الصفحة 50

قوله: (استدامتها)(1).

وفُسّرت بأمر عدمي، وهو عدمُ إحداث نيّة تنافي الاُولى. وربّما فُسّرت بأمر وجودي، وهو البقاء على حكمها والعزم على مقتضاها(2). والأوّل أشهر(3)، والثاني أحوط.

قوله: (ولو نوى المختارُ)(4).

هو مَنْ ليس بذي حدث دائم.

قوله: (أو نواهما)(5).

أي الرفع والاستباحة.

قوله: (ودائم الحدثِ)(6).

الحدثُ يقال على معنيين بالاشتراك اللفظي:

أحدهما: نفس الخارج الناقض للطهارة.

والثاني: أثره، وهو المنع الحاصل بسببه. وهذا هو المراد من رفع الحدث لا الأوّل ; لأنّ الواقعَ يمتنعُ رفعه.

والفرقُ بين الرفع والاستباحة أنّ الرفعَ: إزالةُ أثرِ الواقع، وهو المنعُ الحاصل بسببهِ بالكليّة حتى كأنّه لم يكن.

والاستباحةُ: استفادة جواز فعل المشروط بالطهارة، سواءُ زال المانع بالكليّة ولم يُقارنه مانع آخر كما في طهارة ذي الرفاهيّة، فإنّ الرفعَ

____________

1- ص433 س1.

2- كما فسّرها بذلك الماتن في الذكرى: 81، والقواعد والفوائد 1: 93.

3- في " ش ": أشبه.

4- ص 433 س1.

5- ص 433 س1.

6- ص434 س1.


الصفحة 51
والاستباحة بالنسبة إليه متلازمان.

أو لم يزل بالكليّة بل إلى أمد، كما في التيمّم، فإنّه لا يزيل أثر الرفع أصلاً وراساً، ولهذا ينتقض بوجود الماء والتمكّن مِنْ استعماله إجماعاً.

أو زالَ بعضهُ بالكليّة دون البعض الآخر، كما في طهارةِ دائمِ الحدث، فإنّ المانعَ الحاصل في الحال يزول بعضه، وهو أثر الحدث السابق على زمان الطهارة بالكليّة حتى كأنّه لم يكن دون غيره، وهو أثر الحدث المقارن.

ومِنْ ثمَّ كانَ الاقتصار على الرفع الأوّل مُجزئاً كالاستباحة ; للتلازم بينهما بالنسبة إليه، وامتنع الاقتصار عليه في التيمّم ; لعدم حصوله به.

وفتوى المصنّف فى كُتبه بجواز الاقتصار عليه(1) في غاية الضعف ; لما قلناه.

وأمّا الثالث فإنْ قصد به رفع الماضي صح ; لامكان ما نواه. وإن أطلق فوجهان أصحّهما البطلان ; لاقتضاء مُطلق الرفع رفع أثر المقارن، وهو مُمتنع. وفتوى صاحب (المعتبر)(2) والمصنّف بالصحة حملاً على الماضي(3)، في غاية الضعف ; لأنّ الاقتصار على بعض المعنى مجاز لا يصار إليه بدون قصد يخصّه.

وهذا من المباحث الشريفة التي يجب صونها عن غير أهلها، وتوجيه العناية إلى تحقيقها وفهمها، ولم يوجد هذا التحقيق مجموعاً في كلام.

____________

1- الذكرى: 80.

2- المعتبر 1: 139.

3- الذكرى: 81.


الصفحة 52

قوله: (أو هما)(1).

أي نيّتهما، فحذفَ المضافَ فانفصلَ الضمير.

قوله: (لا غيرَ)(2).

اي لا غير هذين الأمرين، أعني نيّة الاستباحة ونيّتهما.

وهذه الأخيرة ـ أعني قوله: (أو هما) ـ لم يقفْ عليها بعض الشارحين فأنكرَ جوازَ الضميمة لدائم الحدث(3)، وهو خطأ، فقد نبّه على جوازه المصنّف في الذكرى(4)، ولا وجه للمنع.

