1 آبش خاتون
آبش خاتون بنت الأتابك سعد بن أبي بكر الزنكي .
عالمة ، فاضلة ، من ربّات الفصاحة والبلاغة . تلقّت من العلوم والثقافة ما جعلها من أندر وأعلم نساء عصرها . كانت محبّة للعلم ، تجالس العلماء كثيراً ، وقد عملت على نشر التشيّع في ربوع حكومتها .
وهي ملكة جليلة ، نشأت وترعرت في بلاط أبي ها ، وكانت ذات عقل راجح ورأي صائب ، ذات دين وصلاح وشجاعة . وهي آخر ملكات آل الأتابك السلغري في شيراز ، انتهت بها حكومتهم في ايران .
توفيّت في سنة 685هـ في تبريز ، ودفنت في مقابر ( جرنداب ) ، وبعد مدّة من الزمن نَقلت بنتها ( كردوجين ) رفاتها إلى شيراز ودفنت في مدرستها التي تُعرف باسمها ( مدرسة آبش خاتون ) أو ( مدرسة خاتون قيامه ) ، وقد وقفت جميع أموالها وثروتها على أن يُصرف ريعها في سبيل الإسلام ونشر العلم .
ذكرها أكثر المؤرّخين والكتّاب ، منهم رشيد الدين فضل الله في ( جامع التواريخ ) ، والآيتي في ( تأريخ الوصاف ) ، وحمد الله المستوفي في ( تأريخ گزيدة ) ، وخواند أمير في ( تأريخ حبيب السير ) ، والفسائي في ( فارسنامه ناصري ) (1) .
____________
1 ـ مستدركات أعيان الشيعة 3 : 3 نقلاً عن الاستاذ عبدالحسين الصالحي في كتابه المخطوط رياحين الشيعة ، تذكرة الخواتين : 76ـ77 ، دائرة المعارف تشيّع 1 : 8 ، زنان سخنور 1 : 2 ، مرآة الخيال : 336 .
(84)

2 آتوني حياة الهروي
أديبة ، فاضلة ، من ربّات الفصاحة والبلاغة والشعر في كلّ من هرات وخراسان في القرن العاشر الهجري ، ذات سلطة ونفوذ ، وعقل راجح ، ورأي صائب .
نشأت في هرات وخراسان إحدى المراكز العلميّة آنذاك ، وتزوّجها العالم الشاعر ملا بقائي ، وكانا من المقرّبين إلى الوزير الأمير نظام الدين علي شير الجغتائي الهروي المتوفّى سنة 906هـ ، وكان هذا الوزير كثيراً ما يستشيرها في ادارة شؤون المملكة .
ذكرتها معظم كتب التراجم ، ووصفتها بأنّها من ربّات الجمال البارع والحسن الباهر ، لها اليد الطولى في الأدب والشعر ، بديعة النظم ، ذات لسان فصيح ومنطق مبين ، سريعة البديهة ، خفيفة الروح ، حسنة الحديث ، جميلة الصحبة ، كانت تجالس العلماء والشعراء .
ذكرها المير علي شيرلودي في كتابه مرآة الخيال قائلاً : إنّها مشهورة بـ ( آتوني ) ، وأدرج قسماً من شعرها (1) .
وقال عنها صاحب كتاب جواهر العجائب : إنّ اسمها حياة ، وهي من مدينة هرات وزوجة الشاعر ملا بقائي ، ثم ذكر شيئاً عن حياتها ، ونقل قسماً من شعرها (2) .
وفي كتاب تذكرة الخواتين قال الميرزا محمّد ملك : كانت تتخلّص في شعرها بـ ( توني ) ، ثم ذكر قسماً من شعرها (3) .
وعبّر عنها الآغا بزرك الطهراني في الذريعة بالفاضلة الشاعرة (4) .
ونقل علي أكبر المشير عن مجموعة مخطوطة في مكتبة ملك الوطنيّة بطهران : أنّ اسمها
____________
1 ـ مرآة الخيال : 336 .
2 ـ جواهر العجائب : 128 .
3 ـ تذكرة الخواتين : 76 .
4 ـ الذريعة 9|1 : 2 .

