الصفحة 23

وفاته ومدفنه:

لم أعثر على مَن حدّد تأريخ وفاته بشكل قطعي، والمتسالم عليه أنّه من أعلام أواخر القرن التاسع ; إذ أنّه في سنة 870 هـ ألّف رسالته جواهر الكلمات(1)، وفي سنة 873 هـ كتبَ بخطّه إجازته لناصر الدين بن إبراهيم البويهي(2)، وفي سنة 878 هـ ألّف كتابه هذا كشف الالتباس(3)، إضافة إلى ذلك كلّه فإنّ الحرّ العاملي قال عنه: كان معاصراً للمحقّق الكركي(4).

فما ذكره السيّد محسن الأمين من أنّه توفّي حدود سنة 900 هـ قريب من الصواب(5).

أمّا قبره: فلعلّ الصحيح أنّه في قرية سلماباد في البحرين، كما ذكره الشيخ علي البلادي(6)، وهناك قولان آخران في قبره:

فالميرزا عبدالله أفندي الاصفهاني نقلاً عن رسالة تحفة الاخوان الفارسية، والشيخ الطهراني نقلاً عن كتاب مشايخ الشيعة، جعلا قبره في هرمز(7).

وإسماعيل باشا البغدادي جعله في الحلّة السيفية(8).

____________

1- الذريعة 5: 279/1307.

2- أعيان الشيعة 10: 133، الذريعة 14: 95.

3- الذريعة 18:20 ـ 21/478.

4- أمل الآمل 2: 324.

5- أعيان الشيعة 10: 133.

6- أنوار البدرين: 76.

7- رياض العلماء 5: 215، طبقات أعلام الشيعة (الضياء اللامع في القرن التاسع): 138.

8- هدّية العارفين 2: 469.


الصفحة 24

الصفحة 25

ابن فهد الحلّي

اسمه ونسبه:

الصحيح من اسمه ونسبه هو: جمال الدين أبو العباس أحمد بن شمس الدين محمّد بن فهد الأسدي الحلّي(1).

فنسبته إلى فهد هي نسبة إلى الجدّ لا الأب، كما حصل هذا لبعض علمائنا الأعلام، كالمحقّق الكركي حيث نسبوه إلى جدّه عبد العالي لا إلى أبيه الحسين.

وقد يشتبه على بعض ابن فهد هذا بابن فهد آخر، هو العلاّمة شهاب الدين أحمد بن فهد بن حسن بن إدريس الأحسائي. وسبب الاشتباه ناشىء من اتّحادهما في الاسم، والنسبة إلى فهد، وتقارب عصرهما، واتّحاد بعض مشايخهما، ولكلٍّ منهما شرح على إرشاد العلاّمة(2).

مولده ونشأته ومكانته العلمية:

ولد المترجَم له سنة 757 هـ في مدينة الحلّة في العراق، وبها ترعرع، وتتلمذ على يد أساتذة قديرين، حتى أصبح أحد أبرز المدرّسين في المدرسة العلميّة المعروفة آنذاك بالزينبية. ثم رحل عن الحلّة وسكن مدينة كربلاء المقدّسة، وبقي فيها مشغولاً بالتدريس والتأليف وترويج مذهب أهل

____________

1- رياض العلماء 1: 64، رجال السيّد بحر العلوم 2: 107، روضات الجنّات 1: 7، الذريعة 23: 248/8840.

2- رياض العلماء 1: 55، روضات الجنّات 1: 75.


الصفحة 26
البيت (عليهم السلام) إلى أن وافاه الأجل فيها(1).

وممّا يدلّ على مكانته العلميّة المرموقة تآليفه القيّمة التي كتبها في مختلف العلوم الإسلامية، وما قاله العلماء وأصحاب التراجم والسير من كلمات مضيئة في حقّه، والعدد الكبير من أساتذته الذين ارتوى من فيض علمهم، وتلامذته الذين تخرّجوا من مدرسته المباركة، وستأتي الإشارة إلى كلّ ذلك قريباً إن شاء الله.