قوله: (حقيقةً)(5).

أي في مستوى الخلقة.

قوله: (أو حُكماً)(6).

أي في الأنزع والأغمّ.

قوله: (أو حَكماً)(7).

في مَنْ كان وجهه وأصابعه على خلاف الغالب.

ويجب غَسْلُ ظاهرِ الأهداب، والحاجبين، والشارب، والعَنْفقة(8)،

____________

1- ص434 س1.

2- ص 434 ص1.

3- هو ابن أبي جمهور الأحسائي في المسالك الجامعيّة في شرح الألفيّة المطبوعة بهامش الفوائد المليّة: 48.

4- الذكرى: 79.

5- ص 435 س1.

6- ص435 س1 وهذا القول وشرحه لم يردا في " م ".

7- ص 435 س2.

8- العنفقة: ما بين الشفة السفلى والذقن. لسان العرب 10: 277 " عنفق ".


الصفحة 53
وشعر الخدين، والعارضين: وهما ما نبت على اللحيين، والعذار فوقه وفي وجوب غسله كلام، والاحتياط غَسله. والصدغان فوق العذارين يتّصلان بالرأس، والمشهور عدم وجوب غسلهما.

وموضع التحذيف ـ وهو ما ينبت عليه شعر خفيف بين العذار والنزعة ـ لا يجب غسله. واحتاط المصنّف بالوجوب(1)، ولا بأس به.

والنزعة: أحد البياضين اللذين يكتنفان الناصية في مقدّم الرأس، وهما نزعتان بالتحريك.

قوله: (ويجب تخليل... إلى آخره)(2).

المشهور عدم وجوب التخليل مُطلقاً، وعليه الفتوى.

قوله: (إذا خفّ... إلى آخره)(3).

الخفيفُ مِنْ الشعر ما تتراءى البشرةُ مِنْ خلاله في مجلس التخاطب، أو ما يصل الماء إلى منبته مِنْ غير مبالغة. وقد يؤثّر الشعر في أحد الأمرين دون الآخر بحسب السبوطة والجعودة، والكثيف يقابله في المعنيين.

ثم الفرق بين الخفيف والكثيف في إيجاب تخليل الأوّل بحيث يصل الماء إلى منبته، هو ما ذهب إليه العلاّمة في (المختلف)(4) و(التذكرة)(5)وعزاه في (المختلف) إلى ابن الجنيد والمرتضى(6)، وعبارتهما غير

____________

1- الذكرى: 84.

2- ص 436 س1.

3- ص 436 س1.

4- مختلف الشيعة 1: 113 مسألة 69.

5- تذكرة الفقهاء 1: 154 ـ 155 مسأله 43.

6- الناصريات (الجوامع الفقهية): 219 ـ 220 مسألة 26.


الصفحة 54
مصرّحة بمراده، لكن هي قبل التامّل الصادق موهمة، وفي (التذكرة) نسبة إلى ابن أبي عقيل.

وباقي الأصحاب على عدم الوجوب مُطلقاً(1) ; لأنّ الوجه اسم لما يواجه به، وكما يواجه بالكثيف بالنسبة إلى ما تحته فكذا الخفيف أيضاً بالنسبة إلى ما تحته، ولعموم قول الباقر (عليه السلام): " كلّ ما أحاط به الشعر فليس على العباد أن يطلبوه، ولكن يجري عليه الماء "(2)، وهو شامل للمدّعى.

والمصنّف وإن اختار مذهب العلاّمة هنا جرياً على ظاهر الاحتياط، إلاّ أنّه خالفه في غير هذه الرسالة، وألزمه في (الذكرى)(3) بمخالفة ظاهر الأصحاب، ومخالفة مشهور العامّة أيضاً.

أمّا الأصحاب فقد عرفت كلامهم.

وأمّا العامّة فإنّ الضابطَ عندهم وجوبُ تخليل ما عدا شعر اللحية، خفّ أو كثف ; لندور كثافته، فيلحق بالغالب(4).

