الصفحة 59
الاجتهاد ولكن يشترط تعذّر البول، إلاّ مع امكانه فإنّه يعيد الغسل، والصورخمس:

الاُولى: أن يبول ويجتهد، فلا شيء عليه، وهي مندرجة في قوله: (إلاّ مع البول)، فإنّ مَن فعل أمرين صدقَ عليه أنّه فعل أحدهما.

الثانية: أن يبول ولا يجتهد، وعليه الوضوء.

الثالثة: أن يجتهد من غير بول، وهي صورتان: فمع تعذّر البول لا شيء عليه، ومع إمكانه يعيد الغسل. وإذا انتفيا أعاد، وهي منطوق قوله: (أعاد إلاّ مع البول أو الإجتهاد).

قوله: (ولوأحدثَ في أثناء غُسله ففيه أقوال(1)، أصحّها الإتمام والوضوء)(2).

بل الأصح الإتمام من غير وضوء، وقيل: يستألف من رأس.

والمراد بالحدث هنا: هو الأصغر ; لأنّ تخلّل الحدث الأكبر موجب للغسل قطعاً، ولا فرق بين المرتمس والمرتّب في ذلك إذا كان الحدث قبل إكمال المرتمس غسله وبعد الشروع فيه. ولو كان غير غسل الجنابة فالاتمام، ثمّ إن كان قدّم الوضوء أعاده ; لانتقاضه بالحدث الأصغر.

قوله: (ويجزىء غُسل الجنابة عن الوضوء)(3).

____________

1- ذهب الشيخ الطوسي في المبسوط 1: 29 والنهاية: 22 إلى وجوب الإعادة من رأس.

وذهب ابن البرّاج في جواهر الفقه: 22 وابن ادريس في السرائر 1: 119 إلى إتمام الغسل ولا شيء عليه.

وذهب السيّد المرتضى ـ كما حكاه عنه الماتن في المعتبر 1: ـ إلى إتمام الغسل والوضوء.

2- ص 51 س 9.

3- ص 51 س 10.


الصفحة 60
إجماعاً منّا، ولنصّ الكتاب(1) والسنّة(2).

قوله: (وفي غيره تردّد، أظهره أنّه لا يجزىء)(3).

هذا هو الأصح ; لقوله(عليه السلام): " كلّ غُسل معه وضوء إلاّ غسل الجنابة "(4).

قوله: (وهو في الأغلب... إلى آخره)(5).

قيّد بالأغلب ; لأنّ دم الحيض قد يكون بخلاف ذلك، لأنّ الصفرة والكدورة في أيام الحيض حيض وفي أيام الطُهر طُهر.

قوله: (وهل يجتمع مع الحمل؟ فيه روايات(6)، أشهرها أنّه لا يجتمع)(7).

الأصح أنّه يجتمع.

قوله: (وأقلّه ثلاثة أيام)(8).

لا خلاف في ذلك، كما أنّه لا خلاف في أنّ الكثرة عشرة، وكذا لا كلام في أنّه ثلاثة أيام بلياليها، فلا يكون الحيض أقل من ثلاثة أيام بلياليها. ويعتبر فيه التوالي على الأصح، وحقيقته أن يكون الدم فيها على الاتّصال بحيث متى وضعت القطنة وصبرت تلوّثت به.

____________

1- المائدة: 4.

2- التهذيب 1: 143 حديث 3 ـ 4.

3- ص 51 س 10.

4- الكافي 3: 45 حديث 13، التهذيب 1: 139 حديث 391، الاستبصار 1: 126 حديث 428.

5- ص 51 س 13.

6- انظر الكافي 3:97 حديث 3 و4، التهذيب1:386ـ 388 حديث 1188ـ 1196، الاستبصار 1:139ـ140 حديث 475ـ 481.

7- ص 51 س 16.

8- ص 52 س 1.


الصفحة 61

قوله: (ولو كمل ثلاثة في جُملة عشرة فقولان، المروي أنّه حيض)(1).

أي لو كان زمان الدم ثلاثة أيام في جملة عشرة أيام، أي لم يزد جملة الزمان المشتمل على الثلاثة على عشرة أيام، كما لو رأت الأوّل والخامس والعاشر، أو الأوّل والثالث والخامس، ونحو ذلك، ففي كونه حيضاً قولان للأصحاب: أحدهماـ وبه رواية مرسلة(2) ـ أنّه حيض(3)، وأصحهما العدم(4)، بل يشترط التوالي كما سبق.

قوله: (وما بين الثلاثة إلى العشرة حيض)(5).

أي إذا حصل الدم ثلاثة أيام، وحكم بكونه حيضاً، وبقي إلى العاشر وانقطع بعده، فإنّ الثلاثة إلى العشرة حيض وإن اختلف لون الدم،إلاّ أن يعلم أنّ ما بعد الثلاثة دم عذرة أو قرح فإنّ الثلاثة فقط حيض.

