الحمدُ لله على هدايته لدينه، والتوفيق لما دعا إليه من سبيله. والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والرُسل، حبيب إله العالمين، محمّد المصطفى، وعلى آله الطيّبين الطاهرين، الهداة المهديّين، أئمّة الدين وأعلام المتّقين، الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً.

وبعدُ، إنّ في عالَمنا الإسلامي المُشرق كواكب عدّة، سطعت بنورها لتبديد ظلام الجهل المقيت، فعملت بكلّ جدٍّ واجتهاد في هداية البشرية وإرشادها إلى الحقّ وأهله، وأفرغت في قالب التأليف ما توصّل إليه فكرها الوقّاد من نظريّات حديثة في شتّى العلوم، وقد بقيت آثارها بعد رحيلها منهلاً عذباً ينهل منه الكثيرون من العلماء وأصحاب الفضيلة، وستبقى مشاعل نور تُنير الطريق للسائرين على جادّة الحقّ مهما تقادمت الأعوام ومرّت الأيام.

ومؤسّسة صاحب الأمر عجّل الله تعالى فرجه الشريف ـ وطبقاً للمنهج العلميّ الذي رسمه لها مؤسّسها، فقيه أهل البيت (عليهم السلام) زعيم الحوزة العلميّة في مدينة أصفهان سماحة آية الله العلاّمة الشيخ حسن الصافي الأصفهاني، والذي يُعدُّ أحد أبرز تلامذة فقيه العصر، المرجع الديني الأعلى، اُستاذ الفقهاء، سماحة

الصفحة 6
آية الله العظمى السيّد أبو القاسم الموسوي الخوئي، تغمّدهما الله برحمته الواسعة ـ ترى من الواجب عليها التصدّي لإحياء تراث علمائنا الماضين.

فقد سبق لها أن قامت بتحقيق بعض مؤلّفات سلفنا الصالح، وها هي اليوم تقوم بإحياء أحد أفضل الكتب الاُصوليّة في عصرنا الحاضر، وهو كتاب " أجود التقريرات " الذي يحتوي بين دفّتيه عصارة الفكر الاُصولي لعظيمين من أعاظم علمائنا الاُصوليّين، اللذين جاهدا بجدٍّ ومثابرة على تطويره، وتهذيبه وتنقيحه، وهما سماحة آية الله العظمى المجدّد النائيني، وتلميذه سماحة آية الله العظمى الإمام الخوئي (قدس سرهما).

فالمناسب بنا أن نتحدّث في هذه المقدّمة المختصرة عن دور الشيعة في علم الاُصول، ثم نُلقي ضوءاً على حياة العظيمين: مؤلّف الكتاب واُستاذه الذي عرض فيه آراءَه ودروسه، ثمّ نتعرف بشكل موجز بالكتاب نفسه.

الشيعة وعلم الاُصول


اُصول الفقه: علمٌ يحتوي على قواعد عامّة يعتمدها الفقيه في استنباط الأحكام.

وتُقسّم هذه القواعد إلى عدّة أقسام: منها ما يُحدّد نوعيّة الأدلّة المستخدمة في الاستنباط، ومنها ما يُحدّد مدى دليليّة تلك الأدلّة، ومنها ما يُحدّد شروط الاستدلال الصحيح والطرق والمسالك المعتبرة شرعاً، ومنها ما يُحدّد الأدوات المستعملة في حالة تعارض الأدلّة وتنافيها.

وعلى المجتهد أن ينظر في هذه القواعد ويحقّقها وينقّحها ويتمكّن من تطبيقها على مواردها وفقاً لشروطها وحدودها كي يصبح أهلاً للاجتهاد صالحاً لممارسة عملية الاستنباط.


الصفحة 7
وقواعد هذا العلم قبل جمعها وتدوينها وإبرازها كعلم مستقلّ كانت موجودةً في مصدري التشريع الإسلامي: الكتاب والسنّة، وقد ظهرت بشكل واضح وملحوظ من أحاديث الإمامين: الباقر والصادق عليهما السلام.

ونتيجةً لتطوّر المعارف الإسلاميّة وتكثّرها وتداخل بعضها في البعض الآخر كان من الضروري جدّاً إفراز هذه القواعد وتميزها عن غيرها. وفعلاً فقد تصدّى لهذا العمل جمع من كبار علماء المسلمين، فابتدأوا بتحرير بعض القواعد الاُصوليّة المهمّة بشكل رسائل صغيرة، كمباحث الألفاظ، والعموم والخصوص، والمجمل والمبيّن، والتعارض.

