وتدورك ما فاتها بأن نفقتها في الحياة على الرجل : الأب أو الزوج ، وأنّ عليه أن يحمي عنها منتهى ما يستطيعه ، وأنّ لها حقّ تربية الولد وحضانته .
وقد سهّل الله لها أنّها محميّة النفس والعرض حتى عن سوء الذكر ، وأنّ العبادة موضوعة عنها أيام عادتها ونفاسها ، وأنّها لازمة الإرفاق في جميع الأحوال .
والمتحصّل من جميع ذلك أنّها لا يجب عليها في جانب العلم إلاّ العلم باُصول المعارف ، والعلم بالفروع الدينية ( أحكام العبادات والقوانين الجارية في الإجتماع ) .
وأمّا في جانب العمل ، فأحكام الدين ، وطاعة الزوج فيما يتمتّع به منها .
وأمّا تنظيم الحياة الفرديّة بعمل أو كسب بحرفة أو صناعة ، وكذا الورود فيما يقوم به نظام البيت ، وكذا المداخلة في ما يصلح المجتمع العام ، كتعلّم العلوم واتخاذ الصناعات والحِرف المفيدة للعامة والنافعة في الإجتماعات مع حفظ الحدود الموضوعة فيها ، فلا يجب عليها شيء من ذلك .
ولازمه أن يكون الورود في جميع هذه الموارد ـ من علم أو كسب أو شغل أو تربية ، ونحو ذلك ـ كلّها فضلاً لها تتفاضل به ، وفخراً لها تتفاخر به ، وقد جوّز الإسلام بل ندب إلى التفاخر بينهنّ ، مع أنّ الرجال نهوا عن التفاخر في غير حال الحرب .
والسّنة النبوية تؤيّد ما ذكرناه ، ولولا بلوغ الكلام في طوله إلى ما لا يسعه هذا المقام لذكرنا طرفاً من سيرة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مع زوجته خديجة ، ومع بنته سيّدة النساء فاطمة الزهراء عليها السلام ، ومع نسائه ومع نساء قومه ، وما وصّى به في أمر النساء ، والمأثور من طريقة أئمة أهل البيت ونسائهم كزينب بنت علي ، وفاطمة وسكينة بنتي الحسين ، وغيرهنّ .
وأمّا الأساس الذي بنيت عليه هذه الأحكام والحقوق فهو الفطرة ، وقد علم من الكلام في وزنها الإجتماعي كيفية هذا البناء ، ونزيده هاهنا إيضاحاً فنقول :
لا ينبغي أن يرتاب الباحث عن أحكام الإجتماع وما يتصل بها من المباحث العلمية ، أنّ الوظائف الإجتماعيّة والتكاليف الاعتبارية المتفرّعة عليها يجب انتهاؤها إلى الطبيعة ، فخصوصية البنية الطبيعية الإنسانيّة هي التي هدت الإنسان إلى هذا الإجتماع النوعي الذي لا


(39)

يكاد يوجد النوع خالياً عنه في زمان ، وإن أمكن أن يعرض لهذا الإجتماع المستند إلى اقتضاء الطبيعة ما يخرجه عن مجرى الصحة إلى نقص الخلقة ، أو عن صحته الطبيعية إلى السقم والعاهة .
فالإجتماع بجميع شؤونه وجهاته ، سواء كان اجتماعاً فاضلاً أو اجتماعاً فاسداً ينتهي بالتالي إلى الطبيعة ، وإن اختلف القسمان من حيث إنّ الإجتماع الفاسد يصادف في طريق الإنتهاء ما يفسده في آثاره ، بخلاف الإجتماع الفاضل .
فهذه حقيقة ، وقد أشار إليها تصريحاً أو تلويحاً الباحثون عن هذه المباحث ، وقد سبقهم إلى بيانه الكتاب الإلهي فبيّنه بأبدع البيان ، قال تعالى : ( الذي أعطى كلّ شيء خلقه ثم هدى ) (1) .
وقال تعالى : ( الذي خلق فسوّى والذي قدّر فهدى ) (2) .
وقال تعالى : ( ونفس وما سوّاها فألهمها فجورها وتقواها ) (3) .
إلى غير ذلك من آيات القدر .
فالأشياء ـ ومن جملتها الإنسان ـ إنّما تهتدي في وجودها وحياتها إلى ما خلقت له وجهزت بما يكفيه ويصلح له من الخلقة ، والحياة القيّمة بسعادة الإنسان هي التي تنطبق أعمالها على الخلقة والفطرة انطباقاً تاماً ، وتنتهي وظائفها وتكاليفها إلى الطبيعة انتهاءً صحيحاً ، وهذا هو الذي يشير إليه قوله تعالى :
( فأقم وجهك للدين حنيفاً فطرة الله الذي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيّم ) (4) .


