المقدّمة


الحمدُ لله ربّ العالمين، بارئ الخلائق أجمعين، والصلاة والسّلام على خير مدعوٍّ ومجيب، ورسول وحبيب، علم التقى، وبدر الدجى، محمّد المصطفى (صلى الله عليه وآله)، وعلى عترته أُولي الحجى وذوي النهى، والعروة الوثقى، وسفينة النجاة، التي أمن مَن ركبها، وغرق مَن تركها، وعلى صحبهم والتابعين لهم بإحسان، الحافظين للوديعة، ومَن أحبّوا الشريعة، واللعنة الدائمة على مَن نازعهم ونصب لهم.

وبعد،

تعرّفنا في ما مضى على عدّة جوانب من حياة المحقّق الكركي: الشخصيّة، والسياسيّة، والعلميّة، وآرائه وفوائده.

ففي البحث عن حياته الشخصيّة تحدّثنا عن اسمه، ومولده وموطنه، وأُسرته، وأخلاقه وسجاياه، وآثاره ومآثره، وكراماته، ومراحل حياته المختلفة، ثمّ مدحه وإطرائه، وأخيراً وفاته ومدفنه.

وفي حياته السياسيّة تعرّضنا لعدّة مواضيع لها صلة بالكركي وعصره: كالتصوّف والصوفيّة، وموقف العلماء من الحكّام، ونشوء الدولة الصفويّة وكيفيّة تعامل العلماء معها، ثمّ تحدّثنا بشكل مفصّل عن علاقة الكركي بهذه الدولة ابتداءً من تأسيسها حتّى سنة 940 هـ، حيث عاصر الكركي حاكمين من حكّامها هما الشاه إسماعيل وابنه الشاه طهماسب.


الصفحة 2
وفي حياته العلميّة سلّطنا الضوء على بعض المجالات التي كان للكركي دور فعّال فيها، فتحدّثنا عن عصره ومعاصريه، وأساتذته وشيوخه، والروايات التي حصل عليها والتي منحها، ومؤلّفاته، والكتب التي قرأها والتي قُرئت عليه، ومكانته العلميّة، ونشاطه العلميّ، والمحاورات والردود العلميّة التي جرت بينه وبين بعض الأعلام.

ثمّ أفردنا بحثاً مستقلاًّ وكاملاً لآرائه ونظريّاته المودعة في مؤلّفاته، والتي لم يُفرد لها تصنيفاً مستقلاً، حيث أجرينا عمليّة استقصاء كامل لكافّة مؤلّفاته، واستخرجنا منها هذه الآراء والنظريّات، وهي آراؤه الكلاميّة، والأُصوليّة، والرجاليّة، وفوائده التأريخيّة، وملاحظاته عن بعض المؤلّفات، وشواهده الشعريّة، والجداول والرسوم التي استعملها.

وفي نهاية كلّ بحث أفردنا فصلاً خاصّاً بعنوان " الملاحظات "، سجّلنا فيه الملابسات التي حصلت في حياته، والاشتباهات التي وقع فيها بعض المؤلّفين عند ترجمتهم للكركي.

والآن تعال معي عزيزي القارئ لنطلّ على جانب آخر من جوانب عظمة هذا الرجل، حيث نتعرّف على بعض آرائه ونظرياته التي استطاع أن يصهرها في بودقة التأليف عبر كتبه المختلفة من حيث مواضيعها وحجمها وأسباب تأليفها.

إنّ الوقوف على مؤلّفات المحقّق الكركي، ودراستها بشكل مفصّل ودقيق، يكشف لنا ـ من جانب ـ المستوى العلمي الذي تمتّع به هذا العالم، ومن جانب آخر يُظهر لنا المنزلة الاجتماعيّة الكبيرة التي كان يحتلّها آنذاك، ليس في أوساط الناس عموماً، بل حتّى عند كبار رجال الدولة، وعلى رأسهم الشاه إسماعيل وابنه الشاه طهماسب، وقد تعرّضنا لهذه النقاط بشكل مفصّل

الصفحة 3
في ما مضى من الكتاب عند حديثنا عن حياته.