فقد جمع ابن فهد ـ(رحمه الله) ـ بين المعقول والمنقول، وجاهد بلسانه وقلمه عن المذهب الحقّ. ومناقشته مع علماء العامّة في زمن الميرزا اسپند التركماني في الإمامة خير دليل وشاهد على ذلك، حيث حصلت هذه المناظرة سنة 840 هـ عند ظهور السيّد محمّد بن فلاح أوّل سلاطين آل مشعشع، وكان الميرزا اسپند والياً من قِبَله على بغداد ونواحيها، فتصدّى ابن فهد لإثبات مذهبه وإبطال مذاهب العامّة، واستطاع أن يغلب علماء العراق، ويُقيم الحُجج الدامغة على أحقّيّة مذهب أهل البيت (عليهم السلام)، فغيّر الميرزا اسپند مذهبه، وخطب باسم أمير المؤمنين وأولاده الأئمة (عليهم السلام)(2).

مؤلّفاته:

لابن فهد الحلّي عدّة مؤلّفات، وفي مختلف العلوم الإسلامية، نذكر أسماء ما تعرّفنا عليه دون التعرّض لماهيّاتها وأهمّيتها وتعيين المطبوع منها والمخطوط:

____________

1- رجال السيّد بحر العلوم 2: 111.

2- رجال السيّد بحر العلوم 2: 109 ـ 110، روضات الجنّات 1: 73، تكملة الرجال: 144، مجالس المؤمنين 1: 579 ـ 580 و2: 370.


الصفحة 27
1 ـ الأدعية والختوم(1).

2 ـ استخراج الحوادث(2).

3 ـ تأريخ الأئمّة(3).

4 ـ التحصين في صفات العارفين من العزلة والخمول(4).

5 ـ التواريخ الشرعية عن الأئمّة المهديّة(5).

6 ـ جوابات المسائل البحرانية(6).

7 ـ جوابات المسائل الشامية الاُولى(7).

8 ـ جوابات المسائل الشامية الثانية(8).

9 ـ الخلل في الصلاة(9).

10 ـ الدر الفريد في التوحيد(10).

11 ـ الدر النضيد في فقه الصلاة(11).

12 ـ رسالة في تعقيبات الصلاة(12).

13 ـ رسالة في معاني أفعال الصلاة وترجمة أذكارها(13).

____________

1- الذريعة 1: 393.

2- الذريعة 2: 21.

3- الذريعة 3: 214.

4- الذريعة 3: 398.

5- الذريعة 4: 475.

6- الذريعة 5: 215.

7 و 8) الذريعة 5: 223.

9- الذريعة 7: 247.

10- الذريعة 8: 68 ـ 69، رياض العلماء 1: 65، لؤلؤة البحرين: 157.

11- الذريعة 8: 80، روضات الجنّات 1: 73.

12- رياض العلماء 1: 66.

13- رياض العلماء 1: 65.


الصفحة 28
14 ـ رسالة وجيزة في واجبات الحجّ(1).

15 ـ رسالة في منافيات نيّة الحجّ(2).

16 ـ رسالة مختصرة في واجبات الصلاة(3).

17 ـ رسالة إلى أهل الجزائر(4).

18 ـ رسالة في تحمّل العبادة عن الغير(5).

19 ـ رسالة في السهو في الصلاة(6).

20 ـ رسالة في العبادات الخمس(7).

21 ـ رسالة في كثير الشك(8).

22 ـ رسالة في فضل الجماعة(9).

23 ـ السؤال والجواب في الفقه(10).

24 ـ شرح الإرشاد(11).

25 ـ شرح الألفيّة(12).

____________

1- الذريعة 22: 255.

2- روضات الجنّات 1: 72.

3- رياض العلماء 1: 66.

4- الذريعة 11: 108.

5- الذريعة 11: 140.