قوله: (ومع تجاوز العشرة ترجع ذات العادة إليها، والمبتدئة والمضطربة إلى التميّز)(6).

أي ما سبق من الحكم بكون الدم كلّه حيضاً إذا انقطع على العشرة، فإن تجاوزها: فإمّا أن تكون المرأة ذات عادة مستقرة، فإنّها ترجع إلى عادتها، بمعنى أنّه يحصل لها اليقين بتجاوز الدم العشرة أنّ زمان العادة هو الحيض وما

____________

1- ص 52 س 2 ـ 3.

2- الكافي 3: 76 حديث 5، التهذيب 1: 157 ـ 158 حديث 452.

3- ذهب إليه الشيخ الطوسي ـ في أحد قوليه ـ في النهاية: 26، وابن البرّاج في المهذب 1: 34.

4- ذهب إليه الشيخ الطوسي ـ في قوله الثاني ـ في المبسوط 1: 42 والجمل والعقود: 163، وابن حمزة المشهدي في الوسيلة: 56، وابن ادريس في السرائر 1: 145.

5- ص 52 س 4.

6- ص 52 س 5 ـ 6.


الصفحة 62
سبقه استحاضة، فتقضي صوم العادة والعبادة الواجبة من صوم وصلاة تبقى فيها بعدها إن كانت قد تركت العبادة بعدها.

وإمّا أن تكون مبتدئة: وهي التي لم تستقر عادتها أصلاً، أو المضطربة: وهي التي استقرّت لها عادة في الحيض ثمّ اضطربت عليها حال الدم ونسيتها.

وفرض المبتدئة والمضطربة مع التجاوز أن يرجعا إلى التميّز، بأن تلحظا حال لون الدم، فإن كان في تلك المدّة مختلف اللون، بعضه بصفة الحيض وبعضه بصفة غيره، وكان مع ذلك ما هو بصفة الحيض لا ينقص عن ثلاثة ولا يزيد على عشرة، فعليها أن تحكم بأنّ ما كان بصفة الحيض حيض وما عداه استحاضة. وهل يعتبر فيما كان بصفة الحيض بلوغ العشرة؟ فيه قولان، واعتباره قوي، فإنّ أقل الطهر عشرة.

قوله: (ومع فقده ترجع المبتدئة إلى عادة أهلها وأقرانها)(1).

المراد بأهلها: أقرباؤها من الأبوين أو من أحدهما كالأخوات والعمّات والخالات وبناتهن ونحوهن، والمراد برجوعها إليهن: أن تأخذ مثل عادتهن. فإن لم يكن لها أهل، أو كنّ ولكن اختلفت عادتهن بحيث لا تكون فيهن عادة غالبة، فإنّه مع وجود العادة الغالبة يتعيّن الرجوع إليها، وإلاّ رجعت إلى عادة أقرانها من بلدها، فلا ترجع إليهن إلاّ عند فقد عادة الأهل، وعبارة المصنّف خالية من ذكر الترتيب بينهن وبين الأهل.

قوله: (فإن لم يكُنّ، أو كُنّ مختلفات رجعت هي والمضطربة إلى الروايات)(2).

____________

1- ص 52 س 6.

2- ص 52 س 6 ـ 7.


الصفحة 63
أي فإن لم يكن للمبتدئة أهل، أو كنّ مختلفات في العادة بشرط أن لا يكون فيهنّ عادة غالبة، رجعت هي والمضطربة إلى الروايات، أي تحيّضت بما دلّت عليه الأخبار من تقادير الحيض. وإنّما لم ترجع المضطربة إلى عادة الأهل والأقران ; لأنّ وجود عادة لها منع من ذلك في نظر الشارع.

قوله: (وهي ستة من كلّ شهر، أو سبعة، أو ثلاثة من شهر وعشرة من آخر)(1).

أي والروايات المذكورة هي ستة أيام من كلّ شهر هلالي، فتجعلها عادة لها، أو سبعة أيام كذلك، أو ثلاثة من شهر وعشرة من آخر مخيرّة فيهن ; لعدم الترجيح في تخصيص العدد بأي زمان أرادته من الشهر، إلاّ أن يدل دليل على زمان بخصوصه فيجب اتباعه.

قوله: (وتثبت العادة باستواء شهرين في أيام رؤية الدم، ولا تثبت بالشهر الواحد)(2).