(85)

بيبي آتوني ، ثم ترجم لها وذكر أكثر أقوال المؤرّخين (1) .

3 آرايش بيگم
الأميرة آرايش بيگم بنت الأمير اسكندر بن قرا يوسف بن قرا محمد بن بيرام خواجة التركمانية .
شاعرة فارسية ، كان أبوها من اُم راء طائفة قراقوينلو التركمانية ، وقتل سنة 841هـ ، أما هي فقد استدل القاضي السيّد نور الله التستري الشهيد سنة 1019هـ في كتابه ( مجالس المؤمنين ) على تشيّعها وتشيّع عشيرتها بشعر كان منقوشاً على خاتمها ، وهو :
در مشغلة دنيا در معركة محشراز آل على گويد آرايش اسكندر (2) أي : أنّ آرايش اسكندر يلهج لسانها بذكر آل علي في مصاعب الدنيا والآخرة .

4 آرزوئي السمرقنديّة
أديبة ، فاضلة ، شاعرة ، متكلّمة ، من ربّات الفصاحة والبلاغة في القرن الحادي عشر للهجرة في سمرقند ، توفيّت بعد سنة 1052هـ .
ذكرها الأمير شير علي خان اللودي في كتابه مرآة الخيال ، ووصفها بأنّها صاحبة جمال بارع وحسن باهر ، وأنّ لها طبعاً موزوناً ، وصلت إلى أعلى مراتب الكمال والمجد الأدبي (3) .
وذكر ديوانها الشيخ أقا بزرك الطهراني في الذريعة قائلاً : ديوان آرزوئي السمرقندية ، الشاعرة (4) .
____________
1 ـ مستدركات أعيان الشيعة 3 : 3 نقلاً عن الاستاذ عبدالحسين الصالحي في كتابه المخطوط رياحين الشيعة ، دائرة المعارف تشيع 1 : 8 .
2 ـ مجالس المؤمنين 2 : 367 ، رياحين الشريعة 3 : 32 .
3 ـ مرآة الخيال : 337 .
4 ـ الذريعة 9|1 : 5 .

(86)

ولها ذكرٌ جميل في كثير من المؤلّفات التأريخية والأدبية (1) .

5 آغا بيگم
آغا بيگم بنت ابراهيم خان بن بناه خان جوانشير ، تُلقّب بـ ( آغا باجي ) ، وتتخلّص في شعرها بـ ( طوطي ) .
عالمة ، فاضلة ، أديبة ، شاعرة ، زاهده ، ذات طبع سليم وذوق أدبي رائع ، من ربّات الفصاحة والبلاغة ، متكلّمة ، خطيبة ، لها ديوان شعر .
قرأت على أكابر علماء آذربايجان ، ولمّا بلغت سن الرشد تزوّجها السلطان فتح علي الشاه القاجاري ، وانتقلت إلى طهران واستقرّت في قصر زوجها . إلاّ أنّ الحياة السائدة في العائلة المالكة لم تعجبها ، فكرهت الأمراء والوزراء ، بل كرهت زوجها وهجته في قصيدة شعرية .
هاجرت إلى مدينة قم ، واعتكفت هناك ، وانصرفت إلى العبادة والتبّتل إلى أن وافاها الأجل سنة 1248هـ ، ودفنت في قم .
ذكرها الوزير محمّد حسن خان اعتماد السلطنة في كتابه ( خيرات حسان ) (2) ، وصاحب ( تذكرة الخواتين ) (3) ، ومحمّد علي تربيت في ( دانشمندان آذربايجان ) (4) ، وغيرهم (5) .

6 آغا بيگم الطباطبائيّة
آغا بيگم بنت السيّد محمّد علي ابن السيّد عابد ابن السيّد علي ابن السيّد محمّد الطباطبائي النجفي الأصفهاني البروجردي .
____________
1 ـ تذكرة الخواتين : 59 ، ريحانة الأدب 1 : 47 ، زنان سخنور 1 : 3 ، مستدركات أعيان الشيعة 3 : 3ـ4 نقلاً عن الاستاذ عبدالحسين الصالحي في كتابه المخطوط رياحين الشيعة .
2 ـ خيرات حسان 1 : 11 .
3 ـ تذكرة الخواتين : 11ـ12 .
4 ـ دانشمندان آذربايجان : 8 .
5 ـ انظر مستدرك أعيان الشيعة 3 : 3 نقلاً عن الأستاذ عبد الحسين الصالحي في كتابه المخطوط رياحين الشيعة .

