الصفحة 1

تاريخ بدء الإشكالات
على بعض الشعائر الحسينيّة




تأليف

الشيخ محمّد الحسّون


الصفحة 2

الصفحة 3

تاريخ بدء الإشكالات على بعض الشعائر الحسينيّة


في بداية عملي في رسائل الشعائر الحسينيّة، وبحثي عن تاريخ بداية إثارة الشبهات والإشكالات ـ من بعض أعلامنا(1) ـ على بعض الشعائر الحسينيّة، قبل تسع عشرة سنة(2)، كنتُ أتصوّر أن بدايتها ونقطة إنطلاقها كانت في الأوّل من شهر محرّم سنة 1345هـ ، عندما نشرت جريدة «الأوقات العراقيّة» آراء السيّد محمّد مهدي الموسويّ القزوينيّ البصريّ (ت1358هـ)، التي حرّم فيها بعض هذه الشعائر، وفي منتصف هذا الشهر من هذه السنة ألّف رسالته «صولة الحقّ على جولة الباطل»، التي أكّد فيها على آرائه المنشورة في تلك الجريدة.

وفي نفس الوقت قامت صحيفة «العهد الجديد» البيروتيّة، بنشر آراء السيّد محسن الأمين العامليّ (ت1371هـ)، التي انتقد فيها بعض الشعائر الحسينيّة، ممّا أثارت حفيظة بعض الأعلام وقاموا بردّها، فعمدَ السيّد الأمين

____________

(1) ليس المقصود من هذا البحث ما أثاره المخالفون والنواصب على هذه الشعائر، فإنّها حصلت من أيام الدولتين الاُمويّة والعباسيّة، وما تلتهما من حكومات ظالمة.

(2) في سنة 1423هـ أصدرنا كتاباً باسم «قراءة في رسالة التنزيه»، سلّطتُ الضوء فيه على هذه الرسالة وأثرها في المجتمع الشيعيّ، والاختلاف الكبير الذي خلّفته بين كافة طبقات المجتمع الشيعيّ، طبعتها مكتبة سعيد بن جبير في مدينة قم المقدّسة.


الصفحة 4

لتأليف رسالة «التنزيه لأعمال الشبيه»؛ لبيان آرائه كاملةً وانتقاده بعض الشعائر.

إنّ ما نشرته هاتين الصحيفتين المذكورتين، وما ورد في هاتين الرسالتين، سبّبَ ردّةَ فعل قويّة عند الأعلام، وقاموا بردّهما بمجموعة كبيرة من الرسائل والمقالات، وانقسم الشارع الشيعيّ آنذاك بكلّ أفراده وطبقاته ـ من علماء وفضلاء وكُتّاب وشعراء واُدباء وعامّة الناس ـ إلى مؤيّد ومعارض لها.

وقد سلّطنا الضوء على هذا الحدث الهامّ ـ الذي عبّر عنه البعض بـ «فتنة الشيعة» ـ في المجلّد الأوّل من هذه المجموعة من الرسائل.

وبعد الاستمرار في البحث، وتتبّع المصادر الكثيرة، والوقوف على رسائل جديدة تتعلّق بهذا الموضوع، عثرنا على عدّة نصوص، بداية من القرن الثاني عشر الهجريّ، تُشير إلى أنّ بعض أعلامنا استشكلوا على بعض الشعائر الحسينيّة، وفي مقدّمتها تمثيل واقعة الطفّ «التشبيه»، واستعمال بعض الآلات الموسيقيّة في العزاء الحسينيّ، ونقل الخطباء على المنابر لأحداث وقصص لا وجود لها في واقعة الطفّ الأليمة.

وأقدم نصّ وقفتُ عليه لحدّ الآن، كان في سنة 1196هـ(1) ، التي ألّف فيها المولى الشيخ محمّد مهدي النراقيّ (ت1209هـ) كتابه «جامع السعادات»، انتقد فيه «بعض قرّاء التعزيّة الذين يستعملون الغناء، ويختلقون الأخبار من عند أنفسهم»، و«أنّ جماعة منهم يلبسون الرجال لباس النساء ويأتون بالتشبيهات».

فجاء المحقّق الثالث الميرزا أبو القاسم القمّي (ت1231هـ)، الذي يعتبر

____________

(1) وهذا لا يعني عدم وجود نصّ أقدم منه، بل هذا الذي عثرتُ عليه، وربّما نعثر على نصّ أقدم منه في المستقبل.


الصفحة 5

أوّل فقيه كبير رَدَّ الإشكالات المثارة على «التشبيه» وأفتى برجحانه، ممّا أدّى إلى انتشاره بشكل واسع في إيران.

ثمّ تتالت آراء الأعلام بين مؤيّد ومعارض، مثل: الشيخ خضر بن شلّال العفكاويّ (ت1255هـ)، والسيّد عبد الفتاح بن عليّ المراغيّ (ت1274هـ)، والمولى الدربنديّ (ت1286هـ) والشيخ مرتضى الأنصاريّ (ت1281هـ) وغيرهم، التي بيّنتها في «السرد التاريخيّ» الآتي.

لا أدّعي أنّي وقفتُ على كلّ النصوص ـ قديمها وحديثها ـ المتعلّقة بهذا الأمر، بل هذا ما توفّر لي لحدّ الآن، وهي معلومات متناثرة في مجموعتنا هذه عن الشعائر الحسينيّة، وعملنا مستمر فيها للوقوف على غيرها إن شاء الله تعالى.

● علماً بأنّ السيّد محمّد مهدي الموسويّ القزوينيّ، بدأ بطرح إشكالاته على بعض الشعائر الحسينيّة في كتابه «خصائص الشيعة»، الذي ألّفه سنة 1341هـ في دولة الكويت.

وفي سنة 1343هـ ، عند ما سكن البصرة، أيضاً دعا لتهذيب هذه الشعائر.

وفي الأوّل من شهر محرّم سنة 1345هـ ، نشرت جريدة «الأوقات العراقيّة»، في عددها 1661، مقالاً بيّنت آراءه عن الشعائر، وفي الخامس عشر منه ألّف رسالته «الصولة»، وفي الخامس عشر من شهر ربيع الأوّل ألّف كتابه «كشف الحقّ لغفلة الخلق»، وفي السادس والعشرين من شهر رمضان المبارك ألّف كتابه «دولة الشجرة الملعونة الشاميّة».

وفي سنة 1347هـ ، ألّف رسالته «ضربات المحدّثين على الحقّ المبين».


الصفحة 6

وفيكلّ رسائله وكتبه هذه انتقد بعض الشعائر الحسينيّة.

● والسيّد محسن الأمين العامليّ، بدأ بطرح إشكالاته على بعض الشعائر، عند استقراره في دمشق سنة 1319هـ .