إن أراد بالعادة: المستقرة عدداً ووقتاً معاً، فلابدّ من كون الشهرين هلاليين ; ليتصّور تكرار الوقت. وإن أراد أعمّ من ذلك، وهي المستقرة ولو في أحدهما، فالشهر يستقيم تفسيره بشهر الحيض، وهو الزمان الذي يمكن فيه حيض وطهر صحيحان. ولا ريب أنّها لا تثبت بالشهر الواحد ; لأنّ العادة تقتضي العود.

قوله: (ولو رأت في أيام العادة صُفرة... إلى آخره)(3).

أي لو رأت في زمان العادة بخلاف صفة الحيض، وقبل العادة أو بعدها

____________

1- ص 52 س 7 ـ 8. وانظر التهذيب 1: 380 ـ 383 حديث 1181 ـ 1183، الاستبصار 1: 137 ـ 138 حديث 469 و 471.

2- ص 52 س 9.

3- ص 52 س 10 ـ 11.


الصفحة 64
بصفته، واجتمعت فيه شرائط الحيض بأن كان لا ينقص عن ثلاثة أيام متوالية ولا يزيد على عشرة، وتجاوز مجموع الدم الذي في العادة مع الذي قبلها أوبعدها العشرة، بأن كان زمان العادة خمسة مثلاً، والذي قبلها أو بعدها ستة، ونحو ذلك، إذ لو كان المجموع عشرة فما دون فلا ريب في أنّ المجموع حيض ما لم تعلم خلافه، فإنّ الأصح أنّ الترجيح للعادة المستفاد من الأخذ والانقطاع على التميّز ; لأنّها أوثق، فيحكم بأنّ زمان العادة حيض وما سواه استحاضة. والقول للشيخ في (النهاية)(1)، وهو ترجيح التميّز على العادة المستفادة من الأخذ والانقطاع، اعتباراً بكون الدم الغالب، وهو ضعيف.

قوله: (وتترك ذات العادة الصوم والصلاة برؤية الدم)(2).

وذلك إذا رأت الدم في زمان عادتها لا قبله، ولا يجوز لها حينئذ الصبر إلى مضي ثلاثة ; لتحريم الصلاة ونحوها على الحائض.

قوله: (وفي المبتدئة والمضطربة تردّد، والاحتياط للعبادة أولى حتّى يتيّقن الحيض)(3).

منشأ التردد من أنّ أوصاف الدم علامة فيجوز التمسك بها، ومن شدّة اضطرابها، فلا تترك المعلوم ثبوته في الذّمة من العبادات بمجرّد وجود المحتمل ; والأصح وجوب الصبر إلى أن تمضي ثلاثة أيام، فيتيقن الحيض حينئذ.

قوله: (وذات العادة تستظهر بعد عادتها بيوم أو يومين)(4).

ولها الاستظهار إلى العشرة، والمراد به: ترك العبادة مع استمرار الدم ;

____________

1- النهاية: 24.

2- ص 52 س 12.

3- ص 52 س 13.

4- ص 52 س 14.


الصفحة 65
ليتّضح لها أنّ ذلك الدم المستمر بعد العادة حيض أو استحاضة، ثمّ تغتسل بعد أيام الاستظهار للحيض وتفعل أفعال المستحاضة، ولا يجب الاستظهار على الأصح.

قوله: (فإن استمرّ، وإلاّ قضت الصوم)(1).

أي فإن استمر الدم إلى أن تجاوز العشرة، فما فعلته يجزىء، لكن يجب عليها قضاء الصلاة والصوم زمان الاستظهار. وإن لم يستمر الدم، بل انقطع على العشرة، فمجموعها حيض، وما فعلته من العبادة باطل ; لكونه في زمان الحيض، فيجب حينئذ قضاء صوم العشرة.

ولو انقطع الدم لدون العشرة، اغتسلت وقضت صوم زمان الدم خاصّة إن لم يعد الدم في العاشر وينقطع عليه.

قوله: (وأقلّ الطُهرة عشرة، ولا حدَّ لاكثره)(2).

الحكم الأوّل إجماعي، وأمّا الثاني فعليه أكثر الأصحاب، وحدّه أبو الصلاح بثلاثة أشهر(3)، وهو ضعيف.

قوله: (ويحرم على زوجها منها موضع الدم)(4).

أي دون ما سواه، وتحريمه بالنصّ(5) والإجماع. وأمّا عدم تحريم ما سواه فهو المشهور، وحرّم المرتضى الاستمتاع بما بين السرّة والركبة(6).

____________

1- ص 52 س 15.

2- ص 52 س 16.

3- الكافي في الفقه: 128.

4- ص 53 س 2.

5- التهذيب 1: 154 حديث 436 ـ 438، الاستبصار 1: 128 ـ 129 حديث 437 ـ 439.

6- قاله في شرح الرسالة، كما حكاه عنه العلاّمة الحلّي في مختلف الشيعة 1: 185 المسألة 130.


