الصفحة 78
القراح هو الخالص(1)، معلوم الفساد; لأنّ أهل الشرع لا يؤيّدون هذا المعنى. وكيف يصح غسل الجنابة بهذا الماء، ولا يصح تغسيل الميّت به؟! مع أنّ غسل الجنابة أبلغ من حيث إنّه رافع للحدث، ومن حيث إنّه وقع تشبيه غسل الميّت به في الخبر.

قوله: (ولو تعذّر السدّر والكافور كفت المرّة بالقراح)(2).

الأصح وجوب الثلاث; نظراً إلى أنّ الغسلة لا تسقط بتعذّر ما يطرح فيها، فيغسل بالقراح عن كلّ من الاُولى والثانية مع الثالثة.

ولابدّ في تغسيل الميّت من النيّة مقارنة لأوّل الغسل، ويتخيّر بين إيقاع نيّة واحدة عند أوّل الغسلات مشتملة على جميعها، وبين نيّات ثلاث لكلّ غسلة، نيّة عند أوّلها. ويتعيّن وقوعها من الغاسل، وهو المُفيض للماء، دون المقلّب; لأنّه كالآلة.

قوله: (وفي وجوب الوضوء قولان، والاستحباب أشبه)(3).

اختلف كلام الأصحاب في وجوب الوضوء وعدمه، فقال بعضهم

____________

1- الصحاح 1: 396 " قرح ".

ولم أعثر على القائل بهذا الوهم، والظاهر أنّ مقصوده أحد معاصريه أو القريبين من عصره. قال الشيخ محمّد حسن النجفي في جواهر الكلام 4: 131 بعد تعريف القراح: ورُبمّا ظُنّ من ذلك أنّه لا يجزىء التغسيل بماء السيل ونحوه مما مازجه شيء من الطين ونحوه وإن كان بحيث لا ينافي اطلاقيّة الماء، ولعله الظاهر من السرائر حيث قال: (القراح: الخالص من إضافة شيء إليه) والذكرى: (القراح: الخالص البحت)، اللهمّ إلاّ أنّ يُريد مجرّد تفسير اللفظ، لا اعتبار ذلك.

انظر: السرائر1: 162، الذكرى: 44.

2- ص 55 س 14.

3- ص 55 س 15.


الصفحة 79
بالوجوب(1)، ونفى الشيخ في (المبسوط) الاستحباب(2)، واستحبه في (الاستبصار)(3)، وهو الأصح، ولابدّ من مراعاة ازالة النجاسة العرضيّة أوّلاً.

قوله: (ولو خيف من تغسيله تناثرُ جسده يمّم)(4).

ويجب عن كلّ غسلة تيمّم على أصح القولين، وقيل: تكفي المرّة.

قوله: (موجهاً إلى القبلة)(5).

الأصح وجوب توجّهه إلى القبلة هنا، وكيفيّته كما في حال الاحتضار; لورود الأمر به(6).

قوله: (مظلّلاً)(7).

أي يجب، قال الأصحاب عن الصادق(عليه السلام): " إن أباه كان يستحب أن يجعل بين الميّت وبين السماء سقف "(8) يعني إذا غُسّل.

قوله: (ويُفتق جيبه ويُنزع ثوبه من تحته)(9).

أكثر عبارات الأصحاب بالفتق، وفي (البيان) عبّر بشقّ القميص(10)، وهو في بعض الأخبار(11). والمتعارف أنّ الفتق يقال لموضع الخياطة،

____________

1- كأبي الصلاح الحلبي في الكافي في الفقه: 134.

2- المبسوط: 178.

3- الاستبصار 1: 208.

4- ص 55 س 16.

5- ص 55 س 17.

6- الكافي 3: 127 حديث 3، الفقيه 1: 123 حديث 591، التهذيب 1: 298 حديث 872.

7- ص 55 س 17.

8- التهذيب 1: 432 حديث 1380.

9- ص 55 س 17.

10- البيان: 70.

