة في (المنتهى)(2).

والمراد بالثوب الذي ينفرد به واجد المني: أن لا يشركه فيه غيره، فإن شاركه آخر: إمّا بأنّ ناما فيه دفعة كاللحاف، أو على التعاقب إذا لم يعلم صاحب النوبة، فلا غسل عليهما ; لتيقّن البراءة بالنسبة إلى كلّ واحد(3) منهما. فلو علم صاحب النوبة فالمني منه بالأصالة عدم التقدّم.

قوله: (وَحدُّه غيبوبة الحَشَفة)(4).

ويتحقّق بإلتقاء الختانين، أي تحاذيهما.

قوله: (وإن أكسل)(5).

وصلٌ لما قبله، والمراد وإن لم ينزل.

قوله: (وكذا في دبر المرأة على الأشبه)(6).

هذا هو الأصح.

قوله: (وفي وجوب الغُسل بوطء الغلام تردّد، وجزم علم الهدى بالوجوب)(7).

الوجوب هو الأصح ; لفحوى حديث علي(عليه السلام) في الأنكار على

____________

1- التهذيب 1: 119 حديث 314.

2- منتهى المطلب 1: 80.

3- واحد: لم ترد في " م ".

4- ص 50 س 4.

5- ص 50 س 4.

6- ص 50 س 4 ـ 5.

7- ص 50 س 6.


الصفحة 54
الأنصار(1). ولا ريب أنّ القابل كالفاعل في وجوب الغسل، ولو كان أحدهما ميّتاً أو صغيراً اختصّ الوجوب بالحيّ البالغ.

وإن تحقّقت أحكام الجنابة للصغير، فيمنعه الولىّ ممّا يحرم على الجنب حتّى يغتسل، ويجب إعادته عند البلوغ، والأحوط الوجوب بوطء البهيمة وما جرى مجراها.

قوله: (النيّة مقارنة لغَسل الرأس)(2).

ويجب فيها ما سبق، والمراد بالرأس هنا ما يتناول الرقبة تغليباً ; لأنّهما كعضو واحد في الغسل، حيث إنّه لا ترتيب في أجزاء العضو الواحد، وحينئذ فإذا قارن بالنيّة أيّ جزء كان منهما أجزأ.

قوله: (أو متقدّمة عند غَسل اليدين)(3).

المستحب في الغسل ; لأنّه أوّل الأفعال، وكذا عند المضمضة والاستنشاق.

قوله: (بما يُسمّى غَسلاً)(4).

في العادة، ويتحقّق بالجريان.

قوله: (ولو كان كالدّهن)(5).

بأن يكون جريانه باجراء المغتسل.

قوله: (ثمّ ميامنه ثمّ مياسره)(6).

أتى بالميامن والمياسر بلفظ الجمع مريداً بها الأعضاء التي في الجانب

____________

1- التهذيب 1: 119 حديث 314.

2- ص 50 س 9.

3- ص 50 س 9.

4- ص 50 س 10.

5- ص 50 س 10.

6- ص 50 س 10.


الصفحة 55
الأيمن والأيسر، وحاول بذلك الإشعار بعدم وجوب الترتيب في العضو الواحد بغسل أعلاه أوّلاً. ولا يجب غسل المشترك بين الأعضاء عند كلّ واحد منها من باب المقدّمة. والعورتان والسرّة لا أولويّة لغسلها مع أحد الجانبين، فيتخيّر، وإن غسلها معها كان أولى.

قوله: (ويسقط الترتيب بالارتماس)(1).

على الأصح، خلافاً للشيخ(2)، ويتحقّق بالارتماس في الماء مقارناً بالنيّة أوّل ملاقاة الماء أيّ جزء كان من البدن، مع اتباع الباقي بغير تراخ، وتخليل الشعر الكثيف والمعاطف والعُكن(3) في بدن السمن.

وما سبق إلى أفهام بعض الطلبة من وجوب مقارنة النيّة في الارتماس لجميع البدن، بأن يغوص في ماء شامل له جميعاً ثمّ ينوي(4)، فهو من الخرافات.

ومتى وجد المرتمس لمعة اكتفى بغسلها إن لم يتحقّق تراخ ينافي الوحدة عرفاً.

قوله: (ومسنونها سبعة)(5).

أي مسنون الكيفيّة.

____________

1- ص 50 س 11.

2- المبسوط 1: 29.

3- العُكن، جمع عُكنة: وهي الطيّ الذي في البطن من السمن الصحاح 6: 2165 " عكن ".

4- ذهـب إلـيه ابـن أبـي جمهـور الأحسائي في المسالك الجامعيّة في شرح الألفية المطبوعة بهامش الفوائد المليّة: 52.

وأشار إليه الكركي في شرحه للألفية: المطبوع في هذا المجلد الصفحة: 57 حيث قال: كما سرى إلى أفهام ذوي الأوهام من أهل عصرنا ومَن تقدّمهم بقليل حتّى صار اعتقاداً لهم يتناقلونه ويفتون به.

وذكره أيضاً في جامع المقاصد 1: 262.

5- ص 50 س 12.


الصفحة 56

قوله: (الاستبراء...إلى آخره)(1).