وفي سنة 1330هـ ألّف كتابه «لواعج الأشجان في مقتل الإمام الحسين(علیه السلام)».

وفي سنة 1343هـ ألّف كتابه «إقناع اللائم على إقامة المآتم».

وفي سنة 1345هـ نشرت جريدة «العصر الجديد» البيروتيّة آراءه حول بعض الشعائر.

وفي سنة 1346هـ ألّف رسالة «التنزيه» وطبعت سنة 1347هـ .

● والسيّد هبة الدين الحسينيّ الشهرستانيّ ألّف رسالته «تحريم نقل الجنائز» سنة 1329هـ .

وفي سنة 1338هـ ألّف رسالة «التنبيه في تحريم التشبيه»، وطُبعت سنة 1340هـ .

وفي سنة 1343هـ ألّف كتابه «نهضة الإمام الحسين(علیه السلام)».

وفي سنة 1344هـ كتبَ مقالة فارسيّة بعنوان «تاريخ العزاء الحسينيّ وإقامة المآتم»، نشرتها مجلّة «نور دانش».

وفي سنة 1374هـ أصدر فتواه بحرمة التطبير، نشرتها مجلّة «خواندنيها» الفارسيّة، وصحيفة «اطلاعات هفتگي».


الصفحة 7

السرد التاريخي
تاريخ ظهور الإشكالات على بعض الشعائر الحسينيّة



سنة 1196هـ

● فيها انتهى المولى الشيخ محمّد مهدي النراقيّ (ت1209هـ) من تأليف كتابه «جامع السعادات»، وترجمه إلى الفارسيّة ولده المولى أحمد النراقيّ (ت1245هـ) ـ مع بعض تغييرات قليلة ـ وسمّاه بـ «معراج السعادة»(1)، انتقد فيه «بعض قرّاء تعزية الحسين(علیه السلام) الذين يستعملون الغناء، ويختلقون الأخبار من عند أنفسهم».

وأنّ «جماعة من المسلمين في العشرة الاُولى من شهر المحرّم، يزيّنون تلك المجالس والمحافل بالقناديل والسرج والصور، وبهذه الوسيلة يسرفون أموالاً طائلة، ويجمعون بين الرجال والنساء في محفل واحد، ويرفعون ولداً مع رجل على المنابر؛ كي يقرأ بعض الكلمات بالغناء المحرّم، وفي بعض الأحيان يلبسون الرجال لباس النساء ويأتون بالتشبيهات، ويضربون على الطبول والصنوج والدمام، ويسمّون هذا العالم المدهش بتعزية الحسين(علیه السلام).

ومن هذه الأعمال القبيحة الركيكة يتوقّعون الأجر والثواب، وهم غافلون عن أنّ التعزية أمر مستحبّ، وبتلك الواسطة تتحقّق غير المشروعات

____________

(1) الذريعة 5: 58 / 218 و 21: 229 / 4757.


الصفحة 8

المتعدّدة، مع أنّ هذه الاُمور لهو ولعب، لا تعزية ولا مصيبة»(1).


بين سنة 1222هـ و 1228هـ

● في سنة 1228هـ توفّي الشيخ جعفر كاشف الغطاء، وبين 1222هـ

و 1228هـ ألّف كتابه «كشف الغطاء....»(2) بعد زيارته إلى إيران ولقائه فتح عليّ شاه القاجاريّ، الذي قدّم كتابه هذا له(3). وفيه حكمَ بكون «ما يُصنع في مقام تعزية الحسين(علیه السلام) من: دقّ طبل إعلام أو ضرب نحاس، وتشابيه وصور، ولطم على الخدود والصدور؛ ليكثر البكاء والعويل... إن قصد به الخصوصيّة كان تشريعاً، وإن لوحظ فيه الرجحانيّة من جهة العموم فلا بأس به»(4).


سنة 1231هـ

● فيها: توفّي المحقّق الثالث الميرزا أبو القاسم القمّي، ولعلّه أوّل فقيه كبير ردّ الإشكالات المثارة على تشبيه واقعة الطفّ «وإن كان مشتملاً على تشبيه الرجال بالنساء»، وحكم في كتابه الفارسيّ «جامع الشتات»(5) برجحانه؛ مستدلاً بـ «عمومات رجحان البكاء والإبكاء والتباكي على سيّد الشهداء(علیه السلام)، ولا شكّ أنّه من الإعانة على البرّ»(6).

____________

(1) معراج السعادة: 643، وانظر: رسائل الشعائر الحسينيّة 6: 303.

(2) الذريعة 18: 45 / 609.

(3) كشف الغطاء 1: 45.

(4) المصدر السابق 1: 270، وانظر رسائل الشعائر الحسينيّة 3: 157 ـ 159.

(5) الذريعة 5: 59 / 221.

(6) جامع الشتات 2: 788. وانظر: رسائل الشعائر الحسينيّة 2: 293 ـ 294.

وإنّما لم يتعرّض هذا الفقيه ـ وكاشف الغطاء والنراقيّ ـ لضرب الرؤوس بالسيوف «التطبير»؛ لعدم وجوده في زمانهم.


الصفحة 9

سنة 1242هـ

● فيها: ألّف الشيخ خضر بن شلّال آل خدام العفكاويّ النجفيّ (ت1255هـ) كتابه «أبواب الجنان وبشائر الرضوان»(1)، وذهب فيه إلى «جواز اللطم على الإمام الحسين(علیه السلام)، والجزع لمصابه بأيّ نحو كان ولو علم أنّه يموت من حينه، فضلاً عمّا لا يخشى منه الضرر على النفس...» مستنداً في ذلك إلى «ما دلّ على جواز زيارته ولو مع الخوف على النفس»(2).

ولعلّ في هذا الكلام إشارة إلى ضرب الرؤوس بالسيوف «التطبير»؛ إذ الظاهر أنّه بدأ في النصف الأوّل من القرن الثالث عشر، وتطوّر في النصف الثاني منه، كما تدلّ عليه العبارات الآتية.


سنة 1246هـ

● فيها: ألّف السيّد عبد الفتاح بن عليّ الحسينيّ المراغيّ (ت1274هـ) كتابه «العناوين»(3)، الذي حكم فيه بحرمة إضرار البدن «سواء كان بجرح أو قطع، أو إحداث مرض، أو ازدياده، أو بطءبرئه»(4).

ويعدّ هذا الكلام أيضاً إشارة إلى بداية ظهور «التطبير» آنذاك؛ لذلك قال السيّد هبة الدين الشهرستانيّ (ت1386هـ) ـ بعد أن سمّى المراغي بـ «فقيه

____________

(1) الذريعة 1: 74 / 367.

(2) أبواب الجنان: 291 ـ 292. وانظر: رسائل الشعائر الحسينيّة 3: 97 و 4: 375 و5: 399.

