لقاء وكالة أنباء الحوزة حول سفر لبنان وسوريا (رجب 1437)

أجرت الوكالة الرسميّة للحوزة العلميّة لقاءً مع سماحة الشيخ الحسّون، شرح فيها أهداف السفرة ونتائجها، إذ قال:

سفر ممثّل سماحة آية الله العظمى السيد السيستاني إلى لبنان
من لقاء قادة جميع القبائل وحتى التواجد على حدود فلسطين المحتلة

أشار حجة الإسلام والمسلمين الشيخ محمّد الحسون من مرافقي حجة الإسلام والمسلمين السيد جواد الشهرستاني خلال زيارته إلى لبنان، أشار في لقاء له مع وكالة أنباء الحوزة إلى أبعاد هذه الرحلة، وعدَّ التضامن والتعاطف من أهم معطياتها. 
وفقاً لقسم الشؤون الدولية في وكالة أنباء الحوزة، فقد سافر سماحة حجة الإسلام والمسلمين السيد الجواد الشهرستاني الممثّل العام لسماحة آية الله العظمى السيد السيستاني برفقة الوفد المرافق له مؤخراً إلى لبنان، والتقى بالشخصيات الدينية، الثقافية والسياسية في البلاد، وتبادل الحديث معهم.
كان حجة الإسلام والمسلمين الشيخ محمد الحسون مدير مركز الأبحاث العقائدية (التابع لمكتب سماحة السيد السيستاني) من الحاضرين في هذه الرحلة التي استغرقت أسبوعاً واحداً.
وقد أشار سماحته في مقابلة حصرية مع وكالة أنباء الحوزة إلى أبعاد هذه الرحلة، وعدَّ التضامن والتعاطف من أهم معطياتها. ونثبت هنا رواية الشيخ الحسون حول رحلة ممثّل سماحة آية الله السيستاني إلى لبنان:
لسماحة السيد الشهرستاني الكثير من الرحلات الداخلية والخارجية، ففي كل شهر أو شهرين له سفرة واحدة على أقل تقدير، والهدف الرئيسي من هذه السفرات هو التواصل مع العلماء والشخصيّات الدينية من المسلمين وغيرهم، وكذلك التواصل المباشر مع المؤمنين ودراسة احتياجاتهم، كما أنّ سماحة السيد الشهرستاني وضمن إبلاغ تحيّات سماحة السيد السيستاني يسعى في تلبية احتياجات الناس، وعلى وجه الخصوص، أنّه - وبصرف النظر عن الأجواء الرسمية - يجلس مع الناس في جوٍّ حميمٍّ ويتحدّث معهم، كما هنالك الاجتماعات مع العلماء والمسؤولين.
سافر السيد الشهرستاني إلى لبنان قبل حوالي ثمان سنوات لآخر مرّة، وكان قد ذهب إلى بيروت لافتتاح مجمّع الإمام الصادق (عليه السلام) الثقافي، وقد استغرقت هذه الرحلة الأخيرة ثمانية أيام، أي: أنّنا وصلنا مطار بيروت في الساعة الثامنة من صباح يوم الاثنين، وكنّا قد بدأنا رحلتنا في الساعة الثالثة بعد منتصف الليل من مدينة قم المقدّسة، وكانت عودتنا من بيروت يوم الاثنين المقبل، الساعة الثانية من يوم الثلاثاء عند وصولنا لمدينة قم المقدّسة.