(87)

من أفاضل نساء عصرها ، فقيهة ، مُحدّثة ، عابدة ، زاهدة ، متكلّمة ، خطيبة .
أخذت المقدّمات والعربية على أفاضل علماء عصرها ، ثم تفقّهت على رجال اُسرتها ، ولمّا بلغت سنّ الرشد تزوّجت السيّد علي الطباطبائي البروجردي ورُزقت منه السيّد حسين البروجردي المرجع الديني الكبير المتوفى سنة 1380هـ .
توفّيت في بروجرد سنة 1323هـ ، ونُقل رفاتها إلى مدينة النجف الأشرف ، ودُفنت في وادي السّلام حسب وصيتها (1) .

7 آغا كوچك القاجاريّة
آغا كوچك بنت الأمير سيف الله ميرزا سردار مفخم القاجاري .
من ربّات الفصاحة والبلاغة في القرن الثالث عشر للهجرة ، أديبة ، فاضلة ، شاعرة ، متكلّمة . ولدت في البلاط القاجاري وترعرت في بيوتات السلاطين ، وأخذت العلم على جملة من أفاضل عصرها ، ونبغت في الأدب والشعر .
وكانت اُم ّها الأميرة آغا بيگم بنت الميرزا عبدالكريم من الأميرات الصفويات ، لذا ينتهي نسبها من جهة الأب إلى السلطان فتح علي القاجاري ومن جهة الام إلى السلاطين الصفوية .
ذكرها وأثنى عليها جمع من المؤلّفين منهم الميرزا محمّد حسن خان اعتماد السلطة في خيرات حسان ، وعلي أكبر مشير سليمي في زنان سخنور ، والمحلاتي في رياحين الشريعة (2) .

8 آغنة دوست السبزواريّة
ويقال لها آغادوست بنت درويش قيام السبزواري .
____________
1 ـ مستدركات أعيان الشيعة 4 : 8 نقلاً عن الاُستاذ عبد الحسين الصالحي في كتابه المخطوط رياحين الشيعة ، خاندان آية الله بروجردي : 132 ، دائرة المعارف تشيّع 1 : 120 .
2 ـ خيرات حسان 1 : 11 ، زنان سخنور 1 : 8 ، رياحين الشريعة 3 : 322 ، مستدركات أعيان الشيعة 3 : 4 نقلاً عن الاُستاذ عبدالحسين الصالحي في كتابه المخطوط رياحين الشيعة .

(88)

عالمة ، فاضلة ، نابغة عصرها في علم العروض والقوافي ، ولها أشعار جيّدة (1) .
ذكر ديوانها ، الشيخ آغا بزرك الطهراني في الذريعة قائلاً : ديوان آغنة دوست بنت درويش قيام السبزواري ، الفاضلة الشاعرة العالمة بالعروض والشعر (2) .
واعتبر الوزير الايراني محمّد حسن خان اعتماد السلطنة في كتابه خيرات حسان آغادوست و آغنة دوست اثنتين ، حيث ترجم لهما في مكانين من كتابه ، مع اتحاد الأشعار التي ذكرها لهما (3) .
وذكرها أيضـاً تحت عنوان آغنـه دوست علي أكبر مشير سليمـي في كتابه زنان سخنور (4) .
وذهب الاُستاذ عبدالحسين الصالحي في كتابه المخطوط رياحين الشيعة إلى اتحادهما (5) .

