العذراء مريم في القرآن الكريم



الشيخ محمّد الحسّون



اللقاء الإسلاميّ المسيحيّ

باريس ـ فرنسا

١٤/٤/٢٠١٨ م = ٢٧ رجب ١٤٣٩ هـ


الصفحة 2

الصفحة 3

بسم الله الرحمن الرحيم


الحمدُ لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله، وكافّة الأنبياء والمرسلين.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

اُقدّم لكم مختصراً لمقالتي التي هي بعنوان ﴿العذارءُ مريم في القرآن الكريم؛ لأنّ الوقت المخصّص لي لا يسع لطرح المقالة كاملة، فأقول:

السيّدة مريمُ عنوانُ الطُهرِ والصَونِ والعَفافِ والكَمال.. هي نبعُ الصَفاءِ والنَقاءِ والنُورِ والجَمالِ .. محفوظٌ اسمُها في شَغافِ القُلوبِ وفي مُقلِ العُيون .. وَوَصْفُ السّيادةِ قرينُ اِسمِها .. ينطِقُهُ المؤمنُون الصادِقون. سيّدةُ نساءِ زمانِها.. . وإحدى أفضل سيّدات نساء العالمين من الأوّلين والآخرين.

لقد ذكر الباري عزّ وجلّ في كتابه العزيز عدّة نساء مقرونة برجال آخرين .. كزوجة زكريا وموسى وإبراهيم وعزيز مصر.. وامرأة لوط ونوح وفرعون.. . واُمّ موسى واُخته .. وأشار أيضاً إلى سيّدتنا ومولاتنا فاطمة الزهراء (عليها السلام) في عدّة آيات دون التصريح باسمها.

أمّا السيّدة مريم (عليها السلام) فقد خصّها الله سبحانه وتعالى بسورة كاملة سمّاها باسمها، وهي سورة مكيّة تقع في ثماني وتسعين آية.

لقد ورد اسم السيّدة مريم (عليها السلام) صريحاً في القرآن الكريم أربعاً وثلاثين مرّة .. في اثنتي عشرة سورة وفي ثلاث وثلاثين آية .. ابتداءً بثاني سورة منه وهي سورة البقرة، وانتهاءً بالسورة رقم ستّ وستّين وهي سورة التحريم، ومروراً بسورِ:

آل عمران، والنساء، والحديد، والتوبة، ومريم، والمؤمنون، والأحزاب، والزخرف، والحديد، والصفّ.


الصفحة 4

ورد اسمها (عليها السلام) مقروناً باسم ابنها في ثلاث وعشرين مرّة:

ثلاث عشرة مرّة بصيغة: ﴿عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ.

وثلاث مرّات بصيغة: ﴿الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ.

وخمس مرّات بصيغة: ﴿الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ.

وسبع مرّات بصيغة: ﴿ابْنُ مَرْيَمَ.

وورد اسمها الصريح أيضاً من غير أن يقرن باسم ابنها إحدى عشرة مرّة:

خمس مرّات منها مقروناً بياء المنادى: ﴿يَا مَرْيَمُ.

وستّ مرّات منها من غير أن يُقرن بياء المنادى: ﴿مَرْيَمُ.

والذي يطالع الآيات النازلة في حقّ السيّدة مريم (عليها السلام)، يلاحظ أنّ القرآن الكريم وصفها بعدّة صفات جليلة، منها:

الصدّيقة:

إذ قال تعالى: ﴿مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ(1).

والصدّيق: هي صيغة مبالغة، بمعنى شديدة الصدق.

وقد وصف الباري عزّ وجل عدّة أشخاص بهذه الصفة، قال:

﴿يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ(2).

﴿وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا(3).

﴿وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا(4).

﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أُوْلَئِكَ هُمْ الصِّدِّيقُونَ(5).

﴿فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ(6).

____________

1- المائدة ٥: ٧٥ .

2- يوسف ١٢: ٤٦ .

3- مريم ١٩: ٤١ .

4- مريم ١٩: ٥٦ .

5- الحديد ٥٧: ١٩ .

6- النساء ٤: ٦٩ .


الصفحة 5

ومنها: المحدَّثة:

أي أنّ الملائكة كانت تحدّثها، وهي (عليها السلام) كانت تراهم وتسمع كلامهم وتحدّثهم:

قال تعالى: ﴿فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا * قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَانِ مِنْكَ إِنْ كُنتَ تَقِيًّا * قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ ِلأَهَبَ لَكِ غُلاَمًا زَكِيًّا قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلاَمٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُنْ بَغِيًّا * قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا وَكَانَ أَمْرًا مَقْضِيًّا(1).

وقال تعالى: ﴿إِذْ قَالَتْ الْمَلاَئِكَةُ يَامَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمِنْ الْمُقَرَّبِينَ(2).

وقال تعالى: ﴿وَإِذْ قَالَتْ الْمَلاَئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ(3).