ثمّ تطوّر الأمر فقام جمع آخر من العلماء بجمع هذه القواعد وترتيبها وصبّها في قالب واحد، وجعلها في إطار خاصّ بها سُمّي بعد ذلك بعلم الاُصول.

وقد كان لعلماء الشيعة أتباع مدرسة أهل البيت (عليهم السلام) مضمار السبق في جمع وترتيب وتدوين قواعد هذا العلم، كما كان لأئمّتهم (عليهم السلام) الاختصاص بتأسيس هذا العلم وإبرازه في أحاديثهم المباركة.

لكنّنا نشاهد أنّ بعض علماء السنّة يحاول إرجاع هذا العلم إليهم ويذهب إلى أنّ أوّل مَنْ صنّف فيه ورتّب قواعده وميّزها عن غيرها هم أتباع مدرسة الخلفاء.

فقد عدَّ ابن النديم (ت 380 هـ) في "الفهرست" من مصنّفات محمّد بن الحسن الشيباني (ت 182 أو 189 هـ) رسالة في "اُصول الفقه" واُخرى في "الاستحسان"(1).

وادّعى ابن حجر العسقلاني (ت 852 هـ) في "الأوائل" أنّ الإجماع قائم

____________

1- الفهرست: 257 و258.


الصفحة 8
على أنّ أوّل مَنْ صنّف في الاُصول هو الإمام محمّد بن إدريس الشافعي (ت 204 هـ)(1).

وذهب ابن خلّكان في "الوفيات" إلى أنّ أبا يوسف يعقوب بن إبراهيم (ت 182 هـ) هو أوّل مَنْ صنّف في علم الاُصول وفق مذهب اُستاذه أبي حنيفة(2).

وتبعهم في ذلك جمع من متأخّري المؤلّفين والمحقّقين:

قال الشيخ محمّد أبو زُهرة: والجمهور من الفقهاء يُقرّون للشافعي بأسبقيّته بوضع علم الاُصول(3). ثمّ نقل في كتابه ـ الذي وضعه عن حياة الشافعي ـ عن فخر الدين الرازي قوله: اعلم أنّ نسبة الشافعي إلى علم الاُصول كنسبة أرسطو إلى علم المنطق، وكنسبة الخليل بن أحمد إلى علم العروض(4).

وقال الدكتور الجميلي: وأوّل مَنْ دوّن اُصول هذا العلم هو الإمام محمد بن إدريس الشافعي، وذلك في كتابه "الرسالة" والذي وضع فيه بيان القرآن الكريم والسنّة النبويّة المطهّرة، ثمّ بيان الاجتهاد والقياس(5).

وقال الشيخ خليل الميس: وقد شُرّف هذا العلم أن تولّد منهجاً وتصنيفاً على يدي الإمام المطّلبي محمّد بن إدريس الشافعي(6).

والعجيب في الأمر أنّ بعض علماء الشيعة الأخباريّين حاولوا إرجاع هذا العلم إلى أبناء السنّة ; وذلك من أجل الدفاع عن مذهبهم الأخباري في قبال

____________

1- حكاه عنه السيّد حسن الصدر في تأسيس الشيعة لعلوم الإسلام: 310.

2- وفيات الأعيان 6: 382.

3- محاضرات في اُصول الفقه الجعفري: 6.

4- الشافعي: 196.

5- الإحكام في اُصول الأحكام "المقدّمة": 9.

6- المعتمد في اُصول الفقه "المقدّمة": ج.


الصفحة 9
الاُصوليّين من علماء الشيعة، فنقل المولى محمّد أمين الاسترابادي عن السيّد الأمير محمّد جمال الدين الاسترابادي في شرحه لـ " تهذيب الاُصول" للعلاّمة الحلّي قوله: إنّ التهذيب مختصر من "مختصر الحاجبي" الذي هو مختصر كتاب "المنتهى" وهو مختصر من "الإحكام" للآمدي، المختصر عن "محصول" فخر الدين الرازي، المختصر من "المعتمد" لأبي الحسين البصري محمّد بن علي المتكلّم المعتزلي المتوفّى ببغداد سنة 436 هـ.

وعلّق الشيخ الطهراني على هذا الكلام قائلاً: يظهر منه أنّه حاول بذلك الكلام إرجاع علم الاُصول وكتبه إلى علماء العامّة، بزعم أنّ الاُصوليّين منّا عيال عليهم. أَوَلَم يطّلع على "عدّة الاُصول" لشيخ الطائفة المعاصر لأبي الحسين البصري؟ فهل يحتمل أنّه أخذ مطالبه عن غير اُستاده الشيخ المفيد المقدّم على أبي الحسين؟(1).