والملاحظ أنّ مؤلّفات الكركي تنقسم إلى ثلاثة أقسام:

الأوّل:

الرسائل، والتي تتناول عادةً البحث عن موضوع معيّن، أو مسألة فقهيّة واحدة. وهذه الرسائل يختلف حجمها، فبعضها يقع في أربعين أو خمسين صفحة، والبعض الآخر يقع في عدّة صفحات.

الثاني:

الحواشي والشروح لبعض الكتب المعتمدة عندنا، كالشرائع والمختصر النافع للمحقّق الحلّي، والقواعد والإرشاد والمختلف للعلاّمة الحلّي، والألفيّة الشهيديّة.

الثالث:

جواب الأسئلة والاستفتاءات التي كانت ترد عليه من مختلف أنحاء العالم الإسلامي، وبمستويات مختلفة في التعبير، وقد قام بعض تلامذته وبعض العلماء القريبين من عصره بجمعها وترتيبها.

وقد استطعتُ بحمد الله تعالى وتوفيقه طيلة سنوات عديدة، أن أجمع وأُحقّق من مؤلّفات هذا العالم الجليل أربعة وخمسين مؤلّفاً، معتمداً على مائة وعشرين نسخة خطيّة موجودة في عدّة مكتبات في الجمهوريّة الإسلاميّة الإيرانيّة: قم المقدّسة، مشهد المقدّسة، طهران، همدان، يزد، خوانسار، أصفهان. وقد عانيت الكثير من المصاعب في جمع هذه النسخ الخطيّة، فإنّ الحصول على نسخة خطيّة واحدة من أقرب المكتبات إلينا في مدينة قم المقدّسة لا يخلو من مصاعب جمّة، فكيف بهذا الكمّ الهائل من النسخ الخطيّة.


الصفحة 4

منهجيّة التحقيق


اعتمدت في تحقيقي لهذه المجموعة من رسائل الكركي وحواشيه على طريقة واحدة، أُلخّصها بعدّة نقاط:

(1) اتّبعت طريقة التلفيق بين النسخ الخطيّة، وذلك لعدم عثوري على نُسخ الأصل التي كتبها الكركي بيده. نعم، بعض الرسائل عثرتُ لها على نُسخ مقروءة على الكركي، إلاّ أنّي لم أكتف بها وأضفتُ لها نُسخاً أُخرى.

(2) عند حصولي على عدّة نسخ خطيّة لإحدى هذه المؤلّفات، أقوم بمقابلة بعضها مع البعض الآخر، وإثبات الصحيح أو الأصح في المتن وما قابلهما في الهامش.

وعند عدم حصولي إلاّ على نسخة واحدة، فإنّي أجعلها الأصل في عملي، وأُشير في الهامش إلى ملاحظاتنا واستظهاراتنا عليها.

(3) استخراج كلّ ما يحتاج إلى تخريج من آيات قرآنيّة كريمة، وأحاديث شريفة، وأقوال العلماء في شتى العلوم، وشواهد شعريّة، وأماكن وبقاع. وحاولت قدر المستطاع أن أعتمد على المصادر الرئيسيّة في كافة الاستخراجات، إلاّ تلك المصادر المفقودة أساساً أو التي لم أُوفّق للحصول عليها، فقد استعنتُ في الحصول على أقوالها بواسطة مصادر أُخرى ميسّرة.

(4) لم أُترجم كافة الأعلام الّذين وردت أسماؤهم، بل ترجمتُ لبعضهم حسب الضرورة التي رأيتها.

(5) عند شروعي في تحقيق الحواشي والشروح وضعتُ متن الكتاب المشروح في أعلى كلّ صفحة، ويتلوه الشرح أو الحاشية التي كتبها الكركي.


الصفحة 5
ثمّ قمتُ بحذف المتن واكتفيت بالإشارة إليه ; رعاية للاختصار، وتلبيةً لاقتراح بعض الإخوة الأفاضل من المحقّقين.