برامج مكثفة من الفجر حتى منتصف الليل
كانت برامج سماحته مكثّفة، تبدأ صباحاً بعد الصلاة وتستمر حتى الساعة الحادية عشرة وأحياناً الثانية عشرة ليلاً، كان لنا في كلِّ يوم أكثر من عشرة لقاءات وزيارات للمراكز والعلماء والمساجد، وبالخصوص فقد كان يستغرق المرور من مركز لمركز آخر فترة طويلة في بعض الأحيان.
في الواقع، كان لهذه الرحلة ثلاثة أهداف؛ أولاها زيارة المراكز العلمية، الثقافية، الحوزات العلمية، مزارات الصالحين، واللقاء بالشخصيّات. والأخرى اللقاء بالناس بحيث كان للسيد الشهرستاني لقاءات عامّة مع الناس لثلاثة أيام في لبنان، وانتهت بالثالثة، وهي الرحلة لسوريا وزيارة مرقدي السيدة زينب والسيدة رقية عليهما السلام.
عندما وصلنا صباحاً إلى مطار بيروت كان الترحيب بسماحته رفيعاً. حضر هناك بعض العلماء والقضاة، وعدد من ممثّلي حزب الله وحركة أمل، ومفتي السنة والمسيحيين من مختلف الطوائف.
وقدمت تلك الشخصيات ظهراً لزيارة السيد الشهرستاني في مجمّع الإمام الصادق (عليه السلام)، فعلى سبيل المثال قدم الزعيم الروحي للدروز، مسؤول الكنيسة، سفير إيران وسفير العراق، مفتي أهل السنة وغيرهم، وحصلت هنالك لقاءات جيدة، ومواصلة لمجريات الرحلة ردّ سماحته الزيارة لمن كان قد جاء لزيارته، وذهبنا لمدن وحتى لمختلف القرى في لبنان أحياناً. وقد حصلت لقاءات جيدة في هذه الزيارات، ومنها اللقاء التفصيلي العلمي مع الشيخ عبد الأمير قبلان نائب رئيس المجلس الأعلى للشيعة في لبنان. كما قدم سماحته لعيادة الشيخ حسن طراد من علماء لبنان، وهو شاعر وأديب، وله العشرات من التآليف، وحصل لقاء جيد بين السيد الشهرستاني وسماحة السيد جعفر مرتضى العاملي. وأيضاً كانت له اجتماعات مع كلٍّ من السيد علي مكي الدمشقي الذي كان يعيش سابقاً في دمشق وهو في بيروت حالياً، وكذلك الشيخ عفيف النابلسي في صيدا، والشيخ عبد الحسين صادق في النبطيّة، وأيضاً الشيخ محمّد يزبك ممثّل قائد الجمهورية الإسلامية الشرعي في لبنان. كما كان من بين برامج سماحته زيارة مدينة صور واللقاء بالسيدة رباب الصدر (أخت الإمام موسى الصدر) وزيارة مؤسسة الإمام الصدر، وهي مؤسسة كبيرة ولديها الكثير من الأنشطة. كانت السيدة رباب الصدر ونجلاها حاضرين في ذلك الاجتماع.
كانت البرامج مكثّفة جداً، وحتى أنّ وجبات الطعام كانت تُعدُّ بكيفية يتمّ خلالها عقد اجتماع واحد أو أكثر. لم يعلم الكثير من الناس أنّ السيد الشهرستاني يأتي إلى لبنان، وبعد أن علموا دعوه وأصرّوا على ذلك، لكن الوقت لم يسمح.
في هذه الرحلة التي استغرقت أسبوعاً واحداً، كنّا في سوريا ليوم واحد، وفي جنوب لبنان ليومين، ويوم في بعلبك وصيدا، والباقي في بيروت.

إشادة مفتي الجمهورية اللبنانية بمواقف آية الله السيستاني
كانت زيارة دار الإفتاء لأهل السنة من البرامج المثيرة للاهتمام في هذه الرحلة، أشاد الشيخ دريان مفتي أهل السنة في لبنان في ذلك اللقاء بمواقف سماحة آية الله السيستاني بشدّة. أينما ذهبنا كنا نسمع عن السيد السيستاني على أنّه الشخصية التي يتمّ من قِبَلها الحفاظ على الأمن في العراق.
وكان من أبرز نقاط هذه الزيارات والاجتماعات التأكيد على الوحدة عند آية الله السيستاني من حيث الروح والآداب، وتمّ التأكيد على أنّ نهج أهل البيت (عليهم السلام) هو ذلك النهج، والذي يلتزم به جميع علمائنا في قم المقدّسة والنجف الأشرف.
كان السيد الشهرستاني يؤكِّد في لقاءاته على أنّ آية الله السيستاني لا يرى السب والشتم أمراً صحيحاً، وخاصة أنّ آية الله الوحيد هو الآخر قد اتّخذ مؤخّراً موقفاً في هذا الصدد. وبشكلٍ عامٍ فإنّ نهج علمائنا هو احترام الآخرين. عند حضور السيد الشهرستاني في لبنان التقى به كذلك أكبر شخصيات الطوائف والديانات المختلفة، ويعود السرّ في هذه اللقاءات إلى ذاك الموقف الوحدوي. وفي الأساس إنّ اجتماع الجميع من ذوي الأفكار والديانات المختلفة في مكان واحد يُعدُّ من ميّزات هذه الرحلة.
كما عقد المجلس الشيعي الأعلى في لبنان جلسة تفصيلية حضرها معظم كبار الشخصيات الشيعية، السنية والمسيحية اللبنانية، وكان لمفتي أهل السنة والزعيم الروحي للدروز كلمة جيّدة في ذلك الاجتماع.
كما كانت لنا زيارة لمجتمع الزهراء (عليها السلام) في بيروت، والذي يدار من قِبَل سماحة الشيخ علي دعموش.