الصفحة 66

قوله: (ولا يصحّ طلاقها مع دخوله بها وحضوره)(1).

أي لا يصحّ طلاق الحائض عندنا إجماعاً، ويحرم فعله بشروط ثلاثة:

أن يكون الزوج قد دخل بها، فلو لم يدخل صحّ طلاقها وإن كانت حائضاً.

وأن يكون الزوج حاضراً، أو في حكم الحاضر. والمراد بحكم الحاضر: مَن كان قريباً إلى الموضع الذي هي فيه بحيث لا يشقّ عادة استعلام حالها، فالغائب غيبة بحيث يعلم انتقال زوجته من طهر إلى آخر بحسب ما علمه من عادتها، له أن يطلّق، فإن صادف الحيض فهو صحيح.

وأن تكون خالية من حمل، فالحامل يصحّ طلاقها وإن كانت حائضاً. وإنّما ترك المصنّف الشرط الأخير ; لما أسلفه من أنّ الحيض لا يجامع الحمل.

قوله: (ويجب عليها الغُسل مع النقاء)(2).

إذا كان في وقت عبادة مشروطة بالغسل، أو كان في ذمّتها عبادة كذلك.

قوله: (وقضاء الصوم دون الصلاة)(3).

المؤقتة، ولا يجب قضاء الصلاة زمان الحيض، ويجب تدارك ركعتي الطواف لو حاضت بعده، وليس ذلك من القضاء.

قوله: (وهل يجوز أن تسجد لو سَمعت السجدة؟ الأشبه نعم)(4).

لا ريب أنّ الجواز أعمّ من الوجوب، فكما لا يستلزمه لا ينافيه، والأصح الوجوب. ولو تلت السجدة أو استمعت، فالوجوب بطريق أولى. والفرق بين

____________

1- ص 53 س 2 ـ 3.

2- ص 53 س 4.

3- ص 53 س 4.

4- ص 53 س 5.


الصفحة 67
السماع والاستماع: أنّ السماع لا اصغاء معه.

والمراد بالسجدة: السجدة من العزيمة، فاللام للعهد.

قوله: (وفي وجوب الكفّارة على الزوج بوطئها روايتان، أحوطهما الوجوب)(1).

قد اختلفت الأخبار(2)، وكلام الأصحاب(3) في أنّ وطء الحائض في موضع الدم موجب للكفّارة أم لا، والأصح عدم الوجوب ; لما فيه من الجمع بين الأخبار بالحمل على الاستحباب، وما ذكره المصنّف من الاحتياط واضح السبيل.

قوله: (وهي دينار في أوّله، ونصف في وسطه، وربع في آخره)(4).

المراد بالدينار: المضروب من الذهب الذي كانت قيمته في أوّل الإسلام عشرة دراهم. ويتعيّن الدينار، فلا تجزىء قيمته مع إمكانه، وكذا النصف والربع.

واعلم أنّ أوّل الحيض ووسطه وآخره يختلف باختلاف العادة، فاليوم الأوّل أوّل الحيض لذات الثلاثة، ومع الثاني لذات الستّة، ومع الثالث لذات التسعة، ومع الرابع لذات العشرة على الأصح.

____________

1- ص 53 س 6.

2- التهذيب 1: 163 ـ 165 حديث 467 ـ 474، الاستبصار 1: 133 ـ 134 حديث 455 ـ 462.

3- القول بعدم الوجوب ذهب إليه الشيخ الطوسي ـ في أحد قوليه ـ في النهاية: 26، والعلاّمة في مختلف الشيعة 1: 187 المسألة 131.

والقول بالوجوب ذهب إليه الشيخ المفيد في المقنعة: 55، والشيخ الطوسي ـ في قوله الثاني ـ في المبسوط 1: 41 والجمل والعقود: 162، وابن البرّاج في المهذّب 1: 35، وابن ادريس في السرائر 1: 144، وابن حمزة في الوسيلة: 58.

4- ص 53 س 7.


الصفحة 68
وقيل: الاعتبار في ذلك بأكثر الحيض، فقد تخلو بعض العادات من الأوّل والوسط.

قوله: (ويُكره لها الخِضاب، وقراءة ما عدا العزائم)(1).

كالجنب، وقيل بتحريم الخضاب، ومنع قراءة ما زاد على سبع آيات.

قوله: (ووطؤها قبل الغُسل)(2).

على الأصح، وقيل بتحريمه(3).

قوله: (وإذا حاضت بعد دخول الوقت ولم تُصلّ مع الإمكان قَضت)(4).

إنّما يجب القضاء إذا أدركت قدر الصلاة كاملة الأفعال والشروط، وأقل الواجب أخفّ صلاة يمكن من تلك المرأة، فلا يجب بدون ذلك ; لامتناع التكليف بعبادة لا يسعها وقتها.

