مقابلة وكالة أنباء الحوزة العلميّة في قم المقدّسة حول زيارة الأربعين وردّ الشبهات الواردة عليها (1441)

إجابة على شبهتين علميّتين حول زيارة الأربعين

v أجاب الشيخ محمد الحسون ـ في لقائه مع وكالة أنباء الحوزة ـ على عدّة شبهات علميّة حول زيارة الأربعين، وأكّد على أنّ هذه الزيارة ذُكِرت في العديد من المصادر الشيعية المعتبرة.
سماحة حجة الإسلام والمسلمين الشيخ محمّد الحسّون ـ مدير مركز الأبحاث العقائدية التابع لمكتب سماحة السيد السيستاني ـ وفي زيارة له إلى مقر وكالة أنباء الحوزة أجاب على عدّة شبهات حول زيارة الأربعين.
قال سماحته في حواره مع وكالة أنباء الحوزة: في كلّ عام وعند حلول موسم الزيارة الأربعينية العظيمة وذهاب الملايين من زائري سيد الشهداء (عليه السلام) من مختلف البلدان نحو العراق تنتشر موجة من الشبهات ضد هذه الزيارة العظيمة في الإنترنيت وعلى وسائل التواصل الاجتماعي، الشبهات التي طرحها الوهابية ومن لديهم أفكار متطرّفة، وللأسف يكرّر بعض الشيعة هذه الشبهات أيضاً.
وأضاف سماحته:  توجد حالياً العديد من الشبهات حول زيارة الأربعين، وبالطبع تنتشر هذه الشبهات كلّ عام عند حلول موسم هذه الزيارة، إلاّ أنّ معظمها ليست من الشبهات العلمية، فيشيرون على سبيل المثال إلى أنّ العدد الكثير من الزوار يؤدّي إلى عدم الانسيابية والاختلال في الحياة في العراق، كما يقول البعض بأنّ الأطعمة والأشربة تُهدَر في مسيرات الأربعين، وهذه ليست شبهات علمية كي تحتاج إلى إجابة.

الناس يساهمون في مساعدة الفقراء كما يساهمون في زيارة الأربعين
وصرّح سماحته قائلاً: بطبيعة الحال لا تؤدّي زيارة الأربعين إلى إيقاف الشريان الحيوي، إضافة إلى أنّ أحداً لم يجبر هؤلاء الناس على الزيارة حتى يتمكّن من منعهم، أولئك الذين يقولون بأنّ (من الأفضل إنفاق المال على الفقراء بدلاً من بذل هذه الأموال الطائلة على طعام الزوار وشرابهم) ينبغي أن نقول لهم: (إنّ هؤلاء  يساعدون الفقراء أيضاً متى ما اقتضى ذلك)، ومن جهة أخرى فـ (إنّ للناس الخيار في صرف أموالهم في أيّ جهة شاءوا، وليس لأحد أن يجبرهم على إنفاق أموالهم في زيارة الإمام الحسين (عليه السلام) أو يمنعهم من ذلك).

إلقاء الشبهات في وسائل التواصل الاجتماعي بدلاً عن عرضها في الأوساط العلمية
أضاف سماحته قائلاً: إضافة إلى ذلك فقد ألقيت حديثاً عدّة شبهات حول زيارة الأربعين وتُذاع من قِبَل بعض الشيعة أيضاً، إلا أنّها شبهات وهابية حقيقةً. 
يعتقد الناس والشباب أنّ من قام بإثارة هذه الشبهات هو الشخص الفلاني الشيعي إلا أنّها في الواقع لم تنشأ من الشيعة بل أخِذت من المخالفين والوهابيين خاصّة، والمؤسف أنّهم يقومون بإلقاء هذه الشبهات ونشرها في وسائل التواصل الاجتماعي بدلاً من إلقائها على العلماء والأوساط العلمية.
وأكّد مدير مركز الأبحاث العقائدية على أنّ المؤمن المتديّن المنصِف إن واجه شبهةً حقيقةً وكان يحتاج إلى إجابة فعليه أن يٍسأل العلماء والمختصّين في المجال الديني كي يرى هل لهذه الشبهة جواب أم لا؟ لا أن ينشر الشبهة بمجرد رؤيتها أو حصولها في ذهنه، فهذا الفعل لا يصدر من العالم المثقّف الباحث عن الحقيقة.

لماذا لم يتم التعرّض لزيارة الأربعين في كامل الزيارات؟
كما أشار سماحة الشيخ إلى إحدى الشبهات العلمية التي تثار في هذا المجال، وهي أنّ الشيخ ابن قولويه (صاحب كامل الزيارات) لم يذكر زيارة الأربعين في كتابه، فيستند البعض بذلك على أنْ لا أصل لزيارة الأربعين ولا مصدر لها، ولذلك يقومون بتضعيفها.
فقال سماحته: والجواب أنّ الشيخ ابن قولويه لم يدَّعِ أنّه جمع جميع الزيارات، بل أكّد في مقدّمة كتابه إلى تعذّر جمع زيارات الأئمة (عليهم السلام) بكاملها، إضافة إلى ذلك فحتى لو قلنا بأنّ الشيخ ابن قولويه لم يكن معتقداً بزيارة الأربعين إلاّ أنّنا نقول بأنْ ليس للشيعة مؤّلَّف واحد حول الزيارات ـ وهو كامل الزيارات ـ حتى يقال بأنّ الزيارة إن لم تُذكَر فيه فإنّها باطلة وساقطة عن الاعتبار، فقد ذكر هذه الزيارة عشرات المؤلِّفين الشيعة في كتبهم ومصادرهم، ومنهم شيخ الطائفة الطوسي الذي ذكرها في كتابيه التهذيب ومصباح المتهجّد، وكذلك ابن المشهداني والسيد ابن طاووس وعشرات المصادر الأخرى التي ذكرت زيارة الأربعين، فما نصنع بكلَ هذه المصادر؟! هل يسعنا أن نتجاهل هذه الزيارة لعدم التعرّض لها في كامل الزيارات فنقول بسقوطها عن الاعتبار؟! هذا الكلام ليس علميّاً، وذلك لأنّ للشيعة العديد من المصادر، وذُكِرت زيارة الأربعين في كثير منها وعُدَّت من الزيارات المعتبرة.  

