الصفحة 33

الثالث: الوضوء

ويجب فيه:

النيّة مقارنة لغسل الوجه، ويجوز تقديمها عند غسل الكفين إذا كان مستحبّاً.

واستدامتها حكماً إلى آخره: أتوضأ لاستباحة الصلاة لوجوبه قربة إلى الله، ولو ضم الرفع أو اكتفى به صح إن لم يكن دائم الحدث، وإلاّ اقتصر على نيّة الاستباحة أو مع الضميمة، إلاّ أن يقصد رفع ما سبق على زمان النيّة فيكتفي به، ولو ضم منافياً أو لازماً أجنبيّاً لم يصح.

وغسل الوجه من قصاص شعر الرأس ولو حكماً بادئاً به إلى محادر الذقن(1) طولاً، وما حواه الابهام والوسطى عرضاً ولو حكماً، وغسل ظاهر الشعر، لا ما تحته وإن خفّ، ولا مسترسل اللحية وإن استحبا.

وغسل اليدين مع المرفقين، والابتداء بهما، وتقديم اليمنى، وغسل الشعور وما تحتها، والزائد من لحم، واصبع، وظفر وإن طال، ويد لم تتميّز عن الأصلية ولم تكن فوق المرفق.

ومسح مقدّم شعر الرأس المختص به، أو بشرته ببقيّة البلل بمسمّاه ولو منكوساً.

ومسح بشرة الرجلين من رؤوس الأصابع إلى العظمين الناتئين في وسط القدم بمسمّاه بالبلل ولو من شعر الوجه، ويكره منكوساً، ويجب البدأة باليمنى.

____________

1- في " ض1 ": محادر شعر الذقن.


الصفحة 34
والترتيب كما ذكر.

والموالاة: وهي أن يكمل طهارته قبل جفاف ما تقدّم، ومع التعذّر ـ لإفراط الحرّ وقلّة الماء ـ قيل بالسقوط(1)، وليس ببعيد.

والمباشرة بنفسه اختياراً.

وطهارة الماء، وطهوريته فيه وفي الغسل، واباحته واباحة المكان ولو ظاهراً، وطهارة المحل خاصة فيهما ولو تدريجاً، وفي التيمّم تفصيل.

ومتى شك في شيء من أفعاله قبل الفراغ أعاده وما بعده، إلاّ مع الجفاف فيستأنف، وبعده لا يلتفت.

ولو تيقّن الإخلال بواجب أتى به على الحالين، ويسقط اعتبار الشك ببلوغ الكثرة.

ومَن تيقّن الحدث أوالطهارة وشكّ في الضد عمل بيقينه.

وإن تيقّنهما والشك في السابق: فإن جهل حاله قبل زمانهما تطهّر، وإلاّ أخذ بضد ما قبلهما على الأصح، ولو أفاد التعاقب يقيناً بنى عليه.

والجبائر في موضع الغسل تنزع، أو تخلّل حتى يصل الماء البشرة مع الطهارة، فإن تعذرا مسح على ظاهرها طاهراً، وفي موضع المسح تنزع مطلقاً، فإن تعذّر فالمسح، وكذا الطلاء واللصوق.

____________

1- ذهب إليه الشهيد في الذكرى: 92.


الصفحة 35

الرابع: الغسل

وهو أنواع:

فغسل الجنابة:

يجب بانزال المني على كلّ حال ولو بوجدانه في الثوب المنفرد، ويحكم بالبلوغ به مع امكانه، لا في المشترك فيسقط عنهما. وبالجماع حتى تغيب الحشفة أو قدرها، في قُبل أو دبر، لذكر أو انثى، حيّاً أو ميّتاً. والقابل كالفاعل، وفي البهيمة قول(1)، والوجوب أولى، وغير البالغ يتعلّق به حكم الحدث لا الوجوب والحرمة.

فيحرم قبل الغسل الصلاة، والطواف، والصوم، ومسّ خطّ المصحف، واسم الله، وأنبيائه، وأئمته (عليهم السلام)، ودخول المسجدين خاصة، واللبث مطلقاً، ووضع شيء فيها، وقراءة العزائم الأربع وأبعاضها ولو بعضاً مشتركاً بنية إحداهما.

ويجب في الغسل النيّة مقارنة لتقدّم الأفعال المسنونة، أو لغسل جزء من الرأس مستدامة الحكم إلى آخره: أغتسل لاستباحة الصلاة لوجوبه قربة إلى الله.

ولو ضم الرفع أو اكتفى به صح على ما سبق تفصيله.

____________

1- ذهب إلى الوجوب الشيخ في المبسوط 1: 270، والعلاّمة في مختلف الشيعة 1: 168.