والذي تقتضيه الفطرة في أمر الوظائف والحقوق الإجتماعية بين الأفراد ـ على أنّ
____________
1 ـ طه : 50 .
2 ـ الأعلى : 3 .
3 ـ الشمس : 8 .
4 ـ الروم : 30 .

(40)

الجميع إنسان ذو فطرة بشرية ـ أن يساوي بينهم في الحقوق والوظائف من غير أن يحبا بعض ويضطهد آخرون بإبطال حقوقهم ، لكن ليس مقتضى هذه التسوية التي يحكم بها العدل الإجتماعي أن يبذل كلّ مقام اجتماعي لكلّ فرد من أفراد المجتمع ، فيتقلّد الصبي مثلاً على صباوته والسفيه على سفاهته ما يقلده الإنسان العاقل المجّرِب ، أو يتناول الضعيف العاجز ما يتناوله القوي المقتدر من الشؤون والدرجات ، فإنّ في تسوية حال الصالح وغير الصالح إفساداً لحالهما معاً .
بل الذي يقتضيه العدل الإجتماعي ويفسّر به معنى التسوية : أن يعطي كلّ ذي حقّ حقّه وينزّل منزلته ، فالتساوي بين الأفراد والطبقات إنّما هو في نيل كلّ ذي حقّ خصوص حقّه من غير أن يزاحم حقّ حقّاً ، أو يهمل أو يبطل حقّ بغياً أو تحكيماً ونحو ذلك ، وهذا هو الذي يشير إليه قوله تعالى : ( ولهنّ مثل الذي عليهنَّ بالمعروف وللرجال عليهنّ درجة ) (1) ، فإنّ الآية تصرّح بالتساوي في عين تقرير الإختلاف بينهن وبين الرجال .
ثم إنّ اشتراك القبيلين ـ أعني الرجال والنساء ـ في اُصول المواهب الوجوديّة ـ أعني : الفكر والإرادة المولدتين للإختيار ـ يستدعي اشتراكها مع الرجال في حريّة الفكر والإرادة ، أعني الإختيار ، فلها الإستقلال بالتصرّف في جميع شؤون حياتها الفردية والإجتماعية عدا ما منع عنه مانع .
وقد أعطاها الإسلام هذا الإستقلال والحريّة على أتمّ الوجوه كما سمعت فيما تقدّم ، فصارت بنعمة الله سبحانه مستقلة بنفسها ، منفكة الإرادة والعمل عن الرجال وولايتهم وقيمومتهم ، واجدة لما لم تسمح لها به الدنيا في جميع أدوارها ، وخلت عنه صحائف تأريخ وجودها ، قال تعالى : ( فلا جناح عليكم فيما فعلن في أنفسهن بالمعروف ) (2) .
لكنّها مع وجود العوامل المشتركة المذكورة في وجودها تختلف مع الرجال من جهة اُخرى ، فإنّ المتوسطة من النساء تتأخر عن المتوسط من الرجال في الخصوصيات الكماليّة
____________
1 ـ البقرة : 228 .
2 ـ البقرة : 234 .