والتفصيل بالخفّة والكثافة إنّما هو في اللحية خاصة، وكلامه لا يطابق ذلك، إذ التفصيل بالخفّة والكثافة عنده عام، وهذا إلزام صحيح في موضعه.

واعلم أنّ على ظاهرِ عبارة المصنّف مناقشة، فإنّ مفهوم قوله: (يجبُ تخليل ما يمنع وصول الماء إذا خفّ) أنّ الكثيف لا يجب تخليله، وهو عام، فيدخل فيه الكثيف مُطلقاً من شعر وغيره. واقتصاره على

____________

1- كالشيخ الطوسي في المبسوط 1: 20 والخلاف 1: 77 مسألة 25.

2- الفقيه 1: 28 حديث 88، التهذيب 1: 364 حديث 1106.

3- الذكرى: 84.

4- المجموع 1: 374 ـ 375، الوجيز 1: 12، المهذّب للشيرازي 1: 23.


الصفحة 55
التصريح ببعض هذا المفهوم ـ أعني الكثيف من الشعور ـ يُفهم منه نفي الحكم عن غيرها، فيكون تخليل الكثيف ممّا سواها واجباً على ظاهر هذا المفهوم، فيتدافع المفهومان. على أنّ الأوّل مفهوم الشرط، والثاني مفهوم الصفة وهو من أضعف المفاهيم، بخلاف الأوّل، بل لعلّه أقواها.

قوله: (فلا)(1).

نعم يستحب استظهاراً.

قوله: (بالأعلى)(2).

فلو نكس لم يصح، خلافاً للمرتضى(3) وابن ادريس(4).

قوله: (ولا يجب)(5).

لكن يستحب.

قوله: (مع المرفقين)(6).

لا خلاف بين العلماء في وجوب غسل المرفقين، إلاّ مَن شذ من العامة(7). إنّما الخلاف في أنّ غسلهما هل وجوبه تبعاً لوجوب غسل اليدين ; لأنّه من باب ما لا يتمّ الواجب إلاّ به، كغسل جزء من الرأس مع الوجه، وستر جزء ممّا عدا العورة، توصّلاً إلى فعل الواجب، أم وجوبه

____________

1- ص436 س1.

2- ص 437 س1.

3- حكاه عنه المحقّق في المعتبر 1: 143 والعلاّمة في المختلف 1: 109 وأسنده صاحب الجواهر فيه 2: 148 إلى كتاب المصباح.

4- السرائر 1: 99.

5- ص 438 س1.

6- ص438 س2.

7- بداية المجتهد 1: 11، المبسوط للسرخسي 1: 6، بدائع الصنائع 1: 4.


الصفحة 56
ثابت بأصل الشرع كغسل اليدين؟ وتظهر فائدة الخلاف في وجوب غسل جزء من العضد فوق المرفق، وغسل رأس عظم العضد لو قطعت اليد من مفصل المرفق. فعلى الثاني يجب فيهما، وعلى الأوّل لا.

ومبنى القولين على أنّ (إلى) في قوله تعالى: {إلى المرافق}(1) هل هي للانتهاء، أم بمعنى (مع)؟ فيخرج على الأوّل الأوّل، وعلى الثاني الثاني.

إذا عرفت ذلك فاعلم أنّ (مع) في العبارة أوقع من لفظة (مِنْ) ; لما أنّ المصنّف قائل بالثاني في هذه المسائل، لكن الموجود بخط ولده لفظة (من)(2).

قوله: (والشعر)(3).

وغسلُ هذا القسم ونحوه أيضاً مِنْ ظفر واصبع ولحم تحت المرفق ويد زائدة تحته، ونحو ذلك.

والفرق بين شعر اليدين والوجه: انتقال الحكم إلى شعره باعتبار وقوع المواجهة به، بخلاف اليدين.

قوله: (مُقدّم شَعْرِ الرأسِ)(4).

المراد به المختص بالمقدّم، وهو الذي لا يخرج بالمدّ عنه.

____________

1- المائدة: 6.