11- الكافي 3: 144 حديث 9، التهذيب 1: 308 حديث 894.


الصفحة 80
وأهل اللغة لا يفرّقون بينهما.

ولا كلام في استحباب ذلك; لئلا يكون فيه نجاسة تلطّخ أعالي بدنه، لأنّ الحال مظنّة النجاسة. والظاهر أنّ فتق القميص مشروط باذن الوارث، فلو تعذّر لصغر أو غيبة ونحوهما لم يجز; لأنّه إتلاف بحكم مستحب.

قوله: (وتُستر عورته)(1).

بل يجب ستر العورة مع وجود ناظر، فلو كان الغاسل أعمى، أو وثق من نفسه بعدم النظر، ولم يكن ناظر غيره، فالستر مستحب.

قوله: (وتُليّن أصابعه برفق)(2).

المشهور استحباب ذلك، وأنكره ابن أبي عقيل(3)

قوله: (ويغسل رأسه وجسده برغوة السّدر، ويغسل فرجه بالحُرض)(4).

المستحب في الأخبار أن يبدأ بغسل فرجه بالحُرض(5) وماء السّدر في الاُولى، ثمّ يغسل رأسه برغوة السّدر، ثمّ يغسّله الاُولى، وفي الثانية غسل فرجه بالحرض وماء الكافور، وفي الثالثة بالقراح وحده(6).

قوله: (ويبدأ بغَسل يديه)(7).

____________

1- ص 56 س 1.

2- ص 56 س 1.

3- حكاه عنه العلاّمة الحلّي في مختلف الشيعة 1: 220 المسألة 160.

4- ص 56 س 1 ـ 2.

5- الحُرض: الأشنان. الصحاح 3: 1070، مجمع البحرين 4: 200 " حرض ".

6- الكافي 3: 138 باب غسل الميّت، التهذيب 1: 298 حديث 874 و 877 ـ 879.

7- ص 56 س 3.


الصفحة 81
أي يدي الميّت ثلاثاً إلى نصف الذراع في كلّ غسلة، أمّا الغاسل فإلى مرفقيه; لخبر يونس(1). ويلوح منه أن الغَسل هنا مرّة، والتشبيه بغُسل الجنابة يُشعر بالثلاث.

قوله: (في كلّ غسلة)(2).

يمكن عوده إلى المسائل كلّها من قوله: (ويبدأ بغَسل يديه).

قوله: (ويمسح بطنه في الاُوليين)(3).

أي في الغسلتين الاُوليين، وليكن قبلهما; ليرد عليه الماء، ونفاه ابن ادريس(4)، والغرض التحفّظ من خروج شيء بعد الغسل، وليكن المسح برفق. ويكره المسح في الثالثة إجماعاً، ولا تمسح بطن الحامل التي مات ولدها; اكراماً له.

قوله: (ويُكره إقعاده وقصّ أظفاره وترجيل شعره)(5).

أي تسريحه، وقيل بتحريم ذلك كلّه(6)، والمشهور الكراهيّة، ولو انفصل شيء من الأظفار والشعر دُفن معه وجوباً.

قوله: (وإرسال الماء في الكنيف، ولا بأس بالبالوعة)(7).

الكنيف: هو الموضع المعدّ لقضاء الحاجة(8)، والبالوعة: ثقبة في

____________

1- الكافي 3: 141 حديث 5، التهذيب 1: 301 حديث 877.

2- ص 56 س 4.

3- ص 56 س 4.

4- السرائر 1: 159.

5- ص 56 س 6.

6- قاله الشيخ الطوسي في المبسوط 1: 181 والنهاية: 43.

7- ص 56 س 6 ـ 7.

8- لسان العرب 9: 310 " كنف ".


الصفحة 82
وسط الدار غالباً معدّة لإراقة الماء ونحوه.

قوله: (والواجب منه مئزر وقميص وإزار)(1).

حدّ المئزر ما كان من السرّة إلى الركبة، ويجوز إلى القدم بإذن الوارث أو وصيّة الميّت.