ونحن نُبيّن في هذه المقدّمة المختصرة بطلان كلّ هذه الادّعاءات، ونُثبت بأنّ علم الاُصول وُلد ونما في مدرسة أهل البيت (عليهم السلام)، حيث نذكر بعض المصنّفين فيه ابتداءً من القرن الثاني الهجري وحتى القرن الرابع عشر الهجري.

القرن الثاني

لأئمّة أهل البيت (عليهم السلام) الدور الأوّل في تأسيس هذا العلم ووضع قواعده الأوّليّة، فالذي يُراجع أحاديثهم (عليهم السلام) ابتداءً من أوّلهم الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)، وانتهاءً بآخرهم الحجّة المنتظر عجّل الله تعالى فرجه الشريف، يستطيع أن يقف على جملة كبيرة من الأحاديث التي تتعلّق بعلم

____________

1- الذريعة 4: 512.


الصفحة 10
الاُصول، خصوصاً أحاديث الإمامين: أبي جعفر الباقر (ت 114 هـ) وأبي عبدالله الصادق (ت 148 هـ) عليهما السلام اللذين أتاحت لهما الظروف السياسيّة القلقة القائمة آنذاك فرصة كبيرة في إظهار علومهم ومعارفهم الإسلاميّة، وإلقائها على جمع كبير من تلامذتهما.

وقد أدرج عدد من علمائنا الماضين هذه الأحاديث في كتبهم التي صنّفوها في شتّى العلوم الإسلاميّة، نذكر عشرة منهم على سبيل المثال لا الحصر:

1 ـ عبدالله بن جعفر الحميري (ت القرن الثالث) في قرب الإسناد.

2 ـ محمّد بن الحسن بن فروخ الصفّار (ت 290هـ) في بصائر الدرجات.

3 ـ محمّد بن يعقوب الكليني الرازي (ت 328 هـ) في الكافي.

4 ـ محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي، الصدوق (ت 381 هـ) في عدد من مصنّفاته، كالفقيه، والعيون، والعلل، والخصال، والأمالي، والتوحيد.

5 ـ الحسن بن علي بن الحسين بن شعبة الحرّاني (ت القرن الرابع) في تحف العقول.

6 ـ محمّد بن محمّد بن النعمان العكبري البغدادي، المفيد (ت 413 هـ) في الاختصاص.

7 ـ محمّد بن علي بن عثمان الكراجكي الطرابلسي (ت 449 هـ) في كنز الفوائد.

8 ـ محمّد بن الحسن الطوسي (ت 460 هـ) في عدد من كتبه، كالتهذيب، والاستبصار، والأمالي.

9 ـ أحمد بن علي الطبرسي (ت 588 هـ) في الاحتجاج.

10 ـ أحمد بن فهد الحلّي (ت 841 هـ) في عدّة الداعي.

وقد جُمعت هذه الأحاديث مؤخّراً في المجلّد الأوّل من الموسوعة

الصفحة 11
الحديثيّة الكبيرة "جامع أحاديث الشيعة" التي اُلّفت تحت إشراف الفقيه الجليل آية الله العظمى السيّد حسين الطباطبائي البروجردي (ت 1380 هـ).

وفي النصف الأوّل من القرن الثالث عشر كتب السيّد عبدالله بن محمّد رضا شبّر الحسيني الكاظمي (ت 1242 هـ) كتابه "الاُصول الأصيلة" الذي جمع فيه ألفاً وتسعمائة وثلاثة أحاديث تتعلّق باُصول الفقه، وجعله جزءاً من كتابه الكبير "جامع المعارف والأحكام"(1).

وفي أوائل القرن الرابع عشر كتب السيّد محمّد هاشم بن السيّد زين العابدين الموسوي الخوانساري (ت 1318 هـ) كتابه "اُصول آل الرسول" حيث جمع فيه أربعة آلاف حديث تتعلّق جميعها باُصول الفقه(2).

وقد بدأ أئمّة أهل البيت (عليهم السلام) في القرنين: الثاني والثالث بإملاء قواعد هذا العلم على تلامذتهم، وهم بدورهم قاموا بجمع القواعد وترتيبها وتصنيفها في رسائل مستقلّة.

منهم: المتكلّم الاُصولي الكبير أبو محمّد هشام بن الحكم الكوفي الشيباني (ت 179 هـ)(3) الذي كان من أبرز تلاميذ الإمام الصادق (عليه السلام)، ومن خواصّ الإمام الكاظم (عليه السلام)(4). له كتاب " الألفاظ ومباحثها " ذكره ابن النديم في "الفهرست" قائلاً: كتاب الألفاظ كتاب معروف(5) والنجاشي في رجاله(6)،

____________

1- الذريعة 2: 178/655.