2- الموجود في نُسخنا الخطية الثلاث التي اعتمدنا عليها في تصحيح الألفيّة (من).

3- ص 439 س1.

4- ص 439 س2.


الصفحة 57

قوله: (أو حُكماً)(1).

وذلك في الأنزع والأغمّ، فإنّ كلّ واحد منهما يمسح مكان ناصيته مستوي الخلقة، فلا يجزئ للأغم المسح على ما زاد عليه ; لأنّه معدود من الوجه.

والضمير في قوله: (أو بشرته) يعود إلى مُقدّم شعر الرأس التي هي منبت شعر الناصية.

وربما اُشكل هذا المعنى على كثير من الطلبة، فتوهّم التكرار في عبارة المصنّف، ظّناً منه أنّ قوله: (أو بشرته) مغن عن قوله: (أو حُكماً)(2). وليس كذلك ; لأنّ الأنزع لا يتناوله قوله: (أو بشرته)، إذ لا مقدّم لشعر رأسه ; لاستيلاء الشعر على كلّه أو بعضه، ولولا قوله: (أو حُكماً) لم يكن في العبارة ما يدلّ على حُكمه وحُكم الأغمّ.

وتقرير كلام المصنّف: يجب مسح مقدّم شعر الرأس حقيقة في مَنْ ينبت على مقدّمه شعر ولم يتجاوز الغالب، أو حُكماً في الأنزع والأغم باعتبار المنع في الزائد بالنسبة إليه، أو بشرة مقدّم شعر الرأس عند حلقه ونحوه.وهذا كلام منتظم لا إشكال فيه.

قوله: (ولو باصبع)(3).

بل بما صدق عليه الاسم، ويُستحب بقدر ثلاثِ أصابع عرضاً، ويعتقد فيه الوجوب لو فعله، وسيأتي تحقيقه في التشهّد.

____________

1- ص 440 س1.

2- لم أعثر عليه، وقال الشهيد الثاني في المقاصد العلية: 92، واعلم أنّ هذه العبارة من مشكلات الرسالة دلالة على المطلوب منها.

3- ص 440 س1.


الصفحة 58

قوله: (أو منكوساً)(1).

والأصح الكراهيّة.

قوله: (إلى أصلِ الساقِ)(2).

بل إلى العظم الناتئ وسط القدم ; لأنّه الكعب عند عامة الأصحاب(3)، سوى العلاّمة ابن المطهّر(4).والعظمان اللذان عن يمن القدم ويساره عند أسفل الساق هما الظنبوبان(5)، وليس هما الكعبين كما نطقت به أخبارنا(6)، واشتهر نقله عن أهل اللغة من أصحابنا وغيرهم أيضاً(7).

والمصنّف هنا تابع العلاّمة في أنّ الكعبين هما العظمان عن يمين القدم ويساره، وأوجبَ المسحَ إلى أصل الساق لمحاذاتهما.وكأنّه أرادَ بذلك الاحتياط والخروج من الخلاف، وإلاّ فقد بالغَ في (الذكرى) في ردّ قول العلاّمة والاحتجاج على خلافهِ وجعله من متفرداتهِ(8).

إذا عرفت ذلك، فهل يجب إدخال الكعب في المسح كالمرفق؟ الظاهر نعم، وخصوصاً إذا حملت: {إلى} في قوله تعالى: {إلى

____________

1- ص 440 س1.

2- ص 441 س1.

3- ادّعى عليه الإجماع الشيخ الطوسي في التهذيب 1: 75، والمحقّق الحلّي في المعتبر 1: 151، والماتن في الذكرى: 87.

4- مختلف الشيعة 1: 125 مسألة 78، منتهى المطلب 2: 69، نهاية الإحكام 1: 44، قواعد الأحكام 1: 203.

5- الظنبوب: العظم اليابس من قُدُم الساق. الصحاح 1: 175 " ظنب ".

6- الكافي 3: 26 حديث 5، التهذيب 1: 76 حديث 191.