(3) الذريعة 15: 350 / 2247.

(4) عناوين الاُصول: 196.


الصفحة 10

الأتراك» ـ : «إنّ فروعاً كثيرة ابتلينا بها بعد عصر هذا الفقيه المراغيّ، وابتلى بها شيعة قفقاز وإيران والعراق... منها: قيامهم في أيام عاشوراء بضرب القامات على الهامات، وجرح الرؤوس في سبيل العزاء الحسينيّ...»(1).


سنة 1272هـ

● فيها: ألّف المولى الدربنديّ (ت1286هـ) كتابه «إكسير العبادات في أسرار الشهادات»، المعروف بـ «أسرار الشهادة»(2)، ذهب فيه إلى استحباب تمثيل واقعة الطفّ(3)، ورجحان ضرب الرؤوس بالسيوف(4).

وتشير بعض النصوص إلى أنّه كان من المتطبّرين(5).

وقال السيّد هبة الدين الشهرستانيّ (ت1386هـ): «وكان السيّد الدربنديّ التركيّ من أهالي منطقة دربند في القوقاز يقوّي عزيمتهم ـ المتطبّرين ـ على هذا الفعل قولاً وعملاً، وقد اشتهر ـ التطبير ـ سريعاً لهذا السبب»(6).

وقال في مورد آخر أيضاً: «ولكن من أيام فتح عليّ شاه القاجاريّ تقريباً، واستيلاء الكفّار والروس على القفقاز، ابتُدعت مسألة الشج، إلى أن تطوّرت واشتهرت في زمن المرحوم الدربنديّ»(7).

____________

(1) رسائل الشعائر الحسينيّة 9: 344 ـ 345.

(2) الذريعة 2: 46 و 279 / 1134.

(3) انظر: رسائل الشعائر الحسينيّة 3: 40 و 4: 36 و 5: 300.

(4) المصدر السابق 3: 74.

(5) المصدر السابق 5: 233.

(6) المصدر السابق 9: 450.

(7) المصدر السابق 9: 355.


الصفحة 11

وفي مورد ثالث قال: «وحيث كان المرحوم الدربنديّ تركيّ الأصل، وكان رجلاً بسيطاً، فدخل هذه الدائرة متباهياً، وشجّع عليها ... كان يقول هذا وهو يمشي عارياً حاملاً قامته(1) أي سيفه الذي يتطبّر به.

علماً بأنّ الشيخ عباس القمّي (ت1359هـ) قال عن الدربنديّ: «فقيه، متكلّم، محقّق مدقّق، جامع المعقول والمنقول، عارف بالفقه والاُصول، كان من تلاميذ شريف العلماء»(2).

ووصفه الميرزا محمّد عليّ الغرويّ الاُردباديّ (ت1380هـ) بقوله: «المحقّق المدقّق... والرجل من فطاحل أئمة التحقيق، وإنّ شرحه على «منظومة بحر العلوم»(3) و«خزائنه»(4) في الاُصول وغيرهما، لمن أوضح الشواهد على تضلّعه في العلوم»(5).


سنة 1281هـ

● فيها: توفّي الشيخ مرتضى الأنصاريّ، وقد ذهب إلى أنّ «إخراج الشبيه غير محرّم، إذا لم يرتكب فيه محرّم آخر، كالغناء وضرب الدفّ والمزمار»(6)، وأفتى بإباحة التطبير حيث لا يؤدّي إلى التلف(7) وحرّم قراءة

____________

(1) المصدر السابق 9: 334.

(2) الكنى والألقاب 2: 228.

(3) الذريعة 7: 152 / 825 .

(4) المصدر السابق 7: 153 / 828 .

(5) انظر: رسائل الشعائر الحسينيّة 5: 300.

(6) المصدر السابق 2: 295 و 351، و3: 40، و5: 144.

(7) المصدر السابق 2: 295 و 3: 74 و 5: 183 و 392.

ونقل السيّد هبة الدين الشهرستانيّ (ت1386هـ): أنّ الشيخ الأنصاريّ وجميع فقهاء عصره، عارضوا التطبير، ووقفوا أمام المولى الدربنديّ الذي كان يشجّع التطبير. انظر: رسائل الشعائر الحسينيّة 9: 450.


الصفحة 12

المراثي الحسينيّة بأطوار غنائيّة(1).


سنة 1293هـ

● فيها: توفّي السيّد أبو طالب ابن أبي تراب القائنيّ، مؤلّف كتاب «اللؤلؤة الغالية»(2)، انتقد فيه قرّاء التعزية، ووصفهم بأنّهم «لا يفرقّون بين الهرّ من البرّ، ولا يطالعون، ولا ينظرون في ما دوّن فيها من الزبر المعتبرة... فيأتون بما يشاؤون من مزخرفات وترّهات وريب المنون...»(3).


سنة 1298هـ

● فيها: توفّي السيّد عليّ ابن السيّد محمّد رضا بحر العلوم، وقد صرّح الميرزا محمّد عليّ الغرويّ الاُردوباديّ (ت1380هـ): أنّ هذا السيّد الجليل في داره كان يضرب أهل السيوف رؤوسهم، ثمّ ذكرَ أسماء أعلام الطائفة الذين يشاطرونه الرأي، ونحن نذكر نصّ عبارته تعميماً للفائدة، قال في رسالته «كلمات جامعة حول المظاهر العزائيّة»، المطبوعة ضمن رسائل الشعائر الحسينيّة 5: 301 ـ 308:

وكان فقيه العترة الطاهرة السيّد عليّ آل بحر العلوم صاحب (البرهان

____________

(1) المصدر السابق 6: 291.

(2) الذريعة 18: 381 / 542.

(3) انظر: رسائل الشعائر الحسينيّة 6: 287.


الصفحة 13

القاطع) في داره يضرب أهل السيوف رؤوسهم، وهو أقدر عالم ـ على عهده ـ في النجف، وفي طليعة الفقهاء. وعلى الأقلّ كان يسعه أن لا يطلق لهم السراح إلى داره ـ بيت العلم، والمجد، والشرف الباذخ ـ وأن يمدّهم بالأكفان; إن كان يراه محرّماً.

وكان ذلك بمرأىً ومشهد من أخيه عَلَم العلم والهدى والأدب السيّد حسين شارح (درّة) جدّه بحر العلوم، والعلّامة السيّد محمّد تقيّ صاحب كتاب (قواعد الأصول).