2- الذريعة 2: 177/651 و4: 512.

3- أرّخ الكشّي وفاته في سنة 179 هـ، واحتمل النجاشي غير ذلك حيث قال: يقال: إنّه مات سنة 199 هـ.

4- رجال الكشّي: 255 ـ 256/475، رجال الشيخ الطوسي: 329 ـ 330، الذريعة 2: 291/1177.

5- الفهرست: 224.

6- رجال النجاشي: 433/1164.


الصفحة 12
والشيخ في "الفهرست" باسم "كتاب الألفاظ"(1).

القرن الثالث

وفي هذا القرن أيضاً نُشاهد عدداً من أصحاب الأئمّة (عليهم السلام) يدوّنون بعض الكتب والرسائل في هذا العلم:

منهم: أبو محمّد يونس بن عبد الرحمن، مولى آل يقطين (ت 208 هـ) الذي رأى الإمام الصادق (عليه السلام) ولم يرو عنه، وروى عن الإمام الكاظم (عليه السلام)، وكان وكيلاً للإمام الرضا (عليه السلام). له كتاب "اختلاف الحديث ومسائله" الذي رواه عن الإمام الكاظم (عليه السلام)، ذكره الشيخ الطوسي في الفهرست(2).

ومنهم: أبو سهل إسماعيل بن علي بن إسحاق النوبختي البغدادي، الذي لقي الإمام العسكري (عليه السلام) وحضر وفاته في سنة 260 هـ، له عدّة كتب في الاُصول:

1 ـ "إبطال القياس" ذكره ابن النديم في "الفهرست"(3).

2 ـ "الخصوص والعموم"، ذكره النجاشي في رجاله(4)، والشيخ الطوسي في "الفهرست"(5).

3 ـ "نقض اجتهاد الرأي على الراوندي" ذكره ابن النديم والنجاشي في

____________

1- الفهرست: 175/761.

2- الفهرست: 181/789. وانظر: رجال النجاشي: 446 ـ 447/1208، الذريعة 1: 361/1896.

3- الفهرست: 225، الذريعة 1: 69/343.

4- رجال النجاشي: 32/68.

5- الفهرست: 12/36.


الصفحة 13
كتابيهما(1).

ومنهم: أبو محمّد الحسن بن موسى النوبختي البغدادي، ابن اُخت إسماعيل النوبختي المتقدّم. ذكره ابن النديم ونصّ على تشيّعه وتشيّع كلّ آل نوبخت(2). وذكره النجاشي أيضاً قائلاً: شيخنا المتكلّم المبرّز على نظرائه في زمانه قبل الثلاثمائة وبعدها، وعدّ من مصنّفاته في الاُصول:

1 ـ "كتاب الخصوص والعموم"(3).

2 ـ "كتاب في خبر الواحد والعمل به"(4). وقد ذكره الشيخ الطهراني مرّتين: باسم "كتاب خبر الواحد"(5)، وباسم "حجّيّة الأخبار"(6).

القرن الرابع

وفيه استمرّ علماؤنا في تدوين الكتب والرسائل الاُصوليّة، مستفيدين ممّا كتبه الأعلام الذين سبقوهم:

1 ـ منهم: ابن الجنيد، محمّد بن أحمد الكاتب الاسكافي، أبو علي، الذي كان معاصراً للشيخ الكليني (ت 328 هـ) وللشيخ علي بن بابويه والد الشيخ الصدوق (ت 329 هـ). له كتاب اُصولي ذكره النجاشي بعنوان "كشف التمويه والإلباس على إغمار الشيعة في أمر القياس"(7) والسيّد الصدر في "تأسيس

____________

1- الفهرست: 225، رجال النجاشي: 32/68، الذريعة 24: 285/1460.

2- الفهرست: 225.

3- تأسيس الشيعة لعلوم الإسلام: 311، الذريعة 7: 176/910.

4- رجال النجاشي: 63/148.

5- الذريعة 7: 139/765.

6- الذريعة 6: 270/1466.

7- رجال النجاشي: 387/1407.


الصفحة 14
الشيعة" بعنوان "كشف التمويه والالتباس في إبطال القياس"(1).

ومنهم: أبو منصور الصرّام النيشابوري، الذي يروي عنه الشيخ الطوسي بواسطة واحدة، فيكون من طبقة هارون بن موسى التلعكبري (ت 385 هـ) والشيخ محمّد بن قولويه (ت 367 هـ) له في الاُصول:

1 ـ "بيان الدين" ذكره السيّد الصدر(2).