(6) رتّبتُ الرسائل حسب مواضعيها، فوضعتُ أوّلاً الرسالة النجميّة التي جمع فيها الكركي بين علمي الكلام والفقه وأدرج فيها أيسر ما يجب على المكلّفين معرفته في الأُصول والفروع، ثمّ رسالة استنباط الأحكام التي تعبّر عن المنهج العلمي للكركي، ثمّ الرسائل الفقهيّة مرتّبة بترتيب كتب الفقه ابتداءً من الطهارة وانتهاءً بالقضاء، ثمّ الرسائل المتفرّقة وجوابات المسائل الفقهيّة التي وردت عليه.

(7) نظّمتُ فهارس فنيّة كاملة، تعميماً للفائدة واتّباعاً للمنهج الحديث في التحقيق.


وآخر دعوانا أن الحمدُ لله ربّ العالمين

محمّد الحسّون


الصفحة 6


حاشية الألفيّة





الصفحة 7

الصفحة 8

بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين

الحمدُ لله ربّ العالمين، والصلاة والسّلام على نبيّنا وحبيب قلوبنا أبي القاسم محمّد، وعلى آله الطيّبين الطاهرين، واللعنة الدائمة المؤبّدة على أعدائهم أجمعين من الآن إلى قيام يوم الدين.

وبعد،

هذه حاشية المحقّق الكركي على الرسالة الألفيّة للشهيد الأوّل محمّد ابن مكي الجزيني العاملي، المستشهد سنة 786 هـ، وقد تقدّمت الإشارة إليها عند حديثنا عن شرح الكركي للألفيّة.

اعتمدتُ في تحقيق هذه الحاشية على أربع نسخ خطيّة، ثلاث منها في المكتبة المرعشيّة العامّة في مدينة قم المقدّسة، وواحدة في مكتبة مدرسة السيّد الگلپايگاني في مدينة قم المقدسة أيضاً:

(1) ضمن المجموعة المرقّمة 1467، والمذكورة في فهرس مخطوطات المكتبة 4: 258، كتبها بخطّ النسخ سنة 1106 هـ محمّد باقر بن ملا ولي الاسترابادي. وتقع هذه النسخة في تسع عشرة ورقة بحجم 5/22 × 13 سم، وكلّ ورقة تحتوي على خمسة عشر سطراً، وقد رمزنا لها بالحرف "ش1".

(2) ضمن المجموعة المرقّمة 1968، والمذكورة في فهرس مخطوطات المكتبة 5: 339، كتبها بخطّ النسخ سنة 1185 هـ مقبل بن حسين. وتقع هذه النسخة في 38 ورقة بحجم 5/16 × 11سم، وكلّ ورقة

الصفحة 9
تحتوي على سبعة عشر سطراً، وقد رمزنا لها بالحرف "ش2".

(3) ضمن المجموعة المرقّمة 5439، والمذكورة في فهرس مخطوطات المكتبة 14: 133، ناقصة من آخرها عدّة أوراق، مجهولة الكاتب. وتقع هذه النسخة في اثنتين وثلاثين ورقة بحجم 5/14 × 8 سم، وكلّ ورقة تحتوي على أربعة عشر سطراً، وقد رمزنا لها بالحرف "ش3".

(4) النسخة المحفوظة في مدرسة السيّد الگلپايگاني في مدينة قم المقدّسة ضمن المجموعة المرقّمة 258، والمذكورة في فهرس مخطوطات المكتبة 1: 225.

وقد كتبت هذه النسخة بين أسطر الألفيّة، وهي نسخة قديمة ونفيسة كُتبت بخطّ النسخ، وقد رمزنا لها بالحرف "ك".

واعتمدتُ في ضبط المتن (الألفيّة) على ثلاث نسخ خطيّة محفوظة في المكتبة المرعشيّة العامّة في مدينة قم المقدّسة، تقدّمت مواصفاتها عند حديثنا عن شرح الألفيّة.

وبما أنّ منهجنا في هذه الحواشي عدم وضع المتن في أعلى الصفحات، والإشارة في الهامش إلى مكان كلّ قول بِذِكْرِ رقم الصفحة والسطر، لذلك فقد اعتمدتُ في استخراج المتن على الطبعة المحقّقة في مركز الأبحاث والدراسات الإسلاميّة في مدينة قم المقدّسة.