7- ترتيب كتاب العين 3: 1580، الصحاح 1: 213، القاموس المحيط 1: 129 " الكعب ".

8- الذكرى: 88.


الصفحة 59
الكعبين}(1) على معنى (مع).

ولو مسح على النعلِ العربي لم يجب استبطان الشراك.

قوله: (لأحدِ المَسحينِ بَطَلَ)(2).

يُحتمل عودُ الضمير في قوله: (بَطَلَ) إلى المسحِ، ويكون المعنى بطلان المسح بالماءِ الجديد، فيجبُ إعادته.

ويضعّف بأنّ المذكورَ في العبارة الاستئناف لا المسح، وفعل الاستئناف قد ينفكُ عن فعل المسح، فيُحتمل عود الضمير إلى الوضوء، فيكون المعنى بطلان وضوئه بالاستئناف لأحدِ المسحين، فلا يَستقيم على إطلاقه، بل يجب تقييده بما إذا تعذّر عليه المسح ببلّة الوضوء، فلو أمكنه تجفيف الماء الجديد إذا استوعب به الكفين والأخذ بالكفّ ممّا على بعض الأعضاء من البَلل، فَعَلَ ولم يبطل وضوؤه، وإنْ تعذّر ذلك بَطَلَ، وهذا الحكم إنّما هو في غير محلّ التقيّة.

وهلْ يشترط لصحة المسح جفافُ محلّه، أم تجوز معه الرطوبة؟ قولان للأصحاب، أظهرهما عدم الاشتراط.

قوله: (وينبغي البَدْأة باليمنى)(3).

المعتمد الوجوب.

قوله: (ولا يجوز النكس)(4).

بل يجوز على كراهية.

____________

1- المائدة: 6.

2- ص 442 س1.

3- ص 443 س1.

4- ص 443 س2.


الصفحة 60

قوله: (بحيث لا يجف... إلى آخره)(1).

عبارةُ المصنّف وإن كانت ظاهرة في أنّ الموالاة مراعاةُ الجفاف، إلاّ أنّها قد تُوهم اعتبار المتابعة من حيث جعلها تفسيراً لها في قوله: (وهي متابعةُ الأفعالِ)، لكن قوله: (بحيث لا يجف... إلى آخره) مخلّص عن هذا الوهم ; إذ التقدير: الموالاة هي المتابعةُ بهذا المعنى لا مطلقاً.

وإسناده الجفافَ إلى السابق مِنْ الأعضاء يُحتمل اراده العضو الذي انتهى في الغسل إليه، على أن تكون (مِنْ) للتبعيض، فيكون جفافُ ذلك العضو هو المخلّ بالموالاة دونَ غيره، وهذا مذهب المرتضى(2) وابن ادريس(3).

ويُحتمل أن يكون المراد بالجفاف المبطل جفاف جميع ما تقدّم، فتكون (مِنْ) للتبيين، وهذا هو ظاهر مذهب أكثر الأصحاب ومنهم المصنّف(4)، وعليه دلّت الأخبار(5).

وهذا الثاني أولى في عبارة الرسالة ; لموافقته مذهب المصنّف في غيرها.

ولا فرق في تفسير الموالاة بين كون الهواء مفرّط الحرارة أو الرطوبة أو مُعتدلاً، وقد كان يجب على المصنّف التصريح بكون الترتيب والموالاة على تفسيرنا شرطين للوضوء ; للإجماع على بطلان الوضوء بالاخلال

____________

1- ص444 س2.

2- الناصريات (ضمن الجوامع الفقهية): 221.

3- السرائر 1: 103.

4- الدروس 1: 93، البيان: 49.

5- التهذيب 1: 87 حديث 231، الاستبصار 1: 72 حديث 221.


الصفحة 61
بأحدهما إذا جفّ البلل قبل التدارك في الترتيب، سواءٌ في ذلك العمد والسهو.

وقول بعض الشارحين: إنّ الموالاة ليست شرطاً في الوضوء وإنّما هي واجبة فيه، فلو تركها سهواً لم يَبْطُلْ وضوءه(1)، غلط ظاهر.