9 آفاق بيگه
آفاق بيگه بنت الأمير علي الجلائري الهراتي ، ويقال لها آقا بيگه الهراتية الجلائرية ، توفّيت سنة 905هـ .
أديبة ، شاعرة ، فاضلة ، من ربّات البر والاحسان ، ومشاهير نساء عصرها ، مُحبّة للعلم والعلماء .
ترعرعت في بلاط أبي ها ، وأخذت العلم وفنون الأدب على كبار علماء عصرها . ولمّا بلغت سن الرشد تزوّجت الأمير درويش علي كتابدار ، شقيق الوزير الأمير علي شير نوائي المتوفى سنة 906هـ والذي ذكرها وأثنى عليها في كتابه مجالس النفائس الذي الّفه سنة 895هـ (6) .
____________
1 ـ مرآة الخيال : 337 .
2 ـ الذريعة 9|1 : 9 .
3 ـ خيرات حسان 1 : 12 و 153 .
4 ـ زنان سخنور 1 : 8 .
5 ـ حكاه عنه السيّد حسن الأمين في مستدركات أعيان الشيعة 3 : 4 .
6 ـ مجالس النفائس : 164 .

(89)

كما ذكرها وأثنى عليها الأمير شير علي خان اللودي في كتابه مرآة الخيال الذي ألّفه في سنة 1102هـ قائلاً : كانت من الشاعرات المعاصرات للسلطان حسين بايقرا في بلدة هراة ، ومرجعاً للخاص والعام ، ومن أهل الثراء والجاه ، ولها ديوان عامر وخدم وحشم وأملاك وأسواق ومقاطعات زراعية ، تُنفق من مالها الخاص على العلماء والشعراء وأهل الفضل (1) .
وذكرها أيضاً بالمدح والثناء الشيخ الطهراني في الذريعة (2) .
وذكر السيّد حسن الأمين فيما استدركه على أعيان والده ، نقلاً عن الاستاذ عبد الحسين الصالحي في كتابه المخطوط رياحين الشيعة قوله : كان دارها في مدينة هرات مجمع الاُدباء والشعراء والعلماء وأهل الفضل ، تحب مجالستهم ومعاشرتهم ، وقد عيّنت رواتب شهرية تدفع لبعض شعراء وعلماء هرات (3) .

10 آمنة الصدر « بنت الهدى » (4)
السيّدة الجليلة العلويّة الشهيدة آمنة الصدر بنت آية الله الفقيه المحقّق السيّد حيدر الصدر ، أحد كبار علماء الإسلام في العراق .
اُم ّها من عائلة علميّة مرموقة ، معروفة في الأوساط العلمية ، وهي اُخت المرجع الديني آية الله الشيخ محمد رضا آل ياسين .
أخواها : السيّد اسماعيل الصدر ، وآية الله العظمى المرجع الديني الكبير والمفكّر الإسلامي العظيم الشهيد السيّد محمّد باقر الصدر ، نابغة زماننا هذا ، ومُفجّر الثورة الإسلامية في العراق .
فالشهيدة بنت الهدى تنحدر من عائلتين علميّتين معروفتين في جهادهما ومواقفهما
____________
1 ـ مرآة الخيال : 336 .
2 ـ الذريعة 9|1 : 9 .
3 ـ مستدركات أعيان الشيعة 4 : 7 نقلاً عن الاُستاذ عبدالحسين الصالحي في كتابه المخطوط رياحين الشيعة .
4 ـ ما يرد في ترجمتها مأخوذ من معلوماتنا الخاصة عن الشهيدة بنت الهدى ، ومن كتاب « عذراء العقيدة والمبدأ الشهيدة بنت الهدى » لمؤلّفه جعفر نزار حسين .

(90)

