الصفحة 151

قوله: (والكفّ عن الكلام بعد قوله: قد قامت الصلاة، إلاّ بما يتعلّق بالصلاة)(1).

فيكره ذلك كراهيّة مؤكدة، وقال الشيخان(2) والسيّد(3): يحرم، والأوّل أصح. أمّا ما يتعلّق بمصلحة الصلاة كتقديم الإمام وطلب الساتر والأمر بتسوية الصف ونحو ذلك، فلا يُكره ; للرواية(4).

قوله: (إذا سمع الإمام أذاناً جاز أن يجتزىء به في الجماعة ولو كان المؤذّن منفرداً)(5).

المراد بالإمام: مَن كان في وقت سماعه قاصداً للإمامة ومتوجّهاً إليها ; لأنّ المنفرد يُعيد أذانه إذا أراد الإمامة بعده، فكيف سامع أذان غيره. ولا فرق بين كون المؤذّن راتباً في المسجد أو المصر، أو منفرداً أو جامعاً، أو غير ذلك إذا كان معتدّاً بأذانه شرعاً، وهل تُستحب الإعادة حينئذ؟ يحتمل ذلك مع اتّساع الوقت.

قوله: (مَن أحدث في الصلاة أعادها، ولا يُعيد الإقامة إلاّ مع الكلام)(6).

لما روي أنّ الكلام بعد الإقامة يقتضي إعادتهما(7)، وكذا يعيدها لو أحدث في أثنائها.

____________

1- ص 77 س 14.

2- المقنعة: 98، النهاية: 66.

3- جمل العلم والعمل: 79.

4- التهذيب 2: 55 حديث 189، الاستبصار 1: 301 حديث 1116.

5- ص 78 س 2 ـ 3.

6- ص 78 س 4.

7- التهذيب 2: 55 حديث 191، الاستبصار 1: 301 حديث 1112.


الصفحة 152

قوله: (مَن صلّى خلف مَن لا يُقتدى به أذّن لنفسه وأقام)(1).

يُعلم من ذلك أنّ أذان المخالف لا يعتدّ به.

قوله: (ولو خشي فوات الصلاة اقتصر من فصوله على تكبيرتين وقد قامت)(2).

المراد بخوف فوت الصلاة فوت الركوع، كما دلّت عليه الرواية(3)مجازاً ; لأنّ التخلّف عنه موضع الإنكار.

والمراد من قوله: (اقتصر على تكبيرتين وقد قامت) أن يأتي بآخر الإقامة من عند قوله: قد قامت الصلاة، كما دلّت عليه الرواية، وقد اقتدى بالشيخ في هذه العبارة اعتماداً على أنّ الواو لا يفيد الترتيب(4).

قوله: (النيّة: وهي ركن وإن كانت بالشرط أشبه فإنّها تقع مقارنة)(5).

قد اختلف الأصحاب في أنّ النيّة في الصلاة ركن فيها(6) أو شرط(7)، وشبهها بالشرط أكثر ; لأنّها تتقدّم جميع الأفعال وتصاحبها إلى آخر الصلاة، ولظاهر قوله (عليه السلام): " تحريمها التكبير "(8)، والنيّة عند أوّله فيكون

____________

1- ص 78 س 5.

2- ص 78 س 6.

3- الكافي 3: 306 حديث 22، التهذيب 2: 281 حديث 1116.

4- المبسوط 1: 99.

5- ص 79 س 5 ـ 6.

6- ذهب إليه الشيخ الطوسي في المبسوط 1: 100، وابن حمزة المشهدي في الوسيلة: 92.

7- ذهب إليه الماتن المحقّق الحلّي في المعتبر 2: 149، وابن أبي عقيل، كما حكاه عنه العلاّمة الحلّي في مختلف الشيعة 2: 157 حديث 87.

8- الكافي 3: 69 حديث 2، الفقيه 1: 23 حديث 68.


الصفحة 153
قبل الشروع في الصلاة، لكنّها ليست على نهج الشرط ; لعدم جواز تقديمها بحيث تتخلّل بينها وبين الصلاة زمان، لوجوب مقارنتها لأوّل الصلاة وغيرها من العبادات.