هل وصل أهل البيت (عليهم السلام) إلى كربلاء يوم الأربعين؟
أشار سماحة الشيخ الحسّون في جزء آخر من حديثه إلى اختلاف الرؤى حول وصول أهل بيت الحسين (عليه السلام) إلى كربلاء يوم الأربعين، وأضاف: هناك مثال آخر للشبهات المثارة في هذا المجال وهو أن يأتي شخص فيقول لك بأنّ الشيخ المفيد ـ وهو من كبار علماء الشيعة ـ لم يذكر وصول الأسراء إلى كربلاء يوم الأربعين أو أنّه لم يذكر وصول جابر بن عبد الله إلى كربلاء في هذا اليوم؛ ما ينبئ عن أنّه لم يكن معتقداً بوقوع هذه الواقعة وأنّ الأسراء وجابر لم يأتوا إلى كربلاء أساساً، ويستنتج ـ على ضوء ذلك ـ أنّ زيارة الأربعين غير معتبرة!   
وقال سماحته في معرض إجابته على هذه الشبهة: أوّلاً لا بُدَّ من معرفة هل أنّ دليل استحباب زيارة سيد الشهداء (عليه السلام) هو وصول الأسراء أو جابر إلى كربلاء فحسب، إن كان سبب استحباب زيارة الأربعين هو وصول جابر أو الأسراء إلى كربلاء فحسب لكنّا نقبل أيضاً بأنّهم إن لم يكونوا قد وصلوا إلى كربلاء يوم الأربعين فلا استحباب لزيارة الأربعين في هذا اليوم، إلا أنّ سبب الاستحباب لا ينحصر في ذلك، بل لدينا أدلّة عديدة على استحباب زيارة الحسين (عليه السلام) في يوم العشرين من صفر، نرى نص رواية مهران الجمّال عن الإمام الصادق (عليه السلام) حيث يقوم الإمام (عليه السلام) بتعليم مهران الجمّال كيفيّة الزيارة وأنّه إن أراد زيارة الحسين (عليه السلام) في العشرين من صفر فليغتسل وليلبس ألبسة نظيفة وليقل كذا وكذا.
واستمر مدير مركز الأبحاث العقائدية في حديثه قائلاً: للشيخ الطوسي في كتابيه التهذيب ومصباح المتهجّد فصلاً خاصاً تحت عنوان زيارة الأربعين، يذكر فيه رواية عن الإمام الصادق (عليه السلام) في أنّه يعلِّم مهران والشيعة بأنّهم إن أرادوا زيارة الحسين (عليه السلام) في العشرين من صفر فليفعلوا كذا وكذا، والرواية صحيحة السند، إضافة إلى ذلك فلدينا رواية في أنّ زيارة الأربعين إحدى خصائص المؤمن (تهذيب الأحكام 6 : 52 ، الحديث 37).
وأضاف سماحته: من جهة أخرى يصرّ جميع علماء الشيعة على زيارة الأربعين واستحبابها، وهنا أقول: لمجرد عدم ذكر الشيخ ابن قولويه لزيارة الأربعين أو عدم ذكر الشيخ المفيد وصولَ الأسراء إلى كربلاء في يوم الأربعين هل لنا أن نتجاهل كلام كل هؤلاء العلماء وسِيَرِهم؟! بل فلنفرض أصلاً أنّ الإمام السجاد (عليه السلام) والأسراء وجابر لم يصلوا إلى كربلاء في العشرين من صفر فهل يكون ذلك سبباً في أن نرى عدم اعتبار زيارة الأربعين؟! الجواب: (كلا) إذ لدينا أدلّة عديدة لاستحباب زيارة الحسين (عليه السلام) يوم الأربعين.

إثارة الشبهات في سبيل تضعيف زيارة الأربعين
كما أبدى هذا المبلِّغ والباحث الحوزوي امتعاضه من إثارة هذه الشبهات، فقال: المؤسف أنّهم يثيرون هذه الشبهات للشباب في الانترنيت ووسائل التواصل الاجتماعي، فيتصوّر الشباب ـ لعدم معرفتهم العلمية في هذا المجال ـ أنّه قد لا يكون هناك مستند لزيارة الأربعين، إلاّ أنّه لا بدّ أن نعلم أنّ هناك أيدي خلف الستار تثير هذه الشبهات، عندما يشاهدون الملايين من شيعة أهل البيت (عليهم السلام) وهم يغادرون بلدانهم لزيارة الأربعين يبذلون جلّ جهدهم لتضعيف هذه الزيارة بأيّ طريق كان.
كما أشار حجة الإسلام والمسلمين الشيخ الحسّون إلى ثواب زيارة الحسين (عليه السلام) يوم الأربعين وقال: من يريد نيل ثواب زيارة الإمام الحسين (عليه السلام) المخصوصة في يوم الأربعين فعليه أن يقرأ الزيارات الواردة في كتب الأدعية في نفس هذا اليوم، سواء كان في كربلاء أو لم يكن.