قوله: (كشدّةِ الحَرِّ)(2).

أي بحيث لا يمكن الإسباغ التام المانع من الجفاف.

قوله: (وقلّةِ الماءِ)(3).

أي مع قلّة الماء ; لأنّ التعذّر إنّما يتحقّق باجتماعهما، وهل يجوز الاستئناف للمسح والحال هذه، أم ينتقل فرضه إلى التيمّم؟ أطلقَ القول بالمنع من الاستئناف العلاّمة في (المنتهى) مع تجويزه البناءَ لو تعذّرت الموالاة(4). فعلى هذا ينتقل فرضه إلى التيمّم ; لتعذّر الطهارة المعُتبرة، وجوّزه المصنّف في (الذكرى)(5) تفادياً من الضرورة ولزوم الحرج.

وكلّ مُحتمل، غير أنّه لو أمكنه إبطاء غسل بعض يده اليسرى وإسراع الصبّ عليه والمسح بمائه، تعيّن على القولين وإنْ فرض تخلّل الجفاف للضرورة، وكذا الحكم لو أمكنَ غمس العضو في الماء، إذ الظاهر جواز المسح بمائه اختياراً.

____________

1- هو ابن أبي جمهور الأحسائي في المسالك الجامعيّة في شرح الألفيّة المطبوعة بهامش الفوائد المليّة: 46.

2- ص445 س1.

3- ص 445 س1.

4- منتهى المطلب 1: 58.

5- الذكرى: 92.


الصفحة 62

قوله: (فلو وضّأه)(1).

ويتحقّق ذلك بصبّ الغير الماءَ على نفسِ العضو الموضّأ لابدونه، وفي حكمه ما لو أجراه بفعله من محلّ إلى آخر.

قوله: (لا لعذر)(2).

فيجوز للمعذور، لكن يتولّى النيّة المعذور.

قوله: (طهارةُ الماءِ وطهويتهُ)(3).

إن قيل: لمَ جَمَعَ بين الطهارة والطهوريّة، مع أنّ الطهوريّة مغنيّة عنها، فإنّ الطهوريّة عبارة عن كون الماء طهوراً، والطَهور هو المطهّر عند المحقّقين؟ أجبنا: بأنّ في جمعهما فوائد:

الاُولى: التنبيه على الفرقِ بينهما باعتبار أصل الوضع، فإنّ الطَهارة أعمّ مُطلقاً، والطهورية أخصّ مطلقاً ; وذلك لأنّ الطالب ينبعث عزمه إلى البحث عن معناهما إذا وقف عليهما، فلو اقتصر على أحدهما لانتفت هذه الفائدة.

الثانية: الاحتراز بالطَهوريّة عن الماء المستعمل في الطهارة الكبرى، وعن الماء المضاف:

أمّا الأوّل ; فلأنّه غير طَهور عند بعض الأصحاب(4) مع الاتفاق على كونه طاهراً، وإنّما احترز عنه مع أنّه لا يقول به ; لأنّه لمّا لم ينصّ على مذهبه في هذه المسألة هنا أتى بما ينطبق على المذهبين هرباً من إحالة

____________

1- ص 445 س2.

2- ص 445 س2.

3- ص 445 س3.

4- كابن حمزة المشهدي في الوسيلة: 74.


الصفحة 63
الطالب على غير معلوم.

وأمّا المضاف فإنّه وإن لم يصدق عليه اسم الماء حقيقةً، إلاّ أنّه يَصدق عليه مجازاً، ويسوغ الاحتراز عن المجاز إذا اُريد دلالة اللفظ على المعنى نصّاً.