(41)

من بنيتها ، كالدماغ والقلب والشرايين والأعصاب والقامة والوزن ، على ما شرحه فن وظائف الأعظاء ، واستوجب ذلك أنّ جسمها ألطف وأنعم ، كما أنّ جسم الرجل أخشن وأصلب ، وأنّ الإحساسات اللطيفة كالحب ورقة القلب والميل إلى الجمال والزينة أغلب عليها من الرجل ، كما أنّ التعقّل أغلب عليه من المرأة ، فحياتها حياة إحساسيّة كما أنّ حياة الرجل حياة تعقلية .
ولذلك فرّق الإسلام بينهما في الوظائف والتكاليف العامة الإجتماعية التي يرتبط قوامها بأحد الأمرين ـ أعني التعقل والإحساس ـ فخصّ بمثل الولاية والقضاء والقتال بالرجال رحمه الله لا حتياجها المبرم إلى التعقل ، والحياة التعقلية إنّما هي للرجل دون المرأة . وخصّ مثل حضانة الأولاد وتربيتها وتدبير المنزل بالمرأة ، وجعل نفقتها على الرجل ، وجبر ذلك له بالسهمين في الإرث ( وهو في الحقيقة بمنزلة أن يقتسما الميراث نصفين ثم تعطي المرأة ثلث سهمها للرجل في مقابل نفقتها ، أي للإنتفاع بنصف ما في يده ، فيرجع بالحقيقة إلى أنّ ثلثي المال في الدنيا للرجال ملكاً وعيناً وثلثيها للنساء انتفاعاً ، فالتدبير الغالب إنّما هو للرجال لغلبة تعقلهم ، والانتفاع والتمتع الغالب للنساء لغلبة إحساسهن ) ، ثم تمم ذلك بتسهيلات وتخفيفات في حق المرأة .
فإن قلت : ما ذكر من الإرفاق البالغ للمرأة في الإسلام يوجب انعطالها في العمل ، فإنّ ارتفاع الحاجة الضروريّة إلى لوازم الحياة بتخديرها وكفاية مؤنتها بايجاب الإنفاق على الرجل يوجب إهمالها وكسلها وتثاقلها عن تحمل مشاق الأعمال والأشغال ، فتنمو على ذلك نماءً رديئاً ، وتنبت نباتاً سيئاً غير صالح لتكامل الإجتماع ، وقد أيّدت التجربة ذلك .
قلتُ : وضع القوانين المُصلِحة لحال البشر أمر ، وإجراء ذلك بالسيرة الصالحة والتربية الحسنة التي تنبت الإنسان نباتاً حسناً أمر آخر ، والذي اُصيب به الإسلام في مدّة سيرها الماضي هو فقد الأولياء الصالحين والقوام المجاهدين ، فارتدت بذلك أنفاس الأحكام ، وتوقفت التربية ، ثم رجعت القهقري .
ومن أوضح ما أفادته التجارب القطعية أنّ مجرد النظر والإعتقاد لا يثمر أثره ما لم يثبت


(42)

في النفس بالتبلغ والتربية الصالحين ، والمسلمون في غير برهة يسيرة لم يستفيدوا من الأولياء المتظاهرين بولايتهم القيمين ب اُم ورهم تربية صالحة يجتمع فيها العلم والعمل ، فهذا معاوية يقول على منبر العراق حين غلب أمر الخلافة ما حاصله : إني ما كنت اُقاتلكم لتصلّوا أو تصوموا فذلك إليكم ، وإنّما كنت اُقاتلكم لأتأمر عليكم وقد فعلت ، وهذا غيره من الأمويين والعباسيين فمن دونهم ، ولولا إستضاءة هذا الدين بنور الله الذي لا يطفأ ( والله متمّ نوره ولو كره الكافرون ) (1) .
* * *
ولم تخل المرأة إما أن تكون بنتاً ، أو زوجة ، أو اُمّاً .
وفي كلّ الحالات نرى أنّ الإسلام يهتم بها اهتماماً بالغاً ، ويوصي بها كثيراً ، ويظهر ذلك جلياً في كتاب الله وسنّة نبيّة صلى الله عليه وآله وسلم .