الصفحة 36
وغسل الرأس والرقبة والاُذنين وما ظهر من الصماخ(1)، ثمّ الميامن ثمّ المياسر، وتخليل ما يمنع وصول الماء وإن كان كثيفاً، لاغسل الشعر، إلاّ أن يتوقّف غسل البشرة عليه، ويتخيّر في غسل العورتين والسرة مع أيّ جانب شاء.

والترتيب كما ذكر لا المولاة، ويسقط بالارتماس، فيقارن بالنيّة اصابة الماء لجزء من البدن، ويتبعه بالباقي من غير تخلّف.

ولو وجد بعد لُمعة لم تنغسل أعاد إن طال الزمان بحيث تنتفي الوحدة عرفاً، وفي الترتيب يغسلها وما بعدها.

وينبغي الاستبراء بالبول للمنزل ويجتهد بعده، ولا أثر للبلل المشتبه حينئذ، وبدونهما أو الأوّل خاصّة مع إمكانه يعيد الغسل، وبدون الثاني يعيد الوضوء.

ولو أحدث في اثنائه كفاه الإتمام على الأصح، ولو قام على مكان نجس طهّر المتنجّس ثمّ أفاض عليه الماء للغسل.

وغسل الحيض، والاستحاضة، والنفاس، ومسّ الميّت كغسل الجنابة، إلاّ أنّه لابّد من الوضوء قبله أو بعده، ولو تخلّله الحدث كفى إتمامه مع الوضوء.

والحيض:

هو الدم المتعلّق بالعدة أسوداً حارّاً عبيطاً(2) غالباً، ومحلّه: البالغة

____________

1- الصماخ: خرق الاذن، ويقال هو الاذن نفسها. الصحاح 1: 426 " صمخ ".

2- العبيط من الدم: الخالص الطريّ. الصحاح 3: 1142 " عبط ".


الصفحة 37
تسعاً غير يائسة ببلوغ ستين إن كانت قرشيّة أو نبطيّة، وخمسين في غيرهما.

ويتميّز عن العذرة بانتفاء التطوّق، وعن القروح بخروجه من الأيسر، ويجامع الحمل على الأقوى.

وأقله ثلاثة أيّام متوالية بلياليها، وأكثره عشرة(1) وهي أقلّ الطهر، ولا حدّ لأكثره.

وإذا انقطع الدم على العشرة فالكلّ حيض وإن تخلّله النقاء بعد الثلاثة.

وإن عبرها: فالمعتادة ـ وهي التي اتفق حيضها وقتاً وعدداً أخذاً وانقطاعاً ـ ترجع إلى عادتها، ولو اتفق في أحدهما خاصة استقرّت في المتفق دون الآخر. ولهذه بعد أيّام العادة أن تستظهر بيوم أو يومين إلى العشرة، فبالتجاوز تقضي ما تركته زمان الاستظهار من صوم وصلاة وصوم العادة خاصة، ويحكم لهذه بالحيض برؤية الدم.

والمضطربة ترجع إلى التميّز، ثمّ الروايات إن نسيت العدد والوقت معاً، وإن نسيت أحدهما عملت بما تعلم، فتتخيّر في تخصيص العدد إن ذكرته، وإن ذكرت الوقت خاصّة تحيّضت في المتيقّن واحتاطت بالجمع بين تكليفي الحائض والمستحاضة في المحتمل، ويرجّح ردّها إلى الروايات، فتضم إلى ما علمته بقيّة أحدها.

والمبتدأة بعد التميّز ترجع إلى عادة نسائها، ثمّ أقرانها من بلدها، ثمّ

____________

1- في " ض1 " و" ض2 ": عشرة أيّام.


الصفحة 38
الروايات وهي: ستة أو سبعة من كلّ شهر(1)، أو ثلاثة من شهر وعشرة من آخر مخيّرة في التخصيص(2).

والاستحاضة:

دم أصفر بارد رقيق غالباً، ويجب اعتباره، فإن لطّخ الكُرسف ولم يثقبه وجب إبداله، وتطهير ما ظهر من المحلّ، والوضوء لكلّ صلاة.

وإن ثقبه ولم يسل فمع ذلك تغيّر الخرقة، وغسل للغداة.

وإن سال فمع ذلك غسل للظهرين تجمع بينهما، وآخر للعشاءين كذلك.

ومع الأفعال هي بحكم الطاهر، فإن أخلّت بشيء منها لم تصح صلاتها، أو بشيء من غسلي النهار لم يصح صومها، وإذا انقطع للبرء وجب ما اقتضاه الدم سابقاً من غسل ووضوء.

والنفاس:

دم الولادة معها أو بعدها، فلا نفاس بدونه، ولا ما يكون قبلها، وأكثره عشرة في الأشهر، فإن عبرها الدم عملت المعتادة بعادتها(3)، والمبتدأة والمضطربة بالعشرة.