ولم تخرم العادة ـ بعدهم ـ على عهد العلّامة الحجّة السيّد محمّد ابن السيّد محمّد تقيّ ـ المذكور ـ صاحب (البُلغة). وكان علَم هذا البيت الرفيع، وأحد العمد والدعائم بين العلماء، وله حكمه النافذ، وقضاؤه الفاصل، وفقهه الذي يُقام له ويُقعد، وكانت داره مَوْئلاً للمواكب كلّها، ويقع فيها اللدم الموجع، والجرح، وكثيراً ما كان يدافع عن موكب السيوف إذا حاولت الحكومة البائدة منعهم من الضرب والخروج.

كان في ذينك العهدين في النجف الأشرف أعلام رؤساء روحيّون لهم الصيت والسلطة، تذعن لهم العوام ـ غير من سبقت منهم الفتوى ـ كالعلّامة الفاضل الإيروانيّ، والفقيه الشيخ راضي النجفيّ، والحبر الشيخ محمّد حسين الكاظميّ ـ وكان أخشن عالم عربيّ في ذات الله ـ والعلم الهادي السيّد مهديّ القزوينيّ، والمحقّق الميرزا حبيب الله الرشتيّ، ومثال الفقه والتقى الحاج الشيخ جعفر التستريّ، والشيخ المقدّم الحاج ملّا علي آل الميرزا خليل الطهرانيّ، والأخلاقيّ الكبير المولى حسين عليّ الهمدانيّ، والعالم الورع


الصفحة 14

المولى لطف الله المازندرانيّ.

ثمّ من بعدهم الأعلام الهداة: الشيخ محمّد طه نجف، والفاضلان: الشيخ المامقانيّ والشرابيانيّ، ومجتمع التقى والتحقيق الحاجّ آغا رضا الهمدانيّ، والحاجّ الميرزا حسين آل الميرزا خليل الطهرانيّ، وغير هؤلاء من فطاحل الروحيّين والفقهاء.

فكان موكب السيوف ينضّد ويضربون بعينهم، وبعلم منهم، ولم يعهد منهم نكير أو غمز في ذلك، مع أنّهم ما كانوا يغضّون عن المنكرات في أمثاله، غير أنّ جلّهم ـ إن لم نقل الجميع ـ كانوا ينشّطونهم بالمثول في مجلسهم العزائيّ المنعقد في مسجد الشيخ الأنصاريّ.

فكان صدر ذلك النادي الكريم زاهياً بهذه الأنوار المضيئة، وحشو المسجد ـ على سعته ـ جحاجحة أهل العلم والأفاضل من العلماء.

وكانوا يطلقون لهم السراج، فيطرقون دورهم ـ في ليالي العشرة ـ بسيوفهم، وطبولهم، وأطوارهم المعلومة.

وجملة منهم كانوا يمدّونهم بالأموال، وفيهم من كان يعينهم بالأكفان.

هذا حال النجف.

وأمّا كربلاء; فكان فيها ـ في ذلك العصر الكريم ـ هداة أعلام هم القدوة، وبهم الأسوة، كالعلّامة الفاضل الأردكانيّ، والفقيه الشيخ زين العابدين المازندرانيّ، والمحقّق الحاج الميرزا علي نقيّ الطباطبائيّ، والزعيم الخطير الشيخ عبد الحسين ـ شيخ العراقين ـ الطهرانيّ.

ثم من بعدهم: السيّد الميرزا محمّد حسين الشهرستانيّ، والسيّد هاشم


الصفحة 15

القزوينيّ، والميرزا السيّد أبو القاسم الحجّة، وابنه السيّد محمّد باقر الحجّة الطباطبائيّان، وغير هؤلاء من عمد الدين، وأساطين المذهب.

فكانت تلك الأعمال تقع بين ظهرانيهم، ولا مانع ولا وازع.

وأمّا الكاظميّة؛ فحدّث عنها ـ وعلى عهد آية الله الشيخ محمّد حسن آل ياسين ـ و لاحرج.

كان هذا الشيخ أكبر عالم حظيت به تلك البلدة الطيّبة، وبغداد وما والاهما، فكان الناس إليه أطوع من الظلّ لذيه.

وكان مجلسه العزائيّ أيّام العشرة ـ الحافل بجميع طبقات الناس، المنعقد في الفسحة أمام داره ـ تأتيه المواكب ـ كلّهاـ شرّعاً، ويقع فيه من اللدم المؤلم ما لايقع في غيره، وهو يبكي ببكائهم، وينتحب لندائهم، ومنها موكب السيوف.

كان المؤسّس والمنظّم ـ أوّل عام نضّد فيه ذلك الموكب ـ يحاذر عدم موافقة الشيخ على الجواز، فينتقض عليه الأمر، ولا يوافقه الناس، فنضّد موكبه، وأشار إليهم بالتوجّه إلى المجلس، وتقدّم هو قبلهم ليستكشف الحال، فجلس إليه ليستعلمه، وإذا الموكب قد أشرف على الدخول ـ والقوم متشحّطون بدمائهم ـ فلمّا نظر إليهم الشيخ أخذ في النحيب والعويل من دون ردع، ولا مانع، فعرف منه التقرير، وداموا على ذلك أيّام حياته ـ كلّ سنة ـ وحتّى اليوم.

وكان تصدر منه يوم عاشوراء أعمال عزائيّة لو رآها صاحب الرسالة(4) لحرّمها، ولكن... .

نقل ذلك ـ كلّه ـ حفيده العلّامة الشيخ محمّد رضا آل ياسين.

____________

(1) يعني السيّد محسن الأمين صاحب رسالة (التنزيه لأعمال الشبيه).


الصفحة 16

ثمّ كانت تقع هذه الأعمال ـ كلّها ـ من جرح ولدم، وما فيها من طبول وصنوج وأبواق; أيّام بطل الأُمّة وشيخها المقدّم آية الله الشيخ مهديّ الخالصيّ، وقد عرف مَن عرفه ما كان له ـ لاسيّما في أخرياته ـ من النفوذ والخشونة في ذات الله.

وعلاوةً على أنّه ما كان يمنع عنها ـ مع مقدرته التامّة عليه ـ كان يفتي بالجواز.

وقبله على عهد العلّامة آية الله السيّد مهدي آل المرحوم السيّد حيدر(قدس الله سره).

وأمّا علماء إيران ـ في هذه العصور الأخيرة التي حدّثنا عنها ـ فكان في عاصمتها طهران زعيم إيران الكبير الحاجّ ملّا علي الكني صاحب (كتاب القضاء) وغيره من أبواب الفقه، الذي كان يهابه ناصر الدين شاه، على أُبّهته الملوكيّة.

والحاجّ الميرزا أبو القاسم صاحب (التقريرات).

ثمّ العلم الحجّة العلّامة الآشتيانيّ صاحب الحاشية وغيرها.

ثمّ شهيد الانقلاب الحاجّ الشيخ فضل الله النوريّ، وأضرابهم.