البطولية .
ولدت رضوان الله تعالى عليها في مدينة الكاظمية المقدّسة سنة 1357هـ = 1937م ، وترعرّت في أحضان والدتها وأخويها ، إذ أنّ والدها قد فارق الحياة وعمرها آنذاك سنتان .
نشأت في حجرِ الإيمان وحضن التقوى ، وقد تكلّفت والدتها وأخواها تعليمها وتربيتها .
تعلّمت القراءة والكتابة في بيتها دون أن تدخل المدارس الرسميّة ، ثم درست النحو والمنطق والفقه والأصول وباقي المعارف الإسلامية ، واطّلعت على المناهج الرسمية التي تدرّس في المدارس ، ودرستها في بيتها ، وبذلك تكون قد جَمعت بين الدراسة الحديثة وبين دراسة المعارف الإسلامية .
كانت وَلعة بمطالعة الكتب ، غير مُقتصرة على الكتب الإسلاميّة ، فقد تناولت كتباً غير دينيّة أيضاً . ولأنّها من عائلة فقيرة فقد كانت تستعير الكتب من هنا وهناك ، بل كانت تصرف ما يُعطى لها من مبلغ بسيط لسدّ حاجاتها الضرورية في شراء بعض الكتب التي ترغب في قرائتها .
عُرفت رحمها الله بالذكاء الوقّاد ، وسُرعة الحفظ ، وقابليتها العالية على جذب النساء إليها بعذوبة لسانها ولطافة منطقها ، فلم تكن تراها امرأة وتسمع كلامها إلاّ قد اُعجبت بها وأصبحت من مريداتها .
كانت رحمها الله تستغل كلّ وقتها ، وتستفيد من كلّ شخصية يمكنها أن تُفيدها بطريقة أو اُخرى ، فكانت تستغل فراغ السيّد الشهيد الصدر في أوقات راحته ، وتنهل من علمه ومعارفه الإسلامية .
وعبرَ هذه الصفحات القليلة نحاول إلقاء الضوء على بعض المهام التي قامت بها الشهيدة بنت الهدى :

دورها التبليغي :
لعبت الشهيدة بنت الهدى ـ رحمها الله ـ دوراً فعّالاً وملموساً في هداية الفتيات


(91)

ـ وبالأخص العراقيات ـ ورجوعهن إلى التمسّك بتعاليم الدين الحنيف ، فمَنْ كان قريباً منها يعرف ذلك جيداً . فكم من فتاة ، بل عائلة كادت أن تخرج عن دينها وتصهرها الحضارة المستوردة من الغرب أو الشرق ، لولا وقوف الشهيدة بنت الهدى إلى جانبها وانقاذها من الغرق في عالم التبرّج والرذيلة ، فكانت بحقّ رائدة العمل الإسلامي النسوي في العراق .
تتّصف رحمها الله باُسلوب تبليغي عذب ومؤثّر ، فلم تجلس مع امرأة إلاّ وأثّرت عليها ، ودخلت إلى قلبها عبرَ الكلمات اللطيفة والمنطق العذب الذي كانت تستعمله مع النساء .
لقد عَرفت بنت الهدى رحمها الله أنّ التبليغ في أوساط النساء يمكن أن يؤدّي دوراً فعّالاً في تقدّم الحركة الإسلاميّة عموماً ، لذلك نجدها تعقد جلسات دوريّة في بيتها وفي بيوت اُخرى ، وبالتعاون مع بعض النساء المريدات لها واللواتي لهنّ اطّلاع على ما يجري في العراق من محاولات لإفساد المرأة العراقية .
ولم تكتفِ الشهيدة بذلك ، بل كانت ـ وحين سماعها بوجود جماعة من النسوة في بيت معيّن ـ تُسارع إلى الحضور في أوساط النساء عندما ترى أنّ الجوَ مناسب . وقد استطاعت بعملها هذا أن تُربّي عدداً من النساء ، حيث أصبحت كلّ واحدة منهن معلّمة لمجموعة من الفتيات والنساء .
ولم تكتفِ الشهيدة بنت الهدى بهذا القدر من التبليغ ، بل تعدّته إلى مجال أوسع وأكثر فائدة ، وهو مخاطبة الفتاة العراقية والعربية عموماً عَبرَ مجلّة « الأضواء » التي أصدرتها جماعة العلماء في النجف الأشرف (1) .
فما أن عَلِمتْ أنّ العدد الأوّل سيصدر حتى بادَرت وكَتبت فيه مقالاً لطيفاً وظريفاً ، تحث فيه الفتاة المسلمة على الإلتزام بتعاليم الدين الحنيف وعدم الانجرار وراء الغرب والشرق ، قالت :
« فما أجدرنا اليوم ـ إذ تُمتحن رسالتنا الحبيبة بشتى المحن ـ أن نرفع مشعل