قوله: (وكذا لو أدركت من آخر الوقت قدر الطهارة والصلاة وجبت أداءً، ومع الإهمال قضاءً)(5).

لا يشترط ادراك جميع الصلاة في آخر الوقت ليتعلّق بها وجوب فعلها أداءً ومع الإخلال بالأداء قضاءً، بل يكفي ادراك الطهارة وركعة ; لأنّ ذلك كاف في كون الصلاة أداء على الأصح، كما سيأتي إن شاء الله تعالى.

قوله: (وتغتسل كاغتسال الجُنب لكن لابُدّ معه من الوضوء)(6).

____________

1- ص 53 س 9.

2- ص 53 س 10.

3- قاله ابن بابويه في الفقيه 1: 53.

4- ص 53 س 11.

5- ص 53 س 11 ـ 12.

6- ص 53 س 13.


الصفحة 69
قبله أو بعده، وهذا الوضوء لا دخل له في الغسل، فإنّ كلاً منهما طهارة بالاستقلال، إنّما تتوقّف عليه استباحة الصلاة، فلو أخلّت به إلى زمان قبل الصلاة ثمّ أتت به صحّ ما فعلته.

قوله: (ودمها في الأغلب أصفر بارد رقيق)(1).

إنّما قال: (في الأغلب) لأنّه قد يجىء دم الاستحاضة بصفات الحيض وبالعكس ; لأنّ الصفرة والكدرة في أيام الحيض حيض وفي أيام الطُهر طُهر، ومن ألوان دم الاستحاضة الأكدر والأبيض والأشقر.

قوله: (لكن ما تراه بعد عادتها مستمرّاً، أو بعد غاية النفاس، وبعد اليأس، وقبل البلوغ، ومع الحمل ـ على الأشهر ـ فهو استحاضة)(2).

إنّما أتى بكلمة الاستدراك لدفع ما عساه يتوهم من أفراده دم الاستحاضة بالبحث عن أحكامه وتعيّن صفاته، أنّ معرفته وجريان الأحكام عليه يكون بالنظر إليه استقلالاً وإن لم ينظر إلى دم الحيض، وليس كذلك في الواقع ; لأنّ الدم متى أمكن كونه حيضاً حكم بكونه حيضاً ولم ينظر إلى صفاته، فكأنّه لما قال: (ودمها في الأغلب أصفر بارد رقيق) فُهم منه التمسّك بكون دم الاستحاضة في الغالب يكون بهذه الصفات، فقال لدفع هذا: لكن ليس التمسك بهذه الأوصاف كافياً في كون الدم استحاضة، بل لابُدّ من اعتبار امتناع كون الدم حيضاً أو نفاساً.

فما تراه المرأة(3) بعد عادتها مستمراً، أي متجاوزاً زمان الحيض كلّه بحيث يزيد على العشرة، وبعد غاية النفاس كائنة ما كانت على الاختلاف فيها، وبعد

____________

1- ص 53 س 15.

2- ص 53 س 16.

3- المرأة: لم ترد في " م ".


الصفحة 70
اليأس، وقبل البلوغ، فهو استحاضة ; لامتناع الحيض والنفاس في هذه المواضع كلّها.

وأمّا مع الحمل فبناءً على أنّ الحيض لا يجامعه، يجب أن يكون الدم الخارج في أيامه استحاضة، وقد تقدّم ضعف هذا القول، فينتفي هذا القسم.

ولابُدّ من التقييد بأن لا تعلم المرأة كون الدم الخارج لقرح، ولا جرح في باطنها، ولا لعذرة.

قوله: (ولو كان عبيطاً)(1).

هو وصلٌ لما قبله، أي الدم في هذه المواضع استحاضة ولو كان عبيطاً. والعبيط، بالعين والطاء المهملة: هو الطريّ.

قوله: (ويجب اعتباره ـ إلى قوله ـ إن كانت مُتنفّلة)(2).

لدم الاستحاضة ثلاث مراتب يجب اعتبارها لاجراء أحكام كلّ مرتبة عليها:

الاُولى: أن يلطّخ الدم باطن القطنة، والمراد به جانبها الذي يلي باطن الفرج، ولا يزيد على ذلك. فيجب عليها تغيير القطنة أو غسلها، وغسل ما ظهر من فرجها: وهو ما يبدو منه عند الجلوس على القدمين، والوضوء لكلّ صلاة.

الثانية: أن يغمس الدم القطنة ولم يسل، والمراد به شمول باطنها وظاهرها جميعاً ; فيجب عليها مع ما سبق تغيير الخرقة أو غسلها ; لأنّ الدم إذا استوعب القطنة لم يكن له مانع عن إصابة الخرقة، والغسل لصلاة الغداة.