وفي تبريز: المجتهد الخطير الميرزا أحمد، ثمّ ولده الأعلام: الحاج الميرزا لطف عليّ، والحاج الميرزا جعفر، والحاج الميرزا باقر، والحاج الميرزا جواد.

ثمّ أحفاده الكرام: الحاج الميرزا موسى ابن الحاج الميرزا جعفر صاحب الحاشية، والحاج الميرزا حسن ابن الحاج الميرزا باقر.

والواقف على تراجم هؤلاء، في غنىً عن بيان مقدار نفوذهم ومقاماتهم العلميّة والعمليّة.


الصفحة 17

وفي أصفهان: حجّة الإسلام السيّد الرشتيّ، وشبله السيّد أسد الله، والعلّامة الكرباسيّ، والأعلام من ولده، والعلم الشهير الشيخ محمّد تقيّ صاحب (الحاشية)، وابنه الشيخ محمّد باقر العلّامة العلم، وابنه الشيخ محمّد تقي المعروف بـ (آغا نجفيّ) والأعلام من أسرته.

وفي خراسان: الحجّة السيّد مير عليّ اليزديّ، والعالم العارف الميرزا حبيب، وآباؤه الأعاظم، إلى العلّامة الميرزا محمّد مهدي الشهيد المعاصر لبحر العلوم، ومن في طبقته، والعلّامة الحاج الشيخ حسن عليّ الطهرانيّ، والحاج الفاضل الصدخريّ، والحاج السيّد أسد الله القزوينيّ.

وفي بروجرد: الحاج الميرزا محمود ـ من بني أعمام آية الله بحر العلوم ـ صاحب (المواهب السنية).

وفي زنجان: صاحب المقامات والكرامات الآخوند ملّا قربان عليّ الزنجانيّ.

وفي خوي: الحاج الميرزا إبراهيم شارح (نهج البلاغة) وصاحب (الرجال) و(الأربعين).

وفي أردبيل: الحاج الميرزا محسن المجتهد، وأبناؤه الجحاجح: الميرزا يوسف آغا، والميرزا عليّ أكبر آغا صاحب الكتب الممتعة.

وفي بابُل: العلّامة الحاج الأشرفيّ.

فكان موكب السيوف ـ أو هو والسلاسل ـ يخترق الأزقّة والجوادّ بعلم منهم، ويطرقون دورهم برضىً منهم، فإن كان لهم في المسألة رأي غير الرأي المطرد، فهلّا أبدوه؟


الصفحة 18

وجميع القوم مقلّدون لمجموعهم، وعلى الأقلّ فهلّا أسرّوا إلى من يرجون منه الخير منهم، بالارتداع؟

وما عساك أن تقول هاهنا، هل كانوا يصانعون الدهماء، وهم زعماء الدين، ونوّاب الأئمّة الطاهرين(علیهم السلام)؟

أم لم يكن في الضاربين رجل متديّن يردعه الزجر الشرعيّ، وهم آلاف مؤلّفة في سائر بلاد الشيعة؟».


سنة 1298 هـ

● فيها: عاد الشيخ محسن شرارة (ت1306هـ) إلى بنت جبيل في جبل عامل، وعمل على تهذيب بعض الشعائر الحسينيّة، خصوصاً ما يتعلّق بقرّاء التعزية، وقراءتهم لأحاديث وقصص لا وجود لها في واقعة الطفّ(1).


سنة 1303 هـ

● فيها: توفّي العلّامة الشيخ جعفر الشوشتري، وقد نهى «عن جملة من التشبيهات غير اللائقة الواقعة في الدائرة الملوكيّة في طهران»(2)، وعدّه السيّد هبة الدين الشهرستانيّ (ت1386هـ) من الأعلام الذين أخذوا على عاتقهم «مهمّة تكذيب الأخبار الضعيفة، وتنبيه الناس على الأفكار السخيفة...» وذلك «عبر المنابر التي يرتقيها»(3).

ويُنقل عنه أنّه حينما سُئل عن حكم التطبير، أجابهم بشكل عمليّ، إذ

____________

(1) انظر: رسائل الشعائر الحسينيّة 7: 468 و 10: 437، وأعيان الشيعة 10: 342.

(2) المصدر السابق 5: 309.

(3) المصدر السابق 9: 240 ـ 244.


الصفحة 19

أخذ القامة صباح يوم عاشوراء وشرع يضرب رأسه، ويقول لمستفتيه: هذا جوابكم»(1).


سنة 1309 هـ

● فيها: توفّي الشيخ زين العابدين المازندرانيّ الحائريّ، قال في رسالته العمليّة الفارسيّة «ذخيرة المعاد»(2) ـ بعد أن سُئل عن تمثيل واقعة الطفّ المشتمل على تشبّه الرجال بالنساء ـ : «لا بأس به، بل هو من المرغوب فيه، ما لم يشتمل على محرّم خارجيّ كالغناء ونحوه»(3). وقال حينما سُئل عن استعمال الطبل والصّنج في عزاء الحسين(علیه السلام): «لا بأس به، بل هو من الاُمور المطلوبة المحبوبة»(4).


سنة 1312 هـ

● فيها: توفّي الميرزا السيّد محمّد حسن الشيرازيّ، كانت «من داره بسامراء تخرج مواكبُ اللّطم والتشبيه والقامات ـ بأمره وإشارته وإعداده ـ ويخترقون الأزقّة، والعُراةُ في موكب اللطم فضلاءُ أصحابه والعلماء بعده»(5).

قال ولده الميرزا عليّ أقا: «إنّ أكفان الضّاربين كانت من خاصّ ماله، وإنّ طلّاب سامراء كانوا يلدمون صدورهم في الحسينيّة إلى فوق الاحمرار

____________

(1) المصدر السابق 5: 530.

(2) الذريعة 10: 20 / 101.

(3) انظر: رسائل الشعائر الحسينيّة: 3: 362 و 4: 374، ذخيرة المعاد: 368.

(4) المصدر السابق 3: 340 و 4: 374.

(5) المصدر السابق 3: 51.


الصفحة 20

بمحضر منه»(1).

وقال العلّامة الشيخ محمّد جواد البلاغيّ (ت1352هـ): «كان الشبيه يترتّب يوم العاشر في دار الميرزا(قدس الله سره)، ثمّ يخرج للملأ مرتّباً. وكذلك موكب السيوف كان أهله يضربون رؤوسهم في داره ثمّ يخرجون، وكانت أثمان أكفانهم تُوخذ منه، وما كان أفراد الشبيه سوى الفضلاء من أهل العلم؛ لعدم معرفة غيرهم به»(2).