الثالثة: ـ وهي أمتّنها ـ أنّ الأصحاب لمّا ذكروا اشتراط الطَهارة في ماءِ الوضوءِ على كلّ حال، وفروع ذلك في مبحث يخصّه، واشتراط الطهوريّة، وفروع ذلك أيضاً في مبحث يخصّه، وكان المصنّف بصددِ الإشارة إلى رؤوس المباحث على جهة الاختصار، لم يحسن منه ـ رعايةً للاختصار ـ حذف عنوان بعض المباحث بالكليّة ; لما فيه مِنْ مخالفةِ عادةِ الجماعة مِنْ جريان الاطلاع على ما حذف مِنْ المباحث ولو إجمالاً، فكان ذلك بالاقتصار أشبه من الاختصار.

قوله: (أعادَهُ)(1).

أي المشكوك فيه وما بعده، إلاّ أن يكثر شكّه فيسقط عنه. ويستفاد منه أنّه لو كان الشكّ بعدهُ لم يلتفتْ، وهو حقٌّ، ويتحقّق بالفراغ منه وإنْ لم ينصرفْ مِنْ موضعه.

قوله: (ولجميعِ البَدنِ)(2).

يُفهم منهُ وجوب إيقاع النيّة عند ملاقاة الماء لمجموع البدن، وليسَ مُراداً للمصنّف، إذْ لا يقول به أحدٌ مِنْ المسلمين. وكأنّه أرادَ أنّ مجموع البدن سواء في إيقاع النيّة عند أيّ جزء كان مِنْ أجزائه، فإنّه بسقوط الترتيب قد صار بمنزلة عضو واحد، فَلَمْ تساعدهُ العبارة.

ولا يجوز أنْ يكون صدور ذلك منه (رحمه الله) عن قصد على أنْ يكون

____________

1- ص 448 س2.

2- ص 449 س2.


الصفحة 64
مذهباً له، كما سرى إلى أفهام ذوي الأوهام من أهل عَصرنا(1) ومَنْ تقدّمهم بقليل(2)، حتى صار اعتقاداً لهم يتناقلونهُ ويفتون بهِ ; لأنّ ذلك مخالفٌ لإجماع المسلمين:

أمّا أصحابنا فلأنّ الأكثر منهم يكتفون في الارتماس بالاغتسال تحت المطر الغزير والميزاب والمجرى، ممّا لا يستوعب الماء فيه البدن إلاّ في زمان متراخ يتعذّر استحضارُ النيّة فيه فعلاً(3)، وهؤلاء بمعزل عن هذا الوهم الفاسد.

والباقون مِنْ الأصحاب وإنْ مَنعوا الارتماس في مثل ذلك ; لفوات معنى الدفعة عرفاً، إلاّ أنّهم يكتفون بالدفعة العرفيّة وإنْ قارنها تراخ يسير(4)، حتى أنّ بعضهم يكتفي بغسل اللمعة لو وجدها المرتمس بعد الغسل(5). وأين هذا من ذاك؟! فهؤلاء أصحابنا.

وأمّا العامّة فظاهر أنّهم لا يقولون بذلك(6).

____________

1و2) منهم ابن أبي جمهور الأحسائي في المسالك الجامعيّة في شرح الألفيّة المطبوعة بهامش الفوائد المليّة: 52، وأشار إليه المصنّف في جامع المقاصد 1: 262 قائلاً: وربّما توهّم بعض الطلبة ـ إلى أن قال ـ: وبالجملة فهو أهون من أن نتصدّ لردّه، فإنّا لا نعلمه قولاً لأحد من معتبري الأصحاب، ولا يتوهم دلالة شيء من اُصول المذهب عليه.

3- كالشيخ الطوسي في المبسوط 1: 29، والعلاّمة في تذكرة الفقهاء 1: 232 ومختلف الشيعة 1: 174 مسألة 122.

4- كابن ادريس الحلّي، وحكاه الشيخ محمّد حسن النجفي في جواهر الكلام 3: 100 عن ظاهر عبارة المحقّق في الشرائع 1: 27 والمعتبر 1: 184.

5- كالعلاّمة الحلّي في قواعد الأحكام 1: 14، وحكى الشيخ محمّد حسن النجفي في جواهر الكلام 3: 97 عن والد العلاّمة وجماعة من متأخري المتأخرين القول باعادة الغسل.