[الثالثة]: وإن سال الدم، والمراد بالسيلان: تجاوز الخرقة والقطنة التي فوقها، كما دلّ عليه قوله(عليه السلام) في خبر الصحّاف: " فإنّ كان الدم إذا أمسكت

____________

1- ص 53 س 17.

2- ص 53 ـ 54 س 18 ـ 4.


الصفحة 71
الكرسف يسيل من خلفه صبيباً "(1). فيجب عليها مع ذلك غسلان آخران، أحدهما للظهر والعصر، تجمع بينهما بأن تقدّم هذه وتؤخّر الاُخرى. وإنّما يشترط الجمع لتكتفي بغسل واحد، فإن اختارت أفراد كلّ واحدة منهما بغسل من غير جمع بينهما جاز، وكذا القول في المغرب والعشاء.

ولو أنّها أرادت صلاة النوافل فلها الجمع بينهما وبين الفرض بغسل واحد، فلو أرادت فعل نافلة الليل كفاها غسل واحد لها وللصبح، لكن تراعي قرب النافلة من طلوع الفجر ; ليتحقّق الجمع بين النافلة والفريضة.

قوله: (وإذا فعلت ذلك صارت طاهراً)(2).

المراد أنّ أحكام الطاهر تجري عليها، مثل دخول المساجد، وقراءة العزائم، وغير ذلك ; لأنّها طاهرة حقيقة، لاستمرار خروج الحدث منها.

قوله: (ولا تجمع بين صلاتين بوضوء واحد)(3).

قيل: هذا مستدرك ; لتقدّم قوله: (والوضوء لكلّ صلاة).

قلنا: يمكن فرق لطيف، فإنّ ما تقدّم عُلم به وجوب الوضوء لكلّ صلاة، وليس من لوازم وجوبه لكلّ صلاة الجمع بين صلاتين بوضوء ; لأنّ الوجوب أعمّ من ذلك، فإنّ الشيء قد يجب ولا يكون شرطاً، إلاّ أنّ هذا كالمستغنى عنه ; لأنّ وجوب الطهارات قد عُلم كونه على وجه الاشتراط، فاستغنى عن البيان.

واعلم أنّه لا فرق في المنع من الجمع بين صلاتين بوضوءين الواجبتين والمندوبتين وبالتفريق، ولابدّ من المسارعة إلى فعل الصلاة عقيب الوضوء

____________

1- الكافي 3: 95 حديث 1، التهذيب 1: 169 حديث 482، الاستبصار 1: 140 حديث 482.

2- ص 54 س 4.

3- ص 54 س 5.


الصفحة 72
لاستمرار الحدث، والعفو إنّما هو عن قدر الضرورة، ولا بأس بما لابدّ منه من نحو أخذ الساتر، وإزالة النجاسة، وانتظار الجماعة إذا لم يطل الزمان كثيراً.

قوله: (وعليها الاستظهار في منع الدم من التعدّي بقدر الامكان)(1).

وكذا يلزم مَن به السلس والبطن ; لإجماع الأصحاب على ذلك، بخلاف المجروح فإنّ العصب للجرح غير واجب عليه، كما دلّ عليه الخبر عن الصادق(عليه السلام)(2)، أمّا تغيير ما أصابته النجاسة من القطنة والخرقة فلا يجب على غير المستحاضة.

قوله: (ولا يكون نفاس إلاّ مع الدم ولو ولدت تامّاً)(3).

خلافاً للشافعي، فإنّه حكم بوجوب الغسل بخروج الولد وحده(4).

قوله: (ثمّ لا يكون الدم نفاساً حتّى تراه بعد الولادة أو معها)(5).

لا خلاف بين الأصحاب في أنّ الدم الخارج قبل الولادة كدم الطلق ليس نفاساً، ولا خلاف في أنّ الخارج بعد الولادة نفاس، واختلفوا في الخارج معها، فذهب المرتضى إلى أنّه ليس بنفاس(6)، والأصح خلافه.

قوله: (وفي أكثره روايات، أشهرها أنّه لا يزيد على أكثر الحيض)(7).

اختلفت الأخبار وكلام الأصحاب في أكثر النفاس، والأصح أنّه لا يزيد على عشرة أيام(8).

____________

1- ص 54 س 5 ـ 6.

2- التهذيب 1: 348 حديث 1025.

3- ص 54 س 9.

4- انظر فتح العزيز 2: 580، المغني لابن قدامة 1: 396.

5- ص 54 س 10.

6- الناصريات (الجوامع الفقهيّة): 227.

7- ص 54 س 11.

8- تعرّض المصنف لها بشكل مفصل في جامع المقاصد 1: 347 ـ 348.