____________
1 ـ كانت رحمها الله تكتب مقالاتها وكتبها بتواقيع مستعارة ، هي : ( بنت الهدى ) ، ( اُم ّ الولاء ) ، ( آ ـ ح ) ، ( آ ـ حـا ) انظر معجم الاسماء المستعارة وأصحابها ، ليوسف أسعد داغر : 33 و 68 و 83 و 180 .
(92)

الدعوة الإسلامية ، ونستثمر علومنا وتعلّمنا في سبيل الدعوة إلى سبيله بالحكمة والموعظة الحسنة ، وأن نذكر دائماً وأبداً أنّ نبيّ الرحمة قد أوصانا بطلبه وجعله فريضة على كلّ مسلم ومسلمة رحمه الله لكي يكون للمرأة المسلمة نصيبها من الدعوة إلى مبدئها ونظامها الخالد ، ولكي تكون قادرة على صدّ هجمات المغرضين وردّ دعايات المرجفين ، لا لتتلاعب بها الريح مُصفرة أو مُحمرة ، شرقية كانت أو غربية ، ولكن لكي تسير على الطريق المهيع السوي ، وتتمسّك بالإسلام ديناً ومبدأ ونظاماً ، ولكي تتفهمه لترى فيه كلّ ما تطمح إليه مِن تقدّم ورقي وازدهار ، فلا تعود تتطفّل على المبادىء الدخيلة والأفكار المستوردة » (1) .








وفي عدد آخر من مجلّة الأضواء قالت بنت الهدى ـ مخاطبة الفتاة المسلمة ، طالبةً منها الصمود والتحدّي والمقاومة أمام كلّ الاغراءات المبذولة آنذاك ـ :
« كوني مثلاً يُقتدى به ولا تكوني اُلعوبة تقتدي ، كوني متبوعةً لا تابعة ، قاومي الاغراءات ، اصمدي أمامَ كلّ شيء ، فإنّي لأعلم أنّ العقبات أمامك كثار ، وأن دربك لا يخلو من شوك وعثار ، لكن النكوص عار ، والتراجع شنار ، فالموت أولى من ركوب العار ، والعار أولى من دخول النار » (2) .





وقالت أيضاً :
« وكم مِن اللواتي مَشِينَ وراء النفير الأجنبي ، ونزعنَ حجابهن في غفلةٍ وغرور ، أخذنَ يتراجعنَ وبدأنَ يستفقنَ مِن كابوس المفاهيم الخاطئة التي أملاها علينا الاستعمار الغاشم ، بعد أن أرادَ أن يستعمرنا في كلّ شيء حتى في أعزّ وأطهر ما عندنا ، وهو المرأة » (3) .




____________
1 ـ مجلّة الأضواء : العدد الأوّل للسنة الاُولى ، ذي الحجة 1379هـ ، حزيران 1960م .
2 ـ مجلّة الأضواء : العدد السابع للسنة الثانية ، 1381هـ ، 1961م .
3 ـ مجلّة الأضواء : العدد السابع للسنة الثانية 1381هـ ، 1961م .

(93)

وفي عدد آخر قالت :
« لا تقعد بكنّ هذه التخرّصات ، ولا تثنيكنّ أمثال هذه النفحات المشؤومة ، بل تزيدكنّ عزماً وقوّة وشدّة ومضاء ، لتثبتن لهنّ صواب نهجكن وخطأ سيرهن المتعرّج ذات اليمين وذات اليسار ، ولتوضحن لهنّ أنّهنّ هنّ اللواتي رجعن بسلوكهن إلى أبعد عصور الجاهلية حيث لا أحكام ، ولا قوانين ، ولا مثل ومفاهيم » (1) .





وردّاً على ما يحَتج به مستوردوا التحضّر ، الذّين يدعون إلى تبرّج المرأة ولحوقها بحضارة الشرق أو الغرب ، قالت بنت الهدى :
« هل يمكن ل اُم ّة ـ أياً كانت ـ أن تتقدّم وتتحضّر بحضارات أجنبية لا تمتّ لها بصلة لتكون بذلك متقدّمة ؟ ! فإنّها لم تتقدّم خطوة ، ولم تزدهر لحظة ، وإنّما الأفكار الخارجية والدعايات الأجنبية هي التي تقدّمت وازدهرت على حسابنا ، نحن أعداءها الحقيقين » (2) .