6- الذريعة 12: 266.

7- روضات الجنّات 1: 72.

8- الذريعة 17: 283.

9- الذريعة 16: 266.

10- الذريعة 12: 242.

11- رجال السيّد بحر العلوم 2: 110، روضات الجنّات 1: 72.

12- أمل الآمل 2: 21، روضات الجنّات 1: 72.


الصفحة 29
26 ـ عدّة الداعي ونجاح الساعي(1).

27 ـ غاية الإيجاز لخائف الاعواز(2).

28 ـ فتاوى الشيخ أبي العباس(3).

29 ـ الفصول في التعقيبات والدعوات(4).

30 ـ كفاية المحتاج في مناسك الحاج(5).

31 ـ اللمعة الجليّة في معرفة النيّة(6).

32 ـ اللوامع(7).

33 ـ المحرّر في الفتوى(8).

34 ـ مصباح المبتدي وهداية المقتدي(9).

35 ـ المقتصر من شرح المختصر(10).

36 ـ المقدّمات(11).

37 ـ المهذّب البارع في شرح المختصر النافع(12).

38 ـ الموجز الحاوي لتحرير الفتاوي. ويأتي الكلام عنه.

____________

1- رجال السيّد بحر العلوم 2: 107، رياض العلماء 1: 65.

2- رجال السيّد بحر العلوم 2: 110، الذريعة 16: 9.

3- رياض العلماء 1: 66، الذريعة 16: 101.

4- روضات الجنّات 1: 73، الذريعة 16: 242.

5- الذريعة 18: 350.

6 و 7) الذريعة 18: 358.

8- أمل الآمل 2: 21، الذريعة 20: 148.

9- رجال السيّد بحر العلوم 2: 110.

10- أمل الآمل 2: 21، الذريعة 22: 18 ـ 20.

11- الذريعة 22: 25.

12- أمل الآمل 2: 21، رياض العلماء 1: 65.


الصفحة 30
39 ـ نبذة الباغي فيما لا بُدّ منه من آداب الداعي(1).

40 ـ الهداية في فقه الصلاة(2).

أساتذته وشيوخه:

تتلمّذ ابن فهد على يد عدّة من الأساتذة وكبار العلماء، وروى بالقراءة والإجازة عن جملة من تلاميذ الشهيد وفخر المحقّقين، منهم:

1 ـ الشيخ أحمد بن عبدالله بن المتوّج البحراني، نسبَ رواية المترجَم له عنه السيّد محسن الأمين، والشيخ الطهراني(3).

وقال الميرزا عبدالله أفندي الاصفهاني: إنّ الذي يروي عنه هو الشيخ شهاب الدين أحمد بن فهد بن إدريس الأحسائي(4).

ولا يبعد رواية الشخصين عنه، وقد بيّنا سابقاً أوجه الشبه بينهما.

2 ـ الشيخ جلال الدين عبدالله بن شرفشاه، عدّه الشيخ الطهراني من مشايخ ابن فهد(5).

3 ـ الشيخ زين الدين علي بن الحسن بن محمّد الخازن الحائري، أجاز المترجَم له بإجازة مفصّلة، ذكرها العلاّمة المجلسي في بحاره(6).

4 ـ السيّد علي بن عبد الحميد النسّابة الحسيني النجفي، وإجازته لابن

____________

1- رياض العلماء 1: 65.

2- الذريعة 25: 164.

3- أعيان الشيعة 3: 147، طبقات أعلام الشيعة (الضياء اللامع في القرن التاسع): 9.

4- رياض العلماء 4: 44.

5- طبقات أعلام الشيعة (الضياء اللامع في القرن التاسع): 10.

6- بحار الأنوار 107: 217.


الصفحة 31
فهد مشار إليها في كتاب المهذّب البارع(1).

5 ـ الشيخ علي بن عبد الحميد النيلي الحائري، أجازه في العشرين من جمادى الآخرة سنة إحدى وتسعين وسبعمائة، وذكرها العلاّمة المجلسي في بحاره(2).