ولا ثمرة مهمّة في تحقيق ذلك، بل المطلوب العلم بوجوبها، وأنّ الاخلال بها سهواً أو عمداً مبطل، وهذا القدر حاصل سواء كانت شرطاً أو ركناً.

قوله: (ولابُدّ من نيّة القربة، والتعيين، والوجوب أو الندب، والأداء أو القضاء)(1).

لا ريب أنّ المسقط للتكليف عن المكلّف هو اتيانه بالفعل المأمور به على الوجه المأمور به، وإنّما يتحصّل وجه الفعل بالنيّة ; لأنّ المؤثّر في وجود الأفعال هو النيّة، كما دلّت عليه الأخبار(2)،فلا يكون الفعل المأتي به مطابقاً للفعل المطلوب من المكلّف إلاّ بمساواته له حتّى في وجوهه المنظور إليها.

ولمّا كان إيقاع العبادة على وجه الإخلاص مطلوباً للشارع، وجب القصد إلى القربة في الفعل المأتي به، وكذا الوجوب في الواجب والندب في المندوب ; لأنّ المندوب لا يسقط الواجب وبالعكس، وكذا الأداء والقضاء، وذلك كلّه فرع تعيّن الفريضة، فظهر أنّه لابُدَّ في النيّة من القصد إلى اُمور أربعة.

قوله: (ولا يشترط نيّة القصر ولا الاتمام ولو كان مخيّراً)(3).

____________

1- ص 79 س 6 ـ 7.

2- صحيح البخاري 1: 2، سنن أبي دواد 2: 262 حديث 2201.

3- ص 79 س 8.


الصفحة 154
أي بين القصر والاتمام ; بكونه في أحد المواضع الأربعة. والأصح وجوب التعيين ها هنا، وكذا إذا اشتبه كون الفائت قصراً أو تماماً وأراد فعلهما.

قوله: (ويتعيّن استحضارها عند أوّل التكبير)(1).

أي استحضار النيّة، أو هذه الاُمور المعتبرة في النيّة، بمعنى القصد إليها بحيث تكون ملحوظة بجميعها على وجه الإجمال. فلو استحضرها كذلك، ثمّ بعد الغفلة عن شيء منها أتى بالتكبير لم يصح. ولا يشترط بقاء الاستحضار إلى آخر التكبير على الأصح ; لأنّ أوّل التكبير أوّل الصلاة، والواجب مقارنة النيّة لأوّل الصلاة.

ولو عسر على المكلّف استحضار الاُمور الأربعة كلّها والقصد إليها في هذه الحالة، فاستحضرها واحداً بعد واحد على وجه النطق بها، بحيث إذا انتقل إلى شيء منها ذهل عمّا قبله، ففي الإجزاء نظر ينشأ: من التردّد في تسمية ذلك نيّة، ولانتفاء العسر عن ذلك ; لأنّ ملاحظة الاُمور المتعددّة دفعة من حيث التعدّد أمر يسير، فإن وجد المكلّف المشقّة ولم يأمن أن ينجر الحال إلى الوسوسة أتى بمقدوره وسقط ما سواه.

قوله: (وهو ركن في الصلاة)(2).

ربّما يتوهم كونه شرطاً(3) ; لأنّ الدخول في الصلاة إنّما يتحقّق بآخره، فيكون خارجاً. وليس بشيء ; ولأنّ المعتبر في التحريم هو التكبير،

____________

1- ص 79 س 9.

2- ص 79 س 11.

3- قاله الحنفيّون. انظر نيل الأوطار 2: 185، اللباب 1: 67، فتح القدير 1: 239.


الصفحة 155
ولمّا لم يتمّ إلاّ بآخره كان إكماله كاشفاً عن الدخول في الصلاة بأوّله.

قوله: (وصورته الله أكبر مرتّباً)(1).

أي يجب مراعاة هذه الصورة، فيكون قوله: (مرتّباً) حالاً مؤكّدة. وتجب الموالاة أيضاً، وقطع الهمزتين وعدم مدّ شيء منهما، وعدم اشباع فتحة الباء بحيث يصير ألفاً بخروجه عن كونه تكبيراً.