وللتوأمان نفاسان.

____________

1- الكافي 3: 83 حديث 1، التهذيب 1: 381 حديث 1183.

2- التهذيب 1: 381 حديث 1182.

3- في " ش " و" ض1 ": المعتادة في الحيض بعادتها.


الصفحة 39
وتفارق الحائض في: الأقل، والدلالة على البلوغ، وقضاء العدة إلاّ في الحامل من زنى.

ويشتركان في: تحريم ما سبق ممّا يشترط فيه الطهارة، والوطء قبلاً فيعزّر، ويَكفُر إن استحلّه مع العلم بالتحريم.

ويستحبّ التكفير بدينار قيمته عشرة دراهم في أوله، ونصف في وسطه، وربع في آخره، وكذا الطلاق مع الدخول وانتفاء الحمل وحضور الزوج أو حكمه، ويكره الوطء قبل الغسل على الأصح.

ومسّ الميت:

إنّما يوجب الغسل بعد برده بالموت وقبل تطهيره(1) على الوجه المنقول، وكذا القطعة ذات العظم وإن اُبينت من حيّ. فلو مسّ معصوماً، أو شهيداً، أو مَن لم يبرد، أو المغسّل صحيحاً، أو عضواً ثمّ غسله على قول قوي، أو المغتسل ليقتل بسبب وقتل به فلا غسل.

ولو مسّ مَن لم يطهّر بعد البرد، أو غسّل فاسداً ولو بفعل الكافر لضرورة فقد المماثل والمحرم من المسلمين، أو سبق موتُهُ قتلَه، أو قُتل بغير ما اغتسل له، أو كان ميمّماً ولو عن بعض الغسلات، أو فقد في غسله أحد الخليطين، أو كان كافراً وإن غسّل وجب الغسل، وإنّما ينجس الملاقي مع الرطوبة على الأقوى.

ويجب على كلّ مكلّف على الكفاية توجيه المحتضر المسلم ومن

____________

1- في " ض1 ": تطهيره بالغسل.


الصفحة 40
بحكمه إلى القبلة، بأن يُلقى على ظهره، وتجعل رجلاه إليها بحيث لو جلس لكان مستقبلاً، ثمّ إزالة النجاسة عن بدنه، ثمّ تغسيله بماء طرح فيه مسمّى السدر، ثمّ بماء طرح فيه كافور كذلك، ثمّ بماء خلا منهما وهو القراح، مرتّباً كالجنابة.

ويسقط الترتيب بغمسه في الكثير مقارناً بالنيّة أوّل كلّ غسلة، وتجزئه نيّة واحدة لها، موجّهاً إلى القبلة كالمحتضر، ولو تعذّر الخليط غُسّل ثلاثاً بالقراح، ولو وجد ماء غسلة قدّم السدر، ويممّه عن المفقود، ولو لم يجد شيئاً يمّمه ثلاثاً على الأقوى.

وأولى الناس بتغسيل الرجل الزوجة، ثمّ الرجال المحارم، ثمّ الأجانب، ثمّ النساء المحارم.

ومثله المرأة.

وتكفينه في مئزر وقميص وإزار اختياراً، من جنس ما يصلّي فيه الرجل، من أصل تركته، مقدّماً على الديون والوصايا، ومع فقدهما فمن بيت المال أو من الزكاة.

وكفن الزوجة الدائمة غير الناشزة على زوجها وإن كانت ذات مال.

وتحنيط مساجده السبعة بمسمّى الكافور، ويكتب بتربة الحسين (عليه السلام)على القميص والإزار: أنّه يشهد الشهادتين ويقرّ بالأئمة (عليهم السلام)، ويجعل معه جريدتان من النخل، ثمّ السدر، ثمّ الخلاف، ثمّ شجر رطب استحباباً فيهما.

ويجب كفاية أن يصلّى على المسلم ومَن بحكمه ممّن بلغ ست سنين، وأولى الناس بها أولاهم بالإرث، فالأب أولى، ثمّ الولد، ثمّ الجد، ثمّ الأخ للأبوين، ثمّ للأب، ثمّ للأُم، ثمّ العمّ، ثمّ الخال، ثمّ ابن العم، ثمّ

الصفحة 41
ابن الخال.

ومع صغر الأولى فالحكم للكبير(1)، ومع فقده فالحاكم، وإمام الأصل أولى مطلقاً، ولا عبرة بإذن الولي.

ومع تساوي الأولياء والتشاح يقدّم الأقرأ فالأفقه فالأسن، ويستنيب الولي مع انتفاء الأهليّة، ويجوز معها، ولا تنعقد جماعة بدون إذنه فتصح فرادى.

