مقابلة وكالة أنباء الحوزة العلميّة في مدينة قم المقدّسة حول موسوعة رسائل الشعائر الحسينية (1441)

أشار الشيخ محمّد الحسّون في مقابلة خاصّة مع ((وكالة أنباء الحوزة)) إلى ما يرتبط بجمع ((رسائل الشعائر الحسينية)) ـ في 10 مجلدات ـ وخصائص هذه الموسوعة وكيفية جمعها وتحقيقها.



وفقاً لوكالة أنباء الحوزة: طُبِعت موسوعة ((رسائل الشعائر الحسينية)) في 10 مجلدات من قِبَل نشر ((دليل ما))؛ الأثر الذي يدور حول رسالة التنزيه للمرحوم السيد محسن الأمين، ويشتمل على الرسائل التي تمّ تأليفها في تأييد هذه الرسالة وردّها، ويدور البحث في كلّ هذه الرسائل حول ما ينبغي أن يؤتى به وما ينبغي أن يُترك في عزاء سيد الشهداء (عليه السلام) من وجهة نظر مؤلِّفيها.
أشار لنا محقِّق هذه الرسالة ومَن جمع الرسائل المرتبطة بها وحقّقها، سماحة حجة الإسلام والمسلمين الشيخ محمد الحسون إلى بداية تأليف الكتاب وخصائصه وكيفية تجميع الرسائل.

السوال: يرجى أن تتكلّموا لنا عن (رسائل الشعائر الحسينية) وتوضحوا لنا ما يميِّز هذا الكتاب عمّا سواه.

الجواب: في عام 1423 للهجرة رأيتُ رسالة التنزيه للسيد محسن الأمين التي ألّفها عام 1347، وقام فيها بنقد عدد من الشعائر الحسينية، الكتاب الذي أثار ضجيجاً حينها وأدّى إلى نزاعات في أوساط الحوزة العلميّة الشيعية.

السوال: من اللطيف أنّ هذا الكتاب ـ وإن كان تأليفه في لبنان ـ لكنّه أثار ضجيجاً في النجف الأشرف!

الجواب: نعم؛ طُبع هذا الكتاب عام 1347 في مطبعة العرفان في مدينة صيدا اللبنانية ووصلت نسخ منه إلى العراق والنجف الأشرف، فانقسم الشيعة حينها بين موافق للكتاب ومخالف له، فقام العلماء حينها ـ وكذلك غيرهم ـ بإبداء آرائهم حوله، فألِّفت كتب ورسائل عديدة ـ في تأييده أو ردّه ـ على ضوء ذلك. 
ارتأيت من ذلك الحين أن أجمع الرسائل الموافقة والمخالفة في كتاب واحد، إلاّ أنّني واجهت مشكلة في هذا المجال وهي أنّ العديد من هذه الكتب والرسائل ـ وإن كانت قد طُبِعت قبل ذلك ـ لكنّها لم تكن موجودة وفي متناول الأيدي، كما كانت بعض الرسائل الخطيّة مفقودة أيضاً. 
للأسف! العديد من الرسائل التي كانت قد ألِّفَت وطُبعت حينها على ضوء رسالة التنزيه لم تكن موجودة في المكتبات، فقمت حينها بعمل متواضع وكتبت كتاباً باسم ((قراءة في رسالة التنزيه)) يحتوي على بيان موجز وتعريف لما تحتوي عليه رسالة التنزيه والمواقف المؤيّدة والمعارضة له، وطبعته عام 1423 هـ ، ثم بدأت بالبحث عن الرسائل المؤيّدة والمعارضة لهذه الرسالة، وفي إيران لم أعثر إلاّ على عدد معدود منها. 
مجموع الرسائل التي ألِّفت حول رسالة التنزيه كانت تبلغ أكثر من 70 رسالة، قمت بتجميع عناوينها، وكانت قد كُتِبت هذه الرسائل باللغة العربية والفارسية وكذلك لغات أخرى.

السوال: عثرتم على كم رسالة منها؟

الجواب: أنا بحثت لما يقارب 9 سنين عن هذه الرسائل في إيران وتمكّنت من العثور على 12 رسالة من أصل 70، فقمت بطباعتها عام 1432 في ثلاثة مجلّدات باسم ((رسائل الشعائر الحسينية))، الموسوعة التي تحتوي على رسالة التنزيه للسيد محسن الأمين وعدد من الرسائل المؤيّدة والمعارضة لها.
المشكلة التي واجهتنا هي أنّ جميع نُسَخ رسالة التنزيه الموجودة حاليّاً كانت محرَّفة وناقصة، إنّي عثرت على ما يقارب 12 طبعة مختلفة من هذه الرسالة طبعت في إيران أو لبنان أو العراق كلّها كانت ناقصة أو محرَّفة؛ والسبب في ذلك أنّها كانت قد طُبِعت وفقاً للطبعة الثانية لرسالة التنزيه ـ والتي طُبِعت بعد وفاة السيد محسن الأمين ـ ، فحذف القائمون على الطبعة الثانية لهذه الرسالة 12 صفحة منها.