أمّا القميص فإلى نصف الساق، ويجوز إلى القدم.

ولا يشترط الإذن; نظراً إلى الغالب.

ويجب في اللفافة استيعاب الميّت، بحيث يشدّ عليه من قبل رأسه ورجليه.

قوله: (ممّاتجوزالصلاة فيه للرجال)(2).

يُستثنى منه جلد ما يؤكل لحمه، فإنّه لا يجوز التكفين به; للأمر بنزعه عن الشهيد. ويجوز التكفين بالنجس عند الضرورة.

والمراد بقوله: (ممّا تجوز الصلاة فيه للرجال) كون ذلك بالنسبة إلى الرجل والمرأة، فيحرم تكفينها بالحرير ولو مع الضرورة، فتدفن عارية.

قوله: (وإمساس مسجاده بالكافور وإن قَلَّ)(3).

أي يجب ذلك، وهذا هو تحنيطه، والواجب الإمساس بما يقع عليه اسم الكافور عادةً.

قوله: (أن يغتسل الغاسل قبل تكفينه أو يتوضّأ)(4).

المراد: أن يغتسل غسل المسّ الواجب عليه للصلاة، فإنّ تقديمه

____________

1- ص 56 س 9.

2- ص 56 س 9.

3- ص 56 س 10.

4- ص 56 س 11.


الصفحة 83
قبل التكفين مستحب. والمراد بالوضوء: المعتبر معه لفعل الصلاة.

قوله: (وأن يُزاد للرجل حِبَرة يمنيّة عِبريّة غير مطرّزة بالذهب)(1).

وكذا تُزاد المرأة ذلك، وماسيأتي من كلامه يُشعر بذلك.

والحِبَرة، بكسر الحاء المهملة، وفتح الباء الموحدة: ثوب يمني(2).

وعِبريّة، بكسر العين: منسوبة إلى بلد أو جانب واد(3).

ويشترط أن لا تكون مطرّزة بالذهب; لامتناع الصلاة فيه للرّجال، وزاد في (الذكرى) المنع من المطرّزة بالحرير; لأنّه إتلاف غير مأذون فيه(4)، وهو أولى; لأنّه زينة والميّت بعيد عنها.

قوله: (وخِرقة لفخذيه)(5).

طولها ثلاثة أذرع ونصف في عرض شبر تقريباً، وكذا تُزاد المرأة، وما سيأتي من كلامه يُشعر بذلك.

قوله: (وعِمامة تُثنى عليه محنّكاً، ويُخرج طرفا العِمامة من الحنك ويُلقيان على صدره)(6).

أي ويُزاد عمامة تُثنى على رأسه بالتدوير محنّكاً بها، ثمّ يُلقى فضل الشقّ الأيسر على الجانب الأيمن، يخرج من تحت حنكه ويلتقيان على صدره، وكذا الشقّ الأخر. وهذه الهيئة مستحبة للأصحاب، وهي مستفادة

____________

1- ص 56 س 11 ـ 12.

2- الصحاح 2: 621 " حبر ".

3- معجم البلدان 4: 178 " عبر ".

4- الذكرى: 47.

5- ص 56 س 12.

6- ص 56 س 12 ـ 13.


الصفحة 84
من الأخبار(1). ولا تقدير للعمامة، بل أقلّه ما يفي بالهيئة المستحبة.

قوله: (ويكون الكفن قطناً)(2).

أي محضاً، ويستحب أن يكون أبيض; للأمر به(3). ويكره الكتان والممتزج بالابريسم.

قوله: (ويُطيّب بالذَّرِيرة)(4).

اختلفت العبارات في تحقيق معنى الذّريرة اختلافاً كثيراً، لم يرجع فيه إلى أمر بيّن:

فقيل: إنّها فتات قصب الطيب الذي يُجاء به من الهند، كأنّه قصب النشاب(5).

وقيل: هي أخلاط من الطيب تُسمّى بذلك(6).

