الصفحة 213
لَمّا ذكر أنّ مراعاة الهيئة غير واجب في غير العدد بالنسبة إلى الأداء، حتى لا يجب مراعاة هيئة الخوف لو فاتت الصلاة على تلك الحالة، بل يجوز، أشار إلى حكم كلّي للأداء والقضاء يعمّ ما تقدّم ذلك بقوله: (وإنّما المعتبر... إلى آخره).

أي لا يُعتبر في الهيئة للصلاة إلاّ الهيئة المقدورة للمكلّف وقت الفعل، سواء كان وقت الأداء كما في المؤدّي للظهر لو كان في شدّة الخوف أو شدّة المرض، فإنّه يجب أن يؤدّيها بحالته تلك المقدورة، ثم لا يجب القضاء بعد ذلك.

أو كان وقت القضاء كمن عليه فائتة ذكرها في وقت شدّة الخوف أو المرض أو أراد قضاءها في تلك الحالة. ولو قصد إقامةً لا يُمنع منه حينئذ، بل له أن يقضي ما عليه بحسب مقدوره وتبرأ به ذمّته، ولا يؤمر بتأخيرها إلى وقت الإمكان، إذ لا تُعتبر هيئة الفوات، لكن يدخل في قول المصنّف: (أداءً وقضاءً) القضاء عن الغير. وهو واضح في القضاء عن الأب، أمّا القضاء عن الغير بالاستئجار فمشكل، إذ يحتمل بتجدّد العجز انفساخ الإجارة; لأنّ إطلاقها محمول على الهيئة الكاملة في الواجبات.

ويحتمل تسلّط المستأجر على الفسخ دون الانفساخ; لإمكان الزوال، ويبعد الاجتزاء بالفعل على تلك الحالة، إلاّ أن يقال بوجوب الأرش، وهو عوض التفاوت بين الفعلين الواجب بالإجارة والممكن الآن فيتّجه احتمالاً، ولا أستبعد التسلّط على الفسخ إذا كان الزوال بطيئاً عادةً وعدم الاكتفاء بهذا الفعل.


الصفحة 214

قوله: (وكذا باقي الشروط)(1).

معطوف على قوله: (وإنّما المعتبر في الهيئة... إلى آخره)، أي كما قلناه في الهيئة الحكم في باقي شروط الصلاة من استقبال وستر وإزالة نجاسة عن الثوب والبدن والمكان ونحوها.

قوله: (فيصح القضاء من فاقدها)(2).

وكذا الأداء، إذ ليست شروطاً على الإطلاق بل عند الإمكان، إلاّ فاقد الطهارة فإنّه لا يصح منه القضاء، كما أنّه لا يصح منه الأداء; لأنّ الطهارة ـ أعني الوضوء والغسل والتيمّم ـ شرط لصحّة الصلاة على الإطلاق، وفي كلّ حال من الأحوال لم يُخالف في ذلك أحد إلاّ المفيد(3) منّا، وبعض العامّة، حيث أوجبا على فاقد الطهارة بأنواعها فعل الصلاة على حاله ثمّ قضاءها، وباقي الفقهاء على العدم.

وقد كان يجب على المصنّف أن يؤخّر قوله: (لا فاقد الطهارة) عن قوله بعد: (وكذا الأداء); ليكون استثناء من الأداء والقضاء فيُفيد الحكمين معاً، على أنّ القضاء لا خفاء في عدم صحّته منه، بخلاف الأداء كما قدّمناه، فكان أهم; ليفيد الردّ على المُخالف.

قوله: (المريض المومئ بعينه)(4).

يجب قراءة (المريض) بالجر عطفاً على (فاقدها)، والتقدير: فيصح القضاء من فاقدها ومن المريض المومئ بعينه.

____________

1- ص 659 س 1.

2- ص 659 س 1.

3- المقنعة: 60.

4- ص 659 س 1 ـ 2.


الصفحة 215
فإن قلتَ: هذا داخل فيما قبله، فلمَ أعاده، وهل هو تكرار؟

قلتُ: هو وإن كان داخلاً فيه إلاّ أنّه لا يُفيد حكم ركوعه وسجوده، فخصّه بالذكر لهذه الفائدة، وليستفاد به أنّ بقية أفعال الصلاة أيضاً كذلك.

قوله: (والسجود أخفض)(1).

أي وجوباً، ويجوز نصبها على معنى: ويجعل السجود أخفض.