سنة 1316 هـ

● فيها: طُبعت الأجوبة الفقهيّة للشيخ عليّ بن عبد الله الستريّ البحرانيّ (ت1319هـ)، المسمّاة بـ «الأجوبة العليّة للمسائل المسقطيّة»(3)، أفتى فيها ببدعيّة وحرمة تمثيل واقعة الطفّ «الشبيه»؛ لأنّه ليس بتعزية مشروعة(4). علماً بأنّ تاريخ الإجابة على بعض الأسئلة الفقهيّة التي وردت من مقلّديه، كانت سنة 1306هـ .

استشهد بها الشيخ محمّد الگنجي (ت حدود1360هـ) في رسالته «كشف التمويه عن رسالة التنزيه»(5)، وردّه الشيخ عبد الأمير البصريّ (ت1355هـ) في رسالته «لهجة الصدق ولسان الحقّ»(6).

____________

(1) المصدر السابق 5: 182 و 295.

(2) المصدر السابق 5: 183 و 295.

(3) الذريعة 1: 277 / 1454.

(4) انظر: رسائل الشعائر الحسينيّة: 11: رسالة رقم 44.

(5) المصدر السابق 6: 307.

(6) المصدر السابق 11: رسالة رقم 43.


الصفحة 21

سنة 1319 هـ

● في أواخر شهر شعبان: دخل السيّد محسن الأمين العامليّ (ت1371هـ) دمشقَ، واستقرّ بها، وبدأ بطرح إشكالاته على «ما يُقرأ في مجالس العزاء من أحاديث غير صحيحة، وضرب الرؤوس بالسيوف والقامات، وبعض الأفعال المستنكرة»(1).

● وفي 25 من شهر ذي القعدة: ألّف خاتمة المحدّثين الميرزا حسين النوريّ الطبرسيّ (ت1320هـ) كتابه الفارسيّ «اللؤلؤ والمرجان»(2)، «ألّفه خصّيصاً للإنكار على ما يُقرأ من الأحاديث المكذوبة» في تعزية الإمام الحسين(علیه السلام)(3)، وقد «بالغ في تقريع القرّاء باستعمال الكذب في نقل الأحاديث»(4).


سنة 1320 هـ

● فيها: أصدر السيّد عليّ الطباطبائيّ اليزديّ (ت القرن الرابع عشر)

ـ وهو من كبار العلماء زمن الدولة القاجاريّة، ووالد السيّد ضياء الدين الطباطبائيّ ـ فتوى أيّد فيها فتوى الميرزا أبو القاسم القمّي (ت1231هـ) بجواز تمثيل واقعة الطفّ «الشبيه»، وكان لفتواه أثر كبير في نشر هذه الشعيرة الحسينيّة(5).

____________

(1) المصدر السابق 7: 121، أعيان الشيعة 10: 361.

(2) الذريعة 18: 388 ـ 389 / 572.

(3) انظر: رسائل الشعائر الحسينيّة 6: 277 ـ 278.

(4) المصدر السابق 6: 38.

(5) مقالة فارسيّة بعنوان «بررسى سير تكوينى مضمون وانديشه تشبيه در تعزيه» ص: 6، نقلاً عن كتاب «تعزيه شعائر آيينى»: ص 111.


الصفحة 22

سنة 1321 هـ

● فيها: ألّف السيّد نظام الدين الميرزا رفيع الدين الطباطبائيّ المعروف بـ «نظام العلماء» (ت1326هـ)، كتابه الفارسيّ «المجالس الحسينيّة»، وطُبع سنة 1324هـ(1) ، ردّ فيه على بعض الأعلام الذين استشكلوا على ضرب الرؤوس بالسيوف «التطبير»، حيث ذهب إلى رجحانه «بعد تحقّق نيّة القربة، فهي مشمولة لقوله(علیه السلام): (من بكى أو أبكى أو تباكى وجبت له الجنّة)»(2).


سنة 1323 هـ

● فيها: توفّي العلّامة أقا رضا الهمدانيّ، الذي عدّه السيّد هبة الدين الشهرستانيّ (ت1386هـ)، من الأعلام الذين أخذوا على عاتقهم «مهمّة تكذيب الأخبار الضعيفة، وتنبيه الناس على الأفكار السخيفة...»، وذلك «عبر المنابر التي يرتقيها»(3).

● وفيها: توفّي الشيخ محمّد حسن المامقانيّ، الذي نقلَ عنه الشيخ أسد الله المامقانيّ (ت1389هـ) في كتابه «الدين والشؤون»: أنّه حرّم «تطبير الرجال وصراخ النساء»(4).


سنة 1325 هـ

● فيها: قدّم القاضي الشيخ أحمد شاكر الآلوسيّ (ت1330هـ) «تقريراً، خاطبَ فيه الحكومة العثمانيّة، بادياً استياءه من الشيعة، ومؤكّداً على ضرورة

____________

(1) الذريعة 19: 359 / 1602.

(2) انظر: رسائل الشعائر الحسينيّة 5: 312 و 11: رسالة رقم 45.

(3) المصدر السابق 9: 240 ـ 244.

(4) المصدر السابق 11: رسالة رقم 48.


الصفحة 23

منعهم عن هذه الممارسات [الشعائر الحسينيّة]؛ لأنها سبب لإثارة الناس»(1).


سنة 1326 هـ

● فيها: توفّي الشيخ حسن الحبوشيّ المكّي(2)، الذي خالف بعض الشعائر الحسينيّة، «وقد التمس المعونة من قائم المقام العثمانيّ في صيدا في شأن هذه الممارسات»(3).

● وفيها: توفّي السيّد محمّد ابن السيّد محمّد تقي بحر العلوم، مؤلّف كتاب «بلغة الفقيه»(4)، «كانت داره مَوْئلاً للمواكب كلّها، ويقع فيها اللدم الموجع والجرح، وكثيراً ما كان يدافع عن موكب السيوف إذا حاولت الحكومة البائدة منعهم من الضرب والخروج»(5).


سنة 1328 هـ

● فيها: نَشرت بعضُ الجرائد ـ مثل: «التقدّم» الحلبيّة، و«المقتبس» الدمشقيّة، و«الأحوال» البيروتيّة، و«الهدى» الأمريكيّة ـ مقالات، عرّفت كربلاء بأنّها مقبرة، واتهمّت فيها ساكنيها بأنّهم لا يرتزقون إلّا عن طريق دفن الأموات. فأجابهم السيّد محسن الأمين (ت1371هـ) في مجلّة «العرفان» بمقالة بعنوان: (هل كربلاء مدينة الأموات)(6).

____________

(1) المصدر السابق 7: 353 ـ 354.

(2) أعيان الشيعة 5: 394.

(3) انظر: رسائل الشعائر الحسينيّة 7: 277.

(4) الذريعة 3: 148 / 507.

(5) انظر: رسائل الشعائر الحسينيّة 5: 302.