6 ـ الشيخ علي بن محمّد بن مكي الجزيني العاملي، ابن الشهيد، أجازه برواية مصنّفات والده في الحادي عشر من سنة أربع وعشرين وثمانمائة(3).

7 ـ الشيخ علي بن يوسف بن عبدالجليل النيلي، عدّه الميرزا عبدالله أفندي الاصفهاني من مشايخ ابن فهد(4).

8 ـ الشيخ المقداد بن عبد الله السيوري، عدّه السيّد محسن الأمين والشيخ الطهراني من مشايخ ابن فهد(5).

تلامذته والراوون عنه:

تتلمذ على يده نخبة من العلماء، واستجاز منه عدد غير قليل من معاصريه وتلامذته، منهم:

1 ـ الشيخ أحمد بن محمّد السبعي، وهو الذي جمع فتاوى شيخه واُستاذه ابن فهد(6).

2 ـ الشيخ حسن بن الحسين الجزائري، وله إجازة منه، أشار إليها ابن أبي

____________

1- المهذّب البارع 1: 194.

2- بحار الأنوار 107: 215.

3- رياض العلماء 1: 64.

4- رياض العلماء 1: 66 و4: 294.

5- أعيان الشيعة 3: 147، طبقات أعلام الشيعة (الضياء اللامع في القرن التاسع): 9.

6- رياض العلماء 1: 66، الذريعة 16: 101.


الصفحة 32
جمهور الأحسائي في العوالي(1).

3 ـ الشيخ حسن بن علي بن أحمد، الشهير بابن عشرة العاملي، ذكر إجازته الحرّ العاملي في أمل الآمل(2)، وتبعه في ذلك السيّد الخوانساري في الروضات(3)، واستشكل فيها الشيخ البحراني في اللؤلؤة(4).

4 ـ الشيخ حسين، المعروف بابن راشد القطيفي، ذكر إجازته ابن أبي جمهور الأحسائي في العوالي(5)، وتبعه في ذلك الميرزا عبدالله أفندي الاصفهاني في الرياض(6).

5 ـ الشيخ عبد السميع بن فيّاض الأسدي الحلّي، عدّه الميرزا عبدالله أفندي الاصفهاني من كبار تلامذة ابن فهد(7)، وتبعه في ذلك السيّد الخوانساري والسيّد محسن الأمين(8).

6 ـ السيّد عبد الملك بن إسحاق القمّي، ذكر إجازته ابن أبي جمهور الأحسائي في العوالي(9).

7 ـ الشيخ علي بن فضل بن هيكل، ذكر إجازته السيّد محسن الأمين(10).

8 ـ الشيخ علي بن محمّد الطائي، ذكر إجازته السيّد محسن الأمين(11)،

____________

1- عوالي اللآلي 1: 9.

2- أمل الآمل 2: 75.

3- روضات الجنّات 1: 73.

4- لؤلؤة البحرين: 169.

5- عوالي اللآلي 1: 8.

6- رياض العلماء 1: 66.

7- رياض العلماء 3: 121.

8- روضات الجنّات 1: 73، أعيان الشيعة 3: 148.

9- عوالي اللآلي 1: 9.

10 و 11) أعيان الشيعة 3: 148.


الصفحة 33
وقال عنه الميرزا عبدالله أفندي الاصفهاني: كان من المعاصرين لابن فهد، ومدح كتابه المهذّب، وله قصيدة في رثائه، ولم يظهر منه أنّه كان من تلامذته كما توهّم(1).

9 ـ الشيخ علي بن هلال الجزائري، ذكره الشيخ الحرّ العاملي، والشيخ البحراني، والسيّد الخوانساري(2)، وقال الميرزا عبدالله أفندي الاصفهاني: ويروي عن ابن فهد الحلّي(3).