وهذا واضح في المُبصر، أمّا غيره فيشكل حكمه. وفي (التذكرة) اكتفى من الأعمى ووجع العين بإخطار الأفعال على قلبه والأذكار على لسانه، كمن عجز عن فتح عينيه وتغميضها(2)، وهو متّجه إلاّ في سليم العين فبقيد البصر.

قوله: (وكذا الأداء)(3).

معطوفاً على قوله سابقاً: (فيصح القضاء من فاقدها)، وما بينهما من بيان حكم المريض معترض. وقد كان حقّه أن يؤخّر استثناء فاقد الطهارة ـ كما أفدناه سابقاً ـ عن الأداء، فيقول: فيصح القضاء من فاقدها وكذا الأداء إلاّ فاقد الطهارة ومن المريض والمومئ بعينه إلى آخره.

فيحصل بتأخير الاستثناء الردّ على المفيد كما مرّ، ويزول بتأخير حكم المريض تعقيد العبارة، فإنّها تُوهم عطف قوله: (وكذا الأداء) على ما قبله من حكم المريض بتقدير: والقضاء من المريض المومئ إلى آخره وكذا الأداء. ومَن توهّم ذلك(4) فقد غلط وساء فهمه; لأنّه يخلّ بكثير من

____________

1- ص 659 س2.

2- تذكرة الفقهاء 3: 95 المسألة 195.

3- ص 660 س 1.

4- هو ابن أبي جمهور الأحسائي في المسالك الجامعية في شرح الألفيّة المطبوعة بهامش الفوائد المليّة: 176.


الصفحة 216
الأحكام، ويوهم اختصاص جواز الفعل من فاقد الشروط بالقضاء، ويذهب جزالة الكلام وحلاوته، وإنّما المراد ما قلناه.

قوله: (كرّر حتى يحصّله)(1).

فلو فاته ظهر وعصر كذلك صلّى ظهراً بين عصرين، أو بالعكس، فيحصل الترتيب. ولو زادت زاد في التكرر بحيث ينطبق فعله على جميع الاحتمالات الممكنة.

ووجه السقوط أنّه زيادة تكليف ينفيه الأصل، مع ما فيه من الحرج والمشقة المنفيان بالآية(2) والحديث(3)، وهو المعتمد.

ويدخل في قوله: (لو جهل الترتيب) جهله في فوائت الحضر، أو في فوائت السفر، أو فيهما، حتّى لو فاته صلوات سفر وحضر وجهل السابق منهما سقط عنه وجوب الترتيب على القول الأظهر.

قوله: (مع بلوغه)(4).

أي وقت الترك; ليشمل حكم الكمال في بعض الوقت وإن كان مُجملاً ولو في آخر الوقت بحيث يدرك قدر الطهارة وركعة، فلا يجب قضاء زمان الصِّبا ; لرفع القلم عن الصبيّ(5). وكذا القول في الإسلام; لأنّ الكافر الأصلي لا قضاء عليه، إذ الاسلام يجب ما قبله، إلاّ اذا أسلم آخر الوقت بحيث يدرك قدر الطهارة وركعة.

____________

1- ص 660 س 2.

2- البقرة: 185، الحجّ: 78.

3- التهذيب 3: 363 حديث 1097، الاستبصار 1: 77 حديث 240.

4- ص 661 س 1.

5- الخصال 1: 93 باب الثلاثة حديث 4.


الصفحة 217
ولا يعترض بالمرتد على ظاهر قوله: (وإسلامه); لأنّه سيذكر حكمه. أمّا العقل وطهارة المرأة من الحيض والنفاس فحصولها أوّل الوقت بقدر الطهارة ومجموع الصلاة، أو آخره بقدر الطهارة وركعة، كاف في وجوب القضاء مع الاخلال.

قوله: (وعقله)(1).

احترز به عن المجنون والإغماء.

قوله: (وإسلامه)(2).

احترز به عن الكُفر الأصلي; لأنّ حكم المرتد سيأتي.

قوله: (أمّا عادم المُطهّر)(3).

أي عادم جنس المطهّر من ماء وتراب وما في حكمه، أي إذا كان تركه للصلاة في وقتها بسبب فقد جنس المطهّر، فإنّه يجب عليه القضاء على الأوّل عند المصّنف.