2 ـ "إبطال القياس" ذكره الشيخ الطوسي(3).

ومنهم: أبو الحسن محمّد بن أحمد بن داوُد بن علي بن الحسن (ت 368 هـ) ذكره النجاشي قائلاً: شيخ هذه الطائفة وعالمها وشيخ القمّيّين في وقته وفقيههم، يُعرف بابن داوُد. وعدَّ من مصنّفاته "كتاب مسائل الحديثين المختلفين"(4).

القرن الخامس

وقد شهد علم الاُصول في هذا القرن تطوّراً ملحوظاً، إذ برز فيه علماء اُصوليّون كبار ساهموا في تدوين الكثير من الكتب فيه:

منهم: الشيخ المفيد، أبو عبدالله محمّد بن محمّد بن النعمان الحارثي البغدادي (ت 413 هـ) له عدّة كتب ورسائل في الاُصول، ذكرها النجاشي في رجاله(5):

____________

1- تأسيس الشيعة لعلوم الإسلام: 312، الذريعة 18: 24/493.

2- تأسيس الشيعة لعلوم الاسلام: 312، الذريعة 3: 181/643.

3- الفهرست: 190/852، الذريعة 1: 69/342.

4- رجال النجاشي: 384/1045، الفهرست: 136/592، الذريعة 20: 344/3319.

5- رجال النجاشي: 399/1067.


الصفحة 15
1 ـ "التذكرة باُصول الفقه" رواه عنه الشيخ محمّد بن علي بن عثمان الكراجكي، وأدرجه مختصراً في كتابه "كنز الفوائد" وهو مشتمل على كافّة مباحث الاُصول على الاختصار(1).

2 ـ "كتاب القياس"(2)، ويعبّر عنه بـ "إبطال القياس"(3).

3 ـ "مسألة في القياس" وهو غير الكتاب السابق(4).

4 ـ "مسألة في الإجماع"(5).

5 ـ "النقض على ابن الجنيد في اجتهاد الرأي".

ومنهم: السيّد المرتضى، أبو القاسم علم الهدى الشريف علي بن الحسين بن موسى الموسوي (ت 436 هـ) له عدّة كتب ورسائل في الاُصول ذكرها الشيخ الطوسي في "الفهرست"(6):

1 ـ "إبطال القياس" وهو من أجزاء المسائل الموصليّات الاُولى، عبّر عنه الشيخ الطوسي في "الفهرست" بـ "مسألة في إبطال القياس"(7).

2 ـ "الذريعة إلى اُصول الشريعة" وهو أشهر كتبه الاُصوليّة، بل من أشهر المصنّفات الاُصوليّة عند الشيعة. استوفى فيه كلّ مباحثه، وتعرّض لنقل الأقوال في مسائله وحقّق الحقّ فيها. وكان هذا الكتاب هو المرجع في الدراسة لهذا العلم لفترة طويلة، إلى أن ألّف المحقّق الحلّي كتابه "معارج الاُصول" الذي اتّصف

____________

1- الذريعة 2: 209/814، و4: 25/81 و20: 186/2510.

2- الذريعة 17: 220 و221.

3- الذريعة 1: 70/346.

4- الذريعة 20: 391/3609.

5- الذريعة 24: 287/1471.

6- الفهرست: 98 ـ 100/421.

7- الذريعة 1: 70/345، الفهرست: 99.


الصفحة 16
بسهولة العبارة والمأخذ، فانتقل إليه الطلاّب في الدراسة، وقد كتبت عليه عدّة شروح(1).

3 ـ "مسائل الخلاف"(2) وذكره النجاشي في رجاله بعنوان "كتاب الخلاف في اُصول الفقه"(3).

4 ـ "مسائل مفردات" في اُصول الفقه(4).

ومنهم: أبو يعلى حمزة الملقّب بسلاّر بن عبد العزيز الديلمي الطبرستاني (ت 448 هـ) له كتاب "التقريب" ذكره النجاشي في رجاله في ترجمة السيّد المرتضى(5)، والشيخ منتجب الدين في "الفهرست"(6)، وابن شهر آشوب في "المعالم"(7).