(6) المصدر السابق 7: 335، أعيان الشيعة 10: 372.


الصفحة 24

● وفيها: «كان السيّد محسن الأمين قلقاً؛ لما أراده من إصلاحات وتهذيب لسيناريوهات ومجالس العزاء وإحياء ذكرى استشهاد الحسين»(1).


سنة 1329 هـ

● فيها: ألّف السيّد هبة الدين الشهرستانيّ (ت1386هـ) رسالته «تحريم نقل الجنائز»(2).


سنة 1330 هـ

● فيها: ألّف السيّد محسن الأمين كتابه «لواعج الأشجان في مقتل الحسين(علیه السلام)»(3)، وكتابه الآخر «أصدق الأخبار في قصة الأخذ بالثار»(4).

● وفيها: ألّف الشيخ محمّد عليّ خداداد النخجوانيّ النجفيّ (ت1334هـ)، كتابه الفارسيّ «الدعاة الحسينيّة»(5)، دافع فيه بشكل كبير عن «التطبير»، وأقام الأدلّة على استحبابه، وردّ الشبهات الواردة عليه(6).


سنة 1332 هـ

● فيها: شرع السيّد عبد الحسين شرف الدين (ت1377هـ)، بطباعة كتابه «المجالس الفاخرة في مأتم العترة الطاهرة»، الذي لم يُطبع منه إلّا المقدّمة، أمّا مجلّدات الكتاب الأربعة فقد سُرقت مع باقي مصنّفات

____________

(1) المصدر السابق 7: 387.

(2) المصدر السابق 9: 63.

(3) المصدر السابق 7: 387، الذريعة 18: 357 / 466.

(4) المصدر السابق 7: 387، الذريعة 2: 120 / 486.

(5) الذريعة 8 : 198 / 776، وفيها: إنّه طبع سنة 1331.

(6) انظر: رسائل الشعائر الحسينيّة 11: رسالة رقم 46.


الصفحة 25

المؤلّف (رحمه الله)(1).


سنة 1333 هـ

● فيها: توفّي الشيخ أبو القاسم الغرويّ الاُردوباديّ ـ والد الميرزا محمّد عليّ (ت1380هـ) ـ الذي ألّف رسالة «كلمة في جرح الرؤوس في العزاء الحسينيّ»، أجاب فيها على شبهة طُرحت آنذاك مفادها: «عدم جواز اللطم وإدماء الرأس للحسين(علیه السلام)»، بدليل «أنّ إدماء الرأس غير جائز؛ لأنّه ظلم»(2). وحكم برجحان التطبير أيضاً في رسالته العمليّة الفارسيّة «منهج السداد»(3).


سنة 1334 هـ

● فيها: ألّف الشيخ أسد الله المامقانيّ (ت1389هـ) كتابه الفارسيّ «الدين والشؤون»(4)، الذي انتقد فيه بعضَ الشعائر الحسينيّة، ووصف المتطبّرين بكلمات حادّة وجارحة، وذهب إلى أنّ أكثر الإيرانيّين يُصابون بداء الرئة؛ بسب لطمهم على صدورهم(5)، وبعد صدور هذا الكتاب حكم بعض علماء تبريز بفسقه.


سنة 1336 هـ

● في 17 محرّم منها: نشرت صحيفة «ظَفَر عراق» الإسبوعيّة، الصادرة في بغداد باللغة الفارسيّة، في عددها الثالث والستّين، مقالة بعنوان «عشرة

____________

(1) المصدر السابق 10: 23، الذريعة 19: 363 / 1621.

(2) المصدر السابق 5: 311 و 11: رسالة رقم 47.

(3) الذريعة 23: 190 / 8592 .

(4) الذريعة 8 : 294 / 1296.

(5) انظر: رسائل الشعائر الحسينيّة 3: 9 و 11: رسالة رقم 48.


الصفحة 26

عاشوراء ومواكب سيّد الشهداء»، لكاتبها باسم مستعار «ابن الشيعة»، مدحَ فيها الحكومة البريطانيّة، وأنّها ساعدت على نشر المواكب العزائيّة، وذمَّ الدولةَ العثمانيّة التي منعت هذه المواكب(1).


سنة 1337 هـ

● فيها: توفّي السيّد محمّد كاظم اليزديّ الطباطبائيّ، وقد ذهب البعض بأنّ هذا السيّد حرّم التطبير، استناداً إلى قوله: «إنّ إقامة العزاء الحسينيّ، لابدّ وأن يكون بالنحو الوارد عن أئمة الهدى صلوات الله عليهم، ولم نجد رخصة عنهم في مثل الجرح، ولا أذن فيه السلف من علماءنا رضوان الله عليهم. وأمّا جرح الغير فغير جائز ولو كان بإذن منه»(2).

وأجاب الميرزا محمّد عليّ الاُردوباديّ (ت1380هـ) على هذا الكلام قائلاً: «ومن النِسَب المكذوبة: إسناد فتوى التحريم إلى العلّامة اليزديّ الطباطبائيّ... فإنّ قصارى ما عنده: عدم وقوفه على رخصة في ذلك، كما أنّه لم يجد دليلاً على المنع، وإلّا لذكره وأفتى به صريحاً، كما فعل بالنسبة إلى جرح الغير... وإذ لم يَرُق في نظره التقحّم في الفتوى، عمد إلى التوقّف... وعدم ترخيص يُوْثر من السلف في ذلك، ليس إلّا لعدم تداول هذه الأعمال على عهدهم غالباً، ومَن وقعَ في عصره لم يبد منه ما ينافي الرأي العام»(3).

● وعندما سُئل السيّد اليزديّ عن حقيقة وقوع زواج القاسم ابن الإمام

____________

(1) المصدر السابق 7: 586.

(2) غاية القصوى 2: 328.

(3) انظر: رسائل الشعائر الحسينيّة 5: 313 ـ 316 و 6: 303.


الصفحة 27

الحسن(علیه السلام) يوم عاشوراء، وهل يجوز ذكر هذه القضيّة بشكل مطلق؟ وما هو حكم الشخص الذي يذكر هذا الزواج؟ فأجاب قائلاً ـ مترجماً إلى العربيّة ـ :

«إنّ منشأ شهرة هذه القضيّة: هو تداولها على ألسنة الناس، ولم تُذكر هذه القضيّة في كتب التاريخ المعتبرة والمعتمد عليها. وعليكم بمراجعة كتاب «لؤلؤ ومرجان»، الذي ألّفه المرحوم، عالي المقام، ثقة الإسلام، وحيد عصره، الحاج ميرزا حسين النوريّ(قدس الله سره)، الذي ألّفه كي يكون منهجاً وانموذجاً لأهل المنبر، فإنّه قد بيّن هذه القصة بشكل مفصّل. الأحقر محمّد كاظم الخراسانيّ».