وبين هذه المسألة والمسألة السابقة في قوله: (إلاّ فاقد الطهارة) تفاوت بمراحل كثيرة، لا يلتبس إحداهما بالاُخرى فيتوهّم التناقض في الحكم إلاّ على ذوي الأفهام البعيدة(4)، ووجه وجوب القضاء عموم قول النبيّ (عليه السلام)"مَن فاتته صلاة فريضة فليقضها كما فاتته"(5).

____________

1- ص 661 س 1.

2- ص 662 س1.

3- ص 662 س 1.

4- هذا ردّ على ابن أبي جمهور الأحسائي حيث ذهب إليه في المسالك الجامعيّة في شرح الألفيّة المطبوعة بهامش الفوائد المليّة: 177.

5- الكافي 3: 435 حديث 7، التهذيب 3: 162 حديث 350، عوالي اللآلي 3: 107 حديث 150.


الصفحة 218
ويردّ عليه القول بالموجب مع عدم ثبوت المدّعى، فإنّ المراد الفوات مع الوجوب بدليل قوله (عليه السلام): "فريضة"، إذ المراد كونها فريضة عليه، إذ يمتنع إرادة كونها فريضة على غيره. ولا يُعقل كون الشيء فرضاً في نفسه من غير إضافته إلى مفروض عليه. وحينئذ فالأقوى سقوط القضاء أيضاً; لأصالة البراءة وانتفاء الأمر الجديد الدال على القضاء.

قوله: (قدر الفائت أو الفائتة)(1).

أي من الصلوات المتعدّدة أو الفائتة، أي الصلاة الواحدة الفائتة مراراً متعدّدة، ففرضه القضاء إلى أن يغلب على ظنّه الوفاء، فمناط البراءة هو الظنّ الغالب.

قوله: (ويقضي المرتد)(2).

أي زمان ردّته; لأنّه مُخاطب بأحكام المسلمين كلّها، وله حكم الإسلام في كثير منها، فظاهرهُ عدم الفرق بين المرتد عن فطرة وغيره، والثاني لا إشكال فيه; لأنّه إذا أسلم قُبلَ إسلامه. وإنّما الإشكال في الأوّل، إذ عندنا لا تُقبل توبته ولا إسلامه، ويتحتّم وجوب قتله، وتعتّد زوجته، ويقسّم ميراثه. وهذا كلّه دالّ على سدّ باب قبول الإسلام منه، فكيف يصح منه القضاء ليأمر به.

والشيخ في (الخلاف) قيّد وجوب القضاء لمن تُقبل منه التوبة، نظراً إلى ذلك.

____________

1- ص 663 س 1.

2- ص 663 س2.


الصفحة 219
والتحقيق: أنّ المراد بعدم قبول توبته عدم سقوط القتل عنه، وعدم عود زوجته وماله إليه، إذ هو في حكم المقتول. لا عدم صحّة إسلامه وعود طهارته، حتى لو فات السلطان وتاب صحّت توبته وإسلامه، وحكم بطهارته فراراً من تكليفه بالمحال، أو التزام سقوط إيجاب الإسلام عنه. ولأنّ باب التوبة لا ينسد ما دام المكلّف في دار التكليف، وبهذا صرّح المصنّف في (الذكرى)(1)، فتكون العبارة على إطلاقها.

والمراد بشارب المرقد مَن شربه بغير حاجة مع علمه بحاله، وفي حكمه كلّ مُزيل للعقل. ولو انتفى أحد الوصفين ـ أعني العلم وعدم الحاجة ـ فلا قضاء، فإطلاق العبارة غير جيّد. ويُستثنى منها أيضاً من اُوجر المسكر أو المرقد فزال عقله فلا قضاء عليه، وكذا مَن جنّ أو اُغمي عليه، أو كانت امرأة فعرض لها حيض أو نفاس في أثناء الردّة أو السكر أو شرب المرقد، فإنّ زمان الجنون والحيض والنفاس لا يجب قضاؤه عندنا إذا استوعب وقت الصلاة كما سبق.

قوله: (والسكران)(2).

مع علمه بالإسكار وقت التناول واختياره، لا مُطلقاً.

قوله: (وشارب المرقد)(3).

مع قصده واختياره وعلمه بالحال وعدم الحاجة.

قوله: (وأربعاً مُطلقة)(4).

____________

1- الذكرى: 135.

2- ص 664 س 1.

3- ص 664 س 1.

4- ص 664 س 2.


الصفحة 220
إطلاقاً ثلاثيّاً بين الظهر والعصر والعشاء، ولا ترتيب هنا بين الفرائض الثلاث ; لاتحاد الفوائت.