ويعتبر فيها الاستقبال، وستر العورة، دون الطهارة. وجعل رأس الميّت عن يمين المصلّي مستلقياً، وعدم التباعد كثيراً، والقيام، والنيّة، وتكبيرات خمس، والتشهد عقيب الاُولى، والصلاة على النبيّ وآله عقيب الثانية، والدعاء للمؤمنين عقيب الثالثة، وللميّت عقيب الرابعة، والانصراف بالخامسة، وعن المنافقين(2) بالرابعة، ويدعو للمستضعف والطفل بنحو ما نقل.

ثمّ يجب دفنه في حفرة(3) تكتم ريحه وتصونه، موجهاً إلى القبلة، بأن يضجع على جانبه الأيمن، إلاّ في الذميّة الحامل من مسلم فيستدبر بها القبلة. ومع تعذّر البر يثقل، أو يجعل في وعاء ويرسل مستقبلاً.

ويحرم نبش القبر إلاّ في مواضع، ونقل الميّت بعد دفنه إلاّ إلى المشاهد المشرّفة مع عدم المثلة، ولو لم يصلّ على الميّت صلّي على قبره، ولا تحديد.

____________

1- في " ض3 ": للأكبر.

2- في " ض3 ": المنافق.

3- في " ض 3 ": حفيرة.


الصفحة 42

الخامس: التيمّم بالصعيد

وهو التراب بأيّ لون اتفق، أو المدر، أوالحجر، أو الرمل، وأرض النورة والجص قبل الاحراق. دون المعدن، والنبات، والمشوب بغيره مع سلب الاسم ولو بشراء، أو استئجار، أو عارية، أو شاهد حال.

ويجب قبول هبته وهبة الماء، لا الثمن، ومع فقده فبغبار الثوب واللبد وعرف الدابة، ثمّ الوحل، لا بالثلج، ولو أمكن الغسل بنداوته قدّم على التيمّم.

ويجب طلب الماء في الجهات الأربع غلوة في الحزنة، وغلوتين في السهلة ولو بوكيله، وشراؤه وإن زاد عن ثمن المثل مع القدرة، وعدم الضرر وخوف استعماله ولو في بعض الأعضاء كفقده، ومنه الشين، وكذا الخوف على نفس أو مال أو بضع.

ولا إعادة على من صلّى بتيمّم وإن كان متعمّداً الجنابة، أو الممنوع بزحام الجمعة.

ويقدّم الجنب على الميّت والمحدث بالماء المبذول للأحوج، وكذا على باقي المحدثين، وذو النجاسة على الجميع.

ويجب فيه النيّة مقارنة للضرب على الأرض، مستدامة الحكم: أتيمّم بدلاً من الوضوء أو الغسل لاستباحة الصلاة لوجوبه قربة إلى الله، ولا مدخل للرفع هنا.

ويجب الضرب بكلتا يديه معاً ببطونهما اختياراً، وطهارتهما، وطهارة المضروب عليه، ومحلّ التيمّم، ولو تعذّر ازالة النجاسة عن الأعضاء صح

الصفحة 43
إن لم تكن حائلة ولا متعدّية.

ومسح الجبهة ببطن الكفين من القصاص(1) إلى طرف الأنف الأعلى، بادئاً بأعلاها، والأولى مسح الجبينين والحاجبين وبلوغ طرف الأنف الأسفل، ثمّ مسح ظهر كفّه اليمنى ببطن اليسرى من الزند إلى أطراف الأصابع، ثمّ مسح اليسرى كذلك، والموالاة ولو بدلاً من الغسل، ولا يقدح الفصل بما لا يعدّ تفريقاً، والمباشرة بنفسه إلاّ مع العذر(2) والترتيب كما ذكر.

ولا يشترط علوق الغبار، بل يستحب النفض، ويجب للوضوء ضربة وللغسل اثنان، ولغير الجنابة تيمّمان ; لوجوب الطهارتين.

وينتقض بالتمكّن من مبدله قبل التحريم لا بعده ولو لم يكن قد ركع، ويجوز مع السعة إن لم يكن العذر مرجو الزوال، ويستباح به كلّ ما يستباح بمبدله حتى الطواف.

السادس

تجب إزالة النجاسات عن الثوب والبدن للصلاة، والطواف، ودخول المساجد مع التعدّي، وهي عشرة:

البول والغائط من غير المأكول إذا كان له نفس سائلة وإن عرض تحريمه.

والمني والدم من ذي النفس مطلقاً، ولو علقة في البيضة وغيرها،

____________

1- في " ض1 ": من قصاص الشعر.

2- في " ض1 ": التعذر.