والحمد لله ربّ العالمين


الصفحة 10


الصفحة الاُولى من حاشية الألفيّة المحفوظة في المكتبة المرعشيّة "ش1"

الصفحة 11

الصفحة الأخيرة من حاشية الألفيّة المحفوظة في المكتبة المرعشيّة "ش1"

الصفحة 12

الصفحة الاُولى من حاشية الألفيّة المحفوظة في المكتبة المرعشيّة "ش2"

الصفحة 13

الصفحة الأخيرة من حاشية الألفيّة المحفوظة في المكتبة المرعشيّة "ش2"

الصفحة 14

الصفحة الاُولى من حاشية الألفيّة المحفوظة في المكتبة المرعشيّة "ش3"

الصفحة 15

الصفحة الأخيرة من حاشية الألفيّة المحفوظة في المكتبة المرعشيّة "ش3"

الصفحة 16

الصفحة الاُولى من الرسالة الألفيّة المحفوظة في المكتبة المرعشيّة "ش1"

الصفحة 17

الصفحة الأخيرة من الرسالة الألفيّة المحفوظة في المكتبة المرعشيّة "ش1"

الصفحة 18

الصفحة الاُولى من الرسالة الألفيّة المحفوظة في المكتبة المرعشيّة "ش2"

الصفحة 19

الصفحة الأخيرة من الرسالة الألفيّة المحفوظة في المكتبة المرعشيّة "ش2"

الصفحة 20

الصفحة الاُولى من الرسالة الألفيّة المحفوظة في المكتبة المرعشيّة "ش3"

الصفحة 21

الصفحة الأخيرة من الرسالة الألفيّة المحفوظة في المكتبة المرعشيّة "ش3"

الصفحة 22
بسم الله الرحمن الرحيم

ابتدأ بالبسملة في أوّل الكتاب(1) تيمّنا بها، واقتداءً(2) بكلام الله العزيز(3) ; إذ هي في أوائل السور، وبطريقة المصنّفين(4)، مضافاً للحديث المأثور النبويّ على الصادع(5) به الصلاة والسَّلام: "كلّ أمر ذي بال لم يُبدأ فيه ببسم الله فهو أبتر"(6).

والمراد بـ "ذي بال": ذو الاعتبار مجازاً عن القلب.

والاسم: ما علّق على شيء بعينه.

و(الله): اسمٌ للذات المتصّفة بصفات الكمال.

____________

1- في "ش2": كلامه.

2- في "ش1": وابتداءً.

3- في "ش1": الوجيز.

4- في "ش2": ووافق لطريقة المصنّفين.

5- الصدع بالشيء: إظهارهُ وبيانه والتكلّم به جهاراً. الصحاح 3: 1242 "صدع"، مجمع البحرين 4: 258 "صدع".

6- الجامع الصغير 2: 277 حديث 6284، كنز العمال 1: 555 حديث 2491.

وفي مسند أحمد بن حنبل 2: 359: "كلّ كلام أو أمر ذي بال لا يُفتح بذكر الله عزّ وجل فهو أبتر".

وفي السنن الكبرى للبيهقي 3: 209، والجامع الصغير 2: 277 حديث 6283، وكنز العمال 1: 558 حديث 2509 و1: 859 حديث 2511 و3: 263 حديث 6462 و6464: "كلّ أمر ذي بال لا يُبدأ فيه بالحمد لله (بحمد الله) فهو أقطع (أجذم)".

وفي الجامع الصغير 2: 277 حديث 6285، وكنز العمال 1: 558 حديث 2510: "كلّ أمر ذي بال لا يُبدأ فيه بحمد الله والصلاة عليّ فهو أقطع (أبتر) ممحوق مِنْ كلّ بركة".


الصفحة 23
و(الرحمن) و(الرحيم): صفتان مشتقتان من الرحمة، فإحداهما(1) مِنْ الرحمة الرحمانية المختصّة بدار الدنيا، وهي أبلغ من الاُخرى ـ أعني الرحيم ـ ولذلك لا تُطلق إلاّ على الله سبحانه.

وأمّا (الرحيم) فاشتقاقها من الرحمة الرحيمة المختصة بدار الآخرة التي لا تكون لغير المؤمنين، ولذلك كان بينهما باعتبار الإطلاق والمتعلّق عموم مِنْ وجه(2).