الاجتماع بالسيد حسن نصر الله
كان اللقاء بالأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله من البرامج الخاصّة لهذه الرحلة، وقد تبادلا الحديث في هذا اللقاء حول الوضع في المنطقة، وخاصّة في ما يرتبط بقضايا العراق واليمن ومناقشة الوضع العام للمسلمين. كما حضر اللقاء كلٌ من السيد علي رضا الحائري صهر الشيخ المشكيني، السيد حيدر الحكيم نجل الشهيد السيد محمّد باقر الحكيم، والحاج حامد الخفاف مدير مكتب سماحة السيد السيستاني في بيروت.
سياسياً، كانت هناك دعوة وتكريم من قبل رئيس مجلس النواب اللبناني الأستاذ نبيه بري، وتمّ عقد الاجتماع في مكتبه الشخصي، وكان قد حضر في هذا الاجتماع سفراء إيران والعراق والمسؤولون والقادة من مختلف الأطياف والمنظمات، وقال السيد نبيه بري في هذا الاجتماع: إنّي أرى نفسي محتاجاً لتعاليم آية الله السيستاني، وتمّ بثّ هذا الاجتماع على الهواء مباشرة على شاشة التلفزيون التابع لحركة أمل.
كما تمّت الدعوة من قبل سفارتي إيران والعراق في بيروت، وأقامت جامعة المصطفى في بيروت حفلاً هي الأخرى، وأيضاً كان لنا لقاء مع السيد الحسيني، الرئيس السابق لمجلس النواب اللبناني.

زيارة المراقد والأماكن المقدسة في لبنان
وبطبيعة الحال قمنا بزيارة بعض مراقد العلماء والصالحين في لبنان، ومنها مرقد السيدة خولة بنت الحسين (عليه السلام) في بعلبك. 
وزرنا مرقد النبي شمعون (عليه السلام)، وكذلك مرقد بنيامين ابن النبي يعقوب وأخي النبي يوسف (عليهما السلام) في مدينة بنت جبيل، ومقام أبي ذر الغفاري في قرية ميس الجبل، تعلمون أنّ أبا ذر هو الذي قام بنشر الفكر الشيعي، وغرس بذور الشيعة في لبنان. يوجد مكان للصلاة ومحراب في مقام أبي ذر، ويأتي الناس إلى هناك. وأيضاً ذهبنا إلى مرقد الشيخ إبراهيم ابن المحقق الميسي المتوفى عام 945 هـ ، ومرقدي صاحب المعالم وصاحب المدارك، القبور التي كانت قد شُيِّدت من قِبَل السيد الشهرستاني سابقاً. كما جلس السيد الشهرستاني في هذه الزيارات مع الناس عدّة مرّات، وتبادل معهم الحديث ودّيّاً، وبحث احتياجات الناس والحوزة.
وقمنا أيضاً بزيارة قرية قانا في هذه الرحلة، وهي من القرى الواقعة في الجنوب الشرقي من مدينة صور في جنوب لبنان، وكانت القوات الصهيونية قد أمطرت الأبرياء بالصواريخ هناك.