لا ريب أنّ الاستبراء للمنزل بالبول إذا كان رجلاً(2) ; لأنّه يأتي على ما تخلّف في المجرى من أجزاء المني فيغسلها. وقال جماعة بوجوبه(3)، وهو أولى، ثمّ يستبرىء من البول بالاجتهاد المذكور. أمّا غير المنزل فإنّما يستبرىء من البول إن كان قد بال قبل الجماع، أو بعده فلا استبراء في حقّه. ولا أثر لما يجد من البلل المشتبه بعد الغسل لو لم يستبرىء.

قوله: (وغَسل يديه ثلاثاً)(4).

أي قبل الغُسل، وحدّ هذا الغَسل من المرفقين.

قوله: (وامرار اليد على الجسد)(5).

أي دلكه، وأوجبه ابن الجنيد(6).

قوله: (وتخليل ما يَصل إليه الماء)(7).

أي استظهاراً.

قوله: (والغُسل بصاع)(8).

____________

1- ص 50 س 13.

2- وذهب الشيخ المفيد في المقنعة: 54، والشيخ الطوسي في النهاية: 21 إلى وجوبه على المرأة أيضاً.

3- كالشيخ الطوسي في المبسوط 1: 29 والجمل والعقود: 161، وسلاّر في المراسم: 41، وأبي الصلاح الحلبي في الكافي في الفقه: 133، وابن حمزة الطوسي في الوسيلة: 55.

4- ص 50 س 13 ـ 14.

5- ص 50 س 14.

6- حكاه المصنّف في جامع المقاصد 1: 264 مع تضعيفه له.

7- ص 50 ـ 51 س 14 ـ 1.

8- ص 50 س 1.


الصفحة 57
أي بمقدار صاع من الماء، ويجزىء، دونه ما صدقَ عليه اسم الغسل.

قوله: (فيحرم عليه قراءة العزائم الأربع)(1).

وهي ذات السجدات الواجبة(2)، وكذا أبعاضها حتّى المشترك إذا نوى به أحدها.

قوله: (ودخول المساجد إلاّ اجتيازاً)(3).

أي عابري سبيل، وذلك إذا كان في المسجد طريق ; للآية(4)، أمّا التردّد في المسجد فإنّه يحرم كاللبث.

قوله: (عدا المسجد الحرام ومسجد النبي(صلى الله عليه وآله وسلم))(5).

فإنّه يحرم فيهما الاجتياز وغيره إجماعاً منّا، والنصوص عن أهل البيت(عليهم السلام)واردة بذلك(6).

قوله: (ولو احتلم فيهما تيمّم للخروج)(7).

بتراب المسجد وغيره، ويجب تحريه وإن كان بعيداً عن الباب، والمسارعة إلى ذلك بحسب الإمكان، ثمّ قصد أقرب الأبواب إليه. ولا يجوز الغسل وإن ساوى زمانه زمان التيمّم أو قصر عنه، ولا الخروج بغير التيمّم. ولو دخل جنباً فكالمجنب فيهما عند بعض الأصحاب، وليس ببعيد.

والحائض كالجنب ; لرواية أبي حمزة الثمالي عن الباقر(عليه السلام)(8).

____________

1- ص 50 س 3.

2- وهي: الم تنزيل (السجدة)، حم (فصلّت)، والنجم، والعلق.

3- ص 50 س 3.

4- النساء: 43.

5- ص 50 س 4.

6- الكافي 3:50 حديث 4، التهذيب 1: 125 حديث 338.

7- ص 51 س 4.

8- الكافي 5: 339 حديث 1.


الصفحة 58
والنفساء حائض في المعنى ; للإطباق على مساواتها لها في الأحكام إلاّ ما استثني.

قوله: (ووضع شيء فيها على الأظهر)(1).

وهو الأصح ; للنصّ الوارد بالنهي عن ذلك(2)، وهو دالّ على التحريم، والتقييد باستلزام اللبث اطراح له. ولا فرق بين الوضع من داخل المسجد وخارجه ; عملاً بالإطلاق.

قوله: (والأكل والشُرب ما لم يتمضمض ويستنشق)(3).

ثلاثاً ثلاثاً، فتزول الكراهيّة حينئذ على الظاهر، ويستحب غسل اليدين.

قوله: (والخضاب)(4).

بحنّاء وغيره، وقيل بتحريمه(5).

قوله: (ولو رأى بللاً بعد الغُسل أعاد إلاّ مع البول أو الاجتهاد)(6).

المراد أنّ الرجل المنزل إذا رأى بللاً مشتبهاً يحتمل كونه منيّاً بعد الغسل أعاده ; لأنّ الظاهر أنّه مني تخلّف في المجرى إلاّ مع البول ; لأنّ بقايا المني تزول به. ثمّ إن لم يكن اجتهد توضّأ ; لأنّ الظاهر أنّ البلل من بقايا البول، وكذا لا يُعيد مع الاجتهاد ولكن يشترط تعذّر البول، إلاّ مع امكانه فإنّه يعيد مع

____________

1- ص 51 س 5.

2- علل الشرائع 1: 288 حديث 1.

3- ص 51 س 7.

4- ص 51 س 8.

5- اختلفت الأخبار في الخضاب للجنب، ففي بعضها النهي عنه، وفي البعض الآخر نفي البأس عنه. انظر الكافي 3: 51 حديث 9 و 12، التهذيب 1: 181 ـ 183 حديث 518 و 519 و 524 و 525، الاستبصار 1: 116 حديث 386 و 387 و 389 و 390.

6- ص 51 س 8.