قوله: (إطلاقاً رباعيّاً)(1).

بين الصبح والظهر والعصر والعشاء، ولا ترتيب ; لما تقدّم.

قوله: (والمشتبه)(2).

أي المشتبه عليه التمام بالقصر فلم يدرِ من أيّهما الفوات.

قوله: (ثنائيّة مُطلقة)(3).

إطلاقاً رباعيّاً بين ثنائيّات المسافر لاستوائها في العدد.

قوله: (ورباعيّة مُطلقة)(4).

إطلاقاً ثلاثيّاً بين رباعيّات المقيم، لاستوائها أيضاً، ولا ترتيب في هذه الصورة أيضاً ; لأنّ المسألة واحدة والفائت فيها متّحد، ولا يُعقل الترتيب بين الشيء ونفسه.

قوله: (وأربعاً مرّتين)(5).

إنّما وجب صلاة الأربع مرّتين ; لأنّه لما كان الفائت اثنتين أمكن كونهما رباعيّتين، فلو اقتصر على رباعيّة واحدة لم يخرج من العهدة. ويجب في هذه مراعاة الترتيب ; لأنّ الفائت متعدّد، فمن الجائز كون الفائت إحدى الرباعيّات إمّا مع الصبح أو المغرب. وإنّما أهمله المصنّف في الحاضر اكتفاءً بذكره في المسافر ; لأنّ المسألة واحدة، فيطلق الحاضر في

____________

1- ص 665 س 1.

2- ص 665 س 1.

3- ص 665 س 1.

4- ص 665 س 1 ـ 2.

5- ص 665 س 3.


الصفحة 221
الرباعيّتين ثنائياً مرّة قبل المغرب بين الظهر والعصر ومرّة بعدها بين العصر والعشاء.

والمسافر يُطلق ثلاثيّاً مرّتين أيضاً: مرّة قبل المغرب بين الصبح والظهر والعصر، واُخرى بعدها بين الظهر والعصر والعشاء. وبهذا تتحقّق البراءة ; لانطباق ذلك على جميع الاحتمالات الممكنة وهي عشرة، تفصيلها: الصبح مع إحدى الأربع، ثم الظهر مع إحدى الثلاث، ثم العصر مع احدى الاثنتين، ثم المغرب مع العشاء.

قوله: (يزيد على الحاضر ثنائيّة)(1).

أي بعد المغرب، فيُطلق في الثنائيّة الواحدة ـ وهي صبح الحاضر ـ ثلاثيّاً بين الصبح والظهر والعصر، ثم يصلّي رباعيّة بهذا الترتيب يُطلق فيها ثنائيّاً بين الظهر والعصر ثم يصلّي المغرب، ويصلّي بعدها ثنائيّة إن شاء يُطلق فيها ثلاثيّاً بين الظهر والعصر والعشاء، ثم رباعيّة يُطلق فيها بين العصر والعشاء.

وإنّما وجب الإطلاق رباعيّاً تارةً، وثلاثيّاً اُخرى، وثنائيّاً ثالثة ; لأنّه لمّا وجب في المأتي به من الصلوات رعاية الانطباق على احتمالات الفوات العشرة وجب مراعاة قاعدة الإطلاق، وهي طرح ما بدأ به في المرّة السابقة وزيادة واحدة في آخر اللاحقة، فلو طرح أزيد من واحدة في المرّة الثانية لم يتيقّن البراءة، فلو أطلق في الثنائيّة في مثالنا بين العصر والعشاء أمكن كون الفائت الصبح والظهر، فتصح الصبح بالثنائيّة الاُولى وليس للظهر ما تصح به. ولو سكت عن العشاء أمكن كون الفائت هي مع ما سوى المغرب، ولو ذكرها في الإطلاق الأوّل لم يجد نفعاً، وعلى هذا فقس.

____________

1- ص 666 س 1.


الصفحة 222

فائدة:

يتخيّر المكلّف بين الجهر والإخفات في كلّ موضع ردّد فيه بين الجهريّة والإخفاتيّة ; لامتناع الجمع ولا ترجيح.

قوله: (قضى الحاضر الخمس)(1).

وجوباً ; لجواز أن يكون الفائت الرباعيّات الثلاث، فلا تحصل البراءة بدونها.

قوله: (والمسافر ثنائيتين)(2).