البنات حسنات :
إنّ مطالعة سريعة للسنة النبويّة ، ولسيرة الأئمة الأطهار سلام الله عليهم ، تكفينا لمعرفة مدى الإهتمام البالغ الذي أولاه الإسلام للبنت ، والذي ظهر جليّاً من خلال قول وعمل وتقرير النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وأئمة أهل البيت عليهم السلام ، حتى أنّ علماءنا الأعلام أفردوا أبواباً مستقلة في كتبهم الحديثية لما ورد في شأن البنت على لسان المعصومين عليهم السلام ، مثل باب كراهة كراهة البنات ، باب تحريم تمنّي موت البنات ، باب استحباب زيادة الرقة على البنات والشفقة عليهن أكثر من الصبيان ، باب استحباب طلب البنات واكرامهن .
فهي ريحانة يشمها أبوها ، ونعم الولد البنات ملطّفات مجهّزات مؤنسات مباركات ، والبنات حسنات والحسنات يثاب عليها ، والأرض تقلّها ، والسماء تظلّمها والله يرزقها ، وكان النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم أبا بنات .
____________
1 ـ الميزان في تفسير القرآن : 268 .
(43)

روى ابراهيم الكرخي عن ثقة حدّثه قال :
تزوجتُ بالمدينة فقال لي أبو عبدالله عليه السلام : « كيف رأيتْ ؟ »
قلت : ما رأى رجل من خير في امرأة إلاّ وقد رأيته فيها ، ولكن خانتني .
فقال : « وما هو ؟ »
قلتُ : ولَدتْ جارية .
فقال : « لعلك كرهتها ، إنّ الله عزّ وجلّ يقول : ( آباؤكم وأبناءكم لا تدرون أيّهم أقرب لكم نفعا ) (1) . (2)







وعن حمزة بن حمران رفعه قال :
اُتي رجل وهو عند النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم فاُخبر بمولود أصابه ، فتغيّر وجه الرجل ، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : « مالك ؟ » .
فقال : خير .
فقال : « قل » .
قال : خرجتُ والمرأة تمخض ، فاُخبرت أنّها ولدت جارية .
فقال النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم : « الأرض تقلّها ، والسماء تظلّها ، والله يرزقها ، وهي ريحانة تشمها » (3) .








وعن الجارود بن المنذر قال :
قال لي أبو عبدالله عليه السلام : « بلغني أنّك ولد لك ابنة فتسخطها ، وما عليك منها ، ريحانة تشمّها ، وقد كفيت رزقها ، وكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أبا بنات » (4) .



____________
1 ـ النساء : 11 .
2 ـ وسائل الشيعة 15 : 101 حديث 1 .
3 ـ وسائل الشيعة 15 : 101 حديث 2 .
4 ـ وسائل الشيعة 15 : 103 ، حديث 3 .

(44)

وقال الحسين بن سعيد اللحمي :
ولد لرجل من أصحابنا جارية فدخل على أبي عبدالله عليه السلام فرآه متسخطاً فقال له : « أرأيت لو أنّ الله أوحى إليك أن أختار لك أو تختار لنفسك ؟ ما كنتّ تقول ؟ »
قال : كنتُ أقول : يا ربّ تختار لي .
قال : « فإن الله عزّ وجلّ قد اختار لك » ، ثم قال : « إنّ الغلام الذي قتله العالم الذي كان مع موسى عليه السلام ، وهو قول الله عزّ وجلّ : ( فأردنا أن يبدلهما ربهما خيراً منه زكوة وأقرب رحماً ) (1) أبدلهم الله عزّ وجلّ به جارية ولدت سبعين نبياً » (2) .







وعن محمد بن علي بن الحسين عليهم السلام قال :
بُشّر النبي صلى الله عليه وآله وسلم بابنة فنظر إلى وجوه أصحابه فرأى الكراهة فيهم ، فقال : « ما لكم ؟ ريحانة أشمها ، ورزقها على الله عزّ وجل » ، وكان صلى الله عليه وآله وسلم أبا بنات (3) .




وروى أبان بن تغلب عن أبي عبدالله عليه السلام أنه قال :
« البنات حسنات والبنون نعم ، والحسنات يثاب عليها ، والنعمة يسأل عنها » (4) .