السوال: لماذا لم تُطبَع الرسالة ثانيةً وفقاً للطبعة الأولى؟

الجواب: ذلك لأنّ الكتاب بطبعته الأولى ضاع وأُتلِف بكامله، وكان العائق الأساسي في طبع هذا الكتاب اختلاف الرؤى؛ حيث كان البعض يرى أنّ هذا الكتاب من كتب الضلال واثر ذلك قاموا بحرقه أو تمزيقه، ولذا فلا يوجد حالياً من الطبعة الأولى للكتاب غير نُسَخ معدودة.
وهنا ينبغي أن أشير إلى أمر يرتبط بالمؤلِّف الإيراني جلال آل أحمد، فأوّل نشاط قام به هذا المؤلِّف كان ترجمة رسالة التنزيه إلى اللغة الفارسية، وكانت هذه الترجمة تحتوي على عدَّة أغلاط إلاّ أنّ ذلك كان طبيعياً لأنّ هذا العمل كان في أيام شباب جلال آل أحمد وهو أوّل نشاط قام به، عندما طبعت هذه الرسالة باللغة الفارسية ونشرت في المكتبات تمّ بيع هذه الطبعة بكاملها في يوم واحد ففُقِدت؛ الأمر الذي أدّى إلى سرور المترجم، إلا أنّه علم بعد ذلك أنّ أحد تجّار طهران هو من قام بشراء كافة نُسخ هذه الطبعة بكاملها ولأنّه كان يعتقد بأنّها من كتب الضلال قام بحرقها، ويمكن القول بأنّ هذا الأمر هو السبب في نفاد وفقد رسالة التنزيه والرسائل المؤيدة والمخالفة لها.

السوال: كان لمن حرق الكتب المؤيّدة لهذه الرسالة ما يبرّر لهم عملهم، لكن لماذا حُرِقت الكتب المعارضة لها؟ 

الجواب: تم حرق الكتب المعارضة لرسالة التنزيه من قِبَل مَن كان يؤيّد هذه الرسالة ومحتوياتها.      
نعم؛ إنّي كنت أبحث عن الطبعة الأولى لرسالة التنزيه (المطبوعة عام 1347 في مطبعة العرفان في صيدا وفي زمن حياة السيد محسن الأمين) باستمرار إلى أن ذهبت إلى العراق بعد سقوط النظام البعثي فعثرت على الطبعة الأولى لهذه الرسالة في مكتبة الشيخ آقا بزرگ الطهراني، قمت بتصويرها وعندما طابقتها مع الطبعات الموجودة أدركت أن جميع الطبعات الموجودة حذفت منها 12 صفحة. 

السوال: وعلى ماذا كانت تحتوي هذه الـ 12 صفحة؟

الجواب: مَن حذف هذه الـ 12 صفحة كان في الحقيقة من مؤيّدي السيد محسن الأمين فحذف ما كان يرى فيه إشكالاً واضحاً. أتذكّر أنّي ذهبت إلى بيروت والتقيت بالسيد حسن الأمين ـ نجل السيد محسن الأمين ـ وكان هذا اللقاء قبل ما يقارب سنة أو سنتين من وفاته، ذهبت إليه آملاً بأن تكون لديه نسخة من الطبعة الأولى من رسالة التنزيه؛ وذلك لأنّ السيد حسن الأمين ـ وفي ترجمة حياة أبيه في أعيان الشيعة ـ كان قد أتى برسالة التنزيه أيضاً، لكنّني عندما راجعت أعيان الشيعة رأيت أنّه اقتبسها من الطبعة المحرَّفة، فسألته عن ذلك فقال بأنّه لم يكن عالماً بأنّ هذه الطبعة محرَّفة، كما قال لي بأنّه لا يملك الطبعة الأولى من الكتاب ولا يعلم بتحريف باقي الطبعات.
كنت ما زلت أبحث عن الرسائل المرتبطة برسالة التنزيه حتى طُبِعت مؤخَّراً موسوعة ((رسائل الشعائر الحسينية)) في 10 مجلّدات، الموسوعة التي تحتوي على 66 رسالة من تلك الرسائل، وبطبيعة الحال لا يحتوي هذا الأثر على كلّ الرسائل المرتبطة بالشعائر الحسينية، بل ما يرتبط برسالة التنزيه فحسب، الرسائل التي تمّ تأليف بعضها باللغة العربية وبعضها بالفارسية، بعضها نسخها خطّية وبعضها مطبوعة، كما أنّ هناك رسالة باللغة الألمانية وأخرى بالفرنسية حيث ترجمناهما للعربية.

السوال: عثرتم على هذه الرسائل بعد البحث في كم دولة؟

الجواب: أكثر هذه الرسائل كانت في إيران والعراق، كما عثرنا على رسالة أو رسالتين في لبنان، ومع ذلك لم نعثر على عدد من هذه الرسائل أيضاً.

السوال: أين يجد القارئ هذه الموسوعة؟

الجواب: طُبِعت هذه الرسائل من قِبَل ((دليل ما))، ويمكنكم الحصول عليها هناك.

السوال: إذا كان لكم ما تتفضلون به في آخر اللقاء؟!

الجواب: أودّ أن أشير إلى أنّي كنت محايداً في جمع ((رسائل الشعائر الحسينية)) وتحقيقها والتعليق عليها؛ وذلك لأنّ بعض هذه الرسائل مؤيّدة لرسالة التنزيه وبعضها معارض لها، والشيء الوحيد الذي كان يهمني هو جمع هذه الرسائل وتحقيقها والتعليق عليها، فبذلت جهداً بالغاً بجمعها وسألت الكثيرين عنها، ولم أبيّن رأيي في هذه الشعائر الحسينية.

السوال: كم استغرق هذا العمل من الوقت؟

الجواب: من بدء العمل وحتى طباعته استغرق ما يقارب 18 سنة، بدأت بالعمل سنة 1423 أو سنة قبل ذلك واستمر لحد الآن.