قوله: (ويجب التعلّم ما أمكن)(2).

فلا تجوز الصلاة وفي الوقت سعة، وينبغي أن يُراد بالإمكان عادةً، فلو يئس من وجود المعلّم عادة أمكن جواز فعل الصلاة بالترجمة مع السعة.

قوله: (والأخرس ينطق بالممكن ويعقد قلبه بها مع الإ شارة)(3).

أي باصبعه ; للرواية(4) وكذا قراؤته وتشهّده وسائر أذكاره.

قوله: (ويشترط فيها القيام)(5).

فيقدّم عليها ويصاحبها، لكن ما قارنها موصوف بكونه ركناً ; لأنّه داخل في الصلاة كالتكبير، أمّا المتقدّم فشرط.

قوله: (وسنُنها النطق بها على وزن أفعل من غير مدّ)(6).

من غير مدّ يسير بحيث لا يحدث حرفاً، فإن مدّ كثيراً لم يصح التكبير كما سبق ; لأنّه حينئذ يصير لفظاً آخر وهو (أكبار) جمع كبر: وهو

____________

1- ص 79 س 11.

2- ص 79 س 12.

3- ص 79 س 13.

4- الكافي 3: 315 حديث 17، التهذيب 5: 93 حديث 305.

5- ص 80 س 1.

6- ص 80 س 3.


الصفحة 156
الطبل. وأمّا الألف الذي قبل الهاء وبعد اللام في الاسم المقدّس، فإنّ مدّه مكروه.

قوله: (وهو ركن مع القدرة)(1).

ومع العجز فالركن بدله، وليس هو ركناً في جميع الصلاة، فإنّ من زاد قياماً أو نقصه فليسجد للسهو ولا تبطل صلاته، وإنّما القيام ركن في مواضع:

الأوّل: النيّة على القول بأنّها ركن.

الثاني: التكبير، وقد سبق.

الثالث: القيام الذي يكون متّصلاً بالركوع بحيث لو ركع جالساً ساهياً بطلت صلاته، وكذا لو كان منحنياً فيما إذا عجز عن القيام فصلّى منحنياً ثمّ وجد خفّاً بعد القراءة فركع على حاله ساهياً، فإنّ صلاته تبطل بالاخلال بالركن.

قوله: (ولو تعذّر الاستقلال اعتمد)(2).

المراد بالاستقلال قيامه بنفسه غير مستعين بشيء، فإذا افتقر إلى الاعتماد تعيّن، ولو احتاج في تحصليه إلى شراء أو استئجار وجب مع الإمكان.

قوله: (ولو عجز أصلاً صلّى قاعداً)(3).

يمكن أن يشير بقوله: (أصلاً) إلى أنّه عجز عن الاعتماد وعن جميع صور الانحاء، فإنّه لا يجوز القعود إلاّ مع ذلك.

قوله: (وفي حدّ ذلك قولان، أصحّهما مراعاة التمكّن)(4).

____________

1- ص 80 س 6.

2- ص 80 س 6.

3- ص 80 س 7.

4- ص 80 س 8.


الصفحة 157
هذا هو الأصح، وحدّه المقيّد بأن لا يقدر على المشي بقدر زمان الصلاة.

قوله: (ولو وجد القاعد خفّاً نهض متّماً)(1).

أي نهض مريداً للاتمام ومقدّراً، وهو حال مقدوره على حدّ{فادخولها خالدين}(2) إذ الخلود لا يكون في وقت الدخول. ولا خلاف في أنّ مَن وجد خفّاً في خلال فعل من أفعال الصلاة قطعه إن كان قراءة أو ذكراً أو تشهّداً إلى أن ينتقل إلى الحالة العُليا التي يقدر عليها، وإن لم يكن ذكراً انتقل على هيئة الراكع ينتقل في حال الركوع، والأصح أنّ من عجز عن حالة انتقل إلى ما دونها تاركاً للقراءة ونحوها إذا صادفها.

قوله: (ولو عجز عن القعود صلّى مضطجعاً)(3).