قوله: (الحمد لله ربّ العالمين... إلى آخره)(3).

الحمدُ: هو الثناء بالجميل على جهة التعظيم والتبجيل، وبقيد الجهة يخرج الاستهزاء.

واللام في (الله) يدلّ على اختصاصه سبحانه به.

والربّ: هو المالك لكلّ شيء.

والعالمون، جمع عالَم: وهي الموجودات التي هي علامة على وجود صانعها.

والصلاة من الله: الرحمة، ومن غيره طلبها.

والأفضل: هو الأكثر فضلاً بزيادة المزايا الحسنة والثواب المقتضي لكمال وصف الفضل.

والمرسل: هو(4)النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) الذي يوحى إليه(5).

____________

1- في "ش2": فأولاهما.

2- هذه المقدّمة بكاملها ابتداءً من قوله: ابتدأ: لم ترد في "ش3" و"ك".

3- الألفيّة ص 399 س1. علماً بأنّنا سوف لا نُكرّر اسم الرسالة الألفيّة في استخراجات المتن، بل نقتصر على ذكر رقم الصفحة والسطر.

4- في "ش2": ومفرد المرسلين: مرسل، والمراد به هو.

5- في "ش2" ورد بعد (إليه): وفي تخصيص أفضليّته على المرسلين باعتبار الاشتراك في الوصف المقتضي لكمال الفضل.


الصفحة 24
والعترة: هم أخصّ القرابة، والمراد بهم: أهل البيت مع باقي الأئمة المعصومين (عليهم السلام) بقرينة وصف الطهارة، وهي هنا العصمة(1).

وبعدُ: كلمة لفصل الخطاب.

والرسالة: طائفة من المسائل العلميّة.

والوجيزة: هي المستجمعة لكثرة المعاني مع قلّة الألفاظ.

في فرض الصلاة: أي واجبها، وأراد به الجنس. ولمّا كانت الصلاة المندوبة خالية من الواجبات لم يقع لفظ الصلاة في العبارة إلاّ على واجبة، فتكون العبارة وافية بترجمة الرسالة، إذ هي موضوعة(2) لبيان واجبات الصلاة الواجبة.

والإجابة: مصدر أجابَ يُجيبُ، وانتصابه بأنّه مفعول لأجله، وعامله محذوف يدلّ عليه ما قبله، أي صنّفتها إجابة.

وفي التعبير عن طلب المجاب بالالتماس ـ الذي هو الطلب المساوي، وإبهامه حيث لم يُصرّح باسمه، والتعبير عن إجابته بالطاعة، وأنّها حتم أي واجبة ـ من التعظيم والتفخيم ما لا يخفى(3).

____________

1- بعد كلمة (العصمة) وردت في "ش2" عدّة أسطر لم ترد في باقي النسخ الخطيّة، والظاهر أنّها من شرح الألفية للمصنّف أوردها الناسخ هنا، وهي:

قوله: الحمد.

هو الثناء على الجميل من نعمة وغيرها، وقيلَ: على الجميل الاختياري ; ليخرج المدح كالثناء على حسن الصورة. واللام فيه لتعريف الجنس، وقيل: للاستغراق، والأمران واحد ; لأنّ الاختصاص بالماهيّة يقتضي الاختصاص بالأفراد كلّها، فالاستغراق ثابت على كلّ مِنْ الأمرين.

2- العبارة وافية بترجمة الرسالة إذ هي موضوعة: لم ترد في "ش1".

3- ورد هنا في "ش2" بيان معنى كلمة الإسعاف، ولم يرد في مكانه، أي بعد عدّة أسطر.


الصفحة 25
والإجابة: فعل يقتضي الطلب.

والالتماس: هو الطلب من المساوي.

والأمر: هو الطلب من الأدنى وهو فوقه، وتحته السؤال: وهو الطلب من الأعلى.

والطاعة: هي الانقياد.

والحتم: هو الواجب.

والإسعاف: مصدر أسعفتُ الرجلَ بحاجته إذا قضيتها، والإسعاف(1)والمساعدة واحدة.

والغُنم بالضم: الغنيمة.