ومنها: العابدة:

معنى كلمة ﴿مريم: أي العابدة أو خادمة المعبد. وهو الاسم الذي سمّته به اُمّها ﴿حنّة بنت فاقوذا زوجة عمران بن ثامان، إذ كانت تأمل أن تكون ابنتها عابدة زاهدة،وأن تكون في عداد خدّام بيت المقدس.

قال تعالى على لسانها: ﴿وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ(4).

وعن عبادتها قال تعالى: ﴿وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنْ الْقَانِتِينَ(5).

وقال تعالى: ﴿فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا

____________

1- مريم ١٩: ١٧ ـ ٢١ .

2- آل عمران ٣: ٤٥ .

3- آل عمران ٣: ٤٢ .

4- آل عمران ٣: ٣٦ .

5- التحريم ٦٦: ١٢ .


الصفحة 6

زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ(1).

ونذكر هنا الآيات التي وردت فيها اسم السيّدة مريم بنت عمران مرتبة حسب الحروف:

١ ـ قال تعالى: ﴿اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ(2).

٢ ـ قال تعالى: ﴿إِذْ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنْ السَّمَاءِ قَالَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ(3).

٣ ـ قال تعالى: ﴿إِذْ قَالَ اللَّهُ يَاعِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلى وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدتُّكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَإِذْ تَخْلُقُ مِنْ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِي وَتُبْرِئُ الأَكْمَهَ وَالأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتَى بِإِذْنِي وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَنْكَ إِذْ جِئْتَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ إِنْ هَذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُبِينٌ(4).

٤ ـ ٥ ـ قال تعالى: ﴿إِذْ قَالَتْ الْمَلاَئِكَةُ يَامَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمِنْ الْمُقَرَّبِينَ(5).

٦ ـ قال تعالى: ﴿تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمْ الْبَيِّنَاتُ وَلَكِنْ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا وَلَكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ(6).

٧ ـ قال تعالى: ﴿ثُمَّ قَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ بِرُسُلِنَا وَقَفَّيْنَا بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَآتَيْنَاهُ الإِنجِيلَ وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلاَّ ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ(7).

____________

1- آل عمران ٣: ٣٧ .

2- التوبة ٩: ٣١ .

3- المائدة ٥: ١١٢ .

4- المائدة ٥: ١١٠ .

5- آل عمران ٣: ٤٥ .

6- البقرة ٢: ٢٥٣ .

7- الحديد ٥٧: ٢٧ .


الصفحة 7

٨ ـ قال تعالى: ﴿ذَلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ (1).

٩ ـ قال تعالى: ﴿ذَلِكَ مِنْ أنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلاَمَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ (2).

١٠ ـ قال تعالى: ﴿فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُوا يَامَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا (3).

١١ ـ قال تعالى: ﴿فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ (4).

١٢ ـ قال تعالى: ﴿فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنْثَى وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ (5).

١٣ ـ قال تعالى: ﴿قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنْ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيدًا ِلأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِنْكَ وَارْزُقْنَا وَأَنْتَ خَيرُ الرَّازِقِينَ (6).

١٤ ـ قال تعالى: ﴿لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ (7).

١٥ ـ ١٦ ـ قال تعالى: ﴿لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ مِنْ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَنْ فِي الأَرْضِ جَمِيعًا وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا يخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (8).

١٧ ـ قال تعالى: ﴿لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَابَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ (9).

١٨ ـ قال تعالى: ﴿مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلاَنِ الطَّعَامَ انظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمْ الآياتِ ثُمَّ انظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ (10).

١٩ ـ قال تعالى: ﴿وَإِذْ أَخَذْنَا مِنْ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى

____________

1- مريم ١٩ : ٣٤ .

2- آل عمران ٣: ٤٤ .

3- مريم ١٩ : ٢٧ .

4- آل عمران ٣: ٣٧ .

5- آل عمران ٣: ٣٦ .

6- المائدة ٥: ١١٤ .

7- المائدة ٥: ٧٨ .

8- المائدة ٥: ١٧ .

9- المائدة ٥: ٧٢ .

10- المائدة ٥: ٧٥ .


الصفحة 8

وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا(1).

٢٠ ـ قال تعالى: ﴿وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلاَ أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ(2).

٢١ ـ قال تعالى: ﴿وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ (3).

٢٢ ـ قال تعالى: ﴿وَإِذْ قَالَتْ الْمَلاَئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ(4).

٢٣ ـ قال تعالى: ﴿وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذْ انتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا(5).

٢٤ ـ قال تعالى: ﴿وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا(6).

٢٥ ـ قال تعالى: ﴿وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ(7).

٢٦ ـ قال تعالى: ﴿وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنْ التَّوْرَاةِ وَآتَيْنَاهُ الإِنجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنْ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ(8).

٢٧ ـ قال تعالى: ﴿وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا(9).