وعن شخصية المرأة المهدّدة قالت :
« وذلك نتيجة سوء فهمها للإسلام والبعد عن روحه ومفاهيمه من ناحية ، ونتيجة تغذية الثقافة الاستعمارية المسمومة التي غزت بلادنا من ناحية ثانية ، إذ نشرت مفاهيمها المناقضة للإسلام ، والتي لا تنطوي في الحقيقة إلاّ على القضاء على أصالة المرأة واُنوثتها وكرامتها » (3) .




وبصدد الردّ على شعارات : تحرير المرأة ، حقوق المرأة ، مساواة المرأة ، قالت الشهيدة بنت الهدى :
« أنغام سمعناها ، وسنسمعها أيضاً ما دام المكروب الأجنبي يسري في عروق


____________
1 ـ مجلّة الأضواء : العدد السابع للسنة الاُلى 1380هـ ، 1960م .
2 ـ مجلّة الأضواء : العدد السابع للسنة الاُلى 1380هـ ، 1960م .
3 ـ مجلّة الأضواء : العدد السابع للسنة الاُلى 1380هـ ، 1960م .

(94)

مجتمعنا المسكين ، وما دمنا متمسّكين بمبدئنا الحقّ ، داعينَ إلى نهجه القويم » (1) .



الإشراف على مدارس الزهراء عليها السلام :
تُعدّ مدارس الزهراء عليها السلام من أعمال « جمعية الصندوق الخيري الإسلامي » ، وهي أكبر المؤسسات الجهادية التي تشكّلت في العراق عام 1958م ، متبنّية أهداف الإسلام الحنيف في كافة لجانها التعليمية والثقافية والاجتماعية والطبّية ، وبجميع فروعها القائمة بمدينة البصرة والديوانية والحلّة والكاظمية وبغداد حيث يكون مركزها فيها .
كانت هذه الجمعية تشرف على العديد من الفعاليات الخيرية الإسلامية ، منها شؤون الرعاية الإجتماعية ، وتسهيل العلاج المجاني في مستوصفات طبّية خاصة ، كما كانت تضمّ كليّة اُصول الدين في بغداد ، إضافة إلى مدارس الإمام الجواد عليه السلام للبنين بمرحلتيها الإبتدائية والثانوية بمدينة الكاظمية .
وفي عام 1967م أصبحت الشهيدة بنت الهدى المشرفة على مدارس الزهراء عليها السلام في مدينة النجف الأشرف والكاظمية ، إضافة لإشرافها على مدرسة دينية اُخرى في مدينة النجف الأشرف . فكانت رحمها الله تشرف على تنظيم هذه المدارس ، وتعيّن المناهج الدراسية التربوية الإسلامية لها ، وتحلّ كلّ ما تواجهه هذه المدارس من مشاكل وصعوبات .
فكانت تقسّم أيام الإسبوع بين النجف والكاظمية ، فبالإضافة إلى الدروس التي كانت تُلقيها على الطالبات ، كانت لديها محاضرات تربوية تُلقيها على المعلّمات بعد انتهاء الدوام الرسمي للمدرسة . وبعد الظهر كانت لديها لقاءات مع طالبات الجامعة حيث تجيب على أسئلتهن ، وتُلقي عليهنّ محاضرات ودروساً في المعارف الإسلامية .
وفي عام 1972م وبعد صدور قانون تأميم التعليم ، استقالت الشهيدة بنت الهدى من
____________
1 ـ مجلّة الأضواء : العدد السابع للسنة الاولى 1380هـ ، 1960م .
(95)

عملها بعد أن عرفت أنّها لن تستطع أن تؤدّي دورها الرسالي ، وقد حرصت الدولة على إبقاء بنت الهدى في هذه المدارس ، وبعثت لها كُتباً رسمية تُطالبها بالعودة إليها ، إلاّ أنّها رفضت ذلك ، وحينما سُئلت عن سبب رفضها للطلبات الرسمية قالت :
« لم يكن الهدف من وجودي في المدرسة إلاّ نوال مرضاة الله ، ولما انتفت الغاية من المدرسة بتأميمها فما هو جدوى وجودي بعد ذلك ؟ ! » (1) .