الصفحة 44
وأمّا المتخلّف من الدم في اللحم بعد الذبح والقذف فطاهر.

والميتة منه، وجزء من ذي النفس المبان ولو من حيّ ميتة، إلاّ الأنفحة وما لا تحلّه الحياة.

والكلب والخنزير وأجزاؤهما وفرعهما.

والكافر بأنواعه، ومنه الخوارج، والغلاة، والنواصب، والمجسّمة.

والمسكر المائع، وفي حكمه الفقاع.

والعصير العنبي إذا غلا واشتدّ.

والمعتبر في الإزالة زوال العين بالماء الطهور، ولا عبرة بالرائحة واللون إذا شقّ زواله.

والعصر في غير الكثير إن أمكن نزع الماء المغسول به، وإلاّ اشترط الكثير، لا في الحشايا والجلود فيكفي التغميز فيها(1).

وفي بول الرضيع الذي لم يغتذ بالطعام كثيراً صبّ الماء عليه دون الرضيعة.

وفي باقي النجاسات عن الثوب والبدن مرّتان.

وفي إناء ولوغ الكلب ثلاثاً اُولاهن بالتراب الطاهر(2) وإن لم يمزج بالماء لا في باقي أعضائه، وفي الكثير تكفي(3) المرّة بعد التراب.

وفي إناء ولوغ(4) الخنزير سبع بغير تراب، وكذا نجاسة الفأرة والخمر

____________

1- في " ش ": فيكفي تغميزه.

2- في " ش " و" ض3 ": بتراب طاهر.

3- في هامش " ض2 ": تجزئ (خ ل).

4- ولوغ: لم ترد في " ض1 " و" ض3 ".


الصفحة 45
وإن كان إناؤه قرعاً ونحوه، ومن غير ذلك ثلاثاً.

وتطهر الأرض، والبواري، والحصر(1)، وما لا ينقل عادة بتجفيف الشمس مع زوال العين.

وأسفل القدم، والنعل ولو من خشب بزوال عين النجاسة بالأرض والحجر الطاهرين مع الجفاف، وليس المشي شرطاً.

وما أَحالته النار رماداً أو دخاناً أو فحماً، لا خزفاً وآجراً.

والنطفة والعلقة بالاستحالة حيواناً، ونحو الخنزير ملحاً، والعذرة تراباً، والكافر باسلامه، والجلاّل باستبرائه، والعصير بنقصه أو انقلابه، وكذا الخمر بالإناء، والدم بانتقاله إلى البعوض ونحوه والبواطن، وغير الآدمي بزوال العين وإن لم يغب.

وعفي عمّا نقص عن سعة درهم بغلي من الدم، أو المتنجّس به غير الثلاثة ونجس العين مجتمعاً ومتفرّقاً، لا الدرهم، وقدّر بمنخفض الكف.

وعن دم القروح والجروح إلى أن تبرأ، ولا يجب العَصبُ فيهما.

وعن نجاسة ما لا تتم الصلاة فيه وحده وإن كانت مغلّظة، واشترط بعضهم كونها في محالّها، وآخرون كونها ملابس، ولا ريب أنّه أحوط وإن كان عموم الخبر(2) يدفعه.

وعن نجاسة ثوب المربيّة للصبي حيث لا غيره إذا غسلته كلّ يوم وليلة مرّة، واُلحق به الصبيّة والولد المتعدد، وبها المربّي والخصي الذي يتواتر بوله، وليس ببعيد.

____________

1- في " ش " و" ض1 ": الحصير.

2- التهذيب 1: 275 حديث 810.


الصفحة 46
وعن النجاسة مطلقاً مع تعذّر الازالة، ولو اختص بها الثوب لم يجب نزعه، بل الصلاة فيه أفضل، وعلى التقديرين فلا قضاء. وإذا أمكن تجفيفها وجب مع الفائدة، كما إذا اختلف النوع، أو انتهت بالتجفيف إلى حدّ العفو.

تتمّة:

يحرم اتخاذ الآنية من النقدين ولو لمحض القنية على الاقوى، سواء الرجل والمرأة.

ويكره المفضّض، ويجب عزل الفم عن موضع الفضّة، ويجوز نحو الحلقة للقصعة، والضبة(1) للاناء، والقبيعة(2) والنعل للسيف، والتحلية للمرأة بالفضّة والميل منها لا المكحلة، وتحلية المصحف بها وبالذهب.

ولا يحرم الإناء من غيرهما وإن كان نفيساً، نعم يشترط طهارة أصله، والتذكية في الجلد، وفي غير المأكول الدبغ على قول.

____________

1- الضبة: حديدة عريضة يُضبب بها الباب وغيره. الصحاح 1: 168 " ضبب ".