وعن أحمد بن الحسن الحسيني ، عن الحسن بن علي العسكري ، عن آبائه ، عن الصادق عليهم السلام
« إنّ رجلاً شكا إليه غمّه ببناته ، فقال : الذي ترجوه لتضعيف حسناتك


____________
1 ـ الكهف : 81 .
2 ـ وسائل الشيعة 15 : 103 ، حديث 4 .
3 ـ وسائل الشيعة 15 : 103 ، حديث 5 .
4 ـ وسائل الشيعة 157 : 103 ، حديث 7 .

(45)

ومحو سيئاتك فأرجه لصلاح حال بناتك ، أما علمت أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال : لما جاوزت سدرة المنتهى وبلغت قضبانها وأغصانها رأيتُ بعض ثمار قضبانها أثداؤه معلّقة يقطر من بعضها اللبن ، ومن بعضها العسل ، ومن بعضها الدهن ، ومن بعضها شبه دقيق السّميد ، ومن بعضها الشياب ، ومن بعضها كالنبق ، فيهوى ذلك كلّه نحو الأرض ، فقلت في نفسي أين مقر هذه الخارجات ؟ فناداني ربّي : يا محمّد هذه أنبتها من هذا المكان لأغذو منها بنات المؤمنين من اُم تك وبنيهم ، فقل لآباء البنات لا تضيق صدوركم على بناتكم ، فإنّي كما خلقتهن أرزقهن » (1)







وعن عمر بن يزيد أنّه قال ل أبي عبدالله عليه السلام :
إنّ لي بنات ، فقال : « لعلك تتمنى موتهن ، أما إنك إن تمنيت موتهن ومتنَ لم تؤجر يوم القيامة ، ولقيت الله حين تلقاه وأنت عاصٍ » (2) .



وروى سليمان بن جعفر الجعفري عن أبي الحسن الرضا عليه السلام أنه قال :
« قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : إنّ الله تبارك وتعالى على الإناث أرقّ منه على الذكور ، وما من رجل يُدخل فرحة على امرأة بينه وبينها حرمة إلاّ فرّحه الله يوم القيامة » (3) .



وعن أحمد بن عبدالرحيم ، عن رجل ، عن أبي عبدالله عليه السلام ، قال :
« البنات حسنات والبنون نعمة ، وإنما يثاب على الحسنات ويسأل عن النعمة » (4) .


وعن أحمد بن الفضل ، عن أبي عبدالله عليه السلام ، قال :
____________
1 ـ وسائل الشيعة 157 : 103 ، حديث 8 .
2 ـ وسائل الشيعة 157 : 103 ، حديث 1 .
3 ـ وسائل الشيعة 157 : 104 ، حديث 1 .
4 ـ وسائل الشيعة 15 : 104 ، حديث 2 .

(46)

« البنون نعيم والبنات حسنات ، والله يسأل عن النعيم ويثيب على الحسنات » (1) .


وروى السكوني عن أبي عبدالله عليه السلام أنه قال :
« قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : نعم الولد البنات ، ملطّفات مجهّزات مؤنسات مباركات » (2) .



الزوجة ريحانة :
الزواج هو الوسيلة السليمة لارتباط الرجل بالمرأة ، وبه قضى الإسلام على الفوضى التي كانت سائدة في الجاهلية وما قبلها من الاُم م المتأخّرة ، وبه حصلت المرأة على عزّها وكرامتها وصانت شرفها ، وأصبح لها شأن في الحياة ، ولم تعدّ مجرد متعة يتمتع بها الرجل وقت حاجته .
قال الله تعالى في كتابه العزيز : ( ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودّة ورحمة ) (3) ، ولتسكنوا إليها : أي لتطمئنوا ، إذاً فهي وسيلة للراحة والطمأنينة والوِد الذي يجعل الرابطة قوية بين الرجل والمرأة .
وقد أوصى الرسول صلى الله عليه وآله وسلم والأئمة الأطهار عليهم السلام الرجلَ أن يعاشر زوجته بالإحسان والمعروف ، وأن يعفو عن ذنبها ويكرمها ، كلّ ذلك في سبيل المحافظة على طهارة المرأة وعزّتها ، حتى لا تكون متعة رخيصة للرجل .
روى محمّد بن مسلم عن أبي عبدالله عليه السلام قال :
« قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : أوصاني جبرئيل بالمرأة حتى ظننت أنّه لا ينبغي