6- فهم لا يقولون بالترتيب مُطلقاً، انظر المجموع 2: 197، المغني لابن قدامة 1: 253.


الصفحة 65
فقد ظَهَرَ مخالفةُ هذا الوهم لإجماع المسلمين، ومع ذلك فهو مخالفٌ لظاهرِ النصوص، كما حقّقناه فيما خرج من شرح الرسالةِ(1) على أنّه ليس معنى يتعقّل ; لأنّ الواجب مِنْ النيّة في العبادات باعتبار ما استفيد من النصوص بعد بذل الجهد إنّما هو ما قارن أوّل العبادة فقط، فما الذي أخرج هذا الغسل من البين؟ لكن لا داءَ أعيى من الجهل.

قوله: (والإجتزاءُ به)(2).

يُفهم منه أنّ دائم الحدث ليس له الاقتصار على نيّة الرفع، والحقّ أنّ ذلك في الحدثِ الأكبر، أمّا الأصغر فغيرُ مانع في الجنابة وغيره، خصوصاً على القول بأنّ تخلّل الحدث لا يُبطل الغسل.

قوله: (وتعاهدُ ما ظَهَرَ)(3).

الأفصح تعهّد، نصّ عليه في الصحاح(4)، والمراد به: التحفّظ بالشيء وتجديد العهد به.

والمراد بـ (ما ظَهَرَ مِنْ الاذنين) ما ظَهَرَ من الصماخين دون ما بطن، وعليه نبّه الشيخان(5)، والصدوق(6)، وغيرهم.

قوله: (وتخليلُ الشَعْرِ المانعِ)(7).

____________

1- أشار إليه في حاشية الألفية: 411. علماً بأنّ هذا من الموارد التي تستدل بها على أنّ للكركي عملين على الألفية، اختلف أصحابنا في تسميتهما، فسُمّيا حاشيتان، شرحان، حاشية وشرح، تعليقتان. وقد بسطنا الكلام عنهما في ترجمة المحقّق الكركي عند التعريف بمصنّفاته.

2- ص 450 س2.

3- ص 450 س3.

4- الصحاح 2: 516 " عهد ".

5- المقنعة: 52، المبسوط 1: 29.

6- المقنع: 12.

7- ص 451 س1.


الصفحة 66
ولا يجب غسله عندنا، ولو توقّف ايصالُ الماءِ إلى البشرةِ على نقض ضفرِ المرأة وجب، لا بدونه. والفرقُ بين شَعْرِ البدنِ في الغسل وشَعْرِ اليدين في الوضوءِ النصّ على عدمِ الوجوب في الغسل من طُرقنا(1)، وطرق المخالفين تخالفه ثمّ(2).

قوله: (ويتخيّر في غَسْلِ العوَرتين)(3).

وكذا السرّة والأولى يستحب.

فرع:

يجب أنْ يغسل الحدّ المشترك بين الأعضاءِ مَعَ كلِّ واحد منها ; لعدم المفصل المحسوس مِنْ باب ما لا يتمّ الواجب إلاّ به.

قوله: (تخليلُ ما لايصل الماء إليه)(4).

فيه توسّع، إذْ ليس المراد وصولُ الماء إلى الشيء المخلّل عندنا قطعاً، بل إلى البشرة. وكانَ الأولى أنْ يقول: تخليل ما لا يصل الماء إلى البشرة بدونه، أو نحوه.

قوله: (عدمُ تخلّل حَدَث)(5).

المراد به الأصغر ; لأنّه المتعارف من لفظِ الحدث مُجرّداً عن التقييد. ومقتضى كلام المصنّف بطلان الغسل بتخلّله وإعادته من رأس، وهو ما عليه المتأخّرون، والمُعتمد عدم البطلان.

____________

1- أمالي الصدوق 1: 391 حديث 11، التهذيب 1: 135 حديث 373.

2- سنن أبي داود 1: 171 حديث 248، سنن ابن ماجة 1: 196 حديث 597.

3- ص451 س3.

4- ص452 س1.

5- ص 452 س2.