التواجد على حدود فلسطين المحتلة
كما ذهبنا إلى منطقة مليتا. ومليتا جبل يقرب الإسرائيليين، وقد قاوم شباب حزب الله تحت هذا الجبل لسنوات، وكانت القوات الإسرائيلية قد حاولت أخذ هذا الجبل والتلال ولكنها فشلت في ذلك. يوجد في مليتا نفق حفره شباب حزب الله بأنفسهم، وكان المجاهدون في هذا النفق لسنوات وهم يقاومون الإسرائيليين. وقد ذكر لنا المسؤول هناك ذكريات جميلة عن مقاومة المجاهدين.
كما زرنا ميس الجبل الواقعة على المنطقة الحدودية مع فلسطين المحتلة، كنّا نرى بيوتهم، ولم تكن المسافة بيننا وبين السيارات الصهيوينة التي كانت تسير في الشوارع سوى عدّة أمتار، كنا قد ذهبنا إلى نقطة الصفر الحدودية. ومن الطبيعي كان ذلك خطراً، ولكن - الحمد لله - ذهبنا ولم يكن ذلك صعباً، بل كان لافتاً للغاية.

الهدايا التي قدّمها السيد الشهرستاني للشخصيّات
إلى أيِّ مكان كان يذهب السيد الشهرستاني كان يقدِّم عدّة هدايا إلى الناس والشخصيّات ؛ إحدى تلك الهدايا هو القرآن الكريم بطباعة رائعة بخط المستعصمي، والأخرى واحدة من أقدم نسخ نهج البلاغة، ولوحة منقوشة بالآيات القرآنية. كما كان يهدي للبعض خواتم من الدرّ النجفي.

معطيات هذه السفرة بين اللبنانيين
أعتقد أنّ من المعطيات المؤثّرة في هذه الرحلة كانت التقارب بين الشيعة أنفسهم بالدرجة الأولى، والتقارب بين المسلمين ثانياً، وبين أتباع مختلف الديانات والمذاهب بالدرجة الثالثة. أن تُصِرَّ جميع الشخصيات في دعوة سماحة السيد الشهرستاني أو زيارته لمراكزهم ومساجدهم حتى لخمس دقائق، فهو دالٌ على مركزيّة الحوزة العلمية والمرجعية الدينية ومدى مقبوليتها عند المسلمين وغير المسلمين. حتى أنّ البعض اقترحوا تمديد الرحلة لأسبوع آخر كي يتمكّنوا من زيارة باقي الشخصيات العلمية والمؤسسات، إلا أنّ البرامج لم تسمح لنا بذلك، وقد حضر عند التوديع في المطار ممثلو جميع الطوائف والسفراء ومختلف الأطياف.
وأما عن الوفد الذي قدم لهذه السفرة فإنّ السيد الشهرستاني هو الذي اختار أعضاء الوفد، والشيء المهم في هذه السفرة أنّ جميع البرامج كانت تحت إشراف السيد الشهرستاني وبموافقته. ولم يتمّ حتى لقاء واحد من دون موافقته، وهذا الأمر - وخاصة في لبنان حيث مختلف الأطياف والمنظمات - أمرٌ صعبٌ للغاية.

رحلة معنويّة قصيرة لسوريا
أما بالنسبة لزيارة سوريا فبالرغم من الوضع الأمني الخاص الحاكم في سوريا ذهبنا إلى هناك ضمن قافلة كاملة وبدعم من مسؤولين أمنيين، وكانت رحلة جميلة ومعنوية، وبالخصوص عندما فتحوا لنا الضريح في مرقدي السيدة زينب والسيدة رقيّة (عليهما السلام) وأدّينا صلاة الحاجة داخل الضريح، ثم ذهبنا إلى مكتب سماحة السيد السيستاني في منطقة الزينبية.
برأيي كانت الرحلة كلّها على جانب وزيارة مرقد السيدة زينب (عليها السلام) على جانب آخر، كانت هذه الزيارة قيّمة للغاية وخاصّة عندما قرأ أحد الحضور تعزية فانقلبت أحوال الجميع، وهيمنت عليهم الحالة المعنويّة.