10 ـ السيّد محمّد بن فلاح بن محمّد الموسوي الحويزي، ذكر إجازته السيّد الخوانساري، والسيّد محسن الأمين(4).

11 ـ السيّد نور بخش، ذكر إجازته الشيخ أسد الله الدزفولي، والسيّد محسن الأمين(5).

12 ـ الشيخ مفلح بن الحسن الصيمري، وقد تقدّم الكلام في أنّه تلميذ ابن فهد ومجاز منه.

إطراء العلماء له:

مدحه وأطراه كلّ مَنْ ذكره وترجَم له من المؤلّفين وأصحاب السير، منهم:

____________

1- رياض العلماء 4: 158.

2- أمل الآمل 2: 210، لؤلؤة البحرين: 157، روضات الجنّات 1: 73.

3- رياض العلماء 4: 281.

4- روضات الجنّات 1: 73، أعيان الشيعة 3: 148.

5- مقابس الأنوار: 14، أعيان الشيعة 3: 148.


الصفحة 34
1 ـ ابن أبي جمهور الأحسائي، حيث قال: الشيخ الكامل الفاضل، خاتمة المجتهدين(1).

2 ـ الحرّ العاملي، قال: فاضل، عالم، ثقة، صالح، زاهد، عابد، ورع، جليل القدر(2).

3 ـ العلاّمة المجلسي، قال: الشيخ الزاهد العارف ـ إلى أن قال ـ: وكُتب الفاضلين الجليلين العلاّمة وابن فهد ـ قدّس الله روحهما ـ في الاشتهار والاعتبار كمؤلّفيها(3).

4 ـ الميرزا عبدالله أفندي الاصفهاني، قال: الفاضل، العالم، العلاّمة، الفهّامة، الثقة الجليل، الزاهد، العابد، الورع، العظيم القدر(4).

5 ـ الشيخ يوسف البحراني، قال: فاضل، فقيه، مجتهد، زاهد، عابد، ورع، تقي، نقي(5).

6 ـ الشيخ أسد الله الدزفولي، قال: الشيخ الأفخر، الأجلّ، الأوحد، الأكمل، الأسعد، ضياء المسلمين، برهان المؤمنين، قدوة الموحّدين، فارس مضمار المناظرة مع المخالفين والمعاندين، اُسوة العابدين، نادرة العارفين والزاهدين(6).

7 ـ السيّد الخوانساري، قال: الشيخ العالم، العامل، العارف الملي، وكاشف أسرار الفضائل بالفهم الجلي ـ إلى أن قال ـ: له من الاشتهار بالفضل والإتقان، والذوق والعرفان، والزهد والأخلاق، والخوف والإشفاق، وغير

____________

1- عوالي اللآلي 3: 7.

2- أمل الآمل 2: 21.

3- بحار الأنوار 1: 17.

4- رياض العلماء 1: 64.

5- لؤلؤة البحرين: 156.

6- مقابس الأنوار: 14.


الصفحة 35
اُولئك من جميل السياق ما يكفينا مؤونة التعريف، ويغنينا عن مرارة التوصيف. وقد جمع بين المعقول والمنقول، والفروع والاُصول، والقشر واللب، واللفظ والمعنى، والظاهر والباطن، والعلم والعمل بأحسن ما كان يجمع ويكمل(1).

8 ـ المحدّث النوري، قال: صاحب المقامات العالية في العلم والعمل، والخصال النفسانية التي لا توجد إلاّ في الأقلّ(2).

9 ـ الشيخ عباس القمّي، قال: الشيخ الأجلّ الثقة، الفقيه، الزاهد، العالم، العابد، الصالح، الورع، التقي، صاحب المقامات العالية والمصنّفات الفائقة(3).

وفاته ومدفنه:

اتّفقت المصادر على أنّ وفاة ابن فهد الحلّي كانت سنة 841 هـ في مدينة كربلاء المقدّسة(4)، ودفن فيها بالقرب من مخيّم سيّد الشهداء الإمام الحسين (عليه السلام) في بستان هناك تُسمّيه العامّة بستان ابن فهد، وقبره مزار يتبرّك به وعليه قُبّة(5).