أي قبل المغرب يُطلق فيها ثنائيّاً بين الصبح والظهر مرّة، ثم بين الظهر والعصر اُخرى، ثم يصلّي المغرب ثنائية يُطلق فيها العصر والعشاء. وإنّما وجب عليه ثنائيّات ثلاث لاحتمال انحصار الفوات فيها، وهي أقصى الاحتمالات الممكنة التسعة، تفصيلها: صبح وظهران، أو وظهر ومغرب، أو وظهر وعشاء، أو وعصر ومغرب، أو وعصر وعشاءان، أو ظهر وعصر ومغرب، أو ومغرب وعشاء، أو وعصر وعشاء.

قوله: (ثنائية قبل المغرب... إلى آخره)(3).

فيُطلق في احدى الثنائيتين ثنائياً بين الصبح والظهر، ثم في الاُخرى بين الظهر والعصر، ويصلّي الرباعيّتين المعيّنتين بعد الثنائية الاُولى حتماً، وبعدهما إن شاء، ثمّ يُصلّي المغرب والعشاء أربعاً وثنائيّة يُطلق فيها بين

____________

1- ص 666 س 2.

2- ص 667 س 1.

3- ص 667 س 1 ـ 2.


الصفحة 223
العصر والعشاء.

قوله: (قضى الحاضر والمسافر الخمس)(1).

أمّا الحاضر فظاهر، وأمّا المسافر فلجواز كون الفائت الثنائيّات الأربع، وهو أقصى الاحتمالات الثلاثة، وهي ظاهرة.

قوله: (والمشتبه يزيد على الحاضر... إلى آخره)(2).

لأنّ الصبح والمغرب يجريان على كلّ من التقديرين، إذ لا تفاوت بينهما حضراً وسفراً، ويصلّي الظهرين قبل المغرب وبعد الصبح تماماً وقصراً، والعشاء بعد المغرب تماماً وقصراً، فهذه ثمان.

قوله: (وفرضه التعيين)(3).

أي في الجميع كما بيّناه.

قوله: (واشتبه اليومان)(4).

أي واشتبه يوم الفوائت بكونه تماماً أو قصراً، فيجوز في إطلاق اسم اليومين على التمام والقصر، إطلاقاً لاسم المحلّ على الحال. ويمكن أن يكون التقدير: واشتبه يوم الحضر والسفر اللّذين أحدهما محلّ فوات الخمس كلّ منهما بصاحبه، فجاز كون الفوات منه، فحذف المضاف إليه ; لدلالة الحاضر والمسافر عليه، وعوّض منه اللام. لكن الأوّل أولى ; لأنّه أقل حذفاً.

____________

1- ص 667 س 3.

2- ص 667 س2 ـ 3.

3- ص 667 س 4.

4- ص 668 س 1.


الصفحة 224

قوله: (اجتزأ بالثمان)(1).

لما قلناه من عدم التفاوت في الصبح والمغرب.

قوله: (ولا تُقضى الجمعة)(2).

بل تُصلّى الظهر بالإجماع، ومَن قال تُقضى ظهراً فقد ارتكب المجاز، نظراً إلى وجوب إحداهما فقط وإجزائهما عن الاُخرى، فكان إحداهما بدل من صاحبتها.

أمّا العيدان ففي شرعيّة قضائهما خلاف، أشهره العدم، وعليه جرى المصنّف.

وأراد بـ (العيد) الجنس ليشمل العيدين.

قوله: (ولا الآيات)(3).

سواء الكسوفان وغيرهما، ولا فرق في عدم وجوب القضاء على الجاهل بحصول الآيات بين الكسوفين وغيرهما، بطريق أولى في غيرهما، لكن يُستثنى من عدم العلم بالكسوفين ما إذا استوعب احتراق القرص، فإنّه يجب القضاء إذا علم به ولو بقول عدل، ويُحتمل اعتبار عدلين، والأوّل أقوى. وبعضهم أوجب القضاء مُطلقاً(4)، والرواية تدفعه(5)، وفيها شاهد على الاكتفاء بإخبار واحد.

____________

1- ص 668 س 1.

2- ص 668 س 1 ـ 2.

3- ص 669 س 1.

4- منهم الشيخ المفيد في المقنعة: 211، وابن ادريس في السرائر 1: 321.

5- الكافي 3: 465 حديث 6، التهذيب 3: 157 حديث 339، الاستبصار 1: 454 حديث 1759.


الصفحة 225

قوله: (لغير العالم بها)(1).