على جانبه الأيمن، فإن عجز فعلى الأيسر يستقبل بمقاديم بدنه القبلة كالملحود.

قوله: (مومئاً)(4).

أي للركوع والسجود برأسه، فإن عجز فبعينيه إن لم يكن أعمى ; لأنّه كوجع العين عاجزاً، ويجعل السجود أخفض. وهذا كلّه إذا عجز عن أن يصير بصورة الساجد، فإن قدر ولو بوضع ما يسجد عليه على مرتفع تعيّن، فيضع باقي المساجد. وبالجملة فيأتي بكلّ مقدوره، إذ لا يسقط الميسور بالمعسور.

____________

1- ص 80 س 8 ـ 9.

2- الزمر: 73.

3- ص 80 س 10.

4- ص 80 س 10.


الصفحة 158

قوله: (وكذا لو عجز صلّى مستلقياً)(1).

كالمحتضر، وركوعه وسجوده كما سبق، ومتى عجز عن الإيماء أجرى الأفعال على قلبه والأذكار على لسانه.

قوله: (ويستحب أن يتربّع القاعد قارئاً ويثني رجليه راكعاً، وقيل: يتورّك متشهّداً(2))(3).

المراد بالتربّع هنا: أن ينصب فخذيه وساقيه، وهو أقرب إلى القيام من غيره من أنواع الجلوس.

والمراد بثني الرجلين: أن يفترشهما بحيث إذا قعد قعد على صدورهما بغير اقعاء.

والأصح أنّ التورّك هو الجلوس على الورك الأيسر، وسيأتي إن شاء الله تفسيره. ويستحب في تشهّد المصلّي جالساً كما يستحب في تشهد المصلّي قائماً.

قوله: (وهي متعيّنة بالحمد في كلّ ثنائيّة)(4).

هذا يعمّ الفرض والنفل، لكن لا تندرج فيه ركعة الوتر.

قوله: (ولا تجزىء الترجمة)(5).

أي في الحمد، وكذا السورة وإن عجز عن العربيّة، بل ينتقل فرض المصلّي إلى التسبيح، ولو عجز عنه بالعربيّة ترجمه. والفرق أنّ القرآن لا يكون إلاّ عربيّاً ; لأنّ الإعجاز إنّما يكون بالنظم المخصوص بخلاف الذكر.

____________

1- ص 80 س 10.

2- قاله الشيخ الطوسي في المبسوط 1: 100.

3- ص 80 س 11.

4- ص 80 س 13.

5- ص 80 س 16.


الصفحة 159

قوله: (ولو ضاق الوقت قرأ ما يُحسن)(1).

أي من الفاتحة وغيرها، وتحقيقه أنّه لو أحسن بعض الفاتحة بحيث يسمّى قرآناً قرأه، وعوّض من الفائت بقرآن آخر من غيرها بقدره مراعياً للترتيب، فإن علم أوّلها أخّر العوض، وإلاّ قدّمه، أو وسطه أو وسط المعلوم. ولو لم يُحسن غيرها كرّر ما يحسنه، أو عوّض عنه بالتسبيح على احتمال.

قوله: (ولو عجز قرأ من غيرها ما تيّسر، وإلاّ سبّح الله وكبّره وهلّله بقدر القرآن)(2).

أي لو لم يحسن منها شيئاً قرأ ما تيسّر من غيرها، لكن بحيث أن يكون بقدرها، مع مراعاة الحروف وعدد الآيات إن أمكن بغير عسر. فإن اكتفى بالمساواة في الحروف أو زيادة حرف البدل، فإن لم يحسن شيئاً أصلاً أتى بالتسبيح. وينبغي أن يراعي فيه ما يجب في التسبيح المجزىء أخر الصلاة ; لأنّه أقرب إلى البدليّة عن الفاتحة من غيره، ولأنّه المعهود شرعاً، فيحمل الإطلاق عليه، ولو كرّره ليساوي الفاتحة كان أولى.

قوله: (ويحرّك الأخرس لسانه بالقراءة ويعقد بها قلبه)(3).