وفي (المعتبر) للمصنّف: هي الطيب المسحوق(7). وهذا لا يخلو

____________

1- التهذيب 1: 309 حديث 888.

2- ص 56 س 14.

3- الكافي 3: 148 حديث 3 و6: 445 حديث 1 و 2، التهذيب 1: 434 حديث 1390.

4- ص 56 س 14.

5- قاله الشيخ الطوسي في البيان 1: 448، ونقله بعض علمائنا كابن ادريس في السرائر 1: 161، والشهيد في الذكرى: 47، والسيّد العاملي في مفتاح الكرامة 1: 453.

6- قاله الصنعاني، كما حكاه عنه الشهيد في الذكرى: 47.

7- المعتبر 1: 284.

وقال ابن ادريس في السرائر1: 161: هي نبات طيّب غير المعهود تُسمّى القُمّحان، بالضم والتشديد.

وقال الشيخ الطوسي في النهاية: 32: الذريرة المعروفة بالقمحة.

وقال الشهيد في الذكرى: 47: قال المسعودي: من الأفاوية الخمسة والعشرين قصب الذريرة والورس والسليخة واللاذن والزياد...وقال الراوندي: قيل إنّها حبوب تشبه الحنطة التي تُسمّى القمح، تدقّ تلك الحبوب كالدقيق، لها ريحٌ طيّب. قال: وقيل الذريرة: هي الورد والسنبل والقرنفل والقسط والأشنة، وكلّها نبات يجعل فيها اللاذن ويدقّ جميع ذلك ويُجعل ذريرة.


الصفحة 85
من قرب، فإنّ اللفظ إنّما يُحمل على المتعارف الشائع الكثير، إذ يبعد استحباب ما لا يُعرف ولا يعرفه الأفراد من الناس.

قوله: (ويُكتب على الحِبرة والقميص والّلفافة والجريدتين: فلان يشهد أن لا إله الله)(1).

وكذا يُكتب على العمامة، صرّح به جمع(2). ومقتضاه أن يكتب على القناع الذي هو بدلها للمرأة، ولم يصرّحوا بالكتابة على النمط، ولا على بدله وهي اللّفافة إذا لم يوجد، ولعلّهم يريدون بالّلفافة الجنس، إذ عند عدم الحِبرة يُكتب على اللفافة بدلها. ولا بأس بالكتابة على ذلك إذ ليس فيها إلاّ زيادة خير.

وأصل الشرعيّة ثابت; لما روي أنّ الصادق(عليه السلام) كتبَ على حاشية كفن ولده: " إسماعيل يشهد أن لا إله إلاّ الله "(3)، وزاد الأصحاب وأنّ محمّداً رسول الله وأسماء الأئمة عليه وعليهم السّلام(4).

ولتكن الكتابة بالتربة الحسينيّة على مشرّفها السّلام والتحيّة، فقيل:

____________

1- ص 56 ـ 57 س 14 س 1.

2- كالشيخ الطوسي في المبسوط 1: 177، وابن البرّاج في المهذّب 1: 66، والشهيد في الذكرى: 49.

3- التهذيب 1: 309 حديث 898.

4- كالشيخ الطوسي في المبسوط 1: 177 والنهاية: 32، والشهيد في الذكرى: 49.


الصفحة 86
ولتكن الكتابة مؤثرّة; حملاً على المعهود، فإن فُقدت فبالطين والماء، ومع عدمه فبالاصبع.

قوله: (ويُجعل بين أليتيه قُطناً)(1).

وكذا على قُبله، وليكن عليه الحنوط.

والأليَة: العجيزة، أو ما ركب العجز من شحم أو لحم، ولا تقل إليَةً ولا لِيَّةً، وإذا ثنّيت قلت: أليان، فلا تلحقه التّا(2).

وإن خاف خروج شيء حشّا دبره.

قوله: (وتُزاد المرأة لفافة اُخرى لثدييها ونَمطاً)(3).