ومنهم: شيخ الطائفة، أبو جعفر محمّد بن الحسن الطوسي (ت 460 هـ) له كتابان في الاُصول، ذكرهما هو في كتابه "الفهرست" في ترجمة نفسه(8)، والنجاشي في رجاله(9)، وهما:

1 ـ "عدّة الاُصول" وهو كتاب جامع لكلّ مباحث علم الاُصول ومسائله، في غاية البسط والتحقيق، عليه عدّة شروح وحواش، أشهرها الحاشية الخليليّة للمولى خليل القزويني (ت 1011 هـ) ذكر الشيخ الطهراني في ذريعته لها أربع

____________

1- الذريعة 10: 26/130.

2- الذريعة 20: 245/3331.

3- رجال النجاشي: 271/708.

4- الذريعة 20: 368/3453.

5- رجال النجاشي: 271/708.

6- الفهرست: 84.

7- معالم العلماء: 46.

8- الفهرست: 160/699.

9- رجال النجاشي: 403/1068.


الصفحة 17
حواش(1).

2 ـ " مسألة في العمل بخبر الواحد "(2) وسمّاه السيّد الصدر بـ " مسألة حجّيّة خبر الواحد "(3) والشيخ الطهراني في موضع آخر من ذريعته بـ " حجّيّة الأخبار "(4).

القرنان السادس والسابع

والذين ألّفوا في الاُصول في هذين القرنين كثيرون:

منهم: القطب الراوندي، أبو الحسين سعيد بن هبة الله بن الحسن (ت 573 هـ) له شرح على " الذريعة " سمّاه " المستقصى في شرح الذريعة " ذكره الشيخ منتجب الدين(5).

ومنهم: السيّد كمال الدين المرتضى بن المنتهى بن الحسين الحسيني المرعشي، اُستاذ الشيخ منتجب الدين (ت بعد 585 هـ) له "شرح الذريعة" ذكره الشيخ منتجب الدين(6).

ومنهم: سديد الدين محمود بن علي بن الحسن الحمصي الرازي، الذي كان من مشايخ الشيخ منتجب الدين (ت بعد 585 هـ) وابن إدريس الحلّي

____________

1- الذريعة 6: 78، و15: 227/1488.

2- الذريعة 20: 390/3604.

3- تأسيس الشيعة لعلوم الإسلام: 313.

4- الذريعة 6: 270/1468.

5- الفهرست: 87، الذريعة 13: 277، و21: 13/3703.

6- الفهرست: 160، الذريعة 13: 278/1012، طبقات أعلام الشيعة (الثقات العيون في سادس القرون): 298.


الصفحة 18
(ت 598 هـ) له كتاب "المصادر"(1).

ومنهم: الشيخ حسن بن أبي جعفر النيشابوري، المعاصر لابن شهر آشوب (ت 588 هـ) له كتاب "المختصر في الاُصول"(2).

ومنهم: أبو جعفر محمد بن أبي القاسم علي بن محمد بن علي الطبري الآملي، تلميذ الشيخ أبي علي الطوسي، واُستاذ القطب الراوندي والشيخ منتجب الدين، له "شرح مسائل الذريعة"(3).

ومنهم: برهان الدين أبو الحرث محمد بن أبي الخير علي بن أبي سليمان ظفر الحمداني، له كتاب "عين الاُصول" ذكره الشيخ منتجب الدين(4) أيضاً.

ومنهم: المحقّق الحلّي، أبو القاسم نجم الدين جعفر بن يحيى بن سعيد الهذلي (ت 676 هـ) له:

1 ـ "معارج الاُصول" والذي يُسمّى بـ "نهج المعارج"(5). وهو من الكتب الاُصوليّة المشهورة والمعتبرة، عليه عدّة شروح، ذكر الشيخ الطهراني أربعةً منها(6).

____________

1- الفهرست: 164، الذريعة 21: 95/4101، طبقات أعلام الشيعة (الثقات العيون في سادس القرون): 295.

2- معالم العلماء: 38، الذريعة 20: 173/2457، طبقات أعلام الشيعة (الثقات العيون في سادس القرون): 55.

3- الفهرست: 164، الذريعة 13: 278، و14: 64/1756، طبقات أعلام الشيعة (الثقات العيون في سادس القرون): 242 و278.

4- الفهرست: 161، الذريعة 15: 367/2318، طبقات أعلام الشيعة (الثقات العيون في سادس القرون): 274.

5- الذريعة 21: 180/4503، و24: 425.

6- الذريعة 14: 69 ـ 70.


الصفحة 19
2 ـ "نهج الوصول إلى معرفة الاُصول"(1).

ومنهم: فتح الله بن علوان القپائي الدورقي، له "نظام الفصول في شرح نهج الوصول"(2).