٢٨ ـ قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَقَفَّيْنَا مِنْ بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ أَ فَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لاَ تَهْوَى أَنفُسُكُمْ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُون(10).

____________

1- الأحزاب ٣٣ : ٧ .

2- المائدة ٥: ١١٦ .

3- الصف ٦١ : ٦ .

4- آل عمران ٣: ٤٢ .

5- مريم ١٩: ١٦ .

6- النساء ٤: ١٥٦ .

7- المؤمنون ٢٣ .

8- المائدة ٥: ٤٦.

9- النساء ٤: ١٥٧ .

10- البقرة ٢: ٨٧ .


الصفحة 9

٢٩ ـ قال تعالى: ﴿وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ(1).

٣٠ ـ قال تعالى: ﴿يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلاَ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلاَّ الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلاَ تَقُولُوا ثَلاَثَةٌ انتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلاً(2).

٣١ ـ قال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونوا أَنصَارَ اللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللَّهِ فَآَمَنَتْ طَائِفَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَتْ طَائِفَةٌ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آَمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ(3).

٣٢ ـ قال تعالى: ﴿يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ(4).

٣٣ ـ قال تعالى: ﴿وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنْ الْقَانِتِينَ(5).

أمّا ما يتعلّق بسورة مريم (عليها السلام)، فقد ذكر العلّامة الطباطبائيّ، ما ورد فيها من مواضيع، إذ قال:

(غرض السورة على ما يُنبىء عنه قوله تعالى في آخرها: ﴿فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنذِرَ بِهِ قَوْمًا لُدًّا(6) الخ: هو التبشير والإنذار، غير أنّه ساق الكلام في ذلك سوقاً بديعاً، فأشار أوّلاً إلى قصّة زكريا ويحيى، وقصّة مريم وعيسى، وقصّة إبراهيم وإسحاق ويعقوب، وقصّة موسى وهارون، وقصّة إسماعيل، وقصّة إدريس، وما خصّهم به من نعمة الولاية، كالنبوّة والصدق والإخلاص.

ثمّ ذكر أنّ هؤلاء الذين أنعم عليهم، كان المعروف من حالهم الخضوع والخشوع لربهم، لكنّ أخلافهم أعرضوا عن ذلك، وأهملوا أمرَ التوجّه إلى ربّهم، واتبعوا الشهوات، فسوف يلقون غيّاً، ويضلّ عنهم الرشد، إلّا أن يتوب منهم تائب ويرجع إلى ربه، فإنّه يلحق بأهل النعمة.

ثمّ ذكر نبذة من هفوات أهل الغيّ وتحكماتهم، كنفي المعاد وعبادتهم

____________

1- الزخرف ٤٣ : ٥٧ .

2- النساء ٤: ١٧١ .

3- الصف ٦١: ١٤ .

4- آل عمران ٣: ٤٣.

5- التحريم ٦٦: ١٢ .

6- مريم ١٩: ٩٧ .


الصفحة 10

الأصنام، وما يلحقهم بذلك من النكال والعذاب.

فالبيان في السورة أشبه شيء ببيان المدّعى بإيراد أمثلته، كأنّه قيل: إنّ فلاناً وفلاناً وفلاناً ـ الذين كانوا أهل الرشد والموهبة ـ كانت طريقتهم الانقلاع عن شهوات النفس، والتوجّه إلى ربّهم، وسبيلهم الخضوع والخشوع إذا ذُكّروا بآيات ربّهم، فهذا طريق الإنسان إلى الرشد والنعمة.

لكنّ أخلافهم تركوا هذا الطريق بالإعراض عن صالح العمل، والإقبال على مذموم الشهوة، ولا يؤديهم ذلك إلّا إلى الغيّ خلاف الرشد، ولا يقرّهم إلّا على باطل القول، كنفي الرجوع إلى الله، وإثبات الشركاء لله، وسدّ طريق الدعوة، ولا يهديهم إلّا إلى النكال والعذاب.

فالسورة كما ترى تُفتح بذكر أمثلة، ثمّ تعقّبها باستخراج المعنى الكلّي المطلوب بيانه وذلك قوله: ﴿أُوْلَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ(1) الآيات، فالسورة تقسّم الناس إلى ثلاث طوائف:

الذين أنعم الله عليهم من النبيّين وأهل الإجتباء والهدى.

وأهل الغي.

والذين تابوا وآمنوا وعملواصالحاً، وهم ملحقون بأهل النعمة والرشد.

ثمّ تذكر ثواب التائبين المسترشدين، وهم قرناء الشياطين وأولياؤهم)(2).

محمّد الحسّون

٧ رجب ـ ١٤٣٩ هـ

٢٥ / ٣ / ٢٠١٨ م

البريد الالكتروني: Muhammad@aqaed.com

الصفحة على الانترنيت: www.alhasun.com

____________

1- مريم ١٩: ٥٨ .

2- الميزان في تفسير القرآن ١٤: ٦ .