الصفحة 73

قوله: (وتعتبر حالها عند انقطاعه قبلَ العَشَرة، فإن خرجت القطنة نقيّة اغتسلت، وإلاّ توقّعت النقاء أو انقضاء العشرة)(1).

ظاهره أنّها لا تغتسل إلاّ عند انقطاع الدم مطلقاً، وليس بجيّد ; لأنّ المرأة إذا كانت ذات عادة مستقرة في الحيض اغتسلت بعد عادتها ; وإن شاءت استظهرت بترك العادة يوماً أو يومين أو إلى العشرة كما سبق في الحائض، ثمّ تغتسل، فإن كان قبل العشرة، فإن استمر الدم وتجاوز العشرة فالنفاس هو زمان العادة، وما سواه استحاضة، فيجب عليها تدارك ما تركت من صلاة وصيام. وإن انقطع عليها فما دون، فالجميع نفاس، فتقضي صوم زمان الدم.

أمّا المبتدئة والمضطربة، فما ذكره يستقيم فيها ; لأنّ أكثر النفاس بالنسبة إليهما عشرة أيام، فيغتسلان مع الانقطاع قبل العشرة، وإلاّ فهذا انتهائها.

قوله: (والنُفساء كالحائض فيما يحرم عليها ويكره، وغسلها كغسلها في الكيفيّة، وفي استحباب تقديم الوضوء على الغسل وجواز تأخيره عنه)(2).

النفساء كالحائض في جميع الأحكام، نصّ الأصحاب على ذلك، واستثني اُمور:

الأوّل: الأقّل قطعاً.

الثاني: الخلاف في الأكثر دون أكثر الحيض.

الثالث: لا ترجع النفساء إلى عادة النفاس بخلاف الحائض.

الرابع: لا ترجع إلى عادة نسائها في النفاس أيضاً وإن كان بكلّ من هذين رواية لا عمل عليها.

الخامس: لا ترجع المبتدئة إلى عادة نسائها في الحيض، ولا هي والمضطربة إلى الروايات، ولا هما وذات العادة إلى التميّز.

____________

1- ص 54 س 12 ـ 13.

2- ص 54 س 14 ـ 15.


الصفحة 74
السادس: الحيض يدلّ على البلوغ بخلاف النفاس ; لحصولها بالحمل.

السابع: العدّة تنقضي بالحيض دون النفاس غالباً، ولو حملت من زنى ورأت قرءين في زمان الحمل حسب النفاس قرء آخر وانقضت به العدّة، ولو تقدّم عدّ في الاقراء.

الثامن: قيل لا يشترط أن يكون بين الحيض والنفاس أقلّ الطهر بخلاف الحيض، والأصح خلافه.

وما سوى ذلك من الأحكام فهما سواء فيه، والسرّ في ذلك كلّه ـ على ما ذكروه ـ أنّ النفاس دم حيض اُحتبس بالولد، فجرت عليه أحكامه إلاّ المستثنيات، وغسلهما واحد إلاّ في النيّة.

قوله: (والفرض فيه استقبال الميّت بالقبلة على أحوط القولين)(1).

بل الأصح الوجوب ; لورود الأمر(2) به(3)، إلاّ مع اشتباه القبلة فيسقط.

ولا فرق بين الصغير والكبير، والذكر والانثى إذا كان محكوماً باسلامه. ولا يخفى أنّ عبارة المصنّف مقلوبة ; لأنّ المستقبل هو الميّت، وكيفيّته ما ذكره المصنّف، والفرض فيه كونه بحيث لو جلس لكان مستقبلاً.

قوله: (والمسنون نقله إلى مصلاّه)(4).

هذا إذا تعسّر خروج روحه، والمراد به: الموضع الذي تكثر الصلاة فيه من بيته.

____________

1- ص 55 س 1.

2- في " ش ": الرواية.

3- الكافي 3: 127 حديث 3، الفقيه 1: 123 حديث 591، التهذيب 1: 298 حديث 872.

4- ص 55 س 1.


الصفحة 75

قوله: (وتلقينه الشهادتين، والإقرار بالنبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) وبالأئمة(عليهم السلام):، وكلمات الفرج)(1).

التلقين: التفهيم(2)، يقال: غلام لَقِن: أي سريع الفهم. ولا يخفى أنّ تلقينه الإقرار بالنبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) في العبارة مكرر; لأنّه داخل في تلقينه الشهادتين. وفي رواية: يلقّن كلمات الفرج والشهادتين، ويسمّي له الإقرار بالأئمة واحداً واحداً(3).

قوله: (وأنّ تغمّض عيناه. ويطبق فوه)(4).

في (المنتهى): لا خلاف في استحبابها، وقال فيه: يستحب أن يشدّ لحياه بعصابة; لئلا يسترخي لحياه وينفتح فوه وتدخل الهوام في جوفه، ويقبح بذلك منظره(5).