سنة 1338 هـ

● فيها: ألّف السيّد هبة الدين الشهرستانيّ (ت1386هـ) رسالته «التنبيه في تحريم التشبيه» التي طُبعت سنة 1340هـ ، استشكل فيها على تشبّه الرجل بالمرأة وبالعكس، الذي كان يقع في تمثيل واقعة الطفّ في كثير من المدن الإسلاميّة(1).

● وفيها: توفّي الميرزا الشيخ محمّد تقي الشيرازيّ، زعيم ثورة العشرين العراقيّة، الذي أفتى بـ «وجوب ترك آلات اللهو(2) في مثل إقامة العزاء كغيرها من الموارد»(3).

____________

(1) المصدر السابق 11: رسالة رقم 49.

(2) السؤال كان عن «استعمال آلات اللهو كالطبل والطنبور، وسائر الآلات التي هي من أنواع الطبل والمعازف في عزاء الحسين (علیه السلام)، أو في اللطم عليه».

(3) انظر: رسائل الشعائر الحسينيّة 6: 314.


الصفحة 28

وأفتى بإباحة التطبير قائلاً: «إنّ أمثال هذا ممّا يتحمّله العقلاء في سبيل غاياتهم المعقولة، ولا يعدّونه ضرراً»(1)، و«من داره بسامراء كانت تخرج مواكب اللّطم والتشبيه والقامات ـ بأمره وإشارته وإعداده ـ ويخترقون الأزقّة، والعراة في موكب اللّطم فضلاء أصحابه والعلماء بعده» مثلما كان يحدث زمن الميرزا السيّد محمّد حسن الشيرازيّ(2).


سنة 1339 هـ

● فيها: أجاب الشيخ محمّد حسين كاشف الغطاء (ت1373هـ)، على أسئلة وردت إليه من قندهار، وطُبعت باسم «المسائل القندهاريّة»، ثمّ ترجمها إلى العربيّة الشهيد السيّد محمّد علي القاضي الطباطبائيّ، وطُبعت في أوّل «الفردوس الأعلى» سنة 1371هـ في النجف الأشرف، وسنة 1372هـ في تبريز(3).

وأحد هذه الأسئلة كان عن الشعائر الحسينيّة، كلطم الصدور والضرب بالسلاسل والسيوف، فأفتى «بالتحريم بناءً على حرمة الإضرار وإيذاء النفس»، وأفتى «بجوازها إذا صدرت من المكلّف بطريق العشق الحسينيّ، وانبعثت من إحتراق القلب واشتعال النيران في الأكباد بمصاب الحسين(علیه السلام)، بل تكون حينئذٍ من القربات وأجلّ العبادات».

ثمّ علّق على كلامه هذا بقوله: «ولكن هذا المعنى لا يتيسّر لكلّ أحدٍ، وأغلب الأشخاص الذين يرتكبون هذه الاُمور والكيفيّات لا يأتون بها إلّا من

____________

(1) المصدر السابق 5: 296 و 300.

(2) المصدر السابق 3: 51 و 4: 15.

(3) الذريعة 16: 165 / 461.


الصفحة 29

باب التظاهر والمراءات والتحامل والمداجاة»(1).


سنة 1340 هـ

● فيها: «زادت المخالفات والاعتراضات على الشيعة وتواريخهم بشتّى الطرق؛ بسبب تطوّر الفكر الإسلاميّ وزيادة نفوذه، وكثرة الإذاعات، وذلك بعد انتهاء الحرب العالميّة الاُولى»(2).


سنة 1341 هـ

● فيها: ألّف السيّد محمّد مهدي الموسويّ القزوينيّ (ت1358هـ) كتابه «خصائص الشيعة»(3)، انتقد فيه بعض الشعائر الحسينيّة، مثل: ضرب الرؤوس بالسيوف، والظهور بالحديد، واستعمال الآلات الموسيقيّة. وادّعى أنّ هذا العمل يؤدّي إلى موت جماعة في كلّ سنة، وأنّ أهل العلم حرّموا هذه الأفعال؛ باعتبارها بدعة، لكن الناس لا يصغون إليهم»(4).

● وفيها: ألّف الشيخ محمّد جمال الدين القاسميّ، المسمّى بـ «علّامة الشام»،كتابه «إصلاح المساجد من البدع والعوائد»، وطُبعت طبعته الاُولى في المكتب الإسلاميّ في القاهرة سنة 1341هـ .

«انتقد فيه وعّاظ وخطباء أهل السنّة، الذين كانوا يذكرون في الجمعة الاُولى من محرّم على منابرهم، استشهاد الإمام الحسين(علیه السلام)، فيُوقعون

____________

(1) انظر: رسائل الشعائر الحسينيّة 4: 383 ـ 388.

(2) المصدر السابق 9: 247.

(3) الذريعة 7: 168 / 894 .

(4) انظر: رسائل الشعائر الحسينيّة 6: 439 و 11: رسالة رقم 50.


الصفحة 30

المستمعين في البكاء. وكان يرى أنّ هذه الاُمور ليست غير نافعة فحسب، وإنّما هي ممنوعة. ثمّ أضاف: إنّ كلّ المشاكل مصدرها الروافض الذين يُقيمون مجالس العزاء»(1).

ونقلَ عن صاحب «المجالس» قوله: «إنّ الرافضة تغالوا في حزنهم لهذه المصيبة، واتّخذوا يوم عاشوراء مأتماً لقتل الحسين رضي الله عنه، فيُقيمون فيه العزاء، ويجلبون النوح والبكاء، ويظهرون الحزن والكآبة، ويفعلون ما ليس فيه إصابة».

ثمّ نقل عن «الغلاة من الناصبة: أنّهم كانوا يكيدون الرافضة يوم عاشوراء بإظهار الفرح والسرور والكحل، ولبس الثياب الفاخرة، وطبخ الأطعمة المنوّعة»(2).

وأخيراً نقل كلام ابن تيميّة في «منهاجه» ببدعيّة هذه الشعائر(3).


سنة 1342 هـ

● فيها: ألّف الشيخ هادي كاشف الغطاء (ت1360هـ) اُرجوزته «المقبولة الحسينيّة»(4)، انتقد فيها نقلَ خطباء المنبر الحسينيّ للأحاديث المكذوبة، والنوح بأطوار الغناء، واستعمال بعض الآلات الموسيقيّة في العزاء الحسينيّ(5).

____________

(1) المصدر السابق 7: 457.

(2) إصلاح المساجد من البدع والعوائد: 165.

(3) المصدر السابق: 166 ـ 167.

(4) الذريعة 22: 16 / 5803.

(5) انظر: رسائل الشعائر الحسينيّة 6: 288.



الصفحة السابقةالصفحة التالية