أي وتُزاد على ما سبق، ذِكره في الكفن الواجب والمندوب للرجل; بدليل قوله: (وتبدّل بالعمامة قناعاً).

وأعلم أنّ قضيّة كلام الأصحاب أنّ النمط ثوب كبير شامل للبدن كاللّفافة والحِبرة، معدّ للزينة، واختلفوا في تعيينه وأنّه الحِبرة أو غيرها.

وفي عبارة جماعة من الأصحاب أنّه ثوب فيه خطط من الأنماط، وهي الطرائق(4).

وفي عبارة ابن البرّاج: أنّه مع عدمه يُجعل بدله لفافة، كما يُجعل بدل الحبرة لفافة، فيكون للمرأة ثلاث لفائف(5). وهي قضيّة كلام المفيد(6)، والعلاّمة في (التذكرة)(7)، ولا بأس به.

____________

1- ص 57 س 2.

2- الصحاح 6: 2271 " ألا "، القاموس المحيط 4: 300 " إلي ".

3- ص 57 س 3.

4- كالماتن المحقّق الحلّي في المعتبر1: 286، والشهيد في الذكرى: 48.

5- المهذّب 1: 60.

6- المقنعة: 12.

7- تذكرة الفقهاء 1: 43.


الصفحة 87

قوله: (ويُسحق الكافور باليد)(1).

ويكره بغيرها، قاله الأصحاب(2).

قوله: (وأن يكون درهماً أو أربعة دراهم، وأكمله ثلاثة عشر درهماً وثلثاً)(3).

هذا هو المشهور، ولا يتعيّن شيء من هذه المقادير على الأصح، واختلاف الأخبار(4) دليل على ارادة الفضيلة. وكافور الغسل غير هذا، قال في (الذكرى): وقطع به الأكثر(5).

قوله: (ويُجعل معه جريدتان، إحداهما من جانبه الأيسر بين قميصه وإزاره، والاُخرى مع تَرقوة جانبه الأيمن يلصقها بجلده)(6).

وكذا يضع الاُخرى مع ترقوة جانبه الأيسر، وهذا أشهر أقوال الأصحاب(7).

وقيل: إنّ اليسرى عند وركه ما بين القميص والإزار، واليمنى كما سبق(8).

____________

1- ص 57 س 4.

2- كالشيخ الطوسي في المبسوط 1: 179 والنهاية: 36، والشهيد في البيان: 73. وأسنده الماتن المحقّق الحلّي في المعتبر 1: 287 إلى الشيخين قائلاً: ولم أتحقّق مستنده.

3- ص 57 س 5.

4- الكافي 3: 51 حديث 4، الفقيه 1: 91، علل الشرائع 1: 302 باب 242 حديث 1، التهذيب 1: 290 حديث 845.

5- الذكرى: 46.

6- ص 57 س 6 ـ 7.

7- قاله الشيخ الصدوق في المقنع: 19، وابن البرّاج في المهذّب 1: 61.

8- قاله الصدوق أيضاً في الفقيه 1: 91.


الصفحة 88
وقيل: إحداهما تحت إبطه الأيمن، والاُخرى نصف ممّا يلي السّاق، ونصف مما يلي الفخذ(1).

ويوضعان مع جميع أموات المسلمين حتّى الأطفال; لإطلاق الأمر بذلك.

قوله: (وتكونان من النَخل، وقيل: فإن فُقد فمن السّدر، وإلاّ فمن الخلاف، وإلاّ فمن غيره من الشجر)(2).

وقال المفيد بتقديم الخلاف على السّدر(3)، والأوّل أجود، وفي بعض الأخبار عود الرمان(4)، فتقديمه على مطلق الشجر أولى.

وتعتبر الرطوبة; لأنّ في الأخبار أنّ العذاب يرفع عن الميّت ما دامتا خضراوتين(5)، ومن ثمّ استحب جعل القطن عليهما(6).

والمشهور كونهما قدر عظم الذراع.