وخصّ الرسالة بكونها في فرض الصلاة، أي في واجبها ; لأنّه سُئل تصنيف ما يلزم المكلّفين، لذلك أفرد(2) الواجبات بالبيان(3).

وفصول: الفصل لغةً: الحاجزُ بين الشيئين(4)، ويرادُ به هنا: الجامع

____________

1- في "ش1" و"ك": وهي والمساعدة واحدة.

2- في "ش1": قيل: لأجل ذلك أفرد.

3- بعد كلمة (البيان) وردت عدة أسطر في "ش2" لم ترد في باقي النسخ الخطيّة، وهي من شرح المصنّف على الألفية أوردها الناسخ هنا، وهي:

قوله: مَنْ طاعته حتم.

وقد وجد في بعض الحواشي أنّ طاعته إنّما كانت حتماً ; لأنّه سأل واجباً. وهو فاسد من جهة اللفظ والمعنى:

أمّا اللفظ ; فلأنّه مفوّتٌ لجزالة الكلام والغرض من المبالغات المقصودة بما قبله وما بعده.

وأما مِنْ جهة المعنى ; فلأنّه إنّما يستقيم ارادة ذلك من اللفظ أن لو قال: مَنْ طاعته في ذلك حتم. والصورة التي أتى بها مطلقة، فكيف يقتصر بها على المسؤول؟! على أنّه لو سُلّم ذلك لم يتم الواجب، إذ الواجب هو التعليم لا التصّنيف.

4- القاموس المحيط 4: 30 "فصل"، تاج العروس 15: 573 "فصل"، مفردات الراغب: 395.


الصفحة 26
للمسائل المتّحدة جنساً المختلفة نوعاً.

والخاتمة والتذنيب والتتمّة من واد واحد، وهي ما به يُستدرك فائت المباحثِ السالفة.

قوله: (فالصلاة أفعال... إلى آخره)(1).

هذا تعريف للصلاة الواجبة، التي هي المبحوث عنها في هذه الرسالة.

والأفعال: جنس للصلاة وغيرها من العبادات والمباحات.

والمعهودة: هي المنقولة من الشارع، وبها تخرج الأفعال المباحة وغيرها.

وبقيد المشروطة بالقبلة يخرج من الأفعال المعهودة ما لم يكن كذلك كالصوم والطواف مثلاً، فإنّ الطائف يجعل البيت على يساره.

وبالمشروطة بالقيام يخرج الذبح، وبعض أحكام الميّت في الاحتضار والتغسيل والدفن، وصلاة النافلة.

وقيد الاختيار دلّ على أنّ الاشتراط بالقبلة والقيام في حال الاختيار لا مطلقاً، فلم تخرج صلاة المخطئ في القبلة(2) والعاجز عن القيام.

والتقييد بالتقرّب لبيان الواقع.

وهذا التعريف شامل لأقسام الصلاة الواجبة كلّها، أعني السبعة.

قوله: (واليوميّة واجبة)(3).

أي صلاة اليوم والليلة، وهي الخمس.

____________

1- ص 401 س 1.

2- في "ش2": صلاة المخطئ والمضطر في القبلة.

3- ص 410 س 1.


الصفحة 27

قوله: (بالنصّ)(1).

النصّ هو الوارد في الكتاب العزيز(2) والسُنّة المطهّرة(3).

قوله: (والإجماع)(4).

الإجماع: هو اتّفاق أهل الحلّ والعقد من اُمة محمَّد (صلى الله عليه وآله وسلم)، في عصر من الأعصار، على أمر من الاُمور.

قوله: (ومُستحلُ تركها كافر)(5).

إن لم يدّع(6) شبهة محتملة(7)، ويجب قتله إن ولد على الإسلام، ويُستتاب إن لم يكن كذلك، فإن تاب وإلاّ قُتل. هذا إذا كان رجلاً، أمّا المرأة فإنّها تُحبس، وتُضرب أوقات الصلاة إلى أن ترجع أو تموت.

ولو لم يكن التارك مُستحلاً عُزِّرَ، فإن تاب، وإلاّ هكذا عُزّرَ ثلاثاً وقُتل في الرابعة.

قوله: (وفيها ثواب جزيل)(8).

الثواب: هو النفع المستحق المقارن للتعظيم والاجلال.