القرنان الثامن والتاسع

شهد هذان القرنان بروز علماء كبار في الطائفة الحقّة كان لهم الدور الكبير في حركة التأليف في العلوم الإسلامية عموماً، والاُصول خصوصاً:

منهم: العلاّمة الحلّي، جمال الدين الحسن بن يوسف بن علي بن المطهّر (ت 726 هـ) له في الاُصول عدّة مؤلّفات، ذكرها في كتابه "الخلاصة" في ترجمة نفسه(3):

1 ـ "تهذيب طريق الوصول إلى علم الاُصول" ويعبّر عنه بـ "تهذيب الاُصول" أو "تهذيب الوصول"(4). وعليه عدّة شروح وحواش، ذكر الشيخ الطهراني منها سبع حواش وثلاثة وعشرين شرحاً(5).

2 ـ "غاية الوصول وإيضاح السبل في شرح مختصر منتهى السُّؤل والأمل في علمي الاُصول والجدل" لابن الحاجب(6).

3 ـ "مبادئ الوصول إلى علم الاُصول"(7) له عدّة شروح، ذكر الشيخ

____________

1- الذريعة 24: 426/2228.

2- الذريعة 24: 193/1008.

3- الخلاصة: 46 ـ 48.

4- الذريعة 4: 511 ـ 512، مكتبة العلاّمة الحلّي: 109.

5- الذريعة 4: 512 ـ 514 و6: 54 ـ 55 و13: 165 ـ 170.

6- الذريعة 16: 24، مكتبة العلاّمة الحلّي: 43.

7- الذريعة 19: 43/229، مكتبة العلاّمة الحلّي: 169.


الصفحة 20
الطهراني منها أربعة عشر شرحاً(1).

4 ـ "منتهى الوصول إلى علمي الكلام والاُصول "(2).

5 ـ "النكت البديعة في تحرير الذريعة" للسيّد المرتضى(3).

6 ـ "نهاية الوصول إلى علم الاُصول"(4).

7 ـ "نهج الوصول إلى علم الاُصول"(5).

ومنهم: السيّد مجد الدين عباد بن أحمد بن إسماعيل الحسيني، المعاصر للعلاّمة الحلّي، له "توضيح الوصول في شرح تهذيب الاُصول"(6).

ومنهم: السيّد عميد الدين عبد المطلب ابن السيّد مجد الدين الأعرج الحسيني (ت 754 هـ) ابن اُخت العلاّمة الحلّي، له في الاُصول:

1 ـ "شرح مبادئ الوصول إلى علم الاُصول"(7)

2 ـ "شرح تهذيب طريق الوصول إلى علم الاُصول"(8).

ومنهم: السيّد ضياء الدين عبد الله ابن السيّد مجد الدين الأعرج الحسيني، ابن اُخت العلاّمة الحلّي أيضاً، له "شرح تهذيب طريق الوصول إلى علم الاُصول" سمّاه بـ "منية اللبيب في شرح التهذيب"(9).

ومنهم: فخر المحقّقين ابن العلاّمة الحلّي، أبو جعفر محمّد بن الحسن بن

____________

1- الذريعة 14: 52 ـ 54.

2- الذريعة 23: 15/7848، مكتبة العلاّمة الحلّي: 197.

3- الذريعة 24: 303/1586.

4- الذريعة 24: 408 ـ 409، مكتبة العلاّمة الحلّي: 209.

5- الذريعة 24: 426/2227، مكتبة العلاّمة الحلّي: 217.

6- أمل الآمل 2: 141، الذريعة 4: 499/2235، و13: 168.

7- الذريعة 14: 53.

8- الذريعة 13: 168/571.

9- الذريعة 13: 168، و23: 207/8653.


الصفحة 21
يوسف (ت 771 هـ) له "غاية السؤل في شرح تهذيب الاُصول"(1).

ومنهم: الشيخ علي بن الحسن الحائري، له "حاشية تهذيب طريق الوصول إلى علم الاُصول" كتبها سنة 777 هـ(2).

ومنهم: الشيخ محمّد بن علي بن محمّد الجرجاني الغروي، تلميذ العلاّمة الحلّي، له "غاية البادئ في شرح المبادئ"(3).

ومنهم: الشيخ علي بن الحسن بن علي الإمامي، تلميذ العلاّمة الحلّي، له "خلاصة الاُصول في شرح مبادئ الوصول"(4).

ومنهم: الشهيد الأوّل محمّد بن مكي الجزيني (ت 786 هـ) له "جامع البين في فوائد الشرحين" والشرحان للأخوين الأعرجيّين اللذين تقدّما قبل قليل، وقد جمع الشهيد بين فوائد هذين الشرحين وزاد عليهما فوائد اُخرى(5).