____________
1 ـ وسائل الشيعة 15 : 104 ، حديث 3 .
2 ـ وسائل الشيعة 15 : 100 ، حديث 2 .
3 ـ الروم : 21 .

(47)

طلاقها إلاّ من فاحشة مبيّنة » (1) .


وجاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال :
إنّ لي زوجة إذا دخلتُ تلقّتني ، وإذا خرجتُ شيّعتني ، وإذا رأتني مهموماً قالت لي : ما يهمك ؟ إن كنتَ تهتم لرزقك فقد تكفّل لك به غيرك ، وإن كنتَ تهتم لأمر آخرتك فزادك الله هماً ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : « وهذه مِن عمّاله ، لها نصف أجر الشهيد » (2) .




وفي رسالة أمير المؤمنين عليه السلام لولده الحسن عليه السلام عبّر عن الزوجة بأنها « ريحانة وليست قهرمانة » (3) .
وقال إسحاق بن عمار :
قلت ل أبي عبدالله عليه السلام : ما حقّ المرأة على زوجها الذي إذا فعله كان محسناً ؟ قال : « يشبعها ويكسوها ، وإن جهلت غفر لها » (4) .



وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :
« من اتخذ زوجة فليكرمها » (5) .


وقال صلى الله عليه وآله وسلم :
« استوصوا بالنساء خيراً ، فإنّهن عندكم عوان » (6)


وقال أيضاً :
« خيركم خيركم لنسائكم وبناتكم » (7) .


____________
1 ـ وسائل الشيعة 14 : 121 ، حديث 4 .
2 ـ وسائل الشيعة 14 : 17 ، حديث 14 .
3 ـ وسائل الشيعة 14 : 120 ، حديث 1 .
4 ـ وسائل الشيعة 14 : 121 ، حديث 1 .
5 ـ مستدرك الوسائل 14 : 249 ، حديث 16617 .
6 ـ مستدرك الوسائل 14 : 255 ، حديث 16636 .
7 ـ مستدرك الوسائل 14 : 251 ، حديث 16621 .

(48)

الجنة تحت أقدام الاُم هات :
اهتمت الشريعة الإسلامية بشأن الاُم كثيراً ، وأعطتها كثيراً من الحقوق التي أوجبتها على بنيها ، كلّ ذلك وفاءً لما تقدّمه الاُم من خدمات جليلة في سبيل أبنائها ، وإعدادهم ذلك الإعداد الجيّد لكي يكونوا علماء المستقبل وأبناء الوطن الأوفياء .
فمنذ أن تحمل الاُم طفلها في بطنها فهي تعاني من آلام ومشاكل غير خفيّة على أحد ، وعند الولادة تتحمّل أوجاعاً لا يعرفها إلاّ الاُم وحدها .
ثم بعد ذلك تسهر على تربية ولدها وترعاه بكلّ ما تسطيع ، حتى أنّها تفضّله على نفسها ، تجوع من أجل أن تُشبعه ، وتعرى من أجل أن تكسوه ، وتسهر الليالي من أجل أن ينام طفلها نوماً هادئاً ، إلى غير ذلك من المتاعب الكثيرة .
ثم بعد هذا كلّه فهي المعلّمة الاُولى للطفل ، والمدرسة الصغيرة له ، توجّه أولادها نحو الفضيلة والكمال .
وتتضح جليّاً مكانة الاُم ومنزلتها في قوله تعالى :
( ووصّينا الإنسان بوالديه إحساناً حملته اُم ّه كرهاً ووضعته كرهاً وحمله وفصاله ثلاثون شهراً ) (1)


وقال تعالى :
( فلا تقل لهما اُف ولا تنهرهما وقل لهما قولاً كريماً ) (2) .