قوله: (ويَكره بَلُّ الخُيوط بالريق)(7).

ذكره الشيخ(8) والأصحاب، ولا بأس بالمصير إليه. وتقييده بالريق

____________

1- قاله سلاّر في المراسم: 49.

2- ص 57 س 7 ـ 8.

3- المقنعة: 75.

4- التهذيب 1: 294 حديث 861.

5- الكافي 3: 151 باب وضع الجريدة، الفقيه 1: 88 حديث 404 و 405 و 407 و 409 و 410، التهذيب 1: 327 حديث 954 و 955.

6- في المسالك 1: 10 نسبه إلى الأصحاب، وفي مفتاح الكرامة 1: 455: اختاره بعض الأصحاب، وفي الحدائق 4: 48: ذكره بعض الأصحاب، وفي جواهر الكلام 4: 234: ذكره جماعة من متأخرّي المتأخرين.

7- ص 57 س 9.

8- المبسوط 1: 177.


الصفحة 89
يشعر بعدم كراهيّة غيره، وقد صرّح به في (الذكرى)(1).

قوله: (وأن يعمل لما يبتدأ من الأكفان أكمام)(2).

قاله الجماعة(3)، وهو في مرسلة محمّد بن سنان عمّن أخبره عن أبي عبدالله(عليه السلام)(4). واحترز بالمبتدأة كما لو كُفّن في قميصه، فإنّه لا يقطع كمّه إنّما يقطع منه الإزار خاصّة.

قوله: (وتجمير الأكفان)(5).

أي تجمّر بعود أو غيره.

قوله: (ويُكتب عليها بالسّواد)(6).

وكذا غيره من الأصباغ كما ذكره جماعة(7); لما فيه من الخروج عن التكفين بالبياض.

قوله: (أو يُجعل في سمع الميّت أو بصره شيء من الكافور)(8).

هذا هو المشهور، خلافاً للصدوق(9)، وهو ضعيف.

قوله: (أو يُطيّب بغير الكافور)(10).

____________

1- الذكرى: 49.

2- ص 57 س 9.

3- كالشيخ الطوسي في المبسوط 1: 177، والشهيد في الذكرى: 49.

4- الفقيه 1: 90 حديث 418، التهذيب 1: 305 حديث 886.

5- ص 57 س 10.

6- ص 57 س 10.

7- كالشيخ المفيد في المقنعة: 78، والعلاّمة الحلّي في منتهى المطلب 1: 441، والشهيد في الدروس 1: 110.

8- ص 57 س 10 ـ 11.

9- الفقيه 1: 91.

10- ص 57 س 11.


الصفحة 90
وغير الذريرة.

قوله: (وقيل: يُكره أن يقطع الكفن بالحديد)(1).

قال الشيخ: سمعناه من الشيوخ مذاكرةً وعليه كان عملهم(2)، وهو الأصح.

قوله: (والفرض مواراته في الأرض على جانبه الأيمن مُوجّهاً إلى القبلة)(3).

الواجب في المواراة أن يُجعل في حفيرة تحرس الميّت عن السباع وتكتم رائحته عن الناس، ولابدّ من مراعاة الأمرين معاً وإن كانا متلازمين غالباً. ويجب استقبال القبلة به مع الإمكان، فيسقط مع التعذّر كاشتباه القبلة ووقوعه في موضع يتعذّر اخراجه منه، ونحو ذلك.

قوله: (ولو كان في البحر وتعذّر البرّ ثُقّل وجُعل في وعاء واُرسل)(4).

المراد بالتعذّر ما يشقّ معه الوصول إلى البرّ عادة، وينبغي أن يُراد بالبحر ما يعمّ الأنهار العظيمة كالنيل.

فمتى تعذّر البرّ تخيّر المكلّف بين ربط شيء ثقيل في رجليه ـ كما ورد في الحديث(5)، والظاهر أنّه يجوز في غيرهماـ ثمّ يلقيه في الماء مستقبلاً كما يُدفن في البر، وبين أن يُجعل في إناء ثقيل كالخابية(6)، لا نحو

____________

1- ص 57 س 12.