ويشير باصبعه كما سبق، وليس المراد من عقد القلب بها ربطه بمعناها الوصفي، إذ لا يجب ذلك على أحد، بل المراد القدر الذي تتعيّن به تلك الحركات المذكورة للقراءة المخصوصة.

قوله: (وفي وجوب سورة مع الحمد في الفرائض للمختار مع

____________

1- ص 80 س 16 ـ 17.

2- ص 80 س 15.

3- ص 81 س 1.


الصفحة 160

سعة الوقت وإمكان التعلّم قولان، أظهرهما الوجوب)(1).

هذا هو الأصح، ويُفهم من التقييد بالمختار أنّ المضطر كالمريض الذي يشق عليه قراءتها كثيراً. ومَن أعجلته حاجة لا يجب عليه السورة، وهو حقّ.

وكذا يُفهم من التقييد بسعة الوقت أنّه مع الضيق لا يجب، وليس كذلك ; إذ لا دليل على السقوط ها هنا، إذ لا يسقط شيء من الاُمور المعتبرة في الصلاة لضيق الوقت، بل ينتقل فرض المصلّي إلى القضاء، بخلاف حال الضرورة، ولا أعلم لأحد تصريحاً بسقوط السورة للضيق، بل التصريح بخلافه موجود في (التذكرة) في باب الوقت(2).

قوله: (ولا يقرأ في الفرائض عزيمة)(3).

على الأشهر بين الأصحاب ; لأنّ وجوب السجود فوريّ، بخلاف النوافل. ولو قرأ منها شيئاً عدل عند التذكّر، سواء تجاوز محلّ السجود أم لا ; لأنّه في محلّ القراءة ولم يأت بالسورة المجزئة.

قوله: (ولا ما يفوت الوقت بقراءتها)(4).

سواء لزم من قراءتها صيرورة الصلاة قضاءً أم لا ; للنهي عن إخراج شيء من الصلاة عن الوقت وإنّ قلّ. ولو قرأها ناسياً عدل ما لم يفرغ أو يبق منها قدر أقصر سورة، وكذا لو ظنّ السعة فتبيّن الضيق.

قوله: (وأدناه أن يُسمع نفسه)(5).

____________

1- ص 81 س 2 ـ 3.

2- تذكرة الفقهاء 1: 114.

3- ص 81 س 4.

4- ص 81 س 4.

5- ص 81 س 7.


الصفحة 161
أي أدنى السرّ، ولم يتعرّض لتعيين ضابط السرّ والجهر.

وتحقيق القول فيهما أنّهما حقيقتان متضادتان عرفيتان يمتنع تصادقهما، فليس أكثر أحدهما أقل الآخر، فالجهر: إظهار الصوت على الوجه المعهود، فأقلّه إسماع الصحيح القريب مع عدم المانع، وأكثره ما لم يبلغ العلوّ المفرط. والسرّ: إخفاء الصوت وهمسه على الوجه المعهود، فأقلّه إسماع نفسه، وأكثره ما لم يخرج إلى الجهر، فلا يجزىء في القراءة مثل حديث النفس اختياراً.

وما توهمه بعضهم من أنّ أكثر السرّ أقل الجهر(1) غلط جزماً.

قوله: (ولا تجهر المرأة)(2).

وجوباً، لكن يجوز أن تجهر في موضع الجهر إن لم يسمعها أجنبي، والخنثى مع سماع الأجنبي كالمرأة وبدونه كالرجل.

قوله: (ومن السُنن الجهر بالبسملة في مواضع الإخفات من أوّل الحمد والسورة)(3).

سواء كان ذلك في الركعتين الاُوليين أو الأخيرتين، وسواء الفريضة أو النافلة، وسواء الإمام والمنفرد.

قوله: (وترتيل القراءة)(4).

قال في (الذكرى): وهو حفظ الوقوف وأداء الحروف(5). والمراد منه الزيادة على قدر الواجب من الأداء، فلا تندرج القراءة بحيث لا يحصل

____________

1- كابن فهد الحلّي في الموجز (الرسائل العشر): 77.

2- ص 81 س 7.

3- ص 81 س 8.

4- ص 81 س 9.