قوله: (وتمدّ يداه إلى جنبيه)(6).

ذكره الأصحاب(7)، وقال المصنّف في (المعتبر): لا أعلم به نقلاً عن أئمتنا(عليهم السلام)، لكن ليكون أطوع للغاسل وأسهل للإدراج(8).

قوله: (ويُغطى بثوب)(9).

____________

1- ص 55 س 4 ـ 5.

2- الصحاح 6: 2196 " القن ".

3- الكافي 3: 124 ذيل الحديث 6.

4- ص 55 س 5 ـ 6.

5- منتهى المطلب 1: 427.

6- ص 55 س 6.

7- كالشيخ الطوسي في النهاية: 30، وابن البرّاج في المهذّب 1: 54، والشهيد في البيان: 68.

8- المعتبر 1: 261.

9- ص 55 س 6.


الصفحة 76
للنصّ(1) والإجماع، وفيه ستر للميّت وصيانة.

قوله: (وأن يُقرأ عنده القرآن)(2).

اتّفاقاً، ويستحب قراءة يس والصافات.

قوله: (والإسراج عنده إن مات ليلاً)(3).

ذكره الشيخان(4) والأصحاب(5)، وفي حديث أنّ الباقر(عليه السلام) لما قُبض أمر أبو عبدالله(عليه السلام) بالإسراج في البيت الذي كان يسكنه حتّى قبض أبو عبدالله(عليه السلام)(6). وهذا وإن لم يكن عين المدّعى إلاّ أنّ اشتهار الحكم كاف في ثبوته; لأنّ دلائل السُنن يُتسامح فيها.

قوله: (ويعجّل تجهيزه إلاّ مع الاشتباه)(7).

فيعتبر بعلامات الموت نحو انخساف صدغيه، وميل أنفه، وامتداد جلدة وجهه، وانخلاع كفّه من ذراعه، واسترخاء قدميه، ونحو ذلك. فإن علم بها الموت، وإلاّ وجب الصبر ثلاثة أيام لئلا يعان على قتل مسلم.

قوله: (ويكره أن يحضره جنب أو حائض)(8).

____________

1- التهذيب 1: 289 حديث 842.

2- ص 55 س 6.

3- ص 55 س 6 ـ 7.

4- المقنعة: 74، المبسوط 1: 174، النهاية: 30.

5- كابن حمزة الطوسي في الوسيلة: 53، والماتن المحقّق الحلّي في شرائع الإسلام 1: 36.

6- الكافي 3: 251 حديث 5، الفقيه 1: 97 حديث 450، التهذيب 1: 289 حديث 843.

7- ص 55 س 7.

8- ص 55 س 9.


الصفحة 77
لما ورد أنّ الملائكة تتأذى بحضورهما(1).

قوله: (وقيل: يكره أن يجعل على بطنه حديد)(2).

ذكر ذلك الشيخان(3) وأكثر الأصحاب(4)، واستحبه ابن الجنيد; لمنع ربو بطن الميّت(5)، وتوقّف المصنّف في الحكم; لعدم النصّ عليه. والأصح الكراهيّة; لنصّ الأصحاب على ذلك.

قوله: (وتغسيله بماء السدّر ثمّ بماء الكافور)(6).

المراد بماء طرح فيه من السدّر والكافور مايقع عليه الاسم، بحيث لا يخرج بكثرته إلى أن يصير مضافاً، وإن كانت العبارة لا تساعده على ذلك، بل قد توهمّ خلافه وإن كانت الاضافة يكفي فيها أدنى ملابسة.

قوله: (ثمّ بالقراح)(7).

هو بفتح القاف، والمراد به الخالص البحت بالاضافة إلى الخليطين، فالمراد به الخالي منهما. ويجوز التغسيل بماء خالطه تراب فتغيّر به، وكذلك المتغيّر بالزعفران ونحوه.

وما توهمه بعضهم من عدم جواز ذلك; لنصّ أهل اللغة على أنّ

____________

1- الكافي 3: 138 حديث 1، التهذيب 1: 428 حديث 1361.

2- ص 55 س 1.

3- المقنعة: 74، المبسوط 1: 174، الخلاف 1: 691 المسألة 367.

4- كسلاّر في المراسم: 47، وأبي الصلاح الحلبي في الكافي في الفقه: 236، وابن البرّاج في المهذّب 1: 54، وابن حمزة في الوسيلة: 62، والماتن المحقّق الحلّي في شرائع الإسلام 1: 36.

5- حكاه عنه العلاّمة الحلّي في مختلف الشيعة 1: 226 المسألة 165.

6- ص 55 س 12.

7- ص 55 س 12.