2- المبسوط 1: 177.

3- ص 57 س 14.

4- ص 57 س 15.

5- الفقيه 1: 96 حديث 441، التهذيب 1: 339 حديث 995، الاستبصار 1: 251 / 761.

6- الخابية: الحبّ. الصحاح 1: 46 " خبأ ".


الصفحة 91
الصندوق الذي يبقى على وجه الماء.

ويجب الاستقبال عند إلقائه، وذلك بعد تغسيله وتكفينه والصلاة عليه. وما يُثقَّل به والوعاء من جملة مؤن التجهيز، فهو من أصل التركة.

قوله: (ولو كانت ذميّة حاملاً من مسلم قيل: تُدفن في مقبرة المسلمين،يُستدبر بها القبلة; إكراماً للولد)(1).

هذا القول أصح; لورود النصّ به(2).

وإنّما استدبر بها القبلة ليكون مستقبلاً; لأنّ وجهه إلى ظهرها، وهو المقصود بالدفن. وهذا إذا كان الحمل من نكاح، كما لو أسلم زوج الذميّة وهي حامل، أو وطأ المسلم كافرة بشبهة أو بملك يمين، ولو كان حربيّاً ففيه تردّد; لعدم الإلحاق شرعاً، وهو مندرج في العبارة; لأنّ الحمل من مسلم صادق في الزنا لحصوله منه قطعاً، أمّا لكونه ولداً له فلا.

ولا يخفى أنّ التقييد بالذميّة لا يحتاج إليه; لأنّ الظاهر أنّ الحكم يعمّ مطلق الكافرة، ولا عجب في ذلك، فإنّه إذا اشتبه الكافر بالمسلم وجب مواراة الجميع عند بعض الأصحاب وإن كان بعضهم اعتبر مواراة كميش الذكر، فإن قلنا به فهذا المائز منتف هنا.

قوله: (وسُننه اتّباع الجنازة أو مع جانبيها)(3).

لا أمامها بإجماع الأصحاب.

قوله: (وتربيعها)(4).

التربيع: هو حمل الجنازة من جوانبها الأربعة، وهو أولى من الحمل

____________

1- ص 58 س 1 ـ 2.

2- التهذيب 1: 334 حديث 980.

3- ص 58 س 3.

4- ص 58 س 3.


الصفحة 92
بين العمودين باجماعنا. وأفضله التناوب; ليشترك الجميع في الفضل، فعن الصادق(عليه السلام): " إذا حملت جوانب الميّت خرجتَ من الذّنوب كما ولدتك اُمّك "(1).

وأفضله أن يبدأ بمقدّم السرير الأيمن عند رأس الميّت، ثمّ من عند رجليه، ثمّ يدور من ورائها إلى الأيسر من عند رجليه، ثمّ من عند رأسه دور الرحى. كذا روي عن الصادق والكاظم عليهما السلام(2).

قوله: (وأن يُجعل له لحد)(3).

وليكن ممّا يلي القبلة، قاله الأصحاب.

ويُستحب أن يكون واسعاً بمقدار ما يجلس فيه، وهذا في غير الرخوة، أمّا فيها فيستحب الشقّ خشية انهدامه.

قوله: (وأن يتحفّى النازل إليه، ويحلّ إزاره ويكشف رأسه، ويدعو عند نزوله)(4).

وأصل ذلك لخبر أبي بكر الحضرميّ عن الصادق(عليه السلام): " لا تنزل القبر وعليك عمامة ولا قلنسوة ولا رداء ولا حذاء، وحلّ إزارك " قلت: والخف؟ قال: " لا بأس في وقت الضرورة والتقيّة "(5).

ويستحب أن يكون متطهراً، وكذا يستحب الدعاء عند نزوله: بسم الله وبالله وفي سبيل الله...إلى آخره.