وفي هامش رجال السيّد بحر العلوم: وكان قبر ابن فهد وسط بستان بجنب المكان المعروف بالمخيّم، وعليه قُبّة مبنيّة بالقاشي. وقد جُدّد بناؤه في عصرنا، وفتح بجنبه شارع باسمه، وبُنيت حوله دور ومساكن، وفي الأخير وقع قبره الشريف في رصيف الشارع المذكور(6).

____________

1- روضات الجنّات 1: 71.

2- مستدرك الوسائل (الخاتمة) 3: 434.

3- الكنى والألقاب 1: 380.

4- رجال السيّد بحر العلوم 2: 111، رياض العلماء 1: 66، روضات الجنّات 1: 74، لؤلؤة البحرين: 157.

5- أعيان الشيعة 3: 147.

6- رجال السيّد بحر العلوم 2: 111.


الصفحة 36

الصفحة 37

الموجز الحاوي لتحرير الفتاوي

من أجل معرفة ماهيّة هذه الرسالة وأهمّيتها، والاطّلاع على منهج مصنّفها فيها، لا بُدَّ من الوقوف على عدّة نقاط:

الاُولى:

لا يوجد أيّ شكّ ولا إشكال في نسبة الرسالة لابن فهد الحلّي، حيث نسبها إليه كلّ مَنْ ترجَم له وذكر مصنّفاته، كالحرّ العاملي(1)، والشيخ سليمان الماحوزي(2)، والسيّد بحر العلوم، والميرزا عبدالله أفندي الاصفهاني، والسيّد الخوانساري، والشيخ عباس القمّي، والشيخ الطهراني، والسيد محسن الأمين، وإسماعيل باشا البغدادي(3).

الثانية:

لم يكمّل ابن فهد تأليف رسالته هذه، حيث قرّر أن يضعها في أربع قواعد، إلاّ أنّه استطاع كتابة قاعدة واحدة، وهي العبادات.

وفي كتاب الزكاة قرّر أن يضعه في ثلاثة أبواب، فكتب باباً واحداً، وهو زكاة المال.

فهذه الرسالة تحتوي على ثلاثة كتب: الطهارة، الصلاة، الزكاة، وكلّ كتاب منها يقع في عدّة أبواب، فالطهارة في ثلاثة أبواب، والصلاة في أربعة أبواب، والموجود من الزكاة باب واحد فقط. وكلّ باب منها يتفرّع إلى عدّة

____________

1- أمل الآمل 2: 324.

2- حكاه عنه في أنوار البدرين: 75.

3- رجال السيّد بحر العلوم 2: 110، رياض العلماء 5: 215، روضات الجنّات 7: 168، فوائد الرضوية: 666، الذريعة 9/3: 1086/7029 و18: 20 ـ 21/478 و23: 248/8840، طبقات أعلام الشيعة (الضياء اللامع في القرن التاسع): 138، أعيان الشيعة 10: 133، هديّة العارفين 2: 469.


الصفحة 38
فصول وأقسام.

الثالثة:

الصفة البارزة في هذه الرسالة والطاغية عليها هي الإيجاز، كما أراده مصنّفها، فهو اسم على مُسمّى، بل بحقّ موجز يحتوي على الكثير من الدقائق العلميّة. فكلّ كلمة منه عبارة عن رمز لحكم شرعي، بل لغز تحيّر العلماء في حلّه، وكأنّ مصنّفه كتبهُ مُتحدّياً في فكّ غوامضه ومعرفة أسراره.