2- قبيعة السيف: ما على طرف مقبضه من فضة أو حديد. الصحاح 3: 1260 " قبع ".


الصفحة 47

الباب الثاني
في باقي مقدّمات الصلاة

وفيه فصول:

الأوّل: في أعدادها

والواجبة سبع: اليوميّة، والجمعة، والعيدان، والآيات، والطواف، والأموات، وما يلتزم بنذر وشبهه.

فاليوميّة خمس: الظهر، والعصر، والعشاء ـ كلّ واحدة أربع ركعات ـ والمغرب ثلاث، والصبح ركعتان.

والوسطى منهنّ هي العصر على الأقوى، وتنتصف الرباعيات في السفر والخوف.

ونوافلها أربع وثلاثون: لكلّ من الظهرين ثمان قبل الفرض، وللمغرب أربع بعدها، وللعشاء ركعتان من جلوس بعدها تعدّان بركعة، وللّيل ثمان، وركعتان للشفع، وركعة للوتر، وللصبح ركعتان قبلها.

ويسقط في السفر نوافل الظهرين، والوتيرة على المشهور، وباقي الصلوات الواجبة تأتي إن شاء الله تعالى

الثاني: الوقت

فللظهر زوال الشمس، ويعلم بزيادة الظل بعد نقصه، أو حدوثه بعد

الصفحة 48
عدمه في أطول أيام السنة بمكة وصنعاء، وبظهور الظل في جانب المشرق.

ويختص بمقدار أدائها تامة الأفعال والشروط أقل الواجب، ويختلف باختلاف لزوم القصر والاتمام، ومصادفة أوّل الوقت متطهّراً أو محدثاً ونحوه.

ولو نسي بعض الأفعال كالقراءة لم يجب تأخير العصر بمقدار أدائه، ولو كان ممّا يتلافى أو يسجد له اُعتبر تقديمه، ثمّ يشترك الوقت بينها وبين العصر، والظهر مقدّمة، فلو نسي الظهر وأتى بالعصر في المشترك عدل إن تذكّر في الأثناء، وإلاّ صحت العصر وأتى بالظهر أداءً.

ووقت الفضيلة إلى أن يصير الفيء الزائد مثل الشخص، لا مثل المتخلّف قبل الزوال.

وللعصر إلى أن يصير مثليه، ووقت الإجزاء إلى أن يبقى للغروب مقدار العصر فيختص بها.

ولو أدرك قبل الغروب مقدار خمس تامة الأفعال والشروط ولم يكن صلّى وجب الفرضان، أو مقدار ركعة وجبت العصر أداءً.

وللمغرب غروب الشمس، ويعلم بذهاب الحمرة المشرقيّة، لا باستتار القرص، ويختص بمقدار أدائها، ثمّ يدخل وقت العشاء، على معنى الاشتراك إلى أن يبقى لانتصاف الليل مقدار العشاء فيختص بها.

ووقت الفضيلة إلى ذهاب المغربيّة، وللعشاء إلى ربع الليل، ووقت الإجزاء إلى أن يبقى لانتصاف الليل مقدار العشاء، ويدرك الفرضين لو لم يكن صلّى بادراك خمس، والعشاء بادراك ركعة.

وللصبح طلوع الفجر الثاني، وهو المعترض، ففضيلته إلى الأسفار

الصفحة 49
والتنوير، وإجزاؤه إلى طلوع الشمس.

ووقت نافلة الزوال إلى أن يزيد الفيء قدمين، والعصر إلى أربعة أقدام، وقيل: يمتدان بامتداد وقت الفضيلة(1)، وهو قوي.

ويوم الجمعة يزيد أربعاً ويصلّي ستّاً عند انبساط الشمس، وستّاً عند ارتفاعها، وستّاً عند قيامها، وركعتين عند الزوال، ويجوز تأخيرها عن العصر، وصلاة ستّ بين الفرضين، ولو خرج وقت النافلة وقد تلبس بركعة أتمها، إلاّ يوم الجمعة.

ووقت نافلة المغرب عند فراغها إلى ذهاب الحمرة المغربيّة، ولا يزاحم بها، ووقت الوتيرة بعد العشاء ويمتد كوقتها.

وصلاة الليل والشفع والوتر بعد انتصافه، وقربها من الفجر أفضل، ويجوز تقديمها لعذر كما في الشاب والمسافر، وقضاؤها أفضل، ولو طلع الفجر وقد تلبّس بأربع أتمّها مخففة بالحمد.

ووقت نافلة الصبح بعد الفراغ من الليليّة، وتأخيرها إلى طلوع الفجر الأوّل أفضل، ويمتد وقتها إلى الأسفار.