____________

1- الفقيه 1: 100 حديث 463.

2- الكافي 3: 168 ـ 169 حديث 3 و 4، التهذيب 1: 452 ـ 453 حديث 173 و 174، الاستبصار 1: 216 حديث 763.

3- ص 58 س 4.

4- ص 58 س 4 ـ 5.

5- الكافي 3: 192 حديث 3، التهذيب 1: 313 حديث 911، الاستبصار 1: 312 حديث 751.


الصفحة 93
ويستحب عند معاينة القبر، وعند وضع اللبن، وعند الخروج منه.

قوله: (ولا يكون رَحماً إلاّ في المرأة)(1).

لأنّه يورث قسوة القلب، ومن قسا قلبه بعد من ربّه. أمّا المرأة فيستحب الزوج، ثمّ المحرم أو امرأة، ثمّ أجنبي صالح إن كان شيخاً فهو أولى.

قوله: (ويُجعل الميّت عند رِجْلَي القبر إن كان رجلاً، وقدّامه إن كان امرأة،ويُنقل مرّتين ويصبر عليه وينزل في الثالثة سابقاً برأسه، والمرأة عرضاً)(2).

يستحب جعل الميّت الرجل عند رجْلَي القبر بذراعين أو ثلاث، ويترك حتّى يتأهب للقبر، وليكن إنزاله في ثلاث دفعات، بأن ينقل ويوضع مرّتين، ثمّ يُنقل ثالثة ويُترك فيها، وليكن سابقاً برأسه كما خرج إلى الدنيا من بطن اُمّه. أمّا المرأة فإنّها توضع قدّام القبر ممّا يلي القبلة، ثمّ تُنقل دفعة واحدة، وتُنزل عرضاً طلباً للستر.

قوله: (ويحلّ عُقد كفنه)(3).

من عند رأسه ورجليه.

قوله: (ويشرج اللحد)(4).

وهو بناؤه وتنضيد اللبن بأن يُجعل بعضه فوق بعض(5)، وإنّ سوّاه بالطين كان ندباً.

قوله: (ويخرج من قِبل رجليه)(6).

____________

1- ص 58 س 5.

2- ص 58 س 7 ـ 8.

3- ص 58 س 8.

4- ص 58 س 8.

5- المصباح المنير: 308.

6- ص 58 س 8 ـ 9.


الصفحة 94
احترماً للميّت، وقد روي أنّه باب القبر(1).

قوله: (ويهيل الحاضرون بظهور الأكف مسترجعين، ولا يهيل ذو رحم)(2).

إهالة التراب: صبّه، قاله في القاموس(3)، أي يستحب أن يهيل الحاضرون التراب على الميّت لكن بظهور الأكفّ، وأقلّه ثلاث حثيات، مسترجعين أي قائلين: إنّا لله وإنّا إليه راجعون. ولا يهيل ذو الرحم; للنهي عنه معللاًّ بأنّه يورث قسوة القلب(4).

قوله: (ويُرفع مربّعاً)(5).

يستحب أن يرفع القبر بمقدار أربع أصابع إلى شبر، وليكن مربعاً مسطّحاً.

قوله: (ويصبّ عليه الماء من رأسه دوراً، فإن فضل ماء صبّ علىوسطه)(6).

أي يستحب ذلك، والأفضل أن يستقبل القبلة ويبدأ بالصب من عند الرأس إلى الرجلين، ثمّ يدور على القبر من الجانب الآخر، ثمّ يصبّ على وسطه.

قوله: (ويضع الحاضرون الأيدي عليه مترحّمين)(7).

____________

1- الكافي 3: 193 حديث 5، التهذيب 1: 316 حديث 918.

2- ص 58 س 9.

3- القاموس المحيط 4: 71 " هيل ".

4- الكافي 3: 199 حديث 5، التهذيب 1: 319 حديث 928.

5- ص 58 س 10.

6- ص 58 س 10 ـ 11.

7- ص 58 س 11 ـ 12.