يدخل في العالم مَن تعمّد الترك، ومن طرأ عليه النسيان بعد علمه، وكلاهما يجب عليه القضاء على الأصح في الثاني، استوعب الاحتراق في الكسوفين أم لا.

قوله: (ولو اُطلق القضاء... إلى آخره)(2).

من القواعد الاُصوليّة المقرّرة بيان معنى الأداء والقضاء والإعادة، وبيان متعلّقها:

وأمّا متعلّقها: فكلّ عبادة ضُرب لها وقت محدود شرعاً، سواء كان مضيّقاً لا يفضل عنها كوقت الصوم، أو موسّعاً كوقت الصلاة.

وأمّا بيانها، فالأداء: ما فُعل في الوقت المحدود له، وربّما زيد فيه: "أوّلاً"، فقيل: ما فُعل أوّلاً... إلى آخره ; لتخرج الإعادة.

والقضاء: ما فُعل خارج الوقت المحدود استدراكاً.

والإعادة: ما فُعل ثانياً في الوقت المحدود ; لوقوع الأوّل على نوع من الخلل. وربمّا اُسقط التقييد بفعلها في الوقت المحدود ; ليصدق مع القضاء.

إذا عرفت ذلك فاعلم أنّ من الصلوات الواجبة شرعاً ما لم يضرب له الشارع وقتاً محدوداً، وذلك صلاة الطواف، فإنّ جميع الأوقات صالحة لها، غاية ما في الباب أنّه يجب تقديمها على السعي إن كان واجباً حينئذ، كما في طواف العمرتين والحج إذا لم يكونا منسيين.

وكذا صلاة الجنازة وإن كان الدفن مُرتّباً عليها ; لأنّ تحديد الوقت

____________

1- ص 669 س 1.

2- ص 669 س3.


الصفحة 226
وتعيينه أمر زائد على ذلك.

وكذا صلاة النذر المُطلق، أي التي لم يتشخّص وقتها، سواء لم يعيّن بالكلّية، أو عيّن على وجه كلّي كيوم الجمعة مثلاً.

فإذا تقرّر أنّ هذه الصلوات لم يُضرب لها وقت محدود، وتبيّن أنّه لا يصدق عليها الأداء والقضاء والإعادة بطريق الحقيقة، فإن اُطلق عليها شيء منها فإنّما هو ضرب(1) من التجوّز ; للمشابهة، كمن نسي صلاة الطواف فأتى بها بعد السعي مثلاً، أو ترك صلاة الجنازة حتى دُفنت ففعلها بعده، أو تضيّق وقت النذر المطلق لغلبة ظنّ الموت في وقت، ثمّ ظهر خطأ ذلك الظنّ فصلاّها.

فإنّ(2) صلاة الطواف بعد السعي واقعة في غير محلّها، فإنّ محلّها قبله، فأشبهت الظهر الواقعة بعد خروج وقتها هنا. وكذا صلاة الجنازة بعد الدفن، فإنّ محلّها قبله. وكذا النذر المُطلق مع ظنّ الموت ثمّ ظهر خطأ ذلك الظنّ ; لأنّ المكلّف لمّا كان مُتعبّداً بظنّه انحصر وقت المنذورة في الوقت المظنون فيه الموت بعده، لأنّ مناط التكليف الظنّ، فإذا أخّرها عنه أثم قطعاً ; نظراً إلى عدم علمه بمقتضى ظنّه، فصار كأنّه أخّر الفريضة عن وقتها المحدود لها شرعاً.

وظهر أنّه ليس شيء من هذه الصلوات صادق عليه القضاء حقيقة ; لأنّ صلاة الطواف والجنازة لم يفت فيهما الترتيب بينهما وبين السعي والدفن، وصلاة النذر لم يتحقّق تحديد وقتها بضرب الشارع بل تعرض ظنّ المقتضي لكون التأخير عنه تغريراً بالمنذورة.

____________

1- في "ش": بضرب.

2- من هنا إلى آخر هذه الحاشية لم يرد في "ش".


الصفحة 227
ورد في آخر "ش": تمّ الكتاب بعون الله تعالى وحسن توفيقه على يد أضعف العباد وأحقرهم محمّد بن نظام الدين محمود الأنصاري في ثالث شهر جمادى الثاني (كذا) سنة إحدى وسبعين وتسعمائة من الهجرة النبويّة.

وفي آخر "م" ورد: تمّت الحاشية الألفيّة للشيخ العلاّمة خاتم المجتهدين زين الدين علي بن عبد العال في شهر جمادي الثانية 1314.