5- الذكرى: 192.


الصفحة 162
التبيين للحروف، ولا يقف في مواضع الوقف فعل غير المنافي، فإن فعل بحيث أتى بقدر الواجب أجزأ وإن أخلّ بالمستحب، ومثل القراءة التسبيح والتشهد.

قوله: (والاقتصار في الظهرين والمغرب على قصار المفصّل)(1).

المختار أنّ الظهر كالعشاء في استحباب متوسطات المفصّل فيها ; للرواية(2). والمفصّل من سورة محمّد(صلى الله عليه وآله وسلم) إلى آخر القرآن، ومطولاته إلى عمّ، ومتوسطاته إلى الضحى.

قوله: (وكذا لو صلّى الظهر جمعة على الأظهر)(3).

أي وكذا يستحب قراءة سورتين في الجمعة، وقال المرتضى بالوجوب(4)، والاستحباب أظهر.

قوله: (وكذا الشهادتين)(5).

وكذا سائر الأذكار.

قوله: (ويحرم قول آمين آخر الحمد، وقيل: يكره(6))(7).

الأصح في المذهب التحريم ; لأنّها ليست بقرآن ولا دعاء. وكما يحرم آخر الحمد كذا يحرم في جميع أحوال الصلاة، وتبطل بها.

____________

1- ص 81 س 9 ـ 10.

2- التهذيب 2: 95 حديث 354.

3- ص 81 س 11 ـ 12.

4- الانتصار: 54.

5- ص 81 س 14.

6- قال الفاضل الآبي في كشف الرموز 1: 156: وحكاه المحقّق(رحمه الله) في الدروس عن أبي الصلاح الحلبي. ثمّ قال: وما وجدته في مصنّفه.

7- ص 81 س 16.


الصفحة 163

قوله: (وهل تُعاد البسملة بينهما؟ قيل: لا(1)، وهو الأشبه)(2).

الأصح أنّها تُعاد وجوباً ; لأنّها جزء من كلّ منهما، ويجب رعاية ترتيب المصحف في قراءتها.

قوله: (يجزىء بدل الحمد في الأواخر تسبيحات أربع صورتها: سبحان الله والحمدُ لله ولا إله إلاّ الله والله أكبر، وروي تسع، وقيل عشر(3)، وقيل اثنتاعشرة(4)، وهو أحوط)(5).

مختار المصنّف هو المذهب، ويجب فيها مراعاة هذا الترتيب على الأصح، وما يجب في القراءة من كونه بالعربيّة، وإخراج الحروف من مخارجها، والموالاة، ومراعاة النظم والإخفات.

قوله: (ولو قرأ في النافلة إحدى العزائم سجد عند ذكره)(6).

أي عند ذكر السجود وجوباً وإن تعمّد، بخلاف الفريضة ; لأنّ الزيادة ها هنا غير منافية، لورود الأمر بها. وكذا لو استمع في النافلة موضع السجود، أو سمع بناءً على وجوب السجود على السامع، وهو الأصح.

قوله: (الانحاء قدر ما تصل كفّاه ركبتيه)(7).

لا فرق في ذلك بين الرجل والمرأة، وربّما قيل: إنّ هذا حكم الرجل

____________

1- قاله الشيخ الطوسي في التبيان 10: 371.

2- ص 81 س 19 ـ 20.

3- قاله السيّد المرتضى في جمل العلم والعمل: 68، والشيخ الطوسي في المبسوط 1: 106.

4- قاله الشيخ الطوسي في النهاية: 76.

5- ص 82 س 1 ـ 3.

6- ص 82 س 4.

7- ص 82 س 8.


الصفحة 164
بخلاف المرأة، فإنّه يستحب لها أن لا تتطأطأ كثيراً(1)، وهو ضعيف.

قوله: (وإن عجز اقتصر على الممكن)(2).

المراد به من الانحاء ; لئلا يختل قوله: (وإلاّ أومأ).

قوله: (وتسبيحة واحدة ـ إلى قوله ـ وقيل: يجزىء الذكر فيه وفي السجود(3))(4).