القصة الإسلامية :
لم تقتصر الشهيدة بنت الهدى في عملها التبليغي على إلقاء المحاضرات والدروس ، والكتابة في مجلّة الأضواء الإسلامية ـ بالرغم ما لهذين المنبرين من دور كبير في توعية الفتيات المسلمات وجعلهنّ أقرب إلى عقيدتهن ورسالتهن الإسلامية ـ بل تعدّته إلى مجال أوسع ورحاب أكبر ، وهو كتابة القصة الإسلامية الهادفة ، والتي تستطيع بواسطتها أن تُوصل صوتها ودعوتها للحقّ إلى أكبر عدد من النساء في العالم العربي .
فبدأت بكتابة القصة ، آخذه بنظر الإعتبار أولوية الهدف وثانوية الجانب الفني ، مخالفة في ذلك الاُدباء العراقيين حيث يُعيرون أهمية كبرى للجانب الفني ويفضّلونه على الهدف .
وقد أشارت رحمها الله إلى هذه النظرة الخاطئة عند الاُدباء بقولها :
« استحال بعض اُدبائنا مع كلّ الأسف إلى مترجمين وناشرين لا أكثر ولا أقل ، أفكارهم غريبة عنهم ، بعيدة عن واقعهم ومجتمعهم ، تستهويهم الصيحة ، وتطريهم النغمة ، وتسكرهم الرشفة ، فيغنّون بأمجاد الأعداء وهم في غفلة ساهون ، ويهلّلون للأفكار السامّة وهم لا يكادون يفقهون منها شيئاً ، قد تشبّعوا بالثقافة الأجنبية التي أدخلها الإستعمار إلى بلادنا منذ عهد بعيد ، وهي التي انحرفت بجيلنا الناشىء ذات اليمين وذات اليسار ،






____________
1 ـ مُلحق صحيفة الجهاد الصادر بتأريخ 20 جمادى الآخرة 1403هـ ، 4 نيسان 1983م .
(96)

وحرصت على تشويه انتاجاتنا الأدبية بكلّ أشكالها ونواحيها ، ومن جراء هذا الفهم الخاطىء للثقافة الدخيلة انتشرفي ربوعنا مفهوم استعماري عدائي موجّه نحونا نحن بنات الإسلام بالذات » (1) .




إذاً فكتابتها للقصة لم تكن عن هواية أو احتراف ، بل لهدف معيّن ، وهو مخاطبة الجيل الناشيء باُسلوب قصصي بسيط ، وإيصال التعاليم الإسلامية إليه وبهذا الاُسلوب ، وقد أشارت الشهيدة رحمها الله إلى هذا المعنى بقولها :
« إنّ تجسيد المفاهيم لوجهة النظر الإسلامية في الحياة هو الهدف من هذه القصص الصغيرة » (2) .



وقالت أيضاً :
« ولهذا فإنّ أيّ فتاة سوف تقرأ في هذه القصص « مجموعة صراع » أحداثاً عاشتها بشكل أو بآخر ، أو تفاعلت معها ، أو مرّت قريباً منها » .



ثم تقول :
« سوف تجد في كلّ قصة الموقف الايجابي الذي تفرضه وجهة النظر الإسلامية في الحياة ، والبون الشاسع بين نظافة هذا الموقف وطهارته وتساميه ، وبين الإنخفاض والإنحطاط الذي تُمثّله وجهات النظر الاُخرى في الحياة » (3) ؟ .




وقالت أيضاً :
« فلستُ قصّاصة ولا كاتبة للقصة ، بل انّي لم أحاول قبل الآن أن أكتب قصة » (4) .


____________
1 ـ مجلّة الأضواء : العدد التاسع للسنة الاُولى ربيع الثاني 1380هـ ، تشرين الأول 1960م .
2 ـ مقدّمة قصة : « صراع من واقع الحياة » .
3 ـ مقدّمة « الفضيلة تنتصر » .
4 ـ مقدّمة « الفضيلة تنتصر » .