وفي قول النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم المشهور : « الجنة تحت أقدام الاُم هات » .
وروى ثابت بن دينار ، عن زين العابدين عليه السلام أنه قال :
« وأمّا حقّ اُم ك أن تعلم أنّها حملتك حيث لا يحمل أحد أحداً ، وأطعمتك من ثمرة قلبها ما لا يطعم أحد أحداً ، ووقتك بجميع جوارحها ، ولم تبالِ أن



____________
1 ـ الأحقاف : 15 .
2 ـ الإسراء : 23 .

(49)

تجوع وتطعمك ، وتعطش وتسقيك ، وتعرى وتكسوك ، وتضحّي وتظلك ، وتهجر النوم لأجلك ، ووقتك الحر والبرد لتكون لها ، وانك لا تطيق شكرها إلاّ بعون الله وتوفيقه » (1) .



وروى هشام بن سالم عن أبي عبدالله عليه السلام أنه قال :
« جاء رجل إلى النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم فقال : يا رسول الله مَن أبرُّ ؟
قال : أُمك .
قال : ثم مَنْ ؟
قال : اُم ك .
قال : ثم مَن ؟
قال : اُم ك .
قال : ثم مَنْ ؟
قال : أبوك » (2) .









وقال زكريا بن ابراهيم ل أبي عبدالله عليه السلام :
إنّي كنت نصرانياً فأسلمت ، وإنّ أبي و اُم ّي على النصرانيّة وأهل بيتي ، و اُمي مكفوفة البصر فأكون معهم وآكل في آنيتهم ؟
قال : « يأكلون لحم الخنزير » ؟
قلت : لا ، ولا يمسونه .
فقال : « لا بأس ، وانظر اُم ّك فبرها ، فإذا ماتت فلا تكلها إلى غيرك » ، ثم ذكر أنه زاد في برّها على ما كان يفعل وهو نصراني ، فسألته فأخبرها أنّ الصادق عليه السلام أمره ، فأسلمت (3) .







____________
1 ـ وسائل الشيعة 11 : 135 حديث 1 .
2 ـ وسائل الشيعة 15 : 207 ، حديث 1 .
3 ـ وسائل الشيعة 15 : 207 ، حديث 2 .

(50)

وعن المعلّى بن قيس ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال :
« جاء رجل وسأل النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم : مَن برّ الوالدين ؟
فقال : ابرر اُم ك ، ابرر اُم ك ، ابرر اُم ك ، ابرر أباك ، ابرر أباك ، ابرر أباك . وبدأ بالاُم قبل الأب » (1) .



وروى جابر عن أبي عبدالله عليه السلام أنّه قال :
« قال موسى عليه السلام : يا ربّ أوصني ، قال : اُوصيك بك ثلاث مرات ، قال : يا ربّ أوصني ، قال : اُوصيك ب اُم ك مرّتين ، قال : يا ربّ أوصني ، قال : اُوصيك بأبي ك . فكان لأجل ذلك يقال : إنّ للام ثلثي البر وللأب الثلث » (2) .




الحجاب :
الحجاب لغة : الستر ، كما صرّح به جمع من اللغويين وأصحاب المعاجم (3) .
وهو حكم شرعي فرضته الشريعة الإسلاميّة على المرأة ، وأوجبت عليها اتباعه والالتزام به ، ودلّ على ذلك القرآن والسنّة .
قال الله تعالى :
( يا أيها النبيّ قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفوراً رحيماً ) (4) .



والجلابيب ، جمع جلباب : وهو الثوب الواسع ، أوسع من الخمار ودون الرداء ، تلويه المرأة على رأسها ، وتبقي منه ما ترسله على صدرها .
____________
1 ـ وسائل الشيعة 15 : 208 ، حديث 3 .
2 ـ وسائل الشيعة 15 : 208 ، حديث 4 .
3 ـ الصحاح 1 : 107 ، مجمع البحرين 2 : 34 « حجب » ، وغيرهما من المصادر .
4 ـ الأحزاب : 59 .