ويجب معرفة الوقت باليقين، ومع تعذّره يكفي الظنّ المستفاد من الأمارات، كالأوراد والأحزاب، فإن طابق أو دخل الوقت عليه متلبّساً أجزأت، وإلاّ أعاد.

والمكفوف يقلّد العدل العارف بالوقت، وكذا المحبوس والعامّي.

____________

1- قاله ابن إدريس في السرائر: 41.


الصفحة 50

الثالث: ستر العورة

وهو شرط في الصلاة مع القدرة، وفي غيرها وغير الطواف إنّما يجب مع ناظر يحرم التكشّف له.

وعورة الرجل هي القضيب والانثيان والدبر، والمرأة جميع راسها مع الشعر والاُذنين والعنق وبدنها، عدا الوجه والكفّين من الزند والقدمين من مفصل الساق، ظاهرهما وباطنهما، نعم يجب ستر جزء من الكف والقدم من باب المقدّمة، كادخال جزء من غير محلّ الفرض في الطهارات.

والأمة المحضة والصبيّة لا يجب ستر رأسهما، والخنثى كالمرأة، ولو تحرّر بعض الأمة فكالحرّة، ولو عرض في أثناء الصلاة وعلمت به استوت، فإن استلزم المنافي بطلت مع سعة الوقت.

ولو انكشفت عورة المصلّي بغير فعله فلا إبطال، ووجب المبادرة إلى الستر، ولو صلّى عارياً نسياناً أعاد على الأصح وإن خرج الوقت.

وواجد ساتر إحدى العورتين يؤثر به القبل، وأحد قبلي الخنثى، قيل: يؤثر الذكر، ويحتمل مخالفَ عورة المطّلع.

ولو حاذى خرق الثوب العورة فجمعه أجزأ، لا إن وضع يده عليه.

ويجب الستّر من الجوانب لا من تحت، إلاّ أن يصلّي على مرتفع.

وضابط الستر: ما يخفي به اللون والحجم ولو حشيشاً ونحوه، ومع فقده فالطين، ثمّ الماء الكدر، ثمّ الحفيرة، ثمّ الجب ونحوه. ومع فقد الجميع ـ ولو بشراء أو استئجار ـ يصلّي عارياً قائماً مع أمن المطّلع، وجالساً لا معه، مومئاً في الحالين، ويجعل السجود أخفض.


الصفحة 51
ويعتبر في الساتر أن لا يكون جلد ميتة ولو دبغ أو كان شسعاً(1)، وفي حكمه ما يوجد مطروحاً، أو في يد كافر، أو في سوق الكفر، أو في يد مستحلّ(2) الميتة بالدباغ على قول، إلاّ أن يخبر بالتذكية فيقبل، بخلاف ما يوجد في سوق الإسلام، أو مع مسلم غير مستحل، أو مجهول الحال.

ولا جلد غير المأكول وإن ذكّي ودبغ، أو كان ما لا يتّم فيه الصلاة منفرداً، ولا شعره ولا صوفه ووبره، إلاّ الخز وبراً وجلداً على الأصح، والسنجاب على كراهية.

ولا حريراً محضاً للرجل والخنثى، كما لا يجوز لبسه لهما أصلاً في غير الحرب والضرورة.

ويجوز الكف به إلى أربع أصابع، واللبنة(3) منه، والتكة ونحوها على كراهيّة، وافتراشه والصلاة عليه.

ويجوز للمرأة لبسه والصلاة فيه، والممتزج للجميع ولو قلّ الخليط، إلاّ مع صدق الحرير عليه لاضمحلاله، لا الحشو به. ولو لم يجد إلاّ؟ الحرير صلّى عارياً بخلاف النجس فيقدّم عليه.

ولا ذهباً للرجل والخنثى ولو خاتماً أو مموهاً به.

ولا مغصوباً وإن لم يكن ساتراً، ولو جهل الغصب أو نسيه فلا إعادة، لا إن جهل الحكم. ولو أذن المالك لمعيّن اختصّ الجواز به، أو

____________

1- شسع النعل: هو السير الذي يشدّ به في ظهر القدم. انظر لسان العرب 8: 180 " شسع ".

2- في " ض1 " و" ض3 ": يد مسلم مستحلّ.

3- لبنة القميص: جُرُبّانُهُ. الصحاح 6: 2192 " لبن ".


الصفحة 52
مطلقاً جاز لغير الغاصب.

وما يستر ظهر القدم ولا ساق له تكره الصلاة فيه، ولو منع الثوب بعض الواجبات لثقله أو اللثام لم يجز الصلاة فيه، إلاّ مع الضرورة.

الرابع: المكان

ويشترط اباحته، إمّا لكونه مملوك العين أو المنفعة، بعوض وبدونه(1)، أو للإذن فيه إمّا صريحاً، أو ضمناً، أو فحوى، أو بشاهد الحال حيث لا مانع.