هذا هو الأصح، والمراد به اجتزاء كلّ ما يعدّ ذِكراً، وهو ما تضمّن الثناء على الله سبحانه. واعلم أنّ سبحان علم للتسبيح، والتسبيح معناه التنزيه، والجار في قوله: (وبحمده) متعلّق بمحذوف، وتقدير الكلام: اسبّح تسبيحاً لربّي العظيم واثني عليه بحمده.

قوله: (مسبحاً ثلاثاً كبرى فما زاد)(5).

إلى بضع وثلاثين تسبيحة.

قوله: (ويكره أن يركع ويداه تحت ثيابه)(6).

بل يكونان بارزتين أو في كمّيه، قاله الجماعة.

قوله: (السجود على الأعضاء السبعة)(7).

ويجزىء فيها وضع ما يصدق عليه الوضع، فلا يجب في الجبهة

____________

1- الكافي 3: 335 حديث 2.

2- ص 82 س 8 ـ 9.

3- قاله الشيخ في المبسوط 1: 111.

4- ص 82 س 10 ـ 12.

5- ص 82 س 15.

6- ص 82 س 16.

7- ص 83 س 3.


الصفحة 165
وضع مقدار درهم على الأصح(1).

قوله: (وأن لا يكون موضع السجود عالياً بما يزيد عن لبنة)(2).

المراد باللبنة: المعتادة في بلد صاحب الشرع صلوات الله عليه وآله، وقُدّرت بأربع أصابع مضمومة تقريباً، ولا بأس به. وكذا لا يجب في طرف الانخفاض أن لا يكون موضع الجبهة أخفض من موقفه بأزيد من أربع، وهل يعتبر ذلك في بقيّة المساجد؟ قال شيخنا الشهيد: نعم(3)، ولا ريب أنّه أحوط.

قوله: (ولو تعذّر الانحناء رفع ما يسجد عليه)(4).

ويضع بقيّة المساجد كما في حال إمكان الانحناء، فإن تعذّر الوضع أو رفع مسجده أومأ.

قوله: (ولو كان بمسجده دُمَّلٌ احتفر حفيرة ليقع السليم على الأرض)(5).

وجوباً ; لأنّه مقدّمة للواجب. ولا يختصّ الحكم بالحفيرة، فلو اتخذ آلة مجوّفة من طين أو خشب ونحوهما أجزأ.

قوله: (ولو تعذّر سجد على أحد الجبينين)(6).

____________

1- كما قاله الشيخ الصدوق في الفقيه 1: 175 والمقنع: 7، وابن ادريس في السرائر 1: 225، والشهيد في الذكرى: 201.

2- ص 83 س 4.

3- الذكرى: 202.

4- ص 83 س 5.

5- ص 83 س 6.

6- ص 83 س 6 ـ 7.


الصفحة 166
قاله الأصحاب، ولا أولوية للأيمن على الأيسر هنا ; لعدم الدليل.

قوله: (والذكر فيه أو التسبيح كالركوع)(1).

الأصح إجزاء مطلق الذكر.

قوله: (التكبير للاُولى قائماً والهَوِيّ بعد اكماله)(2).

ولو كبّر في هويه جاز وترك الأفضل، لكن يشترط أن لا يكون معتقداً استحبابه على الوجه، ومثله التكبير للركوع.

قوله: (أن يرغم بأنفه)(3).

الإرغام: إلصاقه بالرغام: وهو التّراب، والمراد ها هنا السجود عليه.

قوله: (ويكره الإقعاء بين السجدتين)(4).

وكذا يكره بعدهما، وفي كلّ جلوس في الصلاة، والمراد به أن يعتمد بصدور قدميه على الأرض ويجلس على عقبيه.

قوله: (وأقلّه أشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له وأشهد أنّ محمداً عبدُهُ ورسوله)(5).

أي أقل التشهّد وهو الواجب، وأقل منه أشهد أن لا إله إلاّ الله وأشهد أنّ محمّد رسول الله. بحذف وحده لا شريك له في الاُولى، وعبده في الثانية، وإظهار ضمير رسوله.

ويجب أن يراعى فيه وفي الصلاة على النبيّ وآله اللفظ المنقول، فلو

____________

1- ص 53 س 7.