ومنهم: ابن أبي جمهور الأحسائي، محمّد بن علي بن إبراهيم، له "حاشية على تهذيب طريق الوصول إلى علم الاُصول، ذكرها في إجازته للشيخ محمّد بن صالح الغروي، الصادرة له في سنة 896 هـ(6).

القرن العاشر

وفي هذا القرن أيضاً كتب بعض علمائنا في علم الاُصول:

منهم: السيّد جمال الدين بن عبدالله بن محمّد بن الحسن الحسيني

____________

1- الذريعة 16: 13/50.

2- الذريعة 6: 55/275.

3- الذريعة 16: 10/40.

4- الذريعة 7: 213/1036.

5- الذريعة 13: 170/575.

6- الذريعة 6: 55/277.


الصفحة 22
الجرجاني، له "شرح تهذيب الاُصول" فرغ من تأليفه سنة 929 هـ(1).

ومنهم: المحقّق الكركي، علي بن الحسين بن عبد العالي (ت 940 هـ) وهو من كبار العلماء الاُصوليّين في هذا القرن. وعلى الرغم من أنّه لم يصنّف كتاباً خاصّاً في هذا العلم إلاّ أنّ كتبه مليئة بالأبحاث الاُصوليّة، والتي منها:

1 ـ في رسالة صلاة الجمعة بحث في أنّ الوجوب إذا رفع هل يبقى الجواز أم لا؟(2)

2 ـ في رسالة جوابات الشيخ حسين بن مفلح الصيمري مسألة التعارض بين الظاهر والأصل(3).

3 ـ في رسالة طريق استنباط الأحكام بحث عن الإجماع وطريقة معرفته(4).

4 ـ مسألة تقليد الميّت بحثها في عدّة مؤلّفاته، منها ما ورد في رسالة فتاوى المحقّق الكركي(5)، وشرح الألفيّة(6)، وحاشية الشرائع(7).

ومنهم: المولى كمال الدين الحسين بن الخواجة شرف الدين عبد الحقّ الأردبيلي المعروف بـ "الالهي" (ت 950 هـ) له " شرح تهذيب الاُصول "(8).

ومنهم: السيّد صفي الدين محمّد ابن السيّد جمال الدين الحسيني

____________

1- كشف الحجب: 330، الذريعة 13: 166/565.

2- رسائل المحقّق الكركي 1: 140 ـ 142.

3- رسائل المحقّق الكركي 2: 236 ـ 238.

4- رسائل المحقّق الكركي 3: 48.

5- رسائل المحقّق الكركي 2: 252 ـ 254.

6- رسائل المحقّق الكركي 3: 176 ـ 177.

7- حاشية الشرائع "مخطوط": ورقة 163.

8- الذريعة 13: 167/567.


الصفحة 23
الاسترابادي، تلميذ المحقّق الكركي والراوي عنه، له "شرح تهذيب الاُصول"(1).

ومنهم: الشهيد الثاني، زين الدين بن علي العاملي (ت 965 هـ) له:

1 ـ "حجّيّة الإجماع"(2).

2 ـ "تمهيد القواعد الاُصوليّة والعربيّة"(3).

القرن الحادي عشر

على الرغم من الصراعات الفكريّة التي جرت في تلك الفترة بين علماء الشيعة، وانقسامهم إلى اُصوليّين وأخباريّين، وظهور علماء كبار يدافعون عن الفكر الأخباري، ويقفون أمام كلّ محاولة لترسيخ الفكر الاُصولي. على الرغم من ذلك كلّه نُشاهد أنّ حركة التدوين الاُصوليّة لم تتوقّف، وشرع الكثير من علمائنا في التأليف والدفاع عن فكرهم الاُصولي:

منهم: الشيخ جمال الدين أبو منصور الحسن بن زين الدين الشهيد (ت 1011 هـ) له "معالم الاُصول" وهو مقدّمة اُصوليّة لكتابه الفقهي "معالم الدين"(4). وعليه عدّة حواش وشروح كثيرة، ذكر الشيخ الطهراني منها ثماني وأربعين حاشية وثلاثة عشر شرحاً(5).

ومنهم: الشهيد القاضي السيّد نور الله الشوشتري (ت 1019 هـ) له "حاشية تهذيب طريق الوصول إلى علم الاُصول"(6).

____________

1- الذريعة 13: 169/574.

2- الذريعة 6: 268/1458.

3- الذريعة 4: 433 ـ 434/1923.

4- الذريعة 21: 198/4593.

5- الذريعة 6: 204 ـ 210، و14: 70 ـ 72.

6- الذريعة 6: 55/278.