والجزيل: هو الكثير.

قوله: (ففي الخبر بطريق أهل البيت (عليهم السلام)... إلى آخره)(9).

____________

1- ص 410 س 1.

2- النساء: 103.

3- الكافي 3: 271 حديث 1، سنن أبي داود 1: 298 حديث 429.

4- ص 410 س 1.

5- ص 411 س 1.

6- في هامش "ش2": مثل مَن نشأ في بادية بعيدة عن بلاد المسلمين (منه).

7- في "ش2": محتملة إجماعاً.

8- ص 411 س 1.

9- ص 412 س 1.


الصفحة 28
دلّ هذا الحديث المروي عن أهل البيت (عليهم السلام)(1) على أنّ الصلاة أفضل من الحجّ، بحيث يرتقى إلى أن تكون صلاة واحدة واجبة أفضل من عشرين حجة.

وينبغي أن يُراد بالصلاة الواجبة: اليوميّة، فلا يرد على الحديث لزوم تفضيل الصلاة على نفسها من حيث أنّ الحجّ مشتمل على الصلاة.

ويراد بالحجّ: الحجّ الواجب، إذ لا مزيّة لتفضيل الواجب على المندوب.

ويُعلم من الحديث أنّ الحج أفضل من الزكاة، فإنّ الظاهر أنّ المراد بالبيت المملوء ذهباً: أن يكون مُجتمعاً من الصدقات الواجبة ; لأنّ المزيّة في التفضيل إنّما تثبت بتفضيل الواجب على واجب آخر.

قوله: (بعد المعرفة أفضل من الصلاة)(2).

دلّ قوله: (بعد المعرفة) على أنّ المعرفة أفضل من الصلاة ومن جميع العبادات ; لأنّها أصل الجميع، إذ لا يُعتبر شيء منها بدون الإيمان الذي هو المعرفة.

قوله: (تجب على كلّ بالغ عاقل)(3).

احترز بالبالغ عن الصبي ; لرفع القلم عنه، وبالعاقل عن المجنون ; لرفع القلم عنه أيضاً(4).

____________

1- الكافي 3: 265 حديث 7، الفقيه 1: 134 حديث 630، التهذيب 2: 236 حديث 935.

2- ص 412 س3.

3- ص 413 س 1.

4- الخصال 1: 93 باب الثلاثة حديث 40.


الصفحة 29

قوله: (إلاّ الحائض والنفساء)(1).

أي فلا تجب عليهما في حال الحيض والنفاس الصلاة وإن كانتا بالغتين عاقلتين ; لأنّ الحيض والنفاس مانعان من صحّتها، لكن إن استوعب كلّ منهما الوقت بحيث لا يخلو أوّله بمقدار الطهارة والصلاة الواجبة، وآخره بمقدار الطهارة والركعة.

قوله: (ويشترط في صحّتها الإسلام)(2).

إنّما اشترط في صحّتها الإسلام ; لأنّ القربة لا تصح من الكافر، وهي مشروطة في كلّ عبادة، ولأجل ذلك لا يقع من الكافر شيء من العبادات.

قوله: (لا في وجوبها)(3).

أي فتجب على الكافر ولا تصح منه إلاّ بعد تحصيل الشرط، كما أنّ الصلاة تجب على المُحدث ولا تصح منه حتى يتطهّر. وخالف في وجوب الأوّل أبو حنيفة(4)، والفائدة زيادة عقابه لو مات قبل الإسلام، ودلّ(5) عليه قوله تعالى: {ما سَلككُمْ في سَقر قالُوا لَم نَك مِنَ المصلّينَ}(6).

قوله: (ويجب أمام فعلها معرفة الله تعالى)(7).

أمام الشيء، بفتح الهمزة: قدّامه. والمراد به: قبل الشروع في الصلاة، فكما يجب قبل الصلاة الإسلام ويشترط في صحّتها، فكذلك

____________

1- ص 414 س 1.

2- ص 414 س 1.

3- ص 414 س 2.

4- أحكام القرآن للجصّاص 1: 186، بدائع الصنائع 2: 69.

5- في "ش 1": ونبّه.

6- المدثّر: 42 ـ 43.

7- ص 415 س 1.