2- ص 53 س 9.

3- ص 53 س 10.

4- ص 83 س 13.

5- ص 83 ـ 84 س 18 ـ 1.


الصفحة 167
أبدل شيئاً من ألفاظه بمرادفه، أو أسقط شيئاً ولو حرفاً سوى ما قلناه، أو أظهر مضمراً أو بالعكس، لم يُجزئه وبطلت صلاته إن تعمّد. وقد علم بما ذكرناه أنّ المصلّي مخيّر بين العبارتين المذكورتين، وأيّما أتى به منهما فهو واجب.

قوله: (وهو واجب(1) في أصح القولين)(2).

بل الاستحباب أوضح دليلاً، وهو قول أكثر الأصحاب(3) لكن القول بالوجوب أحوط ولا محذور فيه بوجه من الوجوه ; لوقوعه في آخر الصلاة.

قوله: (وصورته السّلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أو السّلام عليكم، وبأيّهما بدأ كان الثاني مستحباً)(4).

هذا هو أحد القولين للأصحاب القائلين بوجوب التسليم، والذي عليه الفتوى تفريعاً على القول بوجوب تعيّن السّلام عليكم ورحمة الله

____________

1- ذهب إليه السيّد المرتضى في المسائل الناصريّة (ضمن الجوامع الفقيهة): 231 مسألة 82 وفي المسائل المحمديّة كما حكاه عنه فخر المحقّقين في إيضاح الفوائد 1: 115 والعلاّمة الحلّي في مختلف الشيعة 2: 191، مسألة 109، وذهب إليه أيضاً أبو الصلاح الحلبىّ في الكافي في الفقه: 119، وسلاّر في المراسم: 69، وابن زُهرة في الغنية (ضمن الجوامع الفقهيّة) 496، والعلاّمة الحلّي في منتهى المطلب 1: 295.

2- ص 84 س 6.

3- ذهب إليه الشيخ المفيد في المقنعة: 139، والشيخ الطوسي في النهاية: 89، وابن البرّاج في المهذّب 1: 98، وابن ادريس في السرائر 1: 241، والعلاّمة الحلّي في أكثر كتبه كقواعد الأحكام 1: 35، ونهاية الإحكام 1: 504 وتحرير الأحكام 1: 41 وتذكرة الفقهاء 1: 127.

4- ص 84 س 7 ـ 8.


الصفحة 168
وبركاته للخروج.

ولا تجب نيّة الخروج على الأصح، نعم هي أحوط.

قوله: (ويومىء بمؤخّر عينيه)(1).

المراد إلى يمينه، وكذا الإمام.

قوله: (والمأموم بتسليمتين بوجهه يميناً وشمالاً)(2).

لكن في رواية أنّه إذا لم يكن على يساره أحد سلّم تسليمة واحدة(3)، واكتفى ابن بابويه لاستحبابها بأن يكون على يساره حائط(4).

قوله: (التوجّه بسبع تكبيرات واحدة منها الواجبة)(5).

قيل: كيف تُوصف التكبيرات بالاستحباب مع أنّ بعضها واجب.

قلنا: المستحب المجموع من حيث المجموع.

قوله: (ثلاثة أدعية...إلى آخره)(6).

على ما ذكره في تفسير الأدعية لا تخلو العبارة من توسّع ; لأنّ دعاء التوجّه ليس بينها بل هو بعدها، لكن يستحب بعد التكبيرة الأخيرة سوى تكبيرة الإحرام: يا محسن قد أتاك المسيء...إلى آخره، فيكون بينها ثلاثة أدعية حينئذ.

قوله: (القنوت في كلّ ثانية قبل الركوع، إلاّ في الجمعة فإنّه في الاُولى قبل الركوع وفي الثانية بعده)(7).

____________

1- ص 84 س 9.

2- ص 84 س 10.

3- التهذيب 2: 92 حديث 245، الاستبصار 1: 346 حديث 1303.

4- الفقيه 1: 210.

5- ص 84 س 12.

6- ص 84 س 12.

7- ص 84 س 14 ـ 15.