وقد أشار شارحه الشيخ مفلح الصيمري إلى ذلك في مقدّمة كتابه قائلاً: قد بلغ في الإيجاز إلى حدّ الالغاز، وحاز في البلاغة مرتبة الاعجاز، فلا يبلغ الناظر فيه مآربه ; لعظيم إيجازه، ولا يدرك الطالب مطالبه ; لخفاء ألغازه، وهو مع شدّة الالتباس متداول بين الناس، فأحببتُ أن أعمل له شرحاً كاشفاً لِما وُري من دقائقه، مُظهراً لِما خفي من حقائقه، مُوضّحاً لما اُبهم من ضمائره، مُعرباً لِما استعجم عن سرائره ; لتعظم فائدته، وتعمّ منفعتهُ، راجياً من الله جزيل الثواب وانتفاع الطلاّب.

وفي القصائد الشعرية الأربع ـ التي أثبتناها في نهاية هذه المقدّمة ـ صرّح ناظموها بإيجاز هذه الرسالة وبلاغتها، وجعلوها من باب اللغز والرمز.

الرابعة:

للموجز الحاوي نُسخ خطيّة كثيرة، نذكر بعضها:

نسختان في المكتبة الرضوية في مدينة مشهد المقدّسة، مذكورتان في (فهرست الفبائى كتب خطى): 569، الاُولى برقم 8028 مكتوبة بخطّ النسخ، وبدون تأريخ، والثانية برقم 14586، كتبها بخط النسخ محمد إسماعيل في سنة 1294 هـ.

ونسخة في مجلس الشورى الإسلامي في طهران، ضمن المجموعة المرقمة 2750، مذكورة في فهرس مخطوطات المكتبة 9: 124، تأريخ كتابتها سنة 822 هـ.

ونسخة في مكتبة وزيري في مدينة يزد،ضمن المجموعة المرقمة

الصفحة 39
949،مذكورة في فهرس مخطوطات المكتبة 2:779،تأريخ كتابتها سنة977 هـ.

ونسخة في مكتبة جامع گوهرشاد في مدينة مشهد المقدّسة، برقم 947، مذكورة في فهرس مخطوطات المكتبة: 420، تأريخ كتابتها سنة 993 هـ.

ونسخة في مكتبة السيد الگلپايگاني (رحمه الله) في مدينة قم المقدّسة، ضمن المجموعة المرقمة 682، مذكورة في فهرس مخطوطات المكتبة 2: 201، تأريخ كتابتها في القرن العاشر أو الحادي عشر.

ونسختان في مكتبة جامعة طهران: الاُولى ضمن المجموعة المرقمة 1476، مذكورة في فهرس مخطوطات المكتبة 8: 128، والثانية ضمن المجموعة المرقمة 5396، مذكورة في فهرس مخطوطة المكتبة 15: 4237.

ونسخة في المكتبة المرعشية ضمن المجموعة المرقمة 5601، ويأتي وصفها قريباً.

الخامسة:

طُبعت هذه الرسالة سنة 1409 هـ ضمن الرسائل العشر لابن فهد، نشرتها المكتبة العامّة لسماحة آية الله العظمى السيّد المرعشي النجفي رضوان الله تعالى عليه، في مدينة قم المقدّسة.

ولم يكن تحقيق هذه الرسالة ضمن برنامجنا في إحياء هذا الكتاب الجليل، بل قررّنا أوّلاً الاعتماد على هذه الطبعة المحقّقة، ووضعها في أعلى صفحات الكتاب.

أمّا لماذا أعدنا تحقيقها؟

فالجواب هو: أنّنا ومن أجل ضبط نصّ الكتاب والتأكّد من صحّة كلماته، كان علينا أن نراجع المتن "الموجز" كثيراً، وعند المراجعة وقفنا على أخطاء كثيرة غيّرت مقصود ابن فهد، بل أضاعت فتاواه وآراءه، فقمنا بتصوير النسخة الخطيّة له المحفوظة في المكتبة المرعشية العامّة ضمن المجموعة المرقمة 5601 والمذكورة في فهرس مخطوطاتها 15: 4 والتي اعتمد عليها محقّقها،