فلا يصح في المغصوب ولو صحراء، سواء فيه غصب العين وهو ظاهر، أوالمنفعة كادعاء الاستئجار كذباً.

ولو أذن المالك لمعيّن أو مطلقاً فكما سبق، ولو رجع عن الإذن قبل الشروع لم يجز الفعل، ولو ضاق الوقت صلّى خارجاً، وبعده فيه أوجه.

ويشترط طهارة موضع الجبهة من كلّ نجاسة إذا كان محصوراً، أمّا مساقط باقي الأعضاء فلا، إلاّ أن تتعدّى نجاسته التي لم يُعف عنها إلى المصلّي أو محموله.

وفي جواز محاذاة الرجل للمرأة، أو تقدّمها عليه في الصلاة قولان(2)، أصحهما الكراهيّة، سواء المحرم والأجنبيّة والزوجة، ولو فسدت

____________

1- في " ض2 ": وبدونه كالعارية.

2- القول الأوّل: عدم الجواز، وذهب إليه الشيخ المفيد في المقنعة: 152، والشيخ الطوسي في النهاية: 100، وابن زهرة في الغنية (ضمن الجوامع الفقهية): 496.

القول الثاني: الكراهيّة، وذهب إليه السيّد المرتضى في المصباح كما نقله عنه العلاّمة في المختلف 2: 126، وذهب إليه أيضاً ابن إدريس في السرائر 1: 267، والمحقّق في الشرائع 1: 71 والمعتبر 2: 11.


الصفحة 53
إحدى الصلاتين فلا حرج، ويزول المنع بالحائل أو التأخّر، أو بُعد عشر أذرع.

ويجب وضع الجبهة في السجود على الأرض وأجزائها، ما لم يخرج عنها بالاستحالة كالنورة والمعدن، وكذا النبات، إلاّ أن يكون مأكولاً أو ملبوساً عادة، كالقطن والكتان ولو قبل أن يعملا.

ويزول المنع مع التقيّة، أو خوف الأذى من نحو حيّة في الظلمة، وفقد غير الثوب، ولو لم يجد شيئاً مع الخوف أومأ.

ولو كان لشيء حالتان يؤكل في إحداهما دون الاُخرى، كقشر اللوز، اختص التحريم بحال الأكل.

ولو اُكل شيء في قطر دون آخر، فالظاهر شمول التحريم.

ويجوز السجود على القرطاس إن اتخذ من جنس ما يجوز السجود عليه، ويكره المكتوب منه للقارىء المبصر دون غيره عند الشيخ(1)، وهو متجه في غير المبصر.

والواجب في المساجد المسمّى، واستواء مساقطها، أو التفاوت بمقدار أربع أصابع مضمومة علوّاً وانخفاضاً، فلو وقعت الجبهة على ما لا يسجد عليه رفعها إن كان أعلى بأزيد من أربع(2)، وإلاّ جرّها حذراً من تعدّد السجود.

____________

1- المبسوط 1: 90.

2- في " ض1 ": أربع أصابع.


الصفحة 54
ويستحب السجود على الأَرض، وأفضل منه على التربة الحسينيّة ولو شويت بالنار.

الخامس: القبلة

وهي عين الكعبة لمن تمكّن من المشاهدة، والجهة للنائي على الأصح، وهي السمت الذي يظنّ فيه الكعبة، فإن علمها يقيناً بمحراب معصوم فلا اجتهاد أصلاً، أو بقبلة المسلمين وقبورهم حيث لا يعلم الغلط، مع جواز الاجتهاد للحاذق يمنة ويسرة لا مطلقاً كفاه، وإلاّ عوّل على أماراتها.

ومَن صلّى فوقها أو داخل بابها، أبرز بين يديه منها(1) قليلاً، ولا يحتاج إلى شاخص.

ولأهل كلّ اقليم علامات يتوجّهون بها إلى ركنهم.

فلأهل العراق جعل الجديّ ـ وهو نجم مضيء، بينه وبين الفرقدين أنجم صغار من الجانبين كصورة بطن الحوت، الجديّ رأسه والفرقدان الذنب، يدور في كلّ يوم وليلة دورة كاملة حول القطب ـ خلف المنكب الأيمن إذا كان مستقيماً، بأن يكون في غاية الانحطاط، والفرقدان في غاية العلو، أو بالعكس، ومغرب الاعتدال على يمينه، ومشرقه على يساره، وعكسه لمقابله.

ولأهل الشام جعل الجديّ على المنكب الأيسر، وسهيل وقت طلوعه

____________

